الإيذاء الروحي/الديني Spiritual Abuse

مشير سمير ٢٤ أكتوبر ٢٠٢٢

أولًا: ما هو الإيذاء الروحي/الديني

 أحد المعاني المحددة لمصطلح "الإيذاء الديني/الروحي"، يضعها القس رافاييل مارتينيز Rafael Martinez، تشير إلى:

"التلاعــب النفسـي Psychological manipulation والصدمة النفسية والعاطفية التي تلحق بشخص جرّاء استبداد ديني يقوم فيه القائد، بشكل مخاتل (مُضلِل)، عن قصد أو عن غير قصد، بتطويع التعليم والممارسات للتحكم في أفكار وسلوكيات المقود بطريقة تسبب الأذى، أيًا كانت التكلفة."[1] 

أيضًا تم تعريف الإيذاء الروحي بأنه:

"نوع من الإيذاء يضر بجوهر هويتنا. فهو يتركنا محبطين روحيًا ويفصلنا عاطفيًا عن محبة الله الشافية." وتعريف آخر للإيذاء الروحي هو "سوء معاملة شخص يحتاج مساعدة ودعم وتمكين روحي أكثر، بينما تكون النتيجة هي إضعاف وتقويض القدرات الروحية لذلك الشخص. ونادرا ما يقع الإيذاء بقصد جرح أي شخص. فمعظم الإيذاء الروحي يتسبب به مؤمنون مخلصون جدًا، وهم يعتقدون بأنهم هكذا يطيعون الإنجيل بمشاركة الآخرين بالمسيح، وفي كثير من الأحيان يؤمنون بأنهم منقادون بالروح القدس."[2]

"وفي الأغلب، يُرتكَب الإيذاء الروحي بواسطة أولئك الذين يحبون يسوع بصدق، الذين يؤمنون بأن الكتاب المقدس هو كلمة الله، والذين يريدون ربح النفوس الضالة ليسوع. وبالتالي، فإن الإيذاء الروحي، كما أشار "رونالد إنروث"، موجود بكثرة بداخل الكنائس والجماعات ذات العقيدة السليمة[3]، المتحفظة في إيمانها، والتي تسير وفق المبادئ الكتابية بكل دقة، وتحافظ بحماس على أساسيات الإيمان."[4]

يقول الكاتب المسيحي "رونالد إنروث Ronald Enroth"، في كتاب له بعنوان "الكنائس التي تؤذي":

"هل يتعمد القائد الروحي المسيء إيقاع الأذى؟ في معظم الحالات، ربما لا. فهو عادةً ما يكون غير مدرك لما يفعله بالآخر باسم الله. وفي الواقع، قد يكون مقتنعًا بأن ما فعله كان بتكليف من الرب."[5]

بينما يُعرِّف "ستيفن لامبرت Steven Lambert"[6] الإيذاء الروحي، في كتابه "أَسْر الكاريزماتيّة"، على أنه "نوع من السيطرة النفسية التي يمكن وصفها بحق بأنها "استعباد ديني religious enslavement".

ويشتمل الإيذاء الروحي على التالي[7]:

  • الإيذاء النفسي والاستغلال العاطفي.
  • أيّ فعلٍ أو عملٍ أو كلماتٍ من شأنها أن تُخجِل الشخص أو تقلل من كرامته.
  • الترهيب وطلب الخضوع (ولو بطريقة مستترة) لسلطة روحية دون أي حق في المعارضة.
  • تحكُم غير عقلاني لحق الفرد الأساسي في ممارسة "الإرادة الحرة" فيما يتعلق بالأمور الطبيعية والروحية.
  • اتهامات كاذبة ونقد متكرر من خلال وصف شخص بأنه، على سبيل المثال، عاصٍ، متمرد، يفتقر إلى الإيمان، شيطاني، مرتد، عدو للكنيسة أو لله[8].
  • العزلة، والإنفصال، والحرمان من الحقوق، أو الإقصاء من العائلة والأصدقاء خارج المجموعة بسبب المعتقدات الدينية أو الروحية أو الأصولية.
  • البرامج (الأجندات) الخفية والمتطلبات التي يتم كشفها للأعضاء فقط مع تقدم نجاحهم خلال مراحل الإيمان المتنوعة.
  • الممارسة القسرية للروحانية، والتصوف، و/أو أيديولوجيات خاصة مميَزة لأعضاء الجماعة.

