ساعات بسأل نفسي إيه اللي أنا عملته في نفسي ده؟!

بنت إسمها ... ٢٢ أكتوبر ٢٠٢٠

ساعات بسأل نفسي إيه اللي أنا عملته في نفسي ده؟!

 

 

 

 

 

         و بعدين؟ أخرة التفلسف اللي إنتي عايشالي فيه ده إيه؟

 

      أنا مش بتفلسف.. أنا بحاول أفهم فلسفة الحياة مش أكتر.. بحاول أعيش..

 

 

 

-          بتحاولي تعيشي؟!!! إنتي مش عارفة إنتي عملتي في نفسك إيه؟

     عارفة...أنا فتحت عيني على الحقيقة و عمري ما هعرف أقفلها تاني..

 

 

 

-          إزاي عملتي كدة؟ الحقيقة مؤلمة لدرجة تعجّز أي إنسان إنه يعرف يعيش و إنتي بتقوليلي بتحاولي تعيشي؟!.. مش شايفة الناس حواليكي؟ تفتكري همّ أقل حكمة منك عشان مش بيحاولوا يوصلوا للحقيقة زيك؟ ولّا همّ أذكى منك لأنهم عايزين يعيشوا؟ مواجهة الحقيقة شيء قاتل و مش من الذكاء إنك تعملي كدة.. علماء كتير جداً إنتحروا عشان واجهوا الحقيقة.. الزيف كان على الأقل بيساعد الواحد إنه يمشي..

      لأ أنا مش شايفة الناس اللي حواليا أقل حكمة مني ولا أذكى مني عشان مش بيواجهوا الحقيقة زيي، أنا شايفاهم خايفين من الألم، و معاهم حق، الحقيقة بتوجع جداً لدرجة بتخلينا دايماً نتجنبها، مفيش إنسان بيحب الألم، و أنا زيهم مبحبوش... بس الفرق الوحيد اللي بيني و بينهم هو إني أدركت إني كدة كدة هعيش في ألم..

 

 

 

-          بس ألم عن ألم يفرق.. إنتي ليه بتختاري الطريق الأكثر إيلاماً؟؟!

    عشان مهما أجلّت معالجة درسي اللي واجعني عشان خايفة من دكتور السنان، هيجي اليوم اللي مش هحتمل فيه إني أشرب كباية مياه، و هضطر في الآخر برضو إني أروح أعالجه... و يمكن أضطر أخلعه... لا يفيدنا في شيء تأجيلنا للوجع فهو حتماً في النهاية سيصيبنا.. إنتي عارفة إني كنت زيهم، كنت بختار دايماً دايماً دايماً الطريق الأقل إيلاماً... جردت نفسي من إحتياجات كتيرة جداً طبيعية بسبب الألم.. كنت أدرب نفسي دايماً على الحياة فقط بذاتي و بطولي في الحياة.. حاولت ألا أعتمد على أي حد في الحياة غير نفسي عشان ماتخذلش.. حتى الله رفضت طلب مساعدته.. حتى عيني و إيدي و رجلي ساعات بدرب نفسي أعيش من غيرهم، عشان أمنع عني أي ألم ممكن يصيبني في المستقبل، عشان منهارش لو أي حاجة معايا دلوقتي مبقتش معايا بعد كدة.. لم تعد عندي أي توقعات تجاه أي شخص في الحياة.. رفضت بناء كل العلاقات في البداية، و لما رجعت أعمل علاقات تاني، قررت إني لن أقترب من أي شخص لدرجة تجعلني أشعر بالخسارة إن فقدته... رفضت التعلق بأي شيء و بأي شخص.. كان هدفي في الحياة هو ألا أحتاج لأحد... تقدري تقوليلي نتيجة كل ده كان إيه؟

 

لما 3 من أعز أصحابي هاجروا في أقل من شهرين إنهارت إزاي؟ لما إتعرفت على شخص في علاقة مدتها 3 شهور بس و سابني، قدرت أبقى كويسة نسبياً بعد قد إيه؟ أكتر من سنة! و ده مش لأني حبيته لكن عشان إتعلقت بيه.. و لما شفته من شهرين حصل لي إيه؟؟!! ده كله مش ألم؟! ده كله إيه ردي عليا؟؟ طيب فاكرة لما زميلي أظهرلي مشاعره ناحيتي أنا خفت إزاي إني أتعلق بيه؟ رغم إني متأكدة إنه شخص لا يصلح إطلاقاً لأني أرتبط بيه، إفهمي قد إيه أنا بصارع في حياتي عشان مقعش فريسة لإحتياجي، إستوعبي قد إيه أنا بقاوم التعلق بأي شاب يهتم لأمري مهما كنت أراه غير مناسب لي، و ده شيء لو مقاومتهوش دلوقتي هيفضل مكمل معايا حتى لو إتجوزت!!

