هل نقول "آمين يا رب" إزاء كل تصرفات العناية الإلهية معنا ؟

ف. ب. ماير ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٢

"لأقيم الحلف الذي حلفت لآبائكم أن أعطيهم أرضًا تفيض لبنًا وعسلاً كهذا اليوم: فأجبت وقلت آمين يارب" (إرميا 11: 5)

 

مهما كان نصيبي وكيفما يكون فلن أقول إلا آمين.

وطوبى للذين يؤمنون وهم لا يرون. لنثق بأن الله يعرف الآن كل شئ وأننا أيضًا سوف نعرف غدًا كل شئ أن إرادة الله هي خير ورحمة للنفس التي سلمت له إرادتها.
وهي خير لنا من كل رغائبنا ومشتهياتنا.
(كرستينا روزيتي)

إن كلمات النبي في هذه الآية (11: 5) مليئة بالمعاني السامية لكل نفس مباركة دُعيت لكي تقف بين الله وغيرها من البشر، وهي أيضًا مليئة بمعان أعمق لكل الذين يجتازون ظروف التأديب الإلهي في هذه الحياة الغريبة المتعبة. كان إرميا يُدرك تيار القوة الإلهية الخاصة التي كانت تتغلغل في نفسه وتجتاز عن طريق حياته إلى الآخرين. فقد أتت إليه بكلمة "من قبل الرب" وهذه إحدى التعبيرات الثلاثة التي يستخدمها. فمرة يقول "فكانت كلمة الرب إلى" ومرة أخرى يقول "هكذا قال الرب" ومرة ثالثة –كما نرى هنا- يقول "الكلام الذي صار إلى إرميا من قبل الرب". لعله كان يحس بتلك الكلمة كنار محرقة محصورة في عظامه لا يطيقها (20: 9) لذلك كان يجب أن يعطيها منفذًا ولكن عندما كانت تخرج من شفتيه ويقضي وقتًا كافيًا للتأمل فيها، كان يجيب الرسالة الإلهية بقول "آمين يارب".
هنالك حقيقة رائعة في هذا الموقف. لقد كان إرميا –كما رأينا- بطبيعته رقيقًا، وديعًا، ويرثي لخطايا وأحزان شعبه، كان أبعد الأمور إلى قلبه أن "يشتهي يوم البليّة". كان أحب الأمور إلى قلبه أن يلعب الدور الذي لعبه إشعياء في ذلك العصر، عصر الانحلال، في تاريخ شعبه. على أن ما كان ممكنًا وميسورًا للنبي الإنجيلي (إشعياء) العظيم في أيام حزقيا صار الآن مستحيلاً. في موقف إشعياء كانت تقاليد الماضي السامية واعتزاز الشعب بامتيازاته. ومواعيد الله، كانت هذه متجهة اتجاهًا واحدًا، أما في حالة إرميا فكان هنالك تناقض شديد بين اتجاه الشعور العام الذي أحدثه الأنبياء الكذبة وبين عقيدته الراسخة في كلمة الله. لابد أنه كان أمرًا شاقًا أن يُثبت أن الأنبياء كانوا خاطئين، وأنه هو على صواب. أنهم إنما رددوا ما قاله إشعياء مائة مرة. لماذا كانت سياسة مقاومة الغزاة خاطئة حينما تكلم إرميا، بينما كانت صائبة حينما ألهب أشعياء صوته ضد الشعب كله؟
لابد أنه كان مجهودًا مضنيًا جدًا أن يقف إرميا وحيدًا –في بدء خدمته بنوع خاص- ضد الشعور العام، وضد الروح الوطنية، التي كانت موضوع نبوات الأنبياء الكذبة. ومع ذلك فإنه إذ ينطق باللعنات والتهديدات التي استحقها شعبه من قبل العدل الإلهي، وتنبأ بمصير شعبه الحتمي، ساده الشعور بعدل الله، والثقة بأن الله لا يمكن أن يتصرف بغير هذه الطريقة. والاقتناع بأن خطايا إسرائيل لا يمكن أن تنال غير هذا الجزاء. ولذلك استيقظت نفسه والتزمت بأن تردد القول "آمين يارب" ولو نطقت شفتاه بخراب إسرائيل.
هنالك ما يشبه هذا في تاريخ الكنيسة المنتصرة. فإنه عندما "دان الله الزانية العظيمة التي أفسدت الأرض بزناها وانتقم لدم عبيده من يدها ودخانها يصعد إلى أبد الآبدين" فإن القديسين الذين تعلموا أعمق دروس المحبة الإلهية من نفس مصدر المحبة صرخوا قائلين "آمين هللويا" (رؤ 19: 1-3).
جدير بنا في كل من الحالتين أن ندرك كيف أن القصاص العادل المستحق يُصحح عقيدة معاملة الله للبشر بمجرد الشفقة والرحمة، ويحمل أرق النفوس على أن تقبل ما كانت ترفض الاعتقاد به رفضًا تامًا.
وفضلاً عن هاتين الحالتين يمكن أن تقدم حالة ثالثة، فيها نرى كيف أن الرب يسوع المسيح في اللحظة التي يُنادي فيها المتعبين والثقيلي الأحمال ليأتوا إليه يتحدث عن الأسرار التي أُخفيت عن الحكماء والفهماء وأُعلنت للأطفال، ثم قال: "نعم أيها الآب لأن هكذا صارت المسرة أمامك". و"نعم" هنا قريبة جدًا في معناها من "آمين". "لأن مهما كانت مواعيد الله فهو فيه النعم وفيه الأمين لمجد الله بواسطتنا" (مت 11: 26، 2كو1: 20).
هذا أيضًا ما ينطق به الروح القدس. فإنه عندما أعلن الصوت من السماء غبطة الأموات الذين يموتون في الرب قال الروح "نعم" (رؤ 14: 13) في كل الأجيال في هذا الدهر يؤيد الروح القدس أقوال الكنيسة كما يؤيد أعمال العناية الإلهية. عندما تعجز البشرية عن أن تستمع إلى الصوت الإلهي ينطق الروح القدس بالقول "آمين".

