عداء المرأة لنفسها

أكثر من كاتب ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٢
يمكنك تقييم هذا الخاطر بالسطر السابق: ضع تقديرك له من 1 - 5 درجات ثم اضغط على Rate . أيضاً يسرنا تلقي تعليقاتك الخاصة بنهاية الصفحة

لا يمكن بالطبع أن ندافع عن المرأة ونطالب بحقوقها مثلما ندافع عن حقوق الأطفال مسلوبي الإرادة. ففي كثير من الأحيان تكون المرأة هي عدوة نفسها، وهذا ما أجمع عليه 25% ممن استطلعنا أرائهم.
تقول الكاتبة فتحية العسال إن جهل المرأة بواقعها وبحقوقها هو الذي يحولها إلى كائن سلبي يتحجج بالظروف الاجتماعية، يتفق معها الأديب يوسف القعيد بقوله: المرأة التي لا تزال ترى في نفسها شخصية "أمينة" في أدب نجيب محفوظ وتتخذ منها مثلا أعلى. ويجاريه في الرأي الفنان خالد أبو النجا فيختار المرأة كأول عدو لنفسها قائلاً: نعم أن العادات والتقاليد هي التي تدفع الأهل لممارسة أمور عنيفة ضد بناتهم، كالختان مثلاً، لكن تظل المرأة تشكل خطراً على نفسها باستكانتها واستسلامها.
ويؤكد على نفس المعنى حافظ أبو سعدة –الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان- فيقول: المرأة تعادي نفسها حينما تؤمن بأن وظيفتها الحقيقية في المنزل، وهو ما يمثله قطاع عريض من الفتيات. بينما تواجه الفنانة سماح أنور واقع المرأة المر قائلة: إن الأفكار المنغلقة موجودة في كل العصور، لكن تقبلها والعمل بها اختيار، فالمرأة المستسلمة في كثير من الأحيان هي التي تظلم نفسها.
وتعرب الكاتبة إقبال بركة عن المعاناة التي تلاقيها من السيدات أنفسهن، فتقول: إن المشكلة تأتي في أحيان كثيرة من المرأة نفسها حين تكون غير واعية بحقوقها، والمشكلة أن الأمر لا يقتصر على المرأة العادية، إنما يمتد ليشمل الكاتبات والمحسوبات على المفكرين وقادة الرأي والداعيات الدينيات.
وتقول عضوة مجلس الشعب ابتسام حبيب أن المرأة حينما تفقد ثقتها في نفسها تصبح عدوة لنفسها، ويعتبر النائب  كمال أحمد أن المرأة تخطئ في حق نفسها حينما تنتظر قراراً إدارياً يمنحها حقوقها، فهي تنتظر العطاء من مجتمع ذكوري بأن يعطيها صك السماح لإثبات ذاتها.

ويحلل أستاذ الطب النفسي الدكتور هاشم بحري مسألة عداء المرأة لنفسها فيقول: إن المشكلة تكمن في عقل المرأة الخائف، فهو أكبر عدو لها لأنه يمنعها من الثقة في النفس ويسلبها القدرة على المثابرة وتأكيد الذات في مجتمع يصر على تهميشها.
الكاتبة منى حلمي والنائبة سيادة إلهامي اجتمعتا على اتهام الأم فهي، كما تقول منى، التي تزرع داخل ابنتها أن أباها وأخاها وأي ذكر في العائلة له الحق في التدخل في شئونها، كما أنها حسبما تقول "سيادة" تهتم بالولد أكثر وتوليه رعاية أكبر فتترسخ القيم الذكورية في نفسية الفتاة قبل أن تترسخ في نفسية الولد.

 

من تحقيق بمجلة روز اليوسف

عن الأعداء العشرة للمرأة

(العدد 4206 - 23/1/2009)

 


مثل عملي (قصة حقيقية)