 

ثانيًا: بعض خصائص/ سمات وسلوكيات القيادة الروحية المؤذية:

 1- "القادة في الكنائس والجماعات المؤذية هم في كمالٍ ناموسيّ وناموسية كاملة."[9]

حسبما يقول مايك فيلاور Mike Fehlauer: "يشير يسوع في (متى 23: 4) إلى أن الناس يتم تحميلها بالقواعد والقوانين[10] التي تحتاج إلى إتباعها من أجل الحصول على قبول الفريسيين، الذين تقول عنهم الآية (في ترجمة AV)[11]: "فإنهم يحزمون أحمالًا ثقيلةً عسرة الحمل ويضعونها على أكتاف الناس، وهم لا يريدون أن يحركوها بإصبعهم." وبنفس الطريقة، يجد كثير من المؤمنين في هذه الأيام أنفسهم مسحوقين تحت ثقل ديني لنظام مُسيء. في كل يوم يجد الآلاف من أعضاء الكنيسة أنفسهم يكافحون من أجل كسب تأييد واستحسان فريسييّ العصر الحديث (..) إذا كانت كنيستك (الجماعة المسيحية التي تنتمي لها)، لكي تحصل على قبول قادتها تتطلب من حياتك المزيد والمزيد بلا نهاية واضحة - مع القليل من التشجيع على طول الطريق - فربما ترغب إذًا في إعادة النظر في الكنيسة التي تحضرها."[12]

2- "القادة في الكنائس والجماعات المؤذية مهووسون بالضبط الشديد الذي يصل حتى إلى التأديب وفرز وعزل البعض من الجماعة. ففي بعض الدوائر المسيحية المؤذية، التشكيك في قائد (قادة) الكنيسة أو الجماعة يعني التشكيك في الله نفسه."[13]

وقد يصل هذا الضبط إلى حد المطالبة (ولو الخفية) بالولاء والتبجيل Loyalty and Honor حسبما يقول "أجنس لوليس Agnes C. Lawless " و"جون لوليس John W. Lawless" في كتابهما "الإنجراف نحو الخداع"[14]

وقد كتب "إنروث Enroth" قائلًا: "كل ما يستلزمه الإيذاء أن يكون الراعي أو القائد غير خاضع للمسائلة من قِبَل أي شخص، وبالتالي فهو فوق المواجهة."

"كما يقوم القادة في الكنائس والجماعات المؤذية بالتركيز على خبراتهم الذاتية ورفض أي معارضة. أيضًا يقومون بالتدقيق الشديد في جوانب كثيرة في حياة الأعضاء التابعين، مع الكثير من القواعد والقوانين. كذلك يقول لامبرت[15] أنه قد يُطلب من الأعضاء (ولو بطريقة مستترة) الحصول علی موافقة (أو شهادة) قائدھم (قادتهم) لإتخاذ قرارات متعلقة بالشئون الشخصیة."

فمن جهة نمط الحياة والخبرة، يصف "إنروث" الجماعات الدينية المُسيئة بالصرامة والتشدد التأديبي تجاه المعارضة، فيقول:

"تميل الجماعات المسيئة إلى قمع أي نوع من التحدي الداخلي للقرارات التي يتخذها القادة (..) كما تحث تلك الجماعات على الصرامة في السلوك والمعتقد الذي يتطلب التكيف مع أهداف المجموعة."[16] فنظام الإيذاء الروحي "يَعِد بالسلام (الروحي) على أساس قدرة الفرد على اتباع القواعد والقوانين الموضوعة. وإذا فشل في ذلك، يَصدُر عليه الحكم."[17]

3- "الإنعزالية، فالجماعات المؤذية لن تندمج مع غير الطاهر أو غير المقدس. فهي تميل إلى عزل نفسها عن العالم وأيضًا عن جماعات المؤمنين الآخرين."[18]

