العزلة والعلاقات

رولو ماي - إرفين يالوم ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٢

 

  •  
  •  
  •  
  •  
يمكنك تقييم هذا الخاطر بالسطر السابق: ضع تقديرك له من 1 - 5 درجات ثم اضغط على Rate . أيضاً يسرنا تلقي تعليقاتك الخاصة بنهاية الصفحة

 

 
يجد كثير من الناس صعوبة هائلة في قضاء الوقت بمفردهم. وهم بالتالي ينظمون برنامج حياتهم بحيث يقصون أي وقت للوحدة. ومن المشاكل الجسيمة التي تتبع ذلك أنهم يستميتون في التماس ضروب معينة من العلاقات. إنهم بطريقة أو بأخرى لا يرتبطون بالشخص الآخر بعلاقة أصيلة ولا يكنون له حباً حقيقياً، بل يستعملون الآخرين لكي يتجنبوا بعض الألم المصاحب للعزلة. إلا أن العزلة ذاتها صميمة لا مهرب منها. ولا يمكن لأي علاقة أن تنفي العزلة. غير أن الإنسان يمكن أن يشارك شخصاً آخر في عزلته بطريقة تخفف شيئاً من ألم العزلة. فإذا سلم الإنسان تسليماً بوضعه الوجودي المعزول، واحتمل بشجاعة وعزم، عندئذ فقط يمكنه أن يتجه بحب نحو الآخرين. أما أن تملكه الرعب من مواجهة العزلة فلن يكون بمقدوره أن يتجه إلي الآخرين. كل ما يستطيع فعله آنذاك هو أن  "يستعمل" الآخرين كدرع تحميه من العزلة. في مثل هذه الحالة لن تكون العلاقات سوى إخفاقات مفككة وإجهاضات وصور مشوهة لما ينبغي أن تكون عليه العلاقات الأصيلة.

يحس بعض الأفراد عندما ينفردون بأنفسهم بالهلع الناجم عن انحلال حدود الذات Dissolution of ego boundaries. يبدأ هؤلاء الأفراد يشكون في وجودهم الخاص ويعتقدون أنهم لا يوجدون إلا في حضور شخص آخر، أي لا يوجدون إلا بقدر ما يستجيب لهم فرد آخر ويفكر بهم.

يحاول الكثيرون أن يتخلصوا من العزلة عن طريق الانصهار أو الالتحام Fusion، فيلينون حدود الذات ويصبحون جزءاً من فرد آخر. إنهم يتجنبون النمو الشخصي والإحساس بالعزلة الذي يصاحب النمو. هذا الانصهار هو الذي يبطن خبرة الحب. فالعجيب في أمر الحب الرومانسي هو أن "الأنا" المنعزلة تختفي في "النحن". وقد يندمج  البعض بجماعة أو بقضية أو وطن أو مشروع.  أن تكون كأي فرد آخر – أن تمتثل وتخضع وتساير في الملبس والحديث والعادات … ألا تكون لك أفكار خاصة أو مشاعر مختلفة – كل ذلك من غايته ومبتغاه أن ينقذ الفرد من عزلته.
 
رولو مــاى – إرفين يالوم
(من كتاب: مدخل إلي العلاج النفسي الوجودي)