المجتمع والفرديه(1)

سامح سليمان ٢٢ أكتوبر ٢٠٢٠

المجتمع والفرديه(1)

 
لم ولن يحدث أى شكل من أشكال ألنهضه سواء كانت نهضه حضاريه أو ثقافيه أو حتى سياسيه وأقتصاديه دون أعتراف ألمجتمع
بحق الأفراد المتساوى فى الوجود والقيمه، والأ ستقلاليه الكامله للفرد سواء كان ذكر أو انثى(استقلال فكرى وأقتصادى وأجتماعى)
فالأمم والمجتمعات المتحضرة هى التى تؤمن بحتميه وأهميه التفرد والأختلاف وأحترام وتقديس الحريه الفرديه بكافه صورها ومستوياتها وحمايتها بكافه الوسائل والقوانين والتشريعات،هى التى لا تضع العراقيل والخطوط الحمراء أمام حريه الأبداع
أو حريه نقد ومحاسبه مختلف الأفكار والشخصيات بدون أستثناء أحد مهما كانت مكانته،فالجميع متساويين فى القيمه أمام القانون.
هى المجتمعات التى تحترم عقول مواطنيها بأختلاف أعمارهم وتوجهاتهم وتساند وتدعم علمائها ومفكريها أدبيا ومعنويا وماديا.
هى المجتمعات التى لا تقتحم بل تحترم وتصون الحياة الشخصيه لمواطنيها،ولا تفرض عليهم رؤيتها الخاصه للأخلاق بالقوة.
هى ألمجتمعات التى تسعى لأن يصبح مواطنيها فى أفضل حاله نفسيه وجسديه ممكنه،وتهدف الى تنميه قدراتهم الذهنيه والأبداعيه
وغرس قيمه حب الحياة و تقدير ومحبه وأحترام النفس والأخر والعلم وخلق بيئه مواتيه لنشر ثقافه تنويريه تقدميه نهضويه،
وتكرس كل جهودها لتحقيق حياة أفضل لمواطنيها،بالأرتقاء بكافه الخدمات التى تقدمها مؤسسات المجتمع المختلفه،وأكتشاف وتقديم
يد العون والمساندة والمساعدة لكل صاحب قدرة وموهبه.هى المجتمعات التى تقدس ألعداله وأعطاء كل صاحب حق حقه،بغض النظر عن لونه أو نوعه أو جنسيته أو مكانته الاجتماعيه أو افكارة السياسيه أو طائفته الدينيه أو ديانته أو حتى عدم اتباعه لأى دين.
هى المجتمعات التى تسعى لنشر وغرس وتفعيل وسيادة قيم المواطنه و العداله و المساواة و الأنتماء و أحترام القانون.
هى التى نجحت فى التصالح مع الفرد وجعل علاقتها به علاقه تعاون وعطاء متبادل قائم على الأنتماء والأحترام والتقدير،
وليس علاقه قائمه على الخوف والصراع والشعور الدائم بالمديونيه وألكراهيه المغلفه بتلال من أناشيد وقصائد المحبه الكاذبه.
(يسعى الممسكين بزمام الامور فى البلدان والمجتمعات البدائيه المتأخرة الى أن تظل شعوبهم فى حاله تشتت وتوهان وألهاء دائم
مستخدمين كافه المؤسسات خاصه الأعلاميه منها،لأحداث حاله من ألأرتباك والخوف والقلق والتشويش والتفتيت للرأى العام،
عن طريق طرح قضايا تم حسمها منذ زمن بعيد"خاصه القضايا الدينيه"،والأكثار من نشر الفضائح ألأخلاقيه والماليه والجنسيه للشخصيات المعروفه" سواء التى مازالت على قيد الحياة أو حتى التى قد فارقتها"،وتأجيج أى صراع دائر بينهم.وخلق حاله من
الأنقسام و الأستنفار والمشاحنات والمصادمات والصراع الدائم بين المختلفين دينيا أو طائفيا.والسعى الى سيادة خطاب دينى رجعى قمعى مشوه قائم على الدعوة للسلبيه والتواكل ورفض الحياة وألأنغماس فى ألأخرويات والتفكير الدائم فى الموت وتمنى اقترابه،
وأحتقارالعقل وألعلم وتسفيه منجزاته.خطاب تكفيرى تحريضى يدعوا الى محاربه و قمع واذلال كل من اختلف عن التوجه السائد
فى العقيدة والفكر وأتهام أى باحث أو مفكر عقلانى بالعماله والخيانه والكفر، لقتله أدبيا ومعنويا وربما جسديا وهو المطلوب)
(كلما ازداد الأرهاق الجسدى والفكرى والنفسى، أزدادت درجه تقبل الأيحاء، وضعفت القدرة على الأستقلال بالرأى والنقد والرفض)
بينما نحن كما هى العادة فى الأمم والمجتمعات القبليه الذكوريه الأبويه، المجتمعات الأستغلاليه العنصريه الطائفيه المتخلفه والفاشله،