وهو ما يصفه "إنروث" بـ"النخبوية Elitism"، التي تقود إلى الإحساس بالتميز لحد الشعور بالاضطهاد "حيث تُصوِّر الجماعات المسيئة نفسها على أنها فريدة من نوعها وأنها ذات هيكلية تنظيمية قوية تُرجح انفصالها عن الكيانات والهيئات الروحية الأخرى، فتستلزمها ديناميكيتها الاجتماعية بأن تكون مستقلة أو منفصلة، ​​مع تناقص إمكانيات التصحيح الداخلي أو التفكر، على الرغم من النقد[19] الخارجي."[20]

وربما هيأت لذلك صفة "الجاذبية (الكاريزما)" التي يتمتع بها قادة هذه الجماعات، حسبما يقول آل"لوليس John W. Lawless" مرة أخرى في كتابهما "الإنجراف نحو الخداع"[21]

"فيقودون أتباعهم للتفكير في أنه لا توجد أي كنيسة أو جماعة مثل كنيستهم أو جماعتهم، وأن الله قد أفردهم من أجل أغراض خاصة، مع الحط (الإقلال) من شأن الكنائس والجماعات الأخرى."[22]

"تعزل الطوائف والكنائس (والجماعات) المسيئة أعضاءها بشكل إستباقي عن أي معلومات ناقدة للمجموعة. ويتم تعليم الأعضاء في وقتٍ مبكر كيفية التشكيك في أي تقارير سلبية عن المجموعة وتعليمهم "إن أي وسائل إعلام مضادة هي مجرد أكاذيب." وتُعرِّف هذه "الأكاذيب" بأنها شكل من أشكال الاضطهاد، الذي "يُثبت" أنهم هم الدين الحقيقي والوحيد."[23]

"وكلما أصبح الشخص أكثر إلتزامًا نحو الكنيسة (الجماعة) المُسيئة [كلما دُفِعَ نحو تفضيل نمط حياة الجماعة وأهداف الجماعة على أهدافه الشخصية، ودوافعه، وعلاقاته الشخصية، كما يقول لامبرت[24]]، كلما زادت عزلته عن غير الأعضاء، وكلما كان يخشى العقاب في حال محاولته المغادرة. بعض الناس، بعد قضاء حياة مليئة بالاستثمار العاطفي في مجموعة دينية/روحية، لا يعرفون ببساطة كيف يبقون على قيد الحياة إن غادروا. فليس لديهم أصدقاء غير رفاقهم في الكنيسة (تلك الجماعة). وقد تكون صلتهم بأفراد الأسرة قد انقطعت. وقد لا يكون لديهم اهتمامات (اجتماعية أو فكرية) خارج نطاق المجموعة. فقط خوفهم من أن يتم نبذهم يجعلهم ثابتين في موضعهم، محتفظين بشكوكهم لأنفسهم."[25]

4- "يستخدم القادة (المؤذون) الشعور بالذنب، والخوف، والترهيب للتلاعب بالأفراد التابعين لهم."[26] كذلك التركيز على الوعظ المنبري المتكرر الذي من شأنه، كما يقول لامبرت[27]، أن يُحبط أيّ أفكار لترك الجماعة أو مخالفة نظام القيادة."

"إذا بدأ الأعضاء يشعرون بعدم الراحة وبدأوا يفكرون في ترك الكنيسة (الجماعة)، فكل ما على القائد أن يقوله هو "إذا تركت هذه المجموعة، لن تذهب أبدًا إلى السماء، لأن الحق لدينا نحن فقط." هذا النوع من التلاعب مُروِّع، ولكنه يحدث كثيرًا أكثر مما نظن."[28] "فيصاب الأعضاء، كما يقول لامبرت[29]، بصدمات نفسية، ويُرهَّبون ويُلقّنون عدة مخاوف تهدف إلى خلق الاعتماد المفرط أو الاعتماد المشترك على قادتهم وجماعتهم المشتركة."

"أما فيما يتعلق بالمغادرين للجماعة (وهم يفعلون ذلك تحت سحابة من الشك، والخزي، والسمعة السيئة، كما يقول لامبرت[30])، فغالبًا ما يصعب عودتهم إلى الحياة الطبيعية."[31] و"عادةً ما يعانون من مشاكل نفسية وتظهر عليهم نفس الأعراض المصاحبة لاضطرابات ما بعد الصدمة  post-traumatic stress disorder (PTSD)."[32].

