الشفاء الداخلي: أمر مسيحي أم بدعة مشعوِذة؟!

مقتبسة من الإنترنت ١٤ نوفمبر ٢٠١٣

بما أنى قد تدربت كخادم في خدمة "سوزو SOZO"[1] فأنا أعلم المخاطر التي يمثلها الشفاء الداخلي بشكل مباشر. وما يلي هو عبارة عن مقال مكتوب بشكل جيد يتعلق بالـ"سوزو" كشفاء داخلي ذو صبغة مسيحية إنما لا أساس له في الكتاب المقدس. وأنا أعلم أن هناك الكثيرين لديهم أسئلة ومخاوف بهذا الشأن، وأرجو أن يساهم هذا المقال في إلقاء الضوء على أصوله ولماذا ينبغي أن نبتعد عنه. فالمسيح يكفي لجميع احتياجاتنا – كل واحدة منها.

 

الشفاء الداخلي/شفاء الذكريات

مسيحي أم شعوذة؟[2]

تكمن جذور شفاء الذكريات، أو الشفاء الداخلي أو شفاء المشاعر في تعاليم أجنس سانفورد Agnes Sanford المشعوَذة والمضادة للمسيحية. واستمر بعد وفاتها من قِبَل أولئك الذين تأثروا بها من المعالجين غير المحترفين  أمثال روث كارتر ستابلتون Ruth Carter Stapleton (أخت الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر المتوفية)، روزاليند رينكر Rosalind Rinker، جون وباولا ساندفورد John and Paula Sandford  (حالياً مع بيت إيليا Elijah House، مركز لشفاء الذكريات وإخراج الشياطين في بورت فولز، ولاية أيداهو Port Falls, Idaho)، ويليام فازويج William Vaswig (من مؤسسة رينوفارى Renovare – منظمة مسيحية لتشجيع الأفراد والكنائس على تطوير حياة روحية متجددة، مستديمة وثرية)، ريتا بينيت  Rita  Bennett   وآخرين. كذلك كل من جون ويمبر John Wimber، ديفيد يونجى تشو David Yonggi Cho ، روبرت شولر Robert Schuller، ونورمان فينسنت بيل Norman Vincent Peale وهم بعض من ممارسي علم النفس الشعبي المعروفين بتناولهم للشفاء الداخلي. إلا الشفاء الداخلي قد انتشر على نطاق أوسع في الأوساط الإنجيلية المزعومة بشكل أكثر تعقيداً من خلال بعض الأخصائيين النفسيين "المسيحيين" أمثال دايفيد سيمندز David Seamands، ونورمان رايت H. Norman Wright، وجايمز ج. فريزن James G. Friesen، إضافةً إلى عدد من المعالجين الهواة أمثال فريد وفلورانس ليتور Fred and Florence Littauer. (اثنان من كتب ديفيد سيمندز، "شفاء المشاعر المتضررة (الجريحة) HealingforDamagedEmotions" و"شفاء الذكريات Healing of Memories" يعتبرا كتباً مقدسة لممارسي "الشفاء الداخلي" في منابر اليوم ذات التوجه النفسي).

إن معالجات الشفاء الداخلي هي عبارة عن تشعبات لنظريات فرويد ويونج التي تضرب بجذورها في هذه الشعوذة. فلقد كان لها أثراً مدمراً على المجتمع العلماني لعقود، والآن هي تُحدِث خسائر فادحة داخل الكنيسة المؤمنة. إن بعض المعالجات النفسية المتنوعة "لشفاء الذكريات" تتنكر خلف مصطلحات مسيحية وتحول المسيحيين من الله إلى النفس. ومن أكثر الطرق فتكاً هو العلاج "بالنكوص" regressive الذي يهدف إلى البحث في "اللاوعي" عن ذكريات مدفونة والتي يُزعم أنها تتسبب في كل شيء من الاكتئاب إلى نوبات الغضب وسوء السلوك الجنسي وبالتالي يجب الكشف عنها و"شفاءها". فالتعليم الأساسي للشفاء الداخلي هو النظرية القائلة بأن الخلاص أو الشفاء يأتي من خلال اقتلاع الذكريات السلبية أو "الجروح" التي سببها الآخرون في الطفولة المبكرة والتي يُفترض أنها دفنت في "اللاوعي" حيث تميل إلى إملاء سلوكنا دون حتى معرفتنا بذلك. ومن ثم، فاللوم على سلوكنا السيئ (يُعرف أيضاً باسم "المشاكل العاطفية") في الحاضر يقع على الآخرين (الذين يُعتقد أنهم قد أخطأوا ضدنا في الماضي) وليس على أنفسنا حيث يجب أن يكون (أنظر حزقيال 18). ومن أجل "شفاء" هذه "الذكريات المريضة"، كثيراً ما يُستخدم أسلوب مبهم في التخيل (الذي هو في الواقع نوع من السحر أو العرافة التي تم استخدامها من قِبَل الأطباء السحرة والدجالين والمشعوذين لآلاف السنين، والتي منعها الكتاب المقدس تحديداً) لإعادة خلق مشهد الطفولة المؤلم، و"تخيُّل" يسوع (إن كان الشخص مسيحياً مؤمناً)، وجلبه (استدعاءه) إلى الموقف الماضي "كروحٍ مرشدٍ/أداة شفاء"، ثم جعله يُقدّس الحدث، ويغفر للشخص الذي يُفترض أنه تسبب في الإساءة، وفى معظم الحالات، قد تُعدّل حقيقة الموقف في ذاكرة الشخص، كل ذلك حتى يمكنه أن "يتحرر" من "الألم النفسي المعطِل/المعوِق" المرتبط بالتجارب السلبية الماضية والتي يُفترض أنها "جعلت الذكرى مريضة" في المقام الأول. (معالجو الذكريات من الروم الكاثوليك الكاريزماتيين[3]- - يستخدمون نفس الأساليب، و لكن عادة يستبدلون يسوع بمريم "كأداة شفاء" والتي يلتقي بها الشخص فى الخيال.)

