مبادئ وتطبيقات عملية في دراسة الكتاب المقدس وفهم كلمة الله

هنري فيلكلر ٢٤ أكتوبر ٢٠٢٢

مبادئ وتطبيقات عملية

في دراسة الكتاب المقدس وفهم كلمة الله

(من كتاب "علم التفسير Hermeneutics" لهنري فيلكلر 1984

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

ترجمة وإعداد: مشير سمير

 

 

"أيضاً يُشبه ملكوت السموات كنزاً مخفيً في حقل، وجده إنسان فأخفاه. ومن فرحه مضى وباع كل ما كان له واشترى ذلك الحقل."

(مت13: 44)

"والإنجيل هو الحقل المخفي فيه هذا الكنز. هو مخفي في كلمة الإنجيل، في إنجيل العهد القديم وإنجيل العهد الجديد.

هو مخفي في فرائض الإنجيل كما أن اللبن مخفي في الضرع، والنخاع في العظام، والمن في الندى، والماء في البئر"

"والذين يرون هذا الكنز في الحقل، ويقدرون قيمته، لا يهدأ لهم بالاً أبداً حتى يحصلوا عليه بأي ثمن."

(من تفسير "متى هنري" لإنجيل متى )

 

 

 

بعض المبادئ الأساسية لشرح وتفسير الكتاب المقدس التي وضعها القديس أغسطينوس

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 مبدأ رقم (1):

ـــــــــــــــــــــ

"إن مهمة دارس وشارح الكتاب المقدس هي فهم المعنى الذي يقصده كاتب السفر، وليس الإتيان بمعناه الخاص إلى النص."

أي أن معنى آيةٍ ما، ليس هو ما تعنيه لي، بل ما تعنيه في حد ذاتها (أي: ما يعنيه كاتبها).

للمساعدة، أسأل نفسك الأسئلة التالية:

1- هل من الممكن أن يكون للنص الواحد أكثر من معنى صحيح؟

2- لو كان للنص الواحد أكثر من معنى صحيح، إذن هل هناك حدود لعدد المعاني الصحيحة؟ وما هي حيثيات الحكم على صحة المعنى أو عدم صحته؟

3- إن كان هناك معنى واحد صحيح للنص، فما هي الحيثيات التي من خلالها تتأكد أنك وصلت للمعنى الصحيح؟

تمرين 1:

(اختبر نفسك أولاً قبل أن تذهب إلى الإجابات الصحيحة بنهاية الصفحة)

"لا تنقل التخم القديم الذي وضعه آباؤك." (أم 22: 28)

هل هذا العدد يعني:

أ‌. لا تغير من الطرق التي دام اتباعها؟

ب‌. لا تسرق؟

ت‌. لا تنزع علامات الطريق الموضوعة لإرشاد المسافرين من مكان لآخر؟

ث‌. كل المعاني السابقة؟

ج‌. ولا معنى من المعاني السابقة؟

 

مبدأ رقم (2):

ــــــــــــــــــــــ

"يجب أن يتم دراسة العدد أو الآية في سياق القرينة المحيطة (الأجزاء التي تسبقها والتي تليها) وليس بمعزل عنها."

تمرين 2:

عب 4: 12 تقول:"لأن كلمة الله حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذي حدين، وخارقة إلى مفرق النفس والروح والمفاصل والمخاخ، ومميزة أفكار القلب ونياته." (القرينة من عب3:1 إلى 4: 13، مع ملاحظة غرض الرسالة). هل هذه الآية

أ‌. تعلم بأن الإنسان ثلاثي التكوين، حيث أنها تتكلم عن مفرق النفس والروح؟

ب‌. تعلم بأن الحق المحتوى في كلمة الله حي ومغير وفعال وليس ساكناً أو ميتاً؟

ت‌. تعطي تحذيراً وتنبيهاً لمن قبلوا الإيمان المسيحي، وهم في خطر فقدان هذا الإيمان؟

ث‌. تشجع المؤمنين على استخدام كلمة الله بشدة في الشهادة وفي المشورة؟

 تمرين آخر (أكثر سهولة):

 

أمثال 27: 23 تقول: "معرفة اعرف حال غنمك، واجعل قلبك إلى قطعانك." هل هذه الآية تقول

 

أ‌.        الرعاية والتلمذة.