من رسالة ببريد الاهرام


أنا امرأة في أوائل الأربعينات من عمري، تزوجت وأنا في السادسة عشرة من عمري، وزوجي يكبرني بخمس سنوات، واشترط على أسرتي ألا أكمل تعليمي وأتفرغ للبيت، فوافقت لحبي الشديد له. وعلى الرغم من اكتشافي عيوبا كثيرة في شخصيته. فهو مغرور، متسلط، يشرب الخمر وأشياء أخري، وكان يطلب منى أن أشاركه الشراب، أو أحضر له "المزات" ولكني كنت أرفض، لأني متدينة. ومع ذلك كنت أتجنب إغضابه وأحرص على إرضائه في كل شئ، لأني اعشقه ولم أعرف رجلاً غيره.
استمرت حياتنا هادئة، هانئة، لمدة أثني عشر عاما أنجبنا خلالها بنتا وولداً، كالتوءم، فالفرق بينهما كان أحد عشر شهراً.. وكان الجميع من حولنا يشهد لعلاقتنا بالنجاح والاستقرار، حتى أنجبت ابنتي الثالثة. وبعد مرور شهرين على ولادتها، فوجئت بزوجي يخبرنا بأنه سيسافر إلى عمل بإحدى المحافظات، ولاحظت أن سفره وغيابه بدأ يطول..وبإحساس الأنثى أيقنت أن امرأة أخرى في حياة زوجي، فتتبعت إحساسي، وعرفت أنه على علاقة بزوجة صديقه، الذي عرف هو الأخر بأمر هذه العلاقة، وحاول ضبطهما متلبسين لقتلهما، ولكنه فشل في ذلك فطلقها ليخلو لزوجي الجو.. وما أن انقضت شهور العدة، حتى تزوجها. وعرفت بالخبر، فواجهته ولكنه أنكر في البداية أمامي وأمام أولادنا، ثم عاد واعترف. لن أصف لك مدى عذابي وآلامي، ولكني تحاملت على نفسي، لسببين، لأني أحبه، ومن أجل أولادنا.
أهملنا طويلاً. إثنا عشر عاما أخرى لم يقربني زوجي خلالها بأوامر من زوجته، طلقني خلال هذه المدة مرتين ثم ردني، ليعذبني ويفقدني صوابي، ثم يتهمني بالصراخ. ماذا تتوقع سيدي، من امرأة تعود إلى فيلتها لتكتشف ملابس المرأة الأخرى على فراشها، تسرق ملابسها وعطورها. ماذا تفعل امرأة مع زوج يخبرها تفصيلياً، وباستمتاع غريب، بعلاقته بالزوجة الثانية، هل يمكن لأحد أن يتصور أن زوجاً يضرب زوجته أم أبنائه، لأنها ذهبت له مع أولادها بالهدايا يوم عيد ميلاده، ضربني بقسوة وعنف أمام السائق  حتى نزف وجهي دماً. تحملت إهانات زوجته وإهاناته لي. ومع ذلك كنت كل ما أطلبه منه، حباً ورغبة في تنشئة أبنائنا في أجواء طبيعية، أن يأتي إلينا يوماً أو يومين في الأسبوع، ليسمع إليهم ويناقشهم في مشاكلهم ولكنه لم يفعل.
لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل نقلني مع أبنائنا الثلاثة إلى شقة، ليعيش هو في الفيلا مع زوجته الثانية.. تخيل سيدي، بعد أن كان لدينا سائق وسيارات وخدم، أصبحنا نعاني ونعيش بأقل الإمكانات في شقة متواضعة، ليسعد هو مع امرأة أبت إلا أن تعذب وتدمر عائلة كانت هانئة ومستقرة.
سيدي.. بدون دخول في تفاصيل متشعبة، طلقني زوجي للمرة الثالثة. عانيت كثيراً، لأنه لن يعود إلينا مرة أخري، وتزوجت بشيخ لمدة شهرين حتى أحلل لزوجي العودة، لكي يربي أولادي ولكنه أبى.. نعم وسطت الأهل والأصدقاء. وأعلنت له تنازلي عن كل حقوقي ومستحقاتي، ومازلت أناشده ومن خلال بابكم، أرجوه أن يعود إلينا، بكل ما يفعله، لأني أحبه وخوفا على نفسية أبنائي.

(من رد المحرر خيري رمضان: "سيدتي .. دعيني أختلف معك في قرارك ورغبتك في العودة إلى مثل هذا الزوج، هل هو إدمان للعذاب؟.. ليس صحيحاً أن وجود مثل هذا الأب، بصورته التي تتحدثين عنها، سيكون أفضل للأبناء، بل الأفضل أن يظل بعيداً. أيضا لا أفهم معنى إحساسك بالحب تجاهه، إنه حب مرضي، يحتاج إلى علاج..")
 

جريدة الاهرام

باب بريد الجمعة

25/1/2008

 
 
"حينما يوافق الناس علي لعب دور السجين لدى شخص آخر، فهم كثيراً ما يحدوا أنفسهم بطريقة غير صحيحة. ففي المواقف الاختيارية، كالزواج، الكثيرون منا يختاروا أن يبقوا مساجين، إذ أن السلبية والإعتمادية تعفينا من الاحتياج إلي التصرف بطريقة نكون فيها مسئولون عن أفعالنا."

فيليب زيمباردو

(أستاذ علم النفس بجامعة ستانفورد 1973)