الشركة المسيحية: جماعة المؤمنين (1)

ديتريش (ديتريك) بونهوفر ٢٤ أكتوبر ٢٠٢٢

عندما يعيش المؤمنون معًا في شركة حقيقية في الفترة بين موت المسيح واليوم الأخير، فإن هذا هو اختبار مُسبَّق لنعمة الأشياء الأخيرة. فمن نعم الله أن يًسمح للجماعة أن تجتمع بشكل مرئي في هذا العالم لتتشارك في كلمة الله والأسرار. للأسف لا يستمتع كل المسيحيين بهذه البركة. فالمسجونون، المرضى، المتناثرون في وحدة، والكارزون بالإنجيل في أراض وثنية يقفون وحدهم. هؤلاء يعملون أن شركة المؤمنين المرئية هي بركة. يتذكرون –كما قال كاتب المزمور- كيف كانوا يذهبون " مَعَ الْجُمَّاعِ...أَتَدَرَّجُ مَعَهُمْ إِلَى بَيْتِ اللهِ بِصَوْتِ تَرَنُّمٍ وَحَمْدٍ، جُمْهُورٌ مُعَيِّدٌ." (مز 42: 4) لكنهم يظلوا وحدين في بلادٌ بعيدة، بذارًا متناثرة بحسب إرادة الله. لكنهم يغتنمون فرصة ما حُرموا منه من واقع خبرةٍ فعلية لزيدوا حماستهم وعمقهم في الإيمان. وهكذا يحتفل تلميذ يسوع المنفي يوحنا الرائي في وحدة جزيرة بطمس بالعبادة السماوية مع جسد المسيح "فِي الرُّوحِ فِي يَوْمِ الرَّبِّ" (رؤ 1: 10). يرى المنارات السبع، كنائسه وجماعة المؤمنين بهم، النجوم السبع، ملائكة الكنائس، وفي المنتصف وأعلى من الكل يرى ابن الإنسان، يسوع المسيح، في كل بهاء القيامة. هو يقويه ويشدده بكلمته. هذه هي الشركة السماوية، يشترك فيها المنفي في يوم قيامة ربه. بالطبع يبدو حقيقيًّا أن عطية الله التي لا توصف لشخص وحيد تهمل بكل سهولة بل وتُداس تحت الأقدام من قبل الذين يمكنهم التمتع بهذه العطية بصورة يومية. أكرر أننا بسهولة ننسى أن شركة الإخوة المؤمنين هي عطية ونعمة، عطية ملكوت الله التي يمكن أن تؤخذ منا في أي وقت، والوقت الذي يفصلنا عن الوحدة التامة قد يكون فعليًّا قصيرًا جدًّا. إذن ليُسبح الله من كل قلبه كل من له نعمة هذا الامتياز حتى الآن، امتياز أن يعيش حياة مسيحية عادية مشتركًا مع مسيحيين، وليشكر الله وهو على ركبتيه ويعلن: إنها النعمة، فليست غير نعمة أن يُسمح لنا أن نحيا في شركة حقيقية عملية مع إخوة مسيحيين.

الشركة المسيحية تعني مجتمعًا من خلال يسوع المسيح وفيه. لا توجد جماعة مسيحية أكثر أو أقل من هذا. سواء تكونت هذه الجماعة للقاء وحيد وقصير، أو لشركة يومية طوال السنين، هذا هو فقط المجتمع المسيحي، نحن ننتمي بعضنا لبعض فقط من خلال يسوع المسيح وفيه.

ما معنى هذا؟ معناه، أولاً أن المسيحي يحتاج لآخرين بسبب يسوع المسيح. ثانيًا، أن المسيحي يتقرب من الآخرين فقط من خلال يسوع المسيح. ثالثًا، أن في يسوع المسيح تم اختيارنا من الأزل، تم قبولنا في الوقت المحدد، وتم اتحادنا معًا للأبد.

أولاً، المسيحي هو الشخص الذي لم يعد يبحث عن خلاصه، تحريره، بره الذاتي، بل يثق أن تبريره في يسوع المسيح وحده. هو الذي يعلم ان كلمة الله في المسيح يسوع تعلن أنه مذنب، حتى وإن لم يشعر هو بذنبه، وكلمة الله في يسوع المسيح تعلن أنه غير مذنب وبار، حتى وإن لم يكد يشعر أنه بار على الإطلاق. المسيحي لم يعد يعيش من تلقاء نفسه، لا بإدانته لنفسه ولا بتبرئته لنفسه، بل بدينونة الله وتبرئته. هو يعيش فقط بكلمة الله المنطوقة عليه بالإيمان الخاضع لحكم الله، سواء أعلنت هذه الكلمة أنه مذنب أو برئ. موت المسيحي وحياته غير محددين فيه شخصيًّا، بل هو يجد كلاهما في الكلمة التي تأتيه من الخارج فقط، في كلمة الله له. لقد عبَّر المصلحون عن هذه الحقيقة بهذه الطريقة: برنا هو "بر غريب عنا" فهو يأتي من خارجنا (extra nos)[1].

