اسمح لألمك بأن يكون ألم الجنس البشري

الأب هنري نووين ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٢
يمكنك تقييم هذا الخاطر بالسطر السابق: ضع تقديرك له من 1 - 5 درجات ثم اضغط على Rate . أيضاً يسرنا تلقي تعليقاتك الخاصة بنهاية الصفحة

 

إن ألمك، بقدر ما هو عميق، هو مرتبط بظروف محددة. فأنت لا تتألم هكذا بطريقة مجردة، بل تتألم لأن شخص ما في وقت ما وموضع ما قد جرحك. ومشاعر الرفض والترك وعدم القيمة هي متأصلة في أعمق هذه الظروف. وبهذا المنظور، كل ألم هم ألم فريد من نوعه. وهذا ينطبق بشدة على ألم المسيح، حيث قد تركه تلاميذه، وأدانه بيلاطس، وعذبه الجنود الرومان وصلبوه.
ومع ذلك، فكلما بقيت تشير إلى تلك الظروف فإنك تفقد المغزى من وراء آلامك. سوف تخدع نفسك معتقداً بأنه لو كانت الناس مختلفون وكانت الظروف مختلفة لما كان لك أن تتألم. قد يكون ذلك حقيقياً بعض الشئ، ولكن الحقيقة الأعمق هي أن الظروف التي أتت إليك بالألم هي ببساطة القناة التي من خلالها أتيت إلى التلامس مع آلام الجنس البشري.
والمفارقة تكمن في أن الشفاء يعني أن يتحرك ألمك الشخصي نحو أن يكون الألم العام. حين تستمر في التركيز على ظروف ألمك الخاص فإنك تقع في الغضب والحنق، وحتى الرغبة في الثأر، بسهولة. فأنت تميل لأن تفعل شيئاً بشأن تلك الظروف الخارجية لكي تخفف إحساسك بالألم، وهذا ما يفسر رغبتك في الانتقام. في حين أن الشفاء الحقيقي يأتي من إدراك أن ألمك الشخصي هو حصة محددة تشترك بها في ألم الجنس البشري. هذا الإدراك يسمح لك بأن تغفر لأعدائك وأن تحيا في عالم من التعاطف والمسامحة. وهذا هو أسلوب المسيح يسوع الذي صلى على الصليب قائلاً: "يا أبتاه، اغفر لهم لأنهم ل يعلمون ماذا يفعلون" (لو 23: 34). فآلام المسيح، بقدر ما كانت قوية، كانت آلام كل البشرية. كان ألمه هو ألم الجميع.
في كل مرة تحول انتباهك من الظروف الخارجية التي تسببت في ألمك وتركز على ألم الجنس البشري التي تشترك بها يصير ألمك أقل وطأة، يصير "حمل خفيف" و"نيرُ هين" (مت 11: 30). بمجرد أن تكتشف أنك مدعو للحياة في تضامن مع الجائع والمشرد (الذي بلا مأوى) والمسجون، واللاجئ والمريض والمحتضر، فإن آلامك الشخصية جداً تبدأ في التحول إلى أن تصير الألم العام وتجد القوة في أن تعيش تلك الآلام. وهنا يكمن أمل جميع المسيحيين.

 

 

الأب هنري نووين

من كتاب "صوت الحب الداخلي"

 

ترجمة: مشير سمير
يُسمح بإعادة نشر المحتوى بشرط ذكر المصدر واسم الكاتب والمترجم