ويجدر بنا، عند هذه النقطة، أمام التعصب غير المباشر[33] لليمينية المتحفظة بالقرن الحادي والعشرون (والتي ربما قامت كرد فعلٍ لشطط لاهوت اليسار الليبرالي المتطرف)، يجدر بناالعودة لسماع صوتٍ متزن كصوت جون لوك John Locke الطبيب والفيلسوف المسيحي الإنجليزي، في رسالته الشهيرة في التسامح التي "كتبها في منفاه بهولندا ونشرها أولًا تحت اسم مُستعار في ظل التناحر بين المذاهب المسيحية وعدم التسامح البيورتياني آنذاك"[34]، ويقول فيها: 

"أنا أعتقد أن أي إنسان يتصور أنه مهيأ لإنزال العذاب بإنسان آخر بدعوى أنه ينشد خلاص نفسه، فإن مثل هذا الإنسان يبدو غريبًا عني وعن أي شخص آخر. ومن المؤكد أنه لا يوجد إنسان يعتقد أن مثل هذا الفعل يصدر عن المحبة أو إرادة الخير (..) ولهذا ينبغي الامتناع عن استخدام القوة والقهر والغطرسة. ومن هذه الزاوية فلا يحق لأي إنسان أن يستسلم لطاعة أولئك الذين يلقون عليه المواعظ والأوامر، بل يستسلم لما هو مقتنع به[35] (..) فالحرية التي يتمتع بها الناس من جهة خلاصهم الأبدي تتلخص في أن كل إنسان عليه أن يفعل ما يقتنع به ضميره أنه مقبول لدى الله."[36] 

 

ثالثًا: أسباب وعلامات مميزِة تدفع المؤمنين لإيقاع الأذى الروحي بالآخرين[37]:

 - الافتقار إلى التعاطف Lack of Empathy .

- اعتقاد المرء بأنه على حق وأنه بار (وهو في حد ذاته ما يُفسد الشخص، إذ يجعله يشعر بالنُبل والسمو): يفترضون أن آرائهم هي آراء الله، وأن ما يؤمنون به مؤسَس على الكتاب المقدس (..) والمشكلة في أغلب حالات الإيذاء الروحي في الكنائس والجماعات المسيحية هي أن الكثيرين من القادة المؤمنين المؤذين قد غطوا أنفسهم بثوب القداسة ورداء البر، وهو ما يدفع المريدين، حسبما يقول لامبرت[38] لتمجيد/تأليه أو "تقديس" القيادة.

- التفكير ثنائي القطب (إما - أو) Dichotomous Thinking: حيث كل شيء أسود أو أبيض، جيد أو سيء. والمؤمنون الذين يفكرون بهذه الطريقة يضعون أنفسهم بالطبع في فريق الصالحين، بينما يكون كل من يختلف معهم على أيّ تفصيلة دقيقية في اللاهوت أو في تفسير الكتاب المقدس هو في فريق الطالحين[39].

- الغرور والتعالي (والذي قد يصل إلى حد جنون العظمة أو النرجسية، حسبما قال لامبرت[40]): حيث لا توجد لديهم أسئلة بلا إجابات، ولا مناطق رمادية، ولا شكوك. كل الأشياء تم فرزها، وتصنيفها، وتوصيفها بشكل صحيح[41]. هم على صواب، والآخرون على خطأ. هم روحانيون، والآخرون غير روحيين. هم يؤمنون حقًا بالكتاب المقدس، والآخرون غير مؤمنين. هم مكرسون بصدق ليسوع، والآخرون ليسوا كذلك،.. إلخ. إن إختلفت معهم فقد اختلفت مع الله[42]. وهم، بالطبع، بمثابة القاضي النهائي وهيئة المحلفين لما يقوله الكتاب المقدس، بغض النظر عن الموضوع. لديهم التفسير الدقيق لأيّ نص كتابيّ، وأيّ فارق دقيق أو اختلاف بسيط في المعنى يُعّد، بالنسبة لهم، هرطقة.

- انفصال المرء عن واقعهDissociation ، حيث غالبًا ما تتجاوز المثاليات الواقع والحقيقة.

- التطرف والحماسة المفرطة Zealotry كالغيوريين ذوي المخالب المشحوذة ولكنهم ذوي أحاسيس ثلمة (بليدة).