كانوا يقولون إن المسيحي يعتمد على كلمة الله المنطوقة له. هذا يشير للخارج، لكلمة الله الآتية إليه. المسيحي يعيش بالكامل بحسب صدق كلمة الله المعلنة في يسوع المسيح. إن سأله شخص ما: أين خلاصك؟ أين بركتك؟ أين برك؟ لا يقدر أبدًا أن يشير إلى ذاته، بل هو يشير لكلمة الله في يسوع المسيح. التي تنطق له بالخلاص والبركة والبر. هو واع قدر المستطاع لهذه الكلمة؛ لأنها تجعله يعطش ويجوع يوميًّا للبر[2]؛ لذا يطلب الكلمة المُخَلصة يوميًّا ويشتهيها. وهي تأتي فقط من الخارج. في ذاته هو معدم وميت. يجب أن تأتي المعونة من الخارج، وقد أتت وتأتي يوميًّا متجددة في كلام يسوع المسيح، مقدمة الخلاص، التبرير، البراءة، والبركة. لكن الله وضع هذه الكلمة على لسان بشر حتى تُنقل لأناس آخرين. عندما يتأثر شخص بالكلمة فهو يشارك بها آخرين. لقد أراد الله منذ الأزل أن نبحث عن كلمته الحية وأن نجدها في شهادة الأخ. على لسان إنسان، لذلك يحتاج المسيحي للمسيحي الآخر الذي يتحدث بكلام الله له، ويحتاجه أكثر فأكثر عندما يشعر بعدم يقين أو بإحباط؛ لأنه وحيدًا لن يقدر أن يعين نفسه دون أن يلوي الحقائق ويخدع نفسه. يحتاج المسيحي إلى أخيه المسيحي ليكون مُوصلاً ومُعلنًا الكلمة الإلهية للخلاص. يحتاج أخاه فقط من أجل يسوع المسيح؛ لأن المسيح الذي في قلبه أضعف من المسيح الذي في كلام أخيه؛ لأن قلبه مزعزع، وأما قلب أخيه فثابت. هذا أيضًا يوضح الهدف من كل التجمعات المسيحية: فهم يقابلون بعضهم البعض كحاملي رسالة الخلاص وموصليها. على هذا الأساس يسمح لهم الله أن يجتمعوا معًا ويعطيهم شركة بعضهم مع بعض. شركتهم هذه مبنية فقط على يسوع المسيح وهذا "البر الغريب عنهم". لذلك فكل ما يمكننا أن نقوله هو: جماعة المؤمنين تنبع فقط من الرسالة الكتابية والمصلحة عن تبرير الإنسان فقط عن طريق النعمة؛ وهذا هو السبب الوحيد لاشتياق المؤمنين بعضهم لبعض.

ثانيًا، المسيحي يأتي للآخرين فقط من خلال يسوع المسيح. يوجد صراع بين البشر. بولس يقول عن يسوع المسيح: "هُوَ سَلامُنَا" (أف 2: 14). بدون المسيح هناك عداوة بين الله والإنسان وبين الإنسان وأخيه الإنسان. المسيح أصبح الوسيط وصنع سلامًا بين الله والناس. بدون المسيح ما كنا لنعرف الله، ولا كان في استطاعتنا أن ندعوه، ولا أن نأتي إليه. وما كنا أيضًا قد عرفنا إخوتنا أيضًا، ولا كن في استطاعتنا التقرب إليهم؛ لأن الطريق أصلاً إليهم مسدد بغرورنا وكبرياء ذواتنا. المسيح فتح الطريق لله ولإخوتنا، والآن يقدر المسيحيون أن يعيشوا مع بعضهم في سلام، يمكنهم أن يحبوا ويخدموا بعضهم البعض، ويمكنهم أن يتحدوا معًا إلى واحد، لكنهم يقدرون أن يستمروا في فعل هذا فقط من خلال يسوع المسيح. في يسوع المسيح فقط نحن واحد؛ لأن من خلاله فقط نحن مرتبطون معًا. لأنه سيظل الوسيط الوحيد إلى الأبد.

ثالثًا، عندما أخذ ابن الله جسدًا، أخذ معه –بالحقيقة وماديًا- كينونتنا، وطبيعتنا، وأنفسنا وكان هذا نابعًا من فرط نعمته. كانت هذه هي المشورة الأزلية لله المثلث الأقانيم. نحن الآن فيه. أينما يكون يحمل جسدنا، ويحملنا. أينما يكون نكون نحن أيضًا، في التجسد، على الصليب، وفي قيامته. نحن ننتمي له لأننا فيه. لذلك يدعونا الكتاب المقدس جسد المسيح. لكن إن كان قد اختارنا وقبلنا مع جماعة المؤمنين ككل في المسيح يسوع –حتى قبل أن ندرك هذا الأمر أو نرغبه- إذًا فنحن ننتمي له إلى الأبد مع بعضنا البعض. نحن الذين نعيش في شركة معه هنا سنكون في يوم ما في شركة أبدية معه. الذي ينظر إلى أخيه يجب أن يعرف أنه سوف يتحد معه في المسيح يسوع للأبد. جماعة المؤمنين تعني مجتمعًا من خلال المسيح يسوع وفيه. على هذا الافتراض يُبنى كل شئ آخر يمدنا به الكتاب المقدس من إرشادات وتعليمات لحياة الشركة المسيحية.

