ليه لازم؟ (فكرة فلسفية)

مشير سمير ٢٤ أكتوبر ٢٠٢٢
 

اعتدنا كلنا أن نقول "لازم" قبل إصدار بيان ما لنكسبه صفة الحتمية واستحالة التبديل، مما يلعب دوراً كبيراً وراء الجمود وعدم التغير في كثير من الأحيان. ثم نعود ونسأل لماذا نحن مقيدون إلي ميراث عتيق بالٍ من الأســـاطير والتقاليد التي تحجمنا وتكبلنا وتعيق تحركنا نحو الأمام. ونحن هنا لا ندرك أننا شركاء في صنـــع هذا الـتـــراث وفي ترسيخه في أفكارنا ومعتقداتنا بمضينا في إطلاق صفات الحتمية هذه دون أن نتوقف مرة واحدة أمام الافتراضات والموروثات التي تسلمناها، من دون فحص، لنسأل أنفسنا هذا السؤال "ليه لازم"؟ بل أننا وجدنا أنفسنا نتعامل مع الكثير من القيم والمبادئ والأفكار الحياتية من دون أن نعرف مصدرها أو حتى نتساءل عن مدى صحتها حتى جعلنا منها مسلّمات تعلو عن المناقشة.

وحين نواجَه صدفةً بهذا السؤال فإن إجابتنا تكـون: "أهـــو كده" أو "لأنه لازم"! ومثل هذه الإجابات إنما تكشف عن انعدام التفكير في علات الأمــور وأسبــاب تصرفاتنا وكأنما أفعالنا ومواقفنا ليست إلا مفروضات وضعية مسبقة قد تسلمناها من جهة علوية لا نعـرف ماهيتها وليس لنا معرفة الأسباب ورائها. وهذا ينفي عنا صفة الحرية والاختيار و بالتالي ينفي عنا أيضاً صفة المسئولية؛ فإن كنا غير أحرار في اختياراتنا فإننا بلا مسئولية إذن أمام تبعاتها، وربما هذا سبب لا شعورى جيد يجعلنا نلتصق بمــثل هذه الفلسفة الحتمية في حياتنا إذ قد توفر لنا التبريرات لعدم تحملنا مسئولية حياتنا والتي هي من أشق الأمور علــي الكائن البشرى.

فماذا يحدث لو وقفنا مرة وسألنا أنفسنا بصدق وبعمق هذا السؤال: "ليه لازم"؟ أمام العديد والعديد مـن الأمور التي أخذناها كمسلّمات في حياتنا؟ وماذا يحدث إذا اعترضنا الطريق ولو مرة واحدة علي إحدى هذه الحتميات التي نكسبها هذه الصفة بكلمة "لازم"؟ نعم قد تنهار بنيّ وتكوينات أساسية في حياتنا مـــن جراء هذه الثورة الإعتراضية، ولكن ربما لابد من انهيار بعض هذه النسق والتكوينات من أجل التجديد والتحديث. أو ليس هذا ما نسميه بتجديد الفكر أو الذهن كما نادى به الرسول بولس فيلسوف المسيحية تحت شعار "هادمين ظنوناً"؟!!

عزيزى القارئ، إني أدعوك للاشتراك في ثورة التغيير هذه بأن تقف دقائق كافية في كل مرة وقبل أن تصدر هذا الحكم الجائر بالحتمية من خــلال كلمــة "لازم". أدعوك أن تقف وتســال نفســك أولاً: "ليه لازم"؟ ولا ترضي بإجابة أقل من أن تكون مقنعة لعقلك. فإن فقدت احترامك لعقلك فماذا يتبقى لك؟!