- الاهتمام المفرط بالحفاظ على الصورة العامة للخدمة والتحامل على جميع "النقاد".

 

ويخبرنا بول تورنييه، في كتابه "ويوجد أيضًا مكان"[43]، عن مشكلة الفكر المتعصب (البيوريتاني)، قائلًا:

"إنها مشكلة ذات شقين متنافرين، فهي من ناحية تقود لشخصيات عالية التدين، ولكن من الناحية الأخرى قد تقود لأزمات نفسية طاحنة. ويبدو لي أن التفسير السيكولوجي لهذه المشكلة هو في محاولة تحديد localizing  الشرور (في قائمة محظورات)، وهو الأمر الذي يماثل محاولة تحديد localizing  الله وحصره في لائحـــة كتابية من الشرائع الدينية والاجتماعية المحددة (أي تضييق المفهوم عن الله)  (..) الأمر الذي له مخاطر على الإيمان، حيث يصبح الله وسيلة للدين والعبادة (لا العكس)، يصبح متحوصلًا للغاية، محدودًا للغاية، محبوسًا داخل هيكله. تحديد الله يُمكن أن يقود إلى ما يُشبه وضع الله في ركن (cornering Him). وقد كان الانطباع الأول لتحديد الله إيجابيًا، حيث كان الهدف هو استمرار الحياة المسيحية الحقيقية (..) ولكن بمرور الوقت بدأ الانطباع السلبي يكون هو السائد، إذ كان الهدف النفسي واضحًا، وهو تصنيّع بيوريتاني/مؤمن (تصنيعًا يدويًا) لضمان الضمير النقي له طالما أن هذه القائمة –مهما كانت قاسية- محددة المعالم. هذا البيوريتاني المُصَنَّع في هذا القرن يمكنه أن يبقى بضميرٍ نقي إذا استطاع أن يحيا في مثل تلك البيئة كونه شديد التدقيق مع نفسه حيث الاهتمام ينصب على الأشياء المحظورة بدون ملاحظة أنه يستغل الفقر الفكري للشعب المحيط به. من الواضح أن هذا في حد ذاته نفيٌ وإنكار لعالمية الخطية وعالمية النعمة التي بشَّر بها كالفن نفسه (..) فنحن لا يمكننا أن نتخلص من ضميرنا الشرير ببساطة بمجرد العيش بطريقة متقشفة، ليس هناك حل للعيش بضميرٍ نقي سوى العيش بنعمة الله غير المحدودة (..) إن تلك الميول قد تفرز أنماط فذة ممن يفرضون تلمذة عالية من المستوى الأخلاقي على أنفسهم وعلى مَن حولهم، كما ويستطيعون في نفس الوقت أن يسببوا العُصاب لتلاميذهم أو أبنائهم." (بول تورنييه)

 

إعداد: مشير سمير

[1] http://www.spiritwatch.org/relabdef.htm

[2] http://www.micsem.org/pubs/counselor/frames/spiritabuse.htm

[3] دائمًا ما تحمل العقيدة السليمة في طياتها خطر الدوجماتية (الجزم والحزم الفكري) Dogmatism (والتي تعني لُغويًا في الأصل اليوناني "الأمر"، أو "القاعدة"، كما في "لوقا 2: 1"، وليس "الحق" كما يُعتَقد) المدمر للإنسان، نظرًا للنزوع الدائم لدى الإنسان – طوال حياته على الأرض- نحو المُطلق ونحو الحقيقة المطلقة، الأمر الذي لا يُمكن اقتناصه. ودائمًا ما ارتبط استخدام لفظ "دوجما" مبكرًا بالكنيسة حين أطلقه المجمع المسكوني في القرن الرابع على جملة القرارات التي يلتزمها المؤمن، والتي صدرت عن هذا المجمع. ويتبلور سلطان الدوجما المؤذي في العقيدة، ووظيفتها تحديد مجال الإيمان، بمعنى أنك لا تكون مؤمنًا إلا إذا التزمت بهذا المجال، وإن لم تلتزم فأنت هرطوقي (مهرطق).

[4] http://www.micsem.org/pubs/counselor/frames/spiritabuse.htm

[5] Ronald Enroth. “Churches that abuse.” Zondervan Publishing Company, 1993.

[6] Steven Lambert, “Charismatic Captivation”. Real Truth Publications, 2003. p. 253.

