المجتمع العربى و حريه التفرد و الإبداع

سامح سليمان ٢٢ أكتوبر ٢٠٢٠

المجتمع العربى و حريه التفرد و الإبداع

إن