 

(1) تأكد النفس:


1- من أعمال العناية الإلهية:
كثيرًا ما يبدو بأننا مسافرون في بلاد جبلية وعرة المسالك، في رفقة صديق، حكيم، رقيق، تعهد بأن ترشدنا إلى الغاية التي نقصدها. هنالك تيارات شديدة ترغي وتزيد، يتحتم علينا أن نقاومها بكل ما فينا من قوة. هنالك غابات كثيفة مظلمة لا تنفذ إليه الشمس، اتخذت فيها الوحوش الضارية أوكار لها هنالك طرق صخرية مدببة، وأخرى صخرية مزحلقة يبدو أن السير فيها مستحيل إلى بتضحية جسيمة. هنالك برية قاحلة تكاد الشمس فيها تكون محرقة. هنالك مصاعد جبلية ضيقة جدًا تكاد لا تتسع لمرور قدم، وفي أسفلها هوّة سحيقة.
في الأيام الأولى تقهقرت النفس بسبب شدّة الذعر والهلع، وفي الأيام اللاحقة التمسنا طريقًا أيسر وأرحب، وحسدنا الآخرين لأنهم أوفر منّا حظًا. أما الآن فإن حياتنا قد أصبحت كلها غنيّة جميلة تردد بلا انقطاع "آمين" من أجل كل ما يختاره لنا ذلك الذي يسير برفقتنا، والذي يعلم تمام العلم كل خطوة قبل أن نخطوها.
لنحذر من أن نخطئ ليس من الميسور أن نقول في بداية الأمر "آمين" بنغمة الظفر والفرح. نعم فالكلمة كثيرًا ما اختنقت بالتنهدات والزفرات التي لا يمكن حبسها. هكذا كان الحال مع إبراهيم حينما انتزع نفسه من أور الكلدانيين، وحينما قضى السنوات الطويلة المضنية في انتظار الابن الموعود، وحينما كان يصعد جبل المريا بقلبه يخفق في داخله.
إذ يقرأ هذه الكلمات أولئك الذين اضجعوا السنوات الطويلة على فراش الألم الممض. أو الذين فقدوا أخلص الأعزاء، أو الذين تكتنفهم الآلام من كل ناحية، فربما ليس مستبعدًا أن يعلنوا بأنه من المستحيل أن يقولوا "آمين" إزاء تصرفات الله أو يتساءلوا: ماذا يجدي أن تنطق الشفتان بكلمة يحتج ضدها القلب؟ أو يتساءلوا: أليس رياء أن ينطق الفم بكلمة بعيدة كل البعد عن إحساس القلوب؟
وردًّا على هذا نقول: ليذكر كل هؤلاء أن ربنا يسوع المسيح في جثسيماني لم يطلب مشيئته بل مشيئة الآب. ماذا يضيره إذا برحت به الآلام. وعصر جسده تحت ضغط التجارب والأحزان كما يعصر العنب؟ أنه لم يبال بكل هذا. بل استطاع وسط قسوة هذه الظروف أن يردد القول بكل ثبات. "أن أفعل مشيئتك يا إلهي سررت" (مز 40: 8) "ليكن لا ما أريد أنا بل ما تريد أنت".