[7] https://en.m.wikipedia.org/wiki/Religious_abuse

[8] هنا يظهر مرة أخرى خطر الدوجماتيّة المؤذي الكامن في العقيدة "السليمة"، أي تحديد localizing الشر وتحديد مجال الإيمان (حسبما سيقول تورنييه في الاقتباس الختامي لهذا المقال)، بمعنى أنه يُمكن وسمك بأنك هالك (غير مؤمنًا) أو مهرطقًا إن لم تلتزم بهذا المجال المحدد.

[9] http://www.micsem.org/pubs/counselor/frames/spiritabuse.htm

[10] هنا تظهر الدوجما مرة أخرى، بمعنى الأمر أو القاعدة، وهي ما تؤدي إلى ظهور مسيحية ناموسيّة ذات مناسك ritual مرة أخرى من قلب اللاهوت المُصلَح (مثالٌ لذلك، وضع أسلوب ونمطية نسكيّة معينة للخلوة الشخصية مع الله، بدونها لا يكون الإنسان في علاقة شخصية مع الله).

[11] Amplified Version

[12] http://www1.cbn.com/warning-signs-of-spiritual-abuse-part-one

[13] http://www.micsem.org/pubs/counselor/frames/spiritabuse.htm

[14] Agnes C. Lawless & John W. Lawless. “The drift into deception”. Kregel Publication, 1995.

[15] “Charismatic Captivation.”

[16] “Churches that abuse.”

[17] https://www.gotquestions.org/spiritual-abuse.html

[18] http://www.micsem.org/pubs/counselor/frames/spiritabuse.htm

[19]  من الجدير هنا بالذِكر ما يخبرنا به الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط، بأن التفكير الدوجماتيّ مناقض للتفكير النقدي Critical thinking.

[20] “Churches that abuse.”

[21] “The drift into deception”.

[22] http://www.micsem.org/pubs/counselor/frames/spiritabuse.htm

[23] https://www.gotquestions.org/spiritual-abuse.html

[24] “Charismatic Captivation.”

[25] https://www.gotquestions.org/spiritual-abuse.html

[26] http://www.micsem.org/pubs/counselor/frames/spiritabuse.htm

[27]  “Charismatic Captivation.”

[28] https://www.gotquestions.org/spiritual-abuse.html

[29]  “Charismatic Captivation.”

[30] Ibid

[31] http://www.micsem.org/pubs/counselor/frames/spiritabuse.htm

[32] “Charismatic Captivation.”

[33]  غير المباشر حيث يفرض التسامح الآن نفسه على جميع الأوساط المسيحية المتحضرة، حيث لم يعد أحدنا يحيا في العصور الوسطى بعد، إلا أن شيطنة الآخر وإهانته واتهامه بالمروق والكُفر (عدم الإيمان) ومُعاداة الله، بل وإنزال العذاب المعنوي به، لا زالت أمور تسري بيننا بقوة، بصورة غير مباشرة في إعادة إحياء المسيحية البيوريتانية. والبيوريتانية نسبة إلى الحركة الدينية التي سُميّت بالتطهريين/البيوريتانز Puritans بالقرن السابع عشر، أو الأتقياء The godly حسبما أطلقوا هم على أنفسهم، وبعضهم كانوا من الإنفصاليين Separatists الذين نادوا بالإنشقاق عن الكنيسة القائمة لعدم جدوى محاولة إصلاحها - يمكن البحث عبر الإنترنت لمعرفة المزيد عنهم. والبيوريتانز كانوا أول حركة بروتستانتية تسعى لتطهير الكنيسة المُصلحة reformed بإنجلترا، وهم كذلك أول من أُطلِق عليهم في التاريخ صفة الأصوليين المسيحيين fundamentals بسبب التطرف وكثـرة التحريمات والتزمت والكبت الذي مارسوه بمجتمعاتهم والذي قاد إلى الظاهرة الهيستيرية التاريخية فى نيوإنجلاند بنهايات القرن السابع عشر والتي عُرفت باسم "محاكمات السحرة في سالم "التي أفضت إلى إعدام   19 شخص وموت إثنين في السجن وشخص واحد أثناء التعذيب (https://en.wikipedia.org/wiki/Puritans). وسوف نجد تحليل رائع لأين يكمن خطأ الفكر البيوريتاني بالاقتباس الختامي لهذاالمقال.