 

ب‌.   الاهتمام بالعمل/مورد الرزق.

 

مبدأ رقم (3):

ـــــــــــــــــــــ

الروح القدس ليس بديلاً للدراسة اللازمة لفهم الكتاب المقدس. فالمفسر يجب عليه الإلمام

(أ‌) باللغات الأصلية التي كُتب بها النص (الاصطلاحات الدارجة، ومعاني الكلمات، والصيغ والتركيبات اللغوية). 

يقول ملانكثون: "إن فقرات الكتاب المقدس ينبغي أن نفهمها من جانب قواعد اللغة، قبل أن نصل إلى إدراكها لاهوتياً."

(ب‌) بالتاريخ والجغرافيا والحضارة التي كُتب فيهم النص.

 للمساعدة، اسأل نفسك الأسئلة التالية:

1-       ما هي الخلفية الحضارية/الثقافية (الأنماط الفكرية والسلوكية والعادات والتقاليد) والروحية التي تقع في خلفية السفر وخلفية النص المحدد؟

تمرين 3:

"وتصنع لهارون وبنيه هكذا بحسب كل ما أمرتك. سبعة أيام تملأ أيديهم." (خر 29: 35)،

هل اصطلاح "تملأ أيديهم" يعني:

أ‌. تـُكثر العطاء لهم؟

ب‌. تـُكثر المهام لهم؟

ت‌. تقوم بتنصيبهم؟

ث‌. ولا معنى من المعاني السابقة؟

      2- مَن الكاتب ولمن يوجه كتابته وما هو غرض كتابته؟

تمرين 4:

رؤيا 3: 20 تقول: "هنذا واقف على الباب وأقرع. إن سمع أحد صوتي وفتح الباب، أدخل إليه وأتعشى معه وهو معي." هذه الآية

أ‌. توجه دعوة خلاصية لغير المؤمنين لقبول المسيح كمخلص شخصي في حياتهم.

ب‌. توجه دعوة للمؤمنين الفاترين غير الغيورين إلى التوبة والرجوع إلى طلب الله.

ت‌. تشمل أ، و ب معاً.

ث‌. لا تشمل أي من المعاني السابقة.

 

3         - ما هو المنظور الذي من خلاله كُتِبَ النص؟ منظور إلهي أم منظور إنساني؟

تمرين 5:

في حادث الطوفان حين يقول تكوين 7: 19 "وتعاظمت المياه كثيراً جداً على الأرض، فتغطت جميع الجبال الشامخة التي تحت كل السماء." هل المقصود بالأرض هنا:

أ‌. كل كوكب الأرض؟ (المنظور الإلهي)

ب‌. كل الأرض التي يعرفها الإنسان؟ (المنظور الإنساني)

        4 (أ)- هل يشكل النص حقيقة سردية وصفية descriptive لأمر ما حدث في وقت ما ومكان ما سواء من الله أو من الإنسان أو من إبليس، أم حق وضعي توجيهي تقنيني prescriptive؟

تمرين 6:

يقول تكوين 4: 19 "واتخذ لامك لنفسه امرأتين"

- هل يقر هذا النص حق تعدد الزوجات؟ ولماذا؟

تمرين 7:

يقول أعمال الرسل 4: 34 ،35 أن "كل الذين كانوا أصحاب حقول أو بيوت كانوا يبيعونها، ويأتون بأثمان المبيعات، ويضعونها عند أرجل الرسل، فكان يوزَّع على كل أحد كما يكون له احتياج"

- هل نستنتج من هذا النص قاعدة معيارية يجب على المؤمنين اتباعها في كل زمان ومكان؟ ولماذا؟

        4 (ب)- هل تنبع القواعد المعيارية/ القياسية للحياة المسيحية من أي حق وضعي توجيهي تقنيني يقوم به الله مع الإنسان في وقت ما، أم لا بد من أن تلتقي الحقائق الوضعية التوجيهية التقنينية وتتكاتف بعضها مع البعض لتشكل قاعدة معيارية تمثل نموذج قياسي للحياة المسيحية؟

تمرين 8:

يقول المسيح عن غسل الأرجل في يوحنا 13: 14 "يجب عليكم أن يغسل بعضكم أرجل بعض".