- أحد الأشكال التي تبدو جذابة للشفاء الداخلي هي جعل يسوع يدخل مشهداً مؤلماً من الماضي. ومعالج الشفاء الداخلي يساعد الشخص على إعادة خلق الذكرى بأن يجعل يسوع يقول أو يفعل أشياء من شأنها أن تجعله يشعر على نحو أفضل إزاء الموقف. فعلى سبيل المثال، إن كان والد رجلٍ ما أهمله عندما كان صبياً، فمعالج الشفاء الداخلي قد يساعد هذا الرجل على خلق ذكرى جديدة ليسوع وقد لعب البيسبول معه عندما كان صبياً. ومن خلال التشجيع اللفظي يجعله يرتد لطفولته مرة أخرى ويشجعه على تصوُّر يسوع يسدد الكرة ويمدحه على إحراز هدف. بعض معالجي الشفاء الداخلي يجعلون الأشخاص يرتدون إلى الرحم ويقودونهم خلال "إعادة الولادة" عن طريق الخيال الموجه والتخيل guided imagery and imagination. وهكذا، ومن خلال أساليب التحليل النفسي الممزوجة بالشعوذة هذه، يجب ألا يندهش معالجو الشفاء الداخلي من إمكانية تغيير أو تحسين الذكرى فعلياً في غمرة حماسهم لاستبدال الذكريات السيئة بأخرى طيبة. إن معالجي الشفاء الداخلي هم دائماً في خطر من تحسين أو غرس ذكريات (غير حقيقية) عن غير قصد من خلال أقوال أو أفعال تعني شيئاً محدداً للمعالج ولكنها قد تعني شيئاً آخراً تماماً لشخص في غاية الضعف.

- يستند الشفاء الداخلي على الإيحاء بأننا نحتاج بوضوح لشئ أكثر من محبة الله وغفرانه لكي نحب ونغفر للآخرين الذين يُظن أنهم أخطأوا فى حقنا فى الماضي.  بما أن الكتاب المقدس يعلّم بوضوح أنه لا يمكن استدعاء يسوع وإجباره على "الأداء" حسب أوامرنا، فأي "يسوع" مُتصوَر visualized  فعلياً هنا لابد وأن يكون روح من الشيطان وليس من الله. بالطبع، هذا تحديداً هو خطر الأسلوب المشعوذ في التصور visualization  – فالأشخاص يجرى تعليمهم تجربة الأشياء التي أدانها الله مراراً في كلاً من العهد القديم والجديد على حدٍ سواء، ليس لأن الظواهر المتصوَرة visualized  (أي "الأرواح المرشدة") ليست حقيقية، بل بالأحرى لأنها تصدر عن شيطان عازم على قيادة المرء إلى عبادة آلهة أخرى والهلاك الأبدي (تث 13 وما يليها). الكتاب المقدس يحذر مراراً وتكراراً ضد التورط في الشعوذة على أي مستوى، بسبب ما يحدده على أنه "شياطين صانعة آيات" بغرض خداع العالم بأسره (رؤ 16 : 14 ؛ أنظر 13 : 14). هذا التعرُّض للشعوذة، حتى وإن كان غير مقصود وبرئ، يمكن أن يؤدى بسهولة بالشخص عديم التمييز إلى مشاكل روحية أو "نفسية" أكثر خطورة بكثير مما يمكن أن يتخيل. مع الأسف، البحث ملئ بمثل هذه الحالات من التأثير الشيطاني المشعوِذ التي يختبرها الهواة الجدد.