[34] https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AC%D9%88%D9%86_%D9%84%D9%88%D9%83

[35]  ربما من أقوى ما يؤيد مقولة جون لوك هنا هو الرسالة العبقرية التي قدمها بولس في رسالته العبقرية لأهل رومية عبر الأصحاح الرابع عشر، ويكمن جوهرها فيما بين الأعداد من 10 إلى 22 "وأما أنت، فلماذا تدين أخاك؟ أو أنت أيضًا، لماذا تزدري بأخيك؟ لأننا جميعًا سوف نقف أمام كرسي المسيح (..) فلا نحاكم أيضًا بعضنا بعضًا، بل بالحري أحكموا بهذا: أن لا يوضع للأخ مصدمة أو معثرة (..) ألك إيمان؟ فليكن لك بنفسك أمام الله! طوبى لمن لا يدين نفسه في ما يستحسنه".

[36]  جون لوك. "رسالة في التسامح". ترجمة: منى أبو سنة. المجلس الأعلى للثقافة – المشروع القومي للترجمة 28. القاهرة 1997.

[37] http://www.micsem.org/pubs/counselor/frames/spiritabuse.htm

[38]  “Charismatic Captivation.”

[39]  يُعبِّر التفكير ثنائي القطب عن ​الاتجاه الراديكاليّ (التطرف في الرأي، وبالتحديد في الدين أو في السياسة) Radicalism وكذلك الدوجماتية (الجزم والحزم الفكري) Dogmatism ، وهي الأمور التي يعكسها مُرشدي الروحيّ بقوة؛ بمعنى رؤية الأمور إما باللون الأبيض تمامًا ومطلقًا وإما باللون الأسود تمامًا وبطريقة مطلقة absolutistic  (فأحد أهم معاني الدوجماتية هو توهم اقتناص وامتلاك الحقيقة المطلقة​ absolutism ، كما يقول إيمانويل كانط)، كما يُمكن أن يُسمى هذا الاتجاه أيضًا بمبدأ "الكل، أو لا شيء all or non"، بمعنى أن الإنسان إما يكون قديسًا أنقى من البشر أو أنه شيطانٌ رهيب شديد الشر، "في إنكارٍ لشمولية الخطية وعالمية النعمة" حسبما يقول تورنييه بنهاية هذا المقال.

[40]  “Charismatic Captivation.”

[41]  يجدر بيّ هنا أن أقتبس قول الكاتب اللاهوتي الشرقي تيموثي (كالستوس) وير، الذي رغم أرثوذكسيته يضم صوته لصوت تورنييه في مناهضة الدوجما الكنسيّة التي تظن امتلاك الحق المطلق، فيقول:

"روح الكنيسة هي روح استكشاف وليس روح تنزيه. ليست الحقيقة جدالًا يعطي أجوبة منهجية ومنتظمة، بل هي نور وهي، شأنها في ذلك شأن كل نور، مُحاطة بالظلال والظلمة. لنتحلّ بالتواضع الكافي الذي يخولّنا أن نعترف بأن هناك أسئلة عديدة تفوق إدراكنا."

كالستوس وير. "الملكوت الداخليّ". ترجمة: كاترين سرور. تعاونية النور الأرثوذكسية للنشر والتوزيع. بيروت 2001.

[42]  وربما يجدر بنا هنا، مرة أخرى، الاستماع إلى جون لوك وهو يقول: "أنا لا أعتقد في وجود إنسان يصل إلى درجة من الجنون تفضي به إلى الجرأة في القول بأن استنباطاته وتأويلاته (تفسيراته) للكتاب المقدس هي من وحي الله (..) وأنا أعجب من هؤلاء الذين يسرفون في عنادهم عندما يعتقدون أن في استطاعتهم شرح البنود اللازمة للخلاص بأسلوب أكثر وضوحًا من أسلوب الروح القدس الذي هو حكمة الله الأبدية واللامتناهية." (رسالة في التسامح).

[43]  بول تورنييه. "ويوجد أيضًا مكان –جزأين". ترجمة: د. عصام كميل. أجابيه للنشر، القاهرة 2014.