- هل يجب أن نتبنى "غسل الأرجل" كقاعدة معيارية/ قياسية للسلوك (حرفياً) في الحياة المسيحية من هذا الحق الـ prescriptive الوضعي التقنيني التوجيهي في العدد السابق؟

 

مبدأ رقم (4):

ـــــــــــــــــــــ

لا يجب بناء عقيدة ما على النصوص الكتابية غير الواضحة (كأمثال المسيح أو الكتابات الرؤيوية أو الشعرية) كمصدر أساسي أو مصدر وحيد، فالأجزاء الغامضة لا بد وأن تخضع للأجزاء الأكثر وضوحاً وليس العكس أبداً.

تمرين 9:

من تعبير "المعذبين" في مثل المديونان (مت 18: 34)

أ‌. نستخلص أن الله يسلم من لا يغفر إلى الأرواح الشريرة.

ب‌. نستخلص أن الله يسلم من لا يغفر إلى القلق والاضطرابات النفسية.

ت‌. أ، و ب معاً.

ث‌. لا شئ مما سبق.

 

مبدأ رقم (5):

ـــــــــــــــــــــ

العهد القديم هو مادة مسيحية تماماً كما العهد الجديد لأن المسيح متصور عبر صفحاته

(لذا فكل الكتاب بعهديه وكل ما كُتب في صفحاته هو كلمة الله لنا اليوم ونافع لتعليمنا اليوم).

 

 

 

تطبيق مبادئ التفسير في عملية استنباط القواعد الكتابية من نص معين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

1- تـُستنبط القواعد الكتابية من المبادئ المتضمنة في النصوص القابلة للتطبيق عبر الزمان والثقافات المختلفة. حيث تبقى هذه المبادئ ثابتة رغم تغير التفاصيل، فمثلاً قد يستمر الشيطان في تجربته لنا عن طريق الإقلال من شأن عواقب التعدي، كما فعل في الجنة، ولكنه غالباً لن يستخدم في ذلك شجرة معينة.

2- عند استنتاج معنى معين لقصة ما لتكوين قاعدة كتابية، فهذا المعنى يجب دائماً أن ينشأ من تحليل تاريخي ولغوي دقيق، فالمعنى يجب أن يكون هو المعنى الذي قصده الكاتب الأصلي للنص.

3- من خلال وجهة نظر لاهوتية، يجب أن يتسق المعنى وتتفق القاعدة الكتابية المستنتجة من نص ما مع كل التعاليم الأخرى للكتاب المقدس.

4- المبادئ الكتابية الصحيحة المستنتجة قد تكون معيارية normative (تمثل أنموذج قياسي) كما قد تكون غير معيارية؛ بمعنى أنه يمكننا أن نستنتج مبدأ وقاعدة تقول أن الله أحياناً يستخدم طريقة معينة في التعامل مع الإنسان، لكنه لا يمكننا أن نستنتج أنه دائماً يستخدم هذه الطريقة المعينة أو أنه لا يستخدم إلا هذه الطريقة المعينة.

أ‌. المعنى للوصية السلوكية لا يمكن أن يكون مؤكداً بمعزل عن سياق هذه الوصية، وكلما ازداد فهمنا لسياق هذه الوصية كلما ازداد فهمنا للمعنى وللقاعدة المستنتجة منه.

ب. بما أن معنى سلوك ما محدد قد يختلف من حضارة لحضارة أخرى، فقد يتوجب علينا تبديل تعبير سلوكي لوصية روحية معينة لنقل وترجمة المبدأ والقاعدة التي تقع خلف الوصية من حضارة وزمان معين إلى حضارة وزمان آخر.

ت. المفتاح هنا هو تمييز سبب إعطاء الوصية وما هو المبدأ الذي يقع خلف الوصية،وطبيعة المبدأ هل هو مرتبط بحضارة وزمان محدد أم لا Time-bound/ cultural-bound؟

5- كل نص كتابي له معنى واحد ولكن قد يكون له تطبيقات عديدة. المعنى هو ما عناه الكاتب، ولكن تطبيقات هذا المعنى قد تشير إلى مواقف، في زمان أو حضارة مختلفة، لم يعاينها الكاتب على الإطلاق.

