استمر في طلب التشارك الحميم

الأب هنري نووين ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٢
إن الرغبة في التشارك الحميم مع شخص آخر وتبادل الأفكار والمشاعر جزء لا يتجزأ منك منذ وُلدت. وألم الانفصال الذي تعرضت له في طفولتك ولازلت تختبره الآن إنما يكشف لك هذا الجوع العميق. فطوال حياتك قد بحثت عن التشارك وتبادل الحميم الذي يكسر خوفك من الموت. وهذه رغبة مخلصة بداخلك لا ينبغي أن تنظر إليها كتعبير عن النقص أو كأحد أعراض اضطرابك النفسي. فهي رغبة إلهية وجزء من دعوتك الحقيقية.
ولكن بالرغم من ذلك، فإن خوفك من الترك والرفض شديد حتى أنه عادة ما يتم استبدال بحثك عن التشارك والتبادل الحميم بتوق لتعبيرات الصداقة والحب القوية. فأنت تريد تشارك عميق، ولكن الحال ينتهي بك بالبحث عن زيارات ومقابلات واتصالات ومراسلات وهدايا ومكالمات تليفونية وما شابه من مثل تلك التعبيرات. وحين لا تأتي تلك التعبيرات مثلما تتمنى فإنك تفقد الثقة حتى في رغبتك العميقة في التشارك. فبحثك عن التشارك الحميم عادة ما يأخذ طريقاً بعيداً كل البعد عن المكان الذي يمكنك أن تجده فيه.

إلا أنه يبقى التشارك رغبة أصيلة بداخلك، وسوف تـُعطى لك. ولكنك يجب أن تجرؤ على التوقف عن طلب العطف والمنح والاستحسان والتأييد كما لو كنت طفل مضطرب، وأن تثق بأن اشتياقك العميق سوف يُسدد. تجرأ أن تفقد حياتك وسوف تجدها. ثق في كلمات يسوع القائلة: "ليس أحد ترك بيتاً أو إخوة أو أخوات أو أباً أو أماً أو امرأة أو أولاداً أو حقولاً، لأجلي ولأجل الإنجيل، إلا ويأخذ مئة ضعف الآن في هذا الزمان، بيوتاً وإخوة وأخوات وأمهات وأولاداً وحقولاً، مع اضطهادات، وفي الدهر الآتي الحياة الأبدية." (مرقس 10: 29، 30)

الأب هنري نووين

من كتاب " صوت الحب الداخلي"

 

ترجمة: مشير سمير
يُسمح بإعادة نشر المحتوى بشرط ذكر المصدر واسم الكاتب والمترجم