- ممارسات الشفاء الداخلي في الارتداد إلى الماضي والتنقيب في اللاوعي عن ذكريات مخفية، واستحضار صور، والتعبير عن الأوهام والكوابيس سلوكياً وتصديق الأكاذيب، كل هذا يمثل عالم الشعوذة وليس عمل الروح القدس. إن ذكرى مُتخيلة ومُختلقة في ظل حالة إيحائية للغاية تشابه التنويم المغناطيسي، لن تجلب إلا شفاءً وهمياً، بل قد تُغرق الناس في كابوس حقيقي.

ما يتم تقديمه على أنه شفاء داخلي/ شفاء للذكريات ليس إلا مفهوم سحري ومحاولة للتلاعب بالواقع في الماضي أو الحاضر أو المستقبل، بينما ينكر قدرة الله الكلية بأن يعنى ضمناً أنه يحتاج "لتصوراتنا الإبداعية" لكي يستخدم غفران الله وشفاءه بفعالية. في نفس الوقت، ينصّبنا كآلهة نستطيع، من خلال طقوس موصوفة، أن نستخدم الله ونستخدم سلطته كأدوات لنا. في الواقع، أن الشفاء الداخلي/شفاء الذكريات ليس إلا "تحليل نفسي ذو صبغة مسيحية" يستخدم قوة الإيحاء لحل المشكلات المزعومة، والتي كثيراً ما يخلقها هذا الأسلوب نفسه.

- إن الكتاب المقدس لديه الكثير ليقوله فيما يخص شفاء الذكريات (إلى جانب إدانة منهجياته). فهو يعلم بوضوح أن الخيارات الأخلاقية بدلاً من صدمات الماضي هي التي تحدد أفعالنا وحالتنا الراهنة، ومن ثم، مسئوليتنا؛ الكتاب المقدس يعلِّم دائماً أنه ليس الفعل الذي حدث في الماضي بل كيفية تعامل المرء مع هذا الفعل هو ما يحدد المصير "أي نفس أخطأت" (حزقيال 18 مرة أخرى). وحيث أنه لا يوجد أي دليل في الكتاب المقدس على أن أي نبي، كاهن أو رسول قد تعامل في أي وقت مع أي شأن ذا صلة من بعيد بمشاعر مدفونة أو مكبوتة أو ذكريات، إذن، ألا ينبغي على المرء أن يسأل لماذا هذا هو الحال إن كان الشفاء الداخلي هو الحقيقة الكبرى كما يقول عنه ممارسيه؟!

- إذا كانت الصلاة و دراسة الكتاب المقدس وقوة الروح القدس ليست كافية اليوم للقديسين للتعامل مع الحياة والمشكلات، فالقديسين القدامى، بما فيهم بولس الرسول، لابد وأنهم كانوا يفتقرون إلى الكثير. على الرغم من ضيقاته الكثيرة التي وُصفت في الكتاب المقدس، فإن بولس كان قادراً على الأداء والفرح في الرب بدون مساعدة التحليل النفسي. بولس نسى ما مضى وسعى نحو الجائزة (فى 3: 13- 14) الموعودة لجميع الذين يحبون ظهور المسيح. (2 تي 4: 7 - 8). كذلك، طوال تاريخ الكنيسة تمكن المسيحيون من نفس الشئ بينما كان ينبغي أن يكونوا في وضع غير مواتٍ بالمرة بدون "تبصُّر" علم النفس الحديث. إن الإصرار على أننا يجب أن نقبل هذا "الكشف" الجديد من قِبل علماء النفس أو نحيا حياة ناقصة يُعد بدعة خطيرة. فالماضي نتائجه ضئيلة إذا كان المسيحيون بالحقيقة خليقة جديدة وبالنسبة لهم " الأشياء العتيقة قد مضت (و) الكل قد صار جديداً" (2 كو 5: 17). فالبحث في الماضي من أجل إيجاد "تفسير" لسلوك الفرد الحالي يتعارض مع كل تعليم الكتاب المقدس. وعلى الرغم من أنه قد يبدو مساعداً لبعض الوقت، إلا أنه فعلياً يسلب المرء الحل الكتابي من خلال المسيح. ما يهم ليس هو الماضي ولكن علاقة الفرد الشخصية بالمسيح الآن.[4]