أيها العزيز! ردد كلمة "آمين" إزاء كل تصرفات العناية الإلهية معك. رددها ولو ضعف القلب والجسد. رددها ولو كانت كل أعصابك ثائرة ودموعك منهمرة. رددها ولو بدا لك بأنها قد تكون آخر كلمة تنطقها بسبب ما قد يبدو من قرب نهاية الحياة، وحينئذ تُدرك أنه متى أذعنت الإرادة استراح الضمير راحة قصوى. وإذ تمر الأيام فقد تأي حادثة صغيرة، أو منعطف في الطريق، أو ظرف غير متوقع، لإقناع القلب والعقل بأن طريق الله كان مستقيمًا، بل أحكم الطرق وأفضلها. وهذا ما تردده العناية الإلهية على الدوام "لست تعلم أنت الآن ما أنا أصنع ولكنك ستفهم فيما بعد" (يو 13: 7) وهذا لا نتحققه في العالم الآخر فقط بل هنا أيضًا، في هذا العالم الحاضر.
(2) من الرؤى:
هنالك أسرار تُربك أفكار أحكم الحكماء وأقدر اللاهوتيين، ولو كانوا في الكنيسة كبولس ويوحنا: هنالك طرق غامضة لا تستطيع النفس أن تتبينها. هنالك نغمات موسيقية لا يستطيع أذكى الأذكياء تفسيرها. هنالك حركات في العالم الروحي لا يستطيع أقدر الحكماء من بني البشر تتبعها. إن الإنسان الذي يحاول تتبع آثار خطوات الله يجدها أعمق من أن تُدرك، والعين التي تحاول تتبع أعماله يبهرها نور أقوى من نور الشمس، فيصرخ المرء قائلاً "يا لعمق غنى الله وحكمته وعلمه، ما أبعد أحكامه عن الفحص وطرقه عن الاستقصاء" (رو 11: 33).
هذا ما لابد أن يكون طالما بقي الزمن. صحيح أننا شركاء الطبيعة الإلهية، اشتراك الابن في طبيعة أبيه. على أن الفرق بين طاقة الذكاء البشري وبين أفكار الله لا يمكن أن يُقاس حتى بالفرق بين عقل الطفل الرضيع وعقلية أبيه الكامل النضوج. لأن هذا الفرق هو في دائرة المحدود، أما ذاك فإنه بين المحدود وغير المحدود. نحن لا نستطيع بالبحث والتنقيب أن نجد الله، أو نعرف القدير (أي 11: 7). فإنه لن يوجد حبل طويل، أو مقياس كاف لقياس الله ولو استخدم الكون كله لهذه الغاية. "هو أعلى من السموات فماذا عساك أن تفعل، أعمق من الهاوية فماذا تدري" (أي 11: 7).
على أننا أن كنا لا نستطيع أن نُدرك أفكار الله فإننا نستطيع المصادقة عليها. فإن عدم إدراكنا أياها يعزي إلى قصور مواهبنا. لأننا طالما كنا هنا فنحن في دور الطفولة، وكلماتنا هي ثرثرة الأطفال. وتفكيرنا تفكير الأطفال. على أننا نستطيع أن نقبل ونصادق على ما لم تره عين، ولم تسمع به اذن، ولم يخطر على قلب بشر، ما هو معلن على صفحات الكتاب المقدس.
لاشك أن موت يسوع المسيح قد وفّى تمامًا مطالب العدل الإلهي. ومع أن بعض النواحي في عملية الفداء تُربك عقولنا بعض الأحيان إلا أن نفوسنا تصرح بكل اطمئنان "آمين يارب".
(3) من الدينونة:
إن دينونة الله للأشرار سر عجيب فالمشاكل التي تحف بموضوع قصاصهم في هذه الحياة والحياة الأخرى أعمق من أن يصل إليه العقل البشري. ونحن كلما اقتربنا من الجبل المضطرم بنار الغضب نخاف ونرهب كموسى إذ نسمع أصوات الرعد القاصف، الذي تعقبه النيران لتلتهم العدو. وخير لنا أن نتحول عن هذا التفكير لنتساءل عما إذا كان ممكنا أن يجئ الوقت الذي فيه نستطيع أن نتأمل برباطة جأش في الآلام المروعة التي يستحقها أولئك الذين رفضوا محبة الله في المسيح.