 

تمرين 10:

تقول رسالة كورنثوس الأولى 7: 4،5 "ليس للمرأة تسلط على جسدها، بل للرجل .."، هل هذه الآية

أ‌. تقول أن للزوج حق ممارسة الجنس مع زوجته في أي وقت بغض النظر عن موافقتها؟

ب‌. تجابه الهرطقة الغنوسية، أحد الفلسفات اليونانية المعاصرة في ذاك الوقت، والقائلة بأن المادة شر "ضمنياً أن العلاقة الجسدية شر"؟

(من الأفضل أن تعلل إجابتك على ضوء التطبيقات الخمس السابقة.)

تمرين 11:

تقول رسالة رومية 16: 16، كما في أربعة رسائل أخرى، "سلموا بعضكم على بعض بقبلة مقدسة".

- هل يمكن أن نتبنى هذا التعبير السلوكي للوصية السابقة كما هو كمبدأ قياسي معياري للسلوك المسيحي، أم لا؟ ولماذا؟

تمرين 12:

يقول الرسول بولس في 1كو 11: 5 أن المرأة يجب أن تغطي شعرها حين تصلي.

- هل يمكن أن نستنتج مبدأ كتابي معياري/ قياسي للسلوك المسيحي من النص السابق؟ ولماذا؟

 

ملحوظة من المترجم:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عادة ما تحتاج إلى الرجوع إلى ترجمات أخرى مختلفة ومعاجم للغة الأصلية (كالقاموس الموسوعي للكتب المقدس) للتأكد من الفهم الصحيح للمعنى.

مثال:

حزقيال 34: 16

في الترجمة العربية "فاندايك" تقول: ".. وأعصب الجريح، وأبيد السمين والقوي، .."

بينما الترجمة العربية المشتركة تقول: "..، وأحفظ السمينة والقوية، .."

وترجمة RSV تقول: "..، وأرعى/ أحافظ على السمينة والقوية، .."

 فأي منهم هي الترجمة الصحيحة؟ وهل النص الأصلي يقول "أبيد السمين" أم "أحافظ على السمين"؟

هنا تكمن أهمية دراسة النصوص الأصلية ومعاني الكلمات.

 

*******************

 

الإجابات الصحيحة:

ــــــــــــــــــــــــــــــ

 

تمرين 1:

الإجابة الصحيحة (ب)

 

تمرين 2:

- الإجابة الصحيحة (ت)

- الإجابة الصحيحة (ب) 

 

تمرين 3:

الإجابة الصحيحة (ت)

 

تمرين 4:

الإجابة الصحيحة (ب)

 

تمرين 5:

الإجابة الصحيحة (ب)

 

تمرين 6:

الإجابة الصحيحة (لا، لأن النص هنا يشكل حقيقة سردية وصفية descriptive وليس حق وضعي توجيهي تقنيني prescriptive)

 

تمرين 7:

الإجابة الصحيحة (لا، لأن النص هنا يشكل حقيقة سردية وصفية descriptive وليس حق وضعي توجيهي تقنيني prescriptive)

 

تمرين 8:

الإجابة الصحيحة (لا، لأننا لا نستطيع أن نأخذ قاعدة معيارية/ قياسية من هذا الحق الوضعي التوجيهي التقنيني وحده دون أن يلتقي مع الحقائق الوضعية التوجيهية التقنينية الأخرى ويتكاتف معها لتشكيل قاعدة معيارية تمثل نموذج قياسي للحياة المسيحية.

 

تمرين 9:

الإجابة الصحيحة (ث)

 

تمرين 10:

الإجابة الصحيحة (ب، الخلفية الحضارية توضح ذلك)

 

تمرين 11:

الإجابة الصحيحة (لا، لأن هذا السلوك الكتابي له معنى حضاري محدد في الثقافة التي كُتب فيها)

 

تمرين 12:

الإجابة الصحيحة (لا، لأن هذا السلوك الكتابي له معنى حضاري محدد في الثقافة التي كُتب فيها)