كأس الحياة، كأس الحزن - تابع1

الأب هنري نووين ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٢

إن كأس الحياة هي كأس الفرح تماماً كما هي كأس الحزن. إنها الكأس التي لا يفترق بها أبداً الحزن والفرح، الحبور والسرور، النوح والابتهاج. إن لم يوجد الفرح حيثما يوجد الحزن فلا سبيل لنا أبداً لأن نشرب كأس الحياة. ولذا يجب علينا أن نمسك بالكأس بكلتا يدينا ونتطلع فيه ملياً كي ما نرى الأفراح مختبئة بداخل الأطراح.

"أتستطيعان أن تشربا الكأس التي سوف أشربها أنا؟" حين سأل المسيح يعقوب ويوحنا هذا السؤال، واندفعا هما بهذه النعم المؤكدة "نحن نستطيع"، أتى المسيح بتعليق نبوي مخيف وإن كان ملئ بالرجاء في ذات الوقت: "حسناً لسوف تشربا كأسي". كأس المسيح سوف تصبح كأسهما. ما كان سيحياه المسيح سوف يحياه هما أيضاً. لم يكن المسيح يريد لأصدقائه الألم والعذاب، ولكنه كان يعرف أنه بالنسبة لهم أيضاً، كما هو بالنسبة له، فالمعاناة هي الطريق الوحيد للمجد والذي ينبغي اتخاذه. ولقد قال في وقت لاحق لأثنين من تلاميذه: "أما كان ينبغي أن المسيح يتألم بهذا ويدخل إلى مجده؟" (لو24: 26). إن "كأس الأحزان" و "كأس الأفراح" لا يمكن لهما أن ينفصلا. لقد كان المسيح يعرف ذلك، حتى في وسط عذابه ومعاناته في بستان جثسيماني، حين كانت نفسه "حزينة جداً حتى الموت" (مت 26: 38)، وبالرغم من ذلك قد احتاج إلى ملاك ليذكره بهذه الحقيقة. عادة ما يكون كأسنا ملئ بالألم حتى أن الفرح يبدو صعب المنال تماماً. حين نكون مسحوقين كالعنب يصعب علينا في هذا الوقت أن نفتكر في أي خمر سوف نصير إليه. عادة ما يغمرنا الحزن ويجعلنا ننطرح وننكفئ أرضاً، ونتفصد الدماء كالعرق. عندئذ نحتاج أن نتذكر أن كأس أحزاننا هو بعينه كأس أفراحنا، وأننا يوماً ما سوف نتذوق طعم الفرح تماماً كما نتذوق الآن طعم الألم.

من كتاب: "هل تقدر أن تشرب الكأس؟" (الأب: هنري نووين) _____________________________________________________

من الفصل الثاني: "كأس الفرح"

صفحات 46 - 47

احمل صليبك

إن ألمك عميق، ولن يذهب هكذا بسهولة. وهو أيضاً يخصك أنت بطريقة تميزك عن غيرك حيث أنه مرتبط ببعض الخبرات التي اجتزت بها في حياتك مبكراً.

إن دعوتك هي أن تأتي بهذا الألم لموطنه. فطالما بقى محل الجرح غريباً عن ذاتك الآن فسيظل ألمك يسبب لك كما وللآخرين مزيداً من الجروح. نعم، يجب عليك أن تأتي بألمك وتدمجه في ذاتك ويصير جزء منك، وتدعه يثمر في قلبك وفي قلوب الآخرين أيضاً.

هذا هو ما يعنيه المسيح حين يسألك أن تحمل صليبك. فهو يشجعك على أن تدرك ألمك ومعاناتك الخاصة التي تميز حياتك وتعتنقهما واثقاً بأن طريقك نحو الخلاص إنما يكمن هناك. أن تحمل صليبك فإن هذا يعني في المقام الأول أن تصادق جراحك وأن تجعلها تكشف لك الحقيقة بشأنك.

هناك ألم هائل ومعاناة هائلة في هذا العالم، ولكن أصعب ألم يتحمله الشخص هو ألمه الخاص. بمجرد أن تحمل صليبك سوف تتمكن من أن ترى بوضوح الصلبان التي يجب على الآخرين حملها، ولسوف تتمكن من أن تريهم الطريق نحو الفرح والسلام والحرية.

من كتاب: "صوت الحب الداخلي"

(الأب: هنري نووين)

(صفحة 88)

ترجمة: مشير سمير
يُسمح بإعادة نشر المحتوى بشرط ذكر المصدر واسم الكاتب والمترجم

 

"ومن لا يحمل صليبه (الخاص) ويأتي ورائي فلا يقدر أن يكون لي تلميذاً"

(لو14: 27)