بدأت خبرتي مع مكتب المشورة منذ حوالي عام، جئت بعد تخبط شديد في حياتي روحياً، وأسرياً، وعملياً.
جئت وأنا في حيرة شديدة، وأيضاً في غضب وإحباط.. الحيرة من كثرة الأسئلة التي لا أجد لها إجابة، أما الغضب فهو من الأيام والأحداث، والإحباط فهو من الأبواب الموصدة.
لقد عانيت من التيهان وعدم الوعي والجوع الداخلي.
بحثت عن الشبع في الأشخاص وفي الأشياء، ولم أكن أعلم إنه بعيد عنهما..
استوقفتني جلسات المشورة منذ أول جلسة لأعيد تفاصيل حياتي من طفولتي، ولا أنكر كم تألمت من مخزوني الذي يحتوي على الحرمان والظلم والرفض لسنوات طويلة وأنا أحاول أن أكتم وأن أغض البصر، لكن سمح لي الله في المشورة أن يبدأ بفتح هذه المخزونات المؤلمة وبدأ كجراح ماهر أن يخرج ما فسد ويعطي فرح وشبع حقيقي، عوضاً عن النوح والألم..
عشت سنواتي مغيبة، مخدوعة، مقهورة. وذلك إضافة لتمثيلي لدور السيدة الخادمة للرب، زوجة الخادم النشيطة المرحة أم لطفل مميز... لم أكن أتوقع ما حدث وتغير داخلي فعلاً عندما وجدت ذاتي، وبدأت علاقة صحيحة معها، ومع الله، عندما تحررت من استقطاب الحب من الناس، وعلوت فوق انتظار مدح أو تشجيع، أو حتى القبول...
لا زال هناك المزيد من التحررات والقفزات التي أنتظرها وأتوقعها بشدة من الحصول على نضج شخصي وروحي ونفسي و اجتماعي وعملي في حياتي أشكر هذه الخدمة، وهؤلاء الخدام، أتمنى أن أحقق مشيئة الله في حياتي.
هذه حقائق وليس تعبيرات مجازية
ماذا لو اكتشفت أنك ترى الحياة بعين واحدة! هكذا كنت أنا من ترى كل الحياة بعين واحدة ولا أدري ما هو سبب العمى؟ ولكن .. أؤمن بعملية الإبصار و أؤمن كما قال يسوع عن المولود الأعمى عندما سأل عن خطية من؟ فرد ليس خطية أبوه ولا أمه ولكن ليتمجد الله. وكنت أنتظر قدومه كما كان الأعمى ينتظر عبوره وهو على قارعة الطريق وعندما سمع الضجيج و سأل فقالوا له ان يسوع الناصري بن داود يمر الآن. فقام وصرخ وقال يا بن داود ارحمني فوضع يسوع الطين على عيناه وأبصر ظلال أولاً ثم أبصر ثانياً بصورة كاملة وواضحة. ولقد رأيت أن هذا هو شعوري بمنتهى الأمانة لما حدث لي. تحدد لي ميعاد من السماء لأبصر وكنت اعلمه لأني تلميذة ليسوع منذ سنوات طويلة فبقيت أنتظر قدومه و كان عندي تصور عن قدومه كالمعتاد إنه سيأتي بلمسات روحية أو كلمات معلنة على لسان خدام الله للأبصار أثناء اجتماع عبادة أو أثناء الخلوة وما شابه ذلك. ولكن قدومه كان يفوق كل تصورات قلبي لقد جاء الميعاد المحدد لي ونظرت حولي في صراخ وأقول أنا منتظراك لما لم تأتي كما وعدتني. ولم أعلم انه أتى فعلاً! ولكن ليس كما أنا أنتظره ولكن في ثوباً جديد بالنسبة لي لا أعرفه وشعرت مثل تلميذي عمواس اللذان لم يعرفاه طول الطريق وهو يسير معهم و انفتحت أعينهم عندما كسر الخبز وأعطاهم. لقد جئت إلى مركز المشورة من أجل سلوك ابنتي وفي أول جلسة في المشورة الفردية عرفت أني أنا المقصودة من المشورة و أن ابنتي كانت باب لي للدخول للموعد المحدد لي مع حضرة الرب وهو في ثوبه الجديد. تكلم الرب على لسان المشيرة ولكني لم أعرفه لأنه كان يخاطب العقل والإرادة ويدعوني دعوة للتفكير حتى أبصر وكان ذلك أعظم معجزة تتم لي، أنه يخاطب عقلي وأنني إنسانه لها عقل يفكر ونتيجة للتفكير الصحيح أبصر وكان ذلك ممتعاً جداً لي و أكثر من ممتع لأني شعرت باحترام الله لإنسانيتي و لكياني وإني موجودة و لست نكره كما كنت أعرف ذلك عن نفسي، وأني شخص عاقل له حرية التعبير والتفكير و امتلاك حياته و أستطيع أن أخذ قرارات صائبة و أتحمل مسئوليتها لوحدي. و لأني أنا موجودة لم أخلق للعبودية ولكن لكامل الحرية من كل المعتقدات الخطأ الموجودة بالمجتمع وبداخل الكنيسة.
لقد استرددت نفسي إنها ملكي أنا إنها حي لها وجود بالحياة ويجب أن أعتز بها وأقدرها كما هي. لم أكن أحبها ولا أريد أن أتذكر أي ذكريات عنها وأعاملها بقسوة و أجلدها كلما صرخت من الضغوط المحيطة بها من كل جانب ولكني بعد جلسات المشورة النفسية، وليس الروحية، أبصرت الظلال أولاً ثم رأيت ثانياً بعيني التي لم ترى من قبل وعلمت أني كنت أحيا بنصف الحق الكتابي (حب قريبك....) ولم أعلم كيف مثل نفسي من هي؟
فهمت الآن كم هو رائع جداً أن يأتي رب المجد ويتجسد. لأن الإنسان هو أعظم كيان يستحق أن يأتي رب المجد فيه! و أصبحت الآن أستطيع بملء الفم أقول باركي يا نفسي الرب، أستطيع أن أتحد معها لعبادة الله وأقدم له ذبيحة شكر لأول مرة على أعظم ما صنعه في الأرض وهو الكيان الإنساني العجيب الذي وكله على كل الأرض الذي لم أراه من قبل! كيف كل هذه السنوات لم أراه؟ كيف كنت لا أحترمه وليس له أي قيمة عندي بل كان أرخص شئ عندي حتى لم أرغب في الحياة! الآن أرغب أن أعيش الحياة كما هي. أرغب في حمل سريري و أرغب أن أمشي مهما كانت الصعوبات. كيف حرر الرب نفسي من أسرها؟ عجيب ولكني أعلم أنه أجرى عمليته وأنا في كامل وعيي و إرادتي كاملة الاختيار.
أدركت أن الذبيحة لازم تكون كاملة على المذبح ولا يشوبها أي مرض أو نقص ليقبلها الله.
أدركت انه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم وخسر نفسه؟
أستطيع أن أقول الآن أني بسمع الأذن قد سمعت عنك ولكن اليوم قد رأتك عيني (أنها الحقيقة).
التعليقات