من اعترافات القديس أغسطينوس - "الترجمة العربية" (2)

القديس أغسطينوس ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٢

تأرجح إيماني بين الضعف والقوة مع أني بقيت مؤمناً بأنك موجود، تعتني بنا. ولم أكوِّن لنفسي فكرة صحيحة عن جوهرك وعن السبيل الذي يوصلنا إليك أو ذاك الذي نعود عليه إليك.
قصَّرنا بسبب ضعفنا عن إدراك الحقيقة بفضل عقلنا وحده؛ واحتجنا إلى كتبك المقدسة فأخذت أعتقد أنه، لو لم يَحسن لديك أن نؤمن بك ونبحث عنك بواسطتها، لما كنت منحتها ذاك السلطان في المسكونة كلها.
لقد أعرضت عنها لما فيها من أشياء يستحيل فهمها وقبولها؛ بيد أني لدى سماعي بعض شروح مرضية لها، وجدت السبب في عمق أسرارها الخفية؛ واعتقدت أن سلطان الكتاب المقدس، وإن ظل في متناول الجميع، يكسب احتراماً أفضل وثقة المؤمنين حين يشرح شرحاً علمياً عظمة أسراره الجليلة. إن صفاء لغته وبساطة أسلوبه جعلته في متناول الجميع ونبَّهت ذوي العقول الراجحة وفتحت أحشاءها لجميع الناس وفيها استقبلتهم؛ بيد أن نخبة مختارة وصلت إليك؛ إنها لنخبة قليلة، إنما أكثر مما يظنون، بفضل ما لتلك الكتب من سلطان وما هي عليه من وداعة مقدسة تهيب بالناس إلى أحضانها.
ذاك ما كنت أتأمل فيه يوم كنت بقربي؛ أنا كنت أبكي وأنت تصغي إلىَّ؛ أنا كنت أتهادى فوق الأمواج وأنت تضبطني بيمينك؛ أنا كنت أسير على طريق العالم الرحب وأنت لم تتخلَّ عني.

الاعترافات
ص 104