 

الغريب والعجيب جداً في كل ده إني كنت معتقدة في نفسي بنسبة 100% إني أستطيع الحياة بدون مساعدة من أي شخص و بدون تعلق بأي حد.. كنت أعتقد و أصدق إني أستطيع أن أكون بذاتي.. و كانت صدمتي عظيمة جداً عندما إكتشفت إني صدقت أكبر كذبة كذبتها على نفسي.. بعد ما إكتشفت إني لا أستطيع الحياة بدون بابا و بدون من سيأخذ دوره في المستقبل.. عندما إكتشفت أنني لا أستطيع أن أكون بذاتي! أنني بلا ملامح، و أحتاج طوال الوقت لمن يرسم لي ملامحي و عليّ أن أصدقه لأنني لا أرى أي شيء فيّ... عندما إكتشفت أنني لم أكن أبداً أبداً وحدي نفسياً بدون سند في هذه الحياة.. فقط كنت أخدع نفسي.. و كانت نتيجة هذا الخداع أنه:

 

عندما رفضت التعلق و قاومته، وجدتني خير مثال لمن يريد أن يعرف معنى لهذه الكلمة..

 

عندما رفضت توقع أي شيء من الناس حتى لا أُخذل، منعت عن نفسي التوقعات الطبيعية جداً و التي يجب أن أتوقعها في العلاقات و إلا أصبحت في علاقة تستغلني..

 

عندما رفضت أن أحب، لتخيلي أن الحب ضعف، وجدتني لا أستطيع أيضاً إستقبال الحب ولا تصديقه..

 

في هذه الحياة، لا يوجد أسخف من الهروب من الحقيقة..

 

مفيش أي حاجة حصلت من إختياري للطريق الأقل إيلاماً غير إني وصلت لطريق أكثر إيلاماً برضو..

 

 

 

-          بس على الأقل كنتي عايشة..

 

    بتفكريني أوي برواية إنستا_حياة لما كان بيكلم البنت اللي عايزة تنتحر معاه و قالها:" بمنطق البشر.. الأفضل أن تستمر في الحياة لأنها الأولوية.. لو لم تجد سبباً فحاول أن تجد أي سبب.. المهم أن تستمر فقط.. لكل الناس الإستمرارية هي الأصح و الأصدق.. هي الأمر الواقع الذي لابد أن نتقبله جميعاً.. لماذا أيتها الفتاة البلهاء ترغبين في الموت؟ لابد أن تستمري مثلنا وتصبحين أكثر تعاسة وضلالاً مثلنا.. لماذا؟ لا ندري.. لكنه الأفضل لك أيتها الصغيرة البلهاء.."

 

منطقك هو نفس منطقهم.. في فرق بين إني أعيش و بين إني أعيش صح!

 

 

 

-          كفاية يا بنتي فلسفة! إفهمي.. اللي إنتي بتعمليه ده مش بيؤدي لأي حاجة غير الموت..

 

      يمكن.. بس هبقى مُت بشرف المحاولة.. و إتأكدت إن الطريق الأقل إيلاماً فقط يؤجل الموت لكنه حتماً سيصيبنا.. و عايزة أقولك حاجة، يمكن تكون عكس المنطق، بس هي اللي أنا حساه: أنا حاسة إني عايشة أكتر من أي وقت مر عليا قبل كدة، و رغم إن اليأس و الخوف محاوطني من كل إتجاه إلا إني في نفس الوقت حاسة بالأمل و الشجاعة، و متسألنيش إزاي لأني معرفش إزاي، بس هو ده إحساسي.. لو إنتي متخيلة إن مواجهتي للحقيقة هتخليني أنتحر فإنتي غلطانة، ده أكتر وقت أنا متمسكة فيه بالحياة، ومتنسيش أنا كام مرة فكرت في الموت و الإنتحار زمان.. يعني حتى لو الطريق ده مش هيحميني من إني أنتحر، فالطريق الأولاني محمانيش برضو، والشيء الوحيد اللي منعني من التنفيذ وقتها هو جُبني.. ياريت تشوفي حجة تانية غير موضوع الإنتحار والموت ده..