- الأشخاص الأكثر عرضة لمعالجي الشفاء الداخلي هم أولئك الذين يكونون في مرحلة متدنية في مسيرتهم الروحية أو الذين يعانون من ظروف صعبة. يقوم معالجو الشفاء الداخلي بالإغراء من خلال جميع أنواع الوعود المباشرة والضمنية لعلاج المشاعر المتضررة، شفاء جذور الماضي التي تمنع النمو الشخصي، وتمكين الشخص من أن يكون لديه مسيرة أوثق مع الله. وهم يدورون حول التجمعات الدينية مثل النسور، في انتظار فرصة للانقضاض على أولئك الذين على وشك السقوط من "الإنهاك الروحي". وهم يؤكدون لضحاياهم المحتملين رغبتهم الصادقة في المساعدة ويظهرون واجهة كتابية باستخدام آيات مبتورة وحوار يبدو مسيحياً. ولكن بمجرد نفاذ مخالبهم في الشخص تبدأ عملية تغلغل طفيلية. وتستمر علاقة العائل (حامل الطفيل) والطفيل طالما يستمر هذا العائل في التطلع لمعالج الشفاء الداخلي ليجعله يشعر بتحسن عاطفي وكمال روحي.

- بدلاً من الشفاء الحقيقي، فهناك احتمال قوي جداً أن يكون متلقون الشفاء الداخلي يعيشون الآن على أساس كذبة من أعماق الجحيم. فالشفاء الداخلي لا يستند على الحقيقة، بل يقوم على ذكرى مغلوطة، خيال موجه، وهم، تصور وإيحاء يشبه التنويم المغناطيسي. وبينما يمكن لمعالجي الشفاء الداخلي أن يستحضروا "يسوعٍ" ما، وأن يتلوا آيات من الكتاب المقدس، فإن مثل هذا الشفاء الداخلي ليس كتابياً. قال يسوع "إن ثبتم في كلامي فبالحقيقة تكونون تلاميذي وتعرفون الحق والحق يحرركم." (يو8: 31 - 32).

علاوة على ذلك، فإن الشفاء الداخلي هو إهانة لله عندما يحاول "المعالجون" سلب سلطانه لمباركة الأشخاص "المتألمين نفسياً" كاستجابة ببساطة لتوبتهم وصلواتهم. فهو غير كتابي، وتجديفي، وجسداني في استخدامه التصوري visualization  المتلاعب بابن الله. كما هو أيضاً خطير في الطريقة التي يدفع بها الأشخاص إلى المصلحة الشخصية الصبيانية، الذاتية والعاطفية. وهو متجرئ بخبث في منحه الكهنوتي للغفران والثقة.

 

مأخوذة من شبكة الإنترنت

http://mkayla.wordpress.com/2013/01/31/inner-healing-christian-or-occult/

ترجمة: لوسي ميلاد

 



[1]  كلمة يونانية تعنى خلاص أو تحرير. وخدمة "سوزو" هي خدمة شفاء داخلي وخلاص تهدف إلى الوصول إلى جذور الأمور التي تعوق العلاقة الشخصية مع الأب والابن والروح القدس: http://bethelsozo.com. المترجم

[2]  أجزاء رئيسية من هذا التقرير مقتبسة من: (أ) عدد خريف 1989 لنشرة سيكوهيراسى "الهرطقات علم النفسية PsychoHeresy Update" (تصدر الآن باسم "نشرة التوعية بالسيكوهيراسى PsychoHeresy Awareness Letter"). (ب) عدد 2/93 من دعوة بريان The Berean Call. (ج) مقالتان من عدد سبتمبر 1990 للتقرير الخاص بميديا سبوتلايت بعنوان أنبياء معاصرون: استعادة الأنبياء والرسل والعلاقة بكانساس سيتي فينيارد Media Spotlight Special Report entitled “Latter- Day Prophets: The Restoration of Apostles and Prophets and the Kansas City-Vineyard Connection”" و"اختبار ثمر الكرمة Testing the Fruit of the Vineyard". وأخيراً (د) الكتب التالية: إغواء المسيحية The Seduction of Christianity، ما بعد الإغواء Beyond Seduction, ووباء الشفاء The Healing Epidemic.

[3]  الحركة الكاريزماتية هي اتجاه للطوائف الرئيسية تاريخياً لتبنى معتقدات وممارسات مماثلة ليوم العنَصَرة واستخدام المواهب الروحية شيء أساسي في هذه الحركة. نشأت بين الروم الكاثوليك عام 1967.  wikipedia.org المترجم

[4]  يجنح الكاتب في هذه الفقرة نحو الخلط الشهير بين الاضطرابات النفسية والخطية (وبين المشورة/العلاج النفسي والقداسة)، وهو الخلط الأساسي الذي يقع فيه أصحاب المدرسة النوثيتيكية. للمزيد في هذا الأمر راجع مقال "في ما يُقدَم تحت عنوان "المشورة الكتابية"، والاتجاهات الرئيسية الأربع في المشورة". المحرر