أيمكن أن تعطف علينا السماء طالما كان يوجد جهنم؟ أيمكن أن تكون هناك سعادة أو انسجام طالما كان يوجد خروف واحد ضال، حلقة واحدة مفقودة من عقد العروس، حجر ثمين واحد ينقص التاج الملكي، صوت واحد ينقص الجوقة الموسيقية؟ إننا نجد جوابًا جزئيًّا على الأقل لهذه الأسئلة حينما نسمع من شفتي أرق الأنبياء هاتين الكلمتين "آمين يارب" وهو يتوقع خراب شعبه، الأمر الذي من أجله تنهمر الدموع سخينة من عينيه.
نحن لا يمكن أن نتوقع الوصول إلى هذه الحالة من القلب والعقل في هذا الوقت الحاضر، لأن نظرتنا للعدل الإلهي غير كاملة وتقديرنا للخطية ضيئل، ومعرفتنا لأحوال الكون قاصرة جدًّا. لو أنه أمكن أن يزداد إدراكنا للخطية، والقداسة، ومحبة الله وتوسلات روحه القدوس للبشر، وكفاية المقياس الذي يقيس به دينونتهم وخلاصهم، والحواجز التي أقامها لتحول انحدار الأشرار إلى الهاوية السحيقة لازددنا فهمًا كيف استطاع إرميا أن يقول "آمين يارب".
هنالك فكرة عجيبة في (حزقيال 14: 22 و23) حيث يقول الله أننا حينما ننظر طرق وأعمال الخطاة في ضوء النور الذي سوف ينبعث من العرش الأبيض ليكشف كل حياتهم الماضية، فإننا نتعزى إذ نرى الشر الذي سوف ينصب عليهم. بعد ذلك يستمر النبي في حديثه فيبين أن الله سيكشف لنا أنه لم يصنع شيئًا بلا سبب من كل ما صنعه.
لم يبدأ ذلك العصر بعد، ولكن يا لها من تعزية تملأ قلوبنا الحائرة الثائرة إذ نرى في نور الأبدية نصيب الأشرار. سوف يتعزى إبراهيم إذ يرى خراب مدن السهل، سوف يتعزى إرميا إذا يُبصر نصيب إورشليم، سوف يتعزى بولس إذ يرى إقصاء نسل إبراهيم عن أرضهم زمنًا طويلاً، وتشريدهم في كل أرجاء العالم. ونحن سوف نتعزى إذ نرى أن أحكام الله كلها عادلة وحق.
(4) أساس سلام النفس:
"نعم أيها الآب". يبدو لأول وهلة أنه يستحيل على العقل البشري أن يُسلم الحقائق العسيرة الفهم، بل المزعجة، التي تأملنا فيها في الفقرات السابقة. طالما كانت الأمهات تحب الطفل الرضيع وتحنو على أ,لادهن، طالما كانت النفس تقترن بالنفس بأقوى ربط المحبة البشرية، طالما كنا نتألم ونتوق ونخاف ونرجو ونشفق، طالما تحتفظ الذاكرة بأخبار الماضي، طالما بقيت المحبة في العالم واحتل العقل مكانة –قد يبدو أنه من المستحيل أن يتصور العقل بأن ما تراه العواطف البشرية غير لائق تقبله محبة الله. ولهذا فأنك قد تصرخ قائلاً: "حقًا أن لك أمور لا أستطيع قبولها" وحقائق لا أستطيع المصادقة عليها وعبارات لا أستطيع الإقرار بصحتها، وإمكانيات لا أستطيع أن أقول بإزائها "آمين يارب".