 

 

 

-          يمكن يكون معاكي حق، يمكن فعلاً تعيشي، بس هتعيشي مخنوقة و مش قادرة تتنفسي، متنكريش إن الحياة على أمل (حتى لو مش موجود) كان أوكسجين ليكي... دلوقتي إنتي بتتخنقي.. مفيش حاجة تضمن لك الصمود قدام كل ده.. و عمرك ما هتعرف ترجعي تاني لحياة الزيف.. إنتي مشيتي طريق إتجاهه واحد و مفيهوش رجوع و لا ينفع فيه حتى الوقوف.. طريق الحقيقة ده طريق سريع مفيهوش تعبت! و كل ما هتحاولي تقفي و تتفادي إصطدامك بحقيقة هتلاقي حقيقة تانية وراها بتصدمك أعنف.. أنا عارفة إنك مش هتموتي من الحقيقة، و عارفة إن الحقيقة هي الطريق الوحيد للحرية و الحياة ولإرضاءك لنفسك و للوصول لربنا.. و عارفة إنك أقوى مما أنا أتخيلك، لكن في نفس الوقت شايفة إنك أضعف من الصمود في مواجهة كل الحقائق دي.. أنا خايفة عليكي.. أملك في الحصول على ما فقدتيه، و أملك في الحياة بلا صراع، و أملك في معجزة تحصل تخليكي تثقي بربنا، و أملك في سلام كامل مع نفسك.. كل هذه الآمال تبددت... و أنا أكره اليأس.. إزاي هتفهّم إنك تقدري تصمدي قدام كل اليأس ده؟! هتقوليلي آمال زائفة، هقولك أوكيه، مش أرحم من اليأس؟؟؟!!!

 

 

 

       أنا كمان خايفة زيك، و أنا كمان أكره اليأس، بس اليأس مطلوب في هذه الحالة...

 

لابد أن أيأس من توقع هذا السلام "الكامل" المعجزي..

 

لابد أن أيأس من أنني أستطيع الحصول على ما فقدته..

 

لابد أن أيأس من إعتقادي بأن الحياة الزائفة هي حياة..

 

لابد أن أيأس من تعلقي بما هو ليس بموجود..

 

لابد أن أيأس من أن الله سيصنع معي معجزة و يرحمني من هذا الصراع، فمن الواضح أنه لن يفعل، و من الواضح جداً أنه يريدني أن أعيش هذا الصراع، حتى إن قلتي لي أنني لا أعرف من هو الله ولا ما يريده من حياتي، فأنا على الأقل أؤمن أن الله (الذي لا أعرفه) يريد مني (الآن) أن أخوض هذا الصراع، و الدلائل عندي كثيرة جداً على ذلك..

 

لابد أن أيأس من تصالح تام و كامل مع نفسي..

 

لابد أن أيأس من أن تتغير حياتي بكلمتين في كتاب..

 

لابد و أن أيأس من أنني أستطيع السيطرة "تماماً" على حياتي..

 

هذا اليأس لابد منه.. أنا أعلم ذلك!

 

عارفة إنك مرعوبة.. و عارفة إنك شايفاني على حافة الجنون.. بس أسوأ حاجة ممكن تحصل إيه؟  معنديش حاجة أخسرها! إنتي فاهمة؟؟ إنتي متخيلة إني بعمل كدة شجاعة؟ أو تهور؟ أو جنون؟ أياً كان هتسميه إيه، هو عندي ملهوش غير رد واحد، "الإنسان بيبقى مستعد يعمل أي حاجة و يجازف حتى بحياته لما يكتشف إن مفيش أسوأ من اللي هو فيه أو إنه معندوش حاجة يخسرها"... فهمتي حاجة؟

 

 

 

-           إنتي كدة بتحفري حفرة، و بترمي نفسك فيها، و بتردمي وراكي.. إنتي بتدفني نفسك و إنتي لسة عايشة.. إنتي بتموّتي نفسك..

 

      وليكن.. أنا برضو عندي أمل (و مؤمنة جداً إنه مش زائف)، إن في يوم ما، ربنا هيبعت مطر، و اللي إنتي شايفاه دلوقتي شيء ميت إحتمال كبير يكون بذرة، و مع المطر يطلع زرعة و يعيش من جديد حياته اللي المفروض يعيشها... صحيح يمكن متطلعش الزرعة دي شجرة مانجة، و تكون مجرد  شجرة صغيرة بتطلع ثمر شكله غريب و طعمه مش حلو، بس على الأقل ممكن تكون ملجأ للناس من شمس الصيف، و هتكون عملت اللي ربنا خلقها عشان تعمله.. البذرة لو حمتيها من الدفن هتفضل عايشة بس حياة مش بتاعتها، لكن لو إتدفنت هتعمل بالظبط المطلوب منها.. هذا ما يقوله الله الذي لا أعرفه، و هذه الآية لم أدرك معناها إلا الآن..

 

أحياناً بيكون لازم نموت عشان نعرف نعيش... أرجوكي توقفي عن حمايتي و إتركيني لحالي، ولا اتحاولي إرشادي لأي إتجاه أذهب إليه، فالحقيقة ستتولى هذه المهمة.. و متخافيش عليا، أنا لأول مرة أحس إن الحقيقة هتحميني أكتر منك و عايزة أستسلم لها...