المجتمعات الرافضه والمعاديه والمزدريه للعلماء والادباء والمفكرين التنويريين،المجتمعات التى تهوى تدعيم و تعظيم وتبجيل وتقديس الدجالين بائعى الغيبيات والخرافات الأوهام،المجتمعات المازوشيه المنقادة التى يعشق السادة أستغلالها لزيادة قابليتها للتجييش والقطعنه،
والتى تسودها ثقافه هذا ما وجدنا عليه أبائنا وهذا ما اجتمعوا على صحته وعصمته،ثقافه ببغائيه قائمه على التوريث والتلقين والحفظ،
ثقافه الثوابت والمطلق،ثقافه المضامين الأستعلائيه الصداميه الماضويه التراثيه،والشعارات الخطابيه البلاغيه الحنجوريه الرنانه،
لا نفهم الا لغه القوة ولا نؤمن الا بالمصلحه،ولا نعرف سوى القمع والقهر والتخويف والتخوين،ولا نسعى الا لخلق كائنات تبعيه ممسوخه تم محو ذاتيتها وتدمير كيانها النفسى وتشويه قاعدتها الفكريه،كائنات أعتماديه بحاجه لمن يكفلها،كائنات طفوليه تم قولبتها وتفكيك ومسخ وسحق هويتها،كائنات مازوشيه محتقرة لذاتها،كائنات عبارة عن دمى متحركه وحطام أنسانيه وأشباة بشر،كائنات مسلوبه ألأرادة بحاجه الى من يقودها ويقيمها ويقومها ويؤدبها عند الضرورة ويبرمج عقلها ويقيم ردود أفعالها ويحدد أهدافها ومسارها.
وهذا هو الاساس الشغل الشاغل والسعى الدؤوب والهدف المقدس وألسامى للعديد من الأباء والأمهات فى طريقه تربيتهم لأبنائهم
بسبب شعور الوالدين بالدونيه والشك فى النفس وعدم الكفايه الذاتيه،وأنعدام الأحساس بالقيمه والقدرة على الفعل نتيجه الحياة فى
ظل مجتمع أبوى سلطوى طبقى مستغل،تنتشر به جميع صور الخرافه والجنون،والجهل والتجهيل،والكبت الفكرى والنفسى والجنسى.
فالعديد من الأباء يستخدمون سلطتهم ألوالديه لأمتلاك ألأبناء بالسعى عن عمد الى تدمير قدرة ابنائهم على الأستقلاليه وأتخاذ القرار والتحلى بالحزم والحسم والصلابه اللازمين لتحقيق الذات،وتكوين منهج فكرى خاص وأتخاذ نموذج ألحياة الذى يجدونه الأنسب
والأكثر صلاحيه حتى ان أختلف عن النماذج التى وضعها المجتمع وسمح بها وأعطاها القبول والصلاحيه والمشروعيه والقداسه.
(بل لابد ان يكون الابناء امتداد للأباء فى كل شئ اعترافا بالفضل والجميل والا أتهمهم المجتمع بالعقوق والجحود وسرد لهم مئات
من الأقوال التراثيه والقصص المأساويه عن المصير الأسود لكل من تجرء ورفض طاعه والديه،فأستحق العقاب ألألهى فى ألأرض والسماء،وأستحق لعنه المجتمع بمختلف فئاته ومؤسساته،خاصه المؤسسه الدينيه لما لها من سطوة وتأثير طاغى وشعبيه جارفه
فى مجتمع لا يستطيع التقييم الا بتديين وتجنيس كل شئ ( أعطاء بعد دينى وجنسى ) ، مجتمع بسبب ثقافته المشوهه وشعورة بالضأله وفقدانه للأحساس بالأمان والحق فى الأعتراض وطلب التغيير والقدرة عليه صار عاشق لتقديس الأفكار وتأليه الشخصيات وتحويلها لرموز مقدسه معصومه واعتبار سيرتها و أقوالها من التابوهات المحرمه المحظور الاقتراب منها و وضعها تحت الدراسه والفحص،
مما أدى لديكتاتوريه العديد من رجال الدين فصاروا رقباء و أوصياء حتى على من يفوقهم علما بمراحل شتى،كما أعطوا  لأنفسهم
الصلاحيه للتدخل فى جميع جوانب ومجالات الحياة المختلفه (علم ، فكر، فن ، سلوك) والقدرة على  وضع قواعد وأطر فكريه صالحه لكل زمان ومكان واعتبار الخروج عنها كفر ومعصيه، والحق فى أبداء الرأى ( بالتصريح أو بالمنع) ذو العصمه والقداسه ألتلقائيه وألذى لا يقبل الرفض أو النقد أو المراجعه فهو الصواب الذى لا تشوبه شائبه، ولا بد من تطبيقه اذا أردنا النجاح والفلاح  وسيادة
كافه الأمم جمعاء، وأيضا حتميه انزال العقاب بكافه أشكاله وصورة على كل من لا يؤيد ويبارك ويخضع للأمر المقدس)
 

 

سامح سليمان

القاهرة