"وَأَمَّا الْمَحَبَّةُ الأَخَوِيَّةُ فَلاَ حَاجَةَ لَكُمْ أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْكُمْ عَنْهَا، لأَنَّكُمْ أَنْفُسَكُمْ مُتَعَلِّمُونَ مِنَ اللهِ أَنْ يُحِبَّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا... وَإِنَّمَا أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإخوة أَنْ تَزْدَادُوا أَكْثَرَ" (1 تس 4: 9-10). الله نفسه أخذ على عاتقه تعليم المحبة الأخوية، كل ما يقدر البشر أن يضيفوه على هذا هو أن يتذكروا هذه التعليمات الإلهية والتحفيز على الازدياد فيها أكثر فأكثر. عندما ظهرت رحمة الله لنا، عندما أعلن عن يسوع المسيح كأخ لنا، وعندما ربح قلوبنا بمحبته، كانت هذه بداية توجيهه لنا في المحبة الأخوية. عندما ظهرت رحمة الله لنا، تَعَلمنا أن نكون في الوت ذاته رحماء مع إخوتنا. عندما أخذنا غفرانًا بدلاً من الدينونة جُعلنا نحن أيضًا مستعدين للغفران لإخوتنا. فما فعله الله بنا، أصبحنا مديونين به للآخرين. كلما أخذنا أكثر، كلما زادت قدرتنا على العطاء، وكلما هزلت محبتنا الأخوية كلما قل إظهار رحمة الله ومحبته في حياتنا. هكذا علّمنا الله نفسه أن نقابل بعضنا البعض كما قابلنا الله في المسيح[3]. "لِذلِكَ اقْبَلُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا كَمَا أَنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا قَبِلَنَا، لِمَجْدِ اللهِ." (رو 15: 7).

بهذه الطريقة يتعلم الشخص الذي وضعه الله ليحيا وسط شركة جماعة المؤمنين معنى أن يكون له إخوة. فبولس يدعو جماعة المؤمنين الخاصة به إخوة في الرب (في 1: 14). يتعلم أن يُصبح أخًا للآخر فقط من خلال يسوع المسيح. فأنا أخ لشخص آخر من خلال ما فعله يسوع المسيح لي وبي، وقد أصبح الشخص الآخر أخًا لي من خلال ما فعله يسوع المسيح له وفيه. حقيقة أننا إخوة فقط من خلال يسوع المسيح هي حقيقة لها أهمية قصوى. فليس علىَّ أن أتعامل بروح الشركة فقط مع الشخص الآخر الجاد التقي الذي يأتيني طالبًا للشركة الأخوية، بل بالحري أخي هو هذا الشخص الآخر الذي افتداه المسيح، وخلصه من خطاياه، ودعاه للإيمان والحياة الأبدية. فالذي يُشكل أساس جماعة المؤمنين ليس ما هية الشخص المسيحي بذاته، ليست روحانياته، أو تقواه وصلاحه. الذي يحدد الإخوة بيننا هو ما هية الشخص بحسب المسيح. شركتنا بعضنا مع بعض تتشكل فقط فيما فعله المسيح لكلينا. هذا صحيح ليس في بداية الشركة فقط، وكأنما يجب إضافة شئ آخر للشركة مع الوقت، بل يبقى الأمر كذلك طوال المستقبل وإلى الأبد. أعيش في شركة مع الآخرين وسأظل أعيش في شركة فقط من خلال يسوع المسيح. كلما كانت شركتنا حقيقية، أصيلة وعميقة، كلما قلت أهمية أي شئ آخر بيننا، وكلما أصبح يسوع المسيح وعمله وحدهما أكثر وضوحًا ونقاءً وحياةً في العلاقة بيننا. فإننا لبعضنا البعض فقط من خلال المسيح، ولكن من خلال المسيح لنا بعضنا البعض بشكل صحيح، فنحن لبعض بشكل كامل إلى الأبد.

هذا يودع الرغبات المنحطة القديمة التي تطوق إلى المزيد. الشخص الذي يطالب بأكثر مما أسسه المسيح وقرره لا يسعى لشركة الإخوة المسيحية. هذا يبحث عن بعض الخيارات الاجتماعية الفريدة التي لا يجدها في أي مكان آخر. هذا يأتي برغبات مشوشة وغير نقية إلى شركة الإخوة المسيحية. في هذه النقطة بالذات، تتهدد الإخوة المسيحية في الغالب في بدايتها بسبب أصعب خطر، خطر التسمم داخليًّا، خطر الخلط بين الإخوة المسيحية والصورة المبتغاة عن المجتمع التقي، خطر خلط الرغبات الطبيعية لقلب تقي للشركة بالحقيقة الروحية للأخوة المسيحية. في الإخوة المسيحية يعتمد كل شئ على وضوح المفهوم من البداية، أولاً أن الإخوة المسيحية ليست مُثلاً خيالية، لكنها حقيقة إلهية. ثانيًا، أن الإخوة المسيحية حقيقة روحية وليست نفسية[4].