ولكن ألا يمكن أن يُعزي احتجاج النفس هذا إلى هذه الحقيقة وهي أنك قد حكمت على هذه الأمور بمجرد العواطف أو تعليلك البشري وعقليتك المحدودة، أو مبادئ البشر المعكوسة، ولهذا فإنك في حاجة للوقوف في مقادس الله التي تنبعث منها كل حكمة، لكي تتصل بأسمى مبادئ الأبدية في التشريع والأخلاق؟؟ ولسنا مخطئين في تفكيرنا حين نظن أن محبتنا أرق من محبة الآب السماوي، وعواطفنا أدق، وشفقتنا أعمق؟
حينما تضطرب وترتبك إزاء متاعب الحياة تحول عنها لأنها تربك العقل وتمرض القلب، وارفع قلبك وعقلك إلى أبي ربنا يسوع المسيح، الذي تنبعث منه كل شعاعة من المحبة في الكون، واذكر بأنه لن يسمح لك بأي شئ لا يتفق مع أرق وأصدق معاملة الأب البشري لابن يمينه –بنيامين- ابن شيخوخته. وبذلك تستطيع أن تقول "آمين يارب"...
وبعبارة آخرى إننا ينبغي أن لا ننظر إلى الأمور المظلمة والمركبة التي تغلي وترغي وتزبد حولنا. بل لنتطلع إلى فوق إلى زرقة السماء الصافية، إلى قلب أبينا السماوي. لنثق تمامًا بأنه هو المحبة، وأن محبته أرق وأعمق وأغنى مما تستطيع عقولنا البشرية الوصول إليه. والمحبة هي ناموس طبيعته في كل أعماله معنا، مع كل البشر وخاصة مع الضالين والمتعبين.
نحن لا يسعنا إلا أن نكرر القول بأن كل شئ ينبغي أن يتفق مع هذه المحبة الإلهية، التي هي طبيعته وأمسى صفاته، وعلى قدر ما يكون إيمانك وثقتك في الآب السماوي تستطيع أن تقول "نعم أيها الآب" (مت 11: 26).
(5) انتصار النفس الثابتة:
"آمين هلليلويا". إن يسوع وهو مستقر في أبيه لم يقل فقط "نعم أيها الآب بل أشكرك أيها الآب وهكذا سوف يأتي اليوم الذي فيه يرى الأربعة والعشرون شيخًا (الذين يمثلون الكنيسة المنتصرة دينونة ألد أعداء عروس الخروف ويقولون "آمين هلليلويا".
لاحظ إضافة "هلليلويا" لكلمة "آمين"، هنا كلمة "آمين"، فقط، ويندر أن تقترن بـ "هلليلويا"، وهناك الكلمتان، الواحدة تمثل الإذعان والقبول، والأخرى تمثل هتاف السرور. الخضوع لإرادة الله، وصوت النصرة والفرح والتهليل.
لنتطلع مقدمًا إلى ذلك العصر الذي فيه نعرف كما عرفنا، الذي فيه نستريح راحة كاملة، نتهلل تهليلاً كاملاً، ننال البركة الكاملة، الذي فيه يزول كل أثر للجهل وعدم المعرفة وقصر الإدراك، والذي فيه نشترك في ترنيمة الكنيسة المنتصرة "عظيمة هي أعمالك أيها الرب الإله القادر على كل شئ. عادلة وحق هي طرقك يا ملك القديسين" (رؤ 15: 3).

 

ف. ب. ماير
من كتاب "حياة أرميا"