في عدد غير محدود من المرات تفتتت المجتمعات المسيحية؛ لأنها نبعت عن أمانٍ وتصورات. المسيحي الجاد، عندما يدخل شركة حياة مسيحية للمرة الأولى، غالبًا ما يُحضر معه صورة معينة عن ماهية الحياة المسيحية معًا، ويحاول تحقيق هذه الفكرة. لكن نعمة الله تحطم مثل هذه الأحلام بسرعة. إن خيبة الأمل الكبيرة في الآخرين –أي المسيحيين عامة- بل وفي أنفسنا أيضًا إن نجح الأمر، تخضعنا بالطريقة عينها التي يريد بها الله إحضارنا إلى معرفة الشركة المسيحية الحقيقية. بسبب النعمة الفياضة لن يسمح لنا الله أن نحيا في عالم الأحلام ولو لبضعة أسابيع. الله لا يتخلى عنا لمثل هذه الخبرات والأمزجة المنتشية والتي تأتي علينا كنشوة. فالله ليس إله الإثارة الروحية أو النفسية بل هو إله الحق. فقط تلك الشركة التي تدخل في مثل خيبة الأمل الكبيرة هذه، بكل جوانبها القبيحة والمحزنة، تبدأ في أن تكون ما يجب أن تكون عليه أمام الله، وتبدأ أن تُدرك بالإيمان الوعد المعطى لها. كلما عُجل حدوث صدمة التحرر من الوهم هذه للفرد وللجماعة، كلما كان أحسن لكليهما. الجماعة التي لا تقدر أن تحتمل ولا تقدر أن تنجو عبر أزمة كهذه، والتي تصر على الاحتفاظ بأوهامها التي يجب أن تتحطم، تفقد في تلك الساعة الوعد بالشركة المسيحية المستمرة الثابتة. ويجب أن تنهار إن آجلاً أو عاجلاً. كل صورة حالمة وأمنية بشرية يؤتى بها إلى الشركة المسيحية تعوق الشركة الحقيقية، ويجب أن تُزال حتى تبقى الشركة الحقيقية على قيد الحياة. الشخص الذي يحب حلمه عن الشركة أكثر من الشركة المسيحية نفسها يُصبح مُدمرًا لكل شركة مسيحية، بالرغم من أن نواياه الشخصية قد تكون صادقة، وجادة، ومكرسة.

الله يكره الأحلام الخيالية؛ لأنها تجعل الحالم متكبرًا وفخورًا. الشخص الذي يحلم بصورة خيالية لجماعة المؤمنين إنما يطالب بتحقيقها من الله، من الآخرين، ومن نفسه شخصيًا. يدخل إلى جماعة المؤمنين كمطالب، يحدد قوانينه الشخصية، ويحكم على الإخوة وعلى الله نفسه بمقتضاها. يقف بعناد كاتهام حي لكل من هم في دائرة الإخوة. هو يسلك كأنه يؤدي دور خالق شركة المؤمنين، وكان حُلمه هو الذي يربط المؤمنين بعضهم ببعض. وعندما لا تسير الأمور كما يريد، يدعو المجهود المبذول فشلاً. وعندما تتحطم صورته المثالية يرى أن الشركة تتحطم. فيصبح أولاً مُتهمًا لائمًا للإخوة، ثم مُتهمًا لائمًا لله وأخيرًا اليائس المتهم لنفسه. لأن الله قد وضع مسبقًا الأساس الوحيد لشركتنا؛ لأن الله ربطنا مع باقي المسيحين إلى جسد واحد في المسيح يسوع، حتى قبل أن ندخل معهم إلى حياة الشركة بوقت طويل؛ لذلك ندخل إلى حياة الشركة مع المسيحيين الآخرين هذه لا كمطالبين بل كمتلقين شاكرين. نشكر الله من أجل ما عمله لأجلنا. نشكر الله لأنه أعطانا إخوة يعيشون بحسب دعوته، بغفرانه، وبوعده. لا نشتكي ولا نتذمر على ما لا يعطيه الله لنا، بل نشكر الله من أجل ما يعطيه لنا يوميًّا.

ولأن شركة جماعة المؤمنين مبنية فقط على المسيح يسوع فقط؛ لذا فهي بالتالي حقيقة روحية وليست نفسية. بالتالي أيضًا فهي تختلف كليًّا في هذا الأمر عن أي مجتمع آخر. الكتاب المقدس يدعو ما يحققه الروح القدس –الروح الذي يضع يسوع المسيح في قلوبنا كرب ومخلص- وحده "روحيًّا".. كما يدعو الكتاب المقدس ما يخرج من الدوافع الإنسانية الطبيعية، والقوات، وقدرات الروح الإنسانية "نفسي".

أساس كل الحقائق الروحية هو الإعلان الواضح لكلمة الله في المسيح يسوع. وأساس كل واقع بشري نفسي هو الرغبات والدوافع المظلمة والمعتمة للنفس البشرية. أساس المجتمع الروحي هو الحق، وأساس شركة النفس البشرية هو الرغبات والشهوات. جوهر مجتمع الروح هو النور؛ لأن "اللهَ نُورٌ وَلَيْسَ فِيهِ ظُلْمَةٌ الْبَتَّةَ." (1 يو 1: 5) و "وَلكِنْ إِنْ سَلَكْنَا فِي النُّورِ كَمَا هُوَ فِي النُّورِ، فَلَنَا شَرِكَةٌ بَعْضِنَا مَعَ بَعْضٍ" (1: 7). جوهر شركة النفس هو الظلام "لأَنَّهُ مِنَ الدَّاخِلِ، مِنْ قُلُوبِ النَّاسِ، تَخْرُجُ الأَفْكَارُ الشِّرِّيرَةُ" (مر 7: 21). إنه الليل الحالك الذي انتشر حول منبع كل السلوك البشري، حتى حول كل الدوافع النبيلة المتدينة أيضًا. شركة المجتمع الروحي هي شركة المدعوين من قبل المسيح، الشركة النفسية هي شركة النفوس المتدينة. في شركة المجتمع الروحي تعيش المحبة الساطعة للخدمة الأخوية، الـ "أغابي"، أما في شركة النفس، توقد عُتمة محبة الدوافع المتدينة وغير المتدينة، الـ "أروس". في الأولى نجد خدمة أخوية مرتبة، أما في الأخيرة نجد الرغبة غير المنظمة في المتعة. في الأولى نجد خضوعًا للإخوة بتواضع، في الأخيرة نجد إخضاع الأخ بتواضع متكبر للرغبات الشخصية[5]. في مجتمع شركة الروح، كلمة الله هي فقط التي تحكم وتسود، في شركة النفس يحكم –إلى جانب الكلمة- الرجل المزود بالقوات الخاصة، أو بالخبرات، والقدرات السحرية والمثيرة للعواطف. في الأولى، كلمة الله هي فقط التي تربط، في الأخيرة –إلى جانب الكلمة- يربط البشر الآخرين إليهم. في الأولى كل القدرة والسلطة، كل الاحترام والإجلال، وكل السيادة تُسلم للروح القدس، في الأخيرة، يتم البحث عن دوائر سلطة ودوائر تأثير شخصية ويتم صقلها، خصوصًا وبكل تأكيد فيما يتعلق بأناس أتقياء، بغرض خدمة الأحسن والأفضل، لكن في الحقيقة النتيجة هي إزاحة الروح القدس من على عرشه، وإقصائه إلى بُعد كبير وغير حقيقي. ما يبقى هنا هو بكل تأكيد ما هو نفسي فقط. هكذا، ففي نطاق الروحانيات يحكم الروح القدس، أما في الشركة البشرية تحكم تقنيات وأساليب نفسية. في الأولى يمتد من الأخ إلى أخوه محبة ساذجة بسيطة، لا تتبع الأساليب النفسية ولا أي أساليب، محبة خادمة، أما في الأخيرة تمتد التحليلات النفسية والبناء، في الواحدة نجد خدمة الأخ لأخيه في بساطة وتواضع، وفي الأخرى نجد عملية بحث، وحسابًا لمعالجة الشخص الغريب.

قد يكون التضاد بين الواقع الروحي والنفسي أكثر وضوحًا من خلال الملاحظة التالية: في شركة المجتمع الروحي لا يوجد أبدًا –ولا بأي طريقة- أي علاقات مباشرة بين الواحد والآخر، بينما يوجد في المجتمع النفسي رغبة نفسية أصيلة، عميقة، عنصرية للشركة، لتلامس مباشر بأنفس أناس آخرين، بالضبط مثلما يعيش في الجسد إلحاح إلى اتحاد مباشر مع جسد آخر. تلك الرغبة للنفس البشرية تطلب وتبحث عن انصهار تام وكامل بين الأنا والأنت، سواء حدث هذا في وحدانية المحبة، أو –والذي هو نفس الشئ- في الإساءة للشخص الآخر بإدخاله إلى داخل دائرة السلطة والتأثير الشخصي. هنا يعيش الشخص القوي نفسيًّا، ويُؤمن لنفسه إعجابًا، وحبًّا. هنا نجد أن الربط البشرية، والاقتراحات والقيود هي كل شئ، وفي الشركة المباشرة للأنفس البشرية نعكس الصورة المشوهة لكل ما هو في الأصل مخصص فقط للشركة التي وسيطها المسيح.

بالتالي يوجد ما يسمى بالتحول "النفسي". يظهر في كل أشكال التحول الحقيقي أينما يُساء استخدام السلطة الأعلى لشخص ما سواء إراديًّا أو دون وعيه للتأثير العميق على شخص آخر أو على مجتمع كامل مع جذبه إلى سحره وتأثيره. هنا تتعامل مباشرة نفس مع نفس أخرى. والنتيجة أن القوي يغلب الضعيف؛ فمقاومة الضعيف كسرت تحت تأثير شخصية الآخر. تمت الإساءة له، لكنه لم ينغلب من الشئ نفسه. يتضح هذا في اللحظة التي يعلن فيها تدخلاً لشئ معين مستقلاً عن الشخص الذي أنا مرتبط به، أو قد يكون حتى في معارضة لهذا الشخص. هنا ينكسر الشخص المتحول نفسيًّا موضحًا بذلك أن تحوله لم يكن عمل الروح القدس، بل عمل شخص معين، وبالتالي لا يوجد له أي ثبات.

كذلك نجد محبة نفسية للآخر. هي قادرة على عمل تضحيات وتقدمات مذهلة وغير مسبوقة. أحيانًا كثيرة تزيد هذه المحبة عن محبة المسيح الأصلية وتتخطاها في التكريس الناري والنتائج المرئية. هذه المحبة تتحدث اللغة المسيحية ببلاغة غامرة ومثيرة، لكنها هي ما يتحدث عنه الرسول عندما قال: "وَإنْ أَطْعَمْتُ كُلَّ أَمْوَالِي، وَإِنْ سَلَّمْتُ جَسَدِي حَتَّى أَحْتَرِقَ[6] (بمعنى آخر عندما أجمع في أقصى أعمال الحبة بأقصى تكريس وإخلاص)، وَلكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ (أي محبة المسيح)، فَلاَ أَنْتَفِعُ شَيْئًا." (1 كو 13: 3)[7]. المحبة النفسية تحب الآخر لمصلحتها الشخصية، المحبة الروحية تحب الآخر من أجل المسيح. لذا، فالمحبة النفسية تطلب التلامس المباشر بالشخص الآخر، تحبه لسي في حريته بل كشخص تربطه بنفسها. هذه المحبة تريد أن تربح، وأن تستولي بكل الطرق الممكنة، هي تضغط على الأخر، وتشتهي ألا تقاوم، وتريد أن تحكم. المحبة النفسية لا تهتم كثيرًا بالحق. هي تجعل الحقيقة نسبية، بما أن لا شئ، ولا حتى الحق يجب أن يحول بينها وبين حبيبها ويزعجها. المحبة النفسية تشتهي الشخص الآخر، صحبته والشركة معه، محبته المقابلة، لكنها لا تخدمه، بل بالأحرى تستمر في الرغبة حتى عندما يبدو أنها تخدم أيضًا. توجد علامتان، وكلاهما نفس الشئ، واللتان تعلنان الفرق بين المحبة الروحية والمحبة النفسية: المحبة النفسية لا تقدر أن تحتمل فك وإنهاء الشركة التي أصبحت زائفة لصالح الشركة الأصيلة، والمحبة النفسة لا تقدر أن تحب العدو، أي الشخص الذي يرفضها ويقاومها بجدية وعناد. كلاهما ينبعان من نفس المصدر: المحبة النفسية هي بطبيعتها رغبة وشهوة –شهوة لشركة نفسية، طالما تقدر أن تُشبع هذه الرغبة بطريقة ما، فلن تتخلى عنها. حتى ولو الصالح الحق، حتى ولو لصالح المحبة الحقيقية للآخرين. لكن عندما لا تعد قادرةً على توقع إشباع رغباتها، هناك تنتهي، أي عند محبة العدو. هناك تتحول إلى كراهية، احتقار وافتراء. في هذه النقطة بالذات تبدأ المحبة الروحية. لهذا السبب تتحول المحبة النفسية إلى كراهية شخصية عندما تقابل المحبة الرحية الحقيقية، والتي لا تشتهي بل تخدم. المحبة النفسية تجعل من نفسها غاية في حد ذاتها، عملاً، وثنًا تعبده، يجب أن تُخضع له كل شئ. هي تزرع وترعى وتحب نفسها ولا شئ آخر في العالم. أما المحبة الروحية فتأتي من المسيح يسوع، هذه تخدمه وحده، وتعلم أنه ليس لها منفذ للوصول مباشرة للآخرين. المسيح يقف بيني وبين الآخر. لا أعلم مسبقًا معنى محبة الآخرين بناءً على المفهوم العام للمحبة الذي ينبع من رغباتي النفسية، فكل هذا قد يكون بالأخرى كراهية وأشر أنواع الأنانية في عيني المسيح. ما هية المحبة يقولها لي المسيح وحده في كلمته. يسوع المسيح سيقول لي ما شكل المحبة للأخ في الحقيقة، بعكس كل آرائي وقناعاتي الشخصية. لذلك، فالمحبة الروحية مرتبطة فقط بكلمة يسوع المسيح. عندما يدعوني المسيح أن أحافظ على الشركة لصالح المحبة، فسأحافظ عليها. عندما يأمرني حقُّه أن أحل الشركة من أجل المحبة، فسأحلها بالرغم من كل اعتراضات المحبة النفسية الخاصة بي. لأن المحبة الروحية لا تشتهي بل تخدم، فهي تحب العدو مثل الأخ، فهي لا تنشأ من الأخ ولا من العدو بل من المسيح ومن كلمته. المحبة النفسية لا تقدر أبدًا أن تفهم المحبة الروحية؛ لأن المحبة الروحية هي من فوق، هي أمر غريب تمامًا، أمر جديد وغير مفهوم لكل المحبة الأرضية.

لأن المسيح يقف بيني وبين الآخر، فلا أجرؤ على أن أشتهي علاقة شركة مباشرة معه. كما أن المسيح وحده هو الذي استطاع أن يتحدث إلى بتلك الطريقة المحددة فتمت مساعدتي، كذلك الآخر لا يقدر أن يساعده غير المسيح نفسه. إلا أن هذا معناه أني يجب أن أطلق الآخر من اي محاولة مني للتحكم، الإجبار، والتسلط عليه بمحبتي. في استقلاله مني وحريته يريد الآخر أن يُحب على ما هو عليه، أي كشخص تجسد المسيح لأجله، مات، وقام ثانية، شخص اكتسب المسيح له غفران الخطايا وجهز له الحياة الأبدية. بما أن المسيح قد تعامل مع أخي بشكل حاسم من وقت طويل وهذا قبل أن أقدر أن أتعامل أنا؛ لذا فعلي أن أترك الأخر حرًّا للمسيح، يجب أن أقابله فقط كالشخص الذي هو عليه بالفعل للمسيح. هذا هو معنى جملة أننا نقدر أن نقابل الآخر فقط من خلال وساطة المسيح. المحبة النفسية ترسم صورتها الشخصية للشخص الآخر، لما هو عليه وكيف يجب أن يكون. هي تأخذ حياة الشخص الآخر في قبضة يدها. المحبة الروحية تدرك وتتعرف على الصورة الحقيقية للشخص الآخر من المسيح، فهي الصورة التي طبعها يسوع المسيح ويريد أن يطبعها.

إذًا، فالمحبة الروحية تثبّت نفسها عن طريق أن كل ما تقوله وتفعله يمجد المسيح. لا تحاول أن تطلب عن طريق هزّ الآخرين نفسيًّا من خلال تأثير شخصي زائد أو مباشر، أو عن طريق تدخل غير نقي في حياة الآخر. لا تستمتع بالإثارة والحماسة المتدينة والبشرية النفسية. بل تقابل الشخص الآخر بكلمة الله الواضحة وتكون على استعداد لأن تتركه مع هذه الكلمة وحدهما لمدة طويلة، مستعدة لإطلاقه مرة أخرى حتى ما يتعامل المسيح معه. هذه المحبة تحترم حدود الآخر، التي حددها المسيح بيننا، وستجد شركة تامة معه في المسيح الذي وحده يربطنا معًا يوحدنا. بالتالي فهذه المحبة ستتحدث مع المسيح عن الأخ أكثر مما تتحدث للأخ عن المسيح، فهي تعلم أن أكثر طريق مباشر للآخرين هو من خلال الصلاة للمسيح دائًما وأن محبة الآخرين تعتمد كلية على الحق في المسيح. يتحدث التلميذ يوحنا من منطلق هذه المحبة قائلاً: "لَيْسَ لِي فَرَحٌ أَعْظَمُ مِنْ هذَا: أَنْ أَسْمَعَ عَنْ أَوْلاَدِي أَنَّهُمْ يَسْلُكُونَ بِالْحَقِّ." (3 يو 4)

المحبة النفسية تعيش برغبات مظلمة غير متحكم بها ولا يمكن التحكم بها، المحبة الروحية تعيش في نقاء الخدمة المنظم بالحق. المحبة النفسية تُنتج استعبادًا بشريًّا، ربطًا وقيودًا، وتوترًا وشدًّا. أما المحبة الروحية فتخلق حرية للإخوة تحت الكلمة. المحبة النفسية تولد نباتات صناعية في بيوت زجاجية دفيئة، والمحبة الروحية تخلق الثمار التي تنمو بكامل صحتها في الهواء الطلق، تحت سماء الله الواسعة، في مطر، وعواصف، تحت شعاع الشمس بحسب مسرة الله.

هو سؤال وجودي لكل حياة شركة مسيحية، ما إذا كانت ستنجح في إخراج قدرتها على التمييز بين المثل البشرية والواقع الإلهي في الوقت الصحيح، والتمييز بين المجتمع الروحي والمجتمع النفسي، هي مسألة حياة وموت شركة جماعة المؤمنين، أن تأتي في هذه النقطة إلى الوعي واليقظة في أسرع وقت ممكن. بمعنى آخر، حياة الشركة تحت الكلمة ستبقى صحيحة فقط عندما لا تحوّل نفسها إلى حركة، أو نظام، أو جمعية أو ناد اجتماعي، أو اتحاد للمتدينين[8]، بل بالأحرى عندما تفهم أنها جزء من الكنيسة المسيحية الواحدة المقدسة الجامعة العامة[9].

لا يوجد شخص مسيحي لا يعطيه الله الاختبار المبارك السعيد للشركة المسيحية الأصيلة ولو لمرة في حياته. لكن في هذا العالم، مثل هذه الاختبارات ليست إلا عطية منعمة إضافية أبعد من الخبز اليومي لشركة الحياة المسيحية. نحن لا نمتلك ولا ندعي أو نطالب بمثل هذه الاختبارات، ولا نعيش مع مسيحيين آخرين سعيًا للحصول عليها. ما يبقينا ويربطنا معًا ليست اختبارات الإخوة المسيحية، بل الإيمان الواثق الراسخ في الإخوة. أن الله تعامل معنا ولا يزال يريد أن يعمل فينا جميعنا، هذا ندركه بالإيمان كعطية الله الأعظم، وهذا ما يفرحنا ويبهجنا، لكنه أيضًا ما يجعلنا مستعدين للتخلي عن كل هذه الاختبارات عندما لا يرد الله أن يمنحها لنا الله في بعض الأحيان. نحن مرتبطون بعضنا البعض في الإيمان، وليس في الاختبارات.

"هُوَذَا مَا أَحْسَنَ وَمَا أَجْمَلَ أَنْ يَسْكُنَ الإخوة مَعًا"[10] هذه هي تسبيحة الكتاب المقدس لحياة الشركة تحت الكلمة. لكننا الآن نقدر أن نفسر كلمة "في تناغم" بصورة صحيحة ونقول: "أن يسكن الإخوة معًا من خلال المسيح"؛ لأن يسوع المسيح وحده هو وحدتنا وسبب تناغمنا. "هُوَ سَلامُنَا". بواسطته ومن خلاله وحده لنا اتصال بعضنا البعض، ولنا فرح الواحد بالآخر، ولنا شركة بعضنا مع بعض.

 

ديتريش (ديتريك) بونهوفر

من كتاب "الحياة معاً"

اقرأ، في الخواطر، مقتطف لبونهوفر في نفس الموضوع

 



[1] عن هذا الموضوع المهم لنظرة لوثر للتبرير قارن مثلاً كتاب مارتن لوثر Disputatio de homine 1536 (إخراج فايمار Weimar لأعمال مارتن لوثر, 1/ 3983).

[2] قارن مع متى 5: 6

[3] التناقض بين الروحية والنفسية يماثل تقديم بولس للتضاد بين الروح والجسد (ساركس). الأمر المعني هنا هو السلوك بمقتضى الله وروحه في مقابل توجه السلوك وفهم البشري في الروح لعالم يضاد الله ونظامه. تعامل كارل بارت قبل هذا بوقت طويل بطريقة أخرى باعتراضه ضد "الدين" في اسم "الإعلان والرؤيا" مع هذه الصورة البولسية الأساسية التعليمية المصلحة عن التبرير. بونهوفر أيضًا –مع بعض التعديلات- تبث على هذا الموقف (قارن 1944 أعمال ديتريش بونهوفر 8، 480). توجهه المضاد للـ"نفسي-جسدي" لا يحتوي على موقف مضاد لعلم النفس والعلاج النفسي، على شرط أن تُفهم كعلوم تجريبية. في مكتبة بونهوفر يوجد إلى جانب بعض الكتب، كتاب "مشاكل النفس في الوقت الحاضر Seelenprobleme der Gegenwar" لـ C.G.JungK 1931 و"علاقة العلاج النفسي بالاهتمام بالروح Die Beziehungen der Psychotherapie zur Seelsorge, 1932" لنفس الكاتب.

[4] قارن إر 45: 5 ("وأنت فهل تطلب لنفسك أمورًا عظيمة؟...")، هذا المقطع كان ذا أهمية كبيرة لبونهوفر. قارن أيضًا 1944 أعمال ديتريش بونهوفر 8، 542.

[5] 1 كو 13: 3

[6] في لندن وعظ بونهوفر في سبتمبر وأكتوبر 1934 أربع عظات عن 1 كو 13 (أعمال ديتريش بونهوفر 13، 404-378).

[7] Collegia pietatis، أُطلق هذا اللقب على دوائر التنوير السرية، التي بدأ في تأسيسها فيليب يعقوب شبننر (Philipp Jakob Spener 1635-1705)، الذي هو لاهوتي بارز في التقوية اللوثرية، وقائد للروحانيات في فرانكفورت أم ماين Frankfurt a. M. 1666.

[8] في الترجمة الألمانية يضيف "في تناغم" (المترجمة).

[9] الصفات الأربع الكلاسيكية للكنيسة (واحدة، مقدسة، جامعة، رسولية، una, sancta, catholica et apostolic) أُضيفوا في مجمع قسطنطينية (381) إلى قانون الإيمان النيقاوي-قسطنطيني. الترجمة الألمانية للإقرارات الكنسية القديمة في كتابات الإقرارات المصلحة عادة ما تترجم "جامعة" (التي معناها الحرفي: عامة، موضوعية، ذات الإيمان الصحيح، الأرثوذكسية) ب "مسيحية". (قارن مثلاً كتاب الإقرار للكنيسة الإنجيلية-اللوثرية 21).

[10] من الترنيمة "O lux beata" ترجمها إلى الألمانية مارتن لوثر (نقل فايمار Weimar لأعمال مارتن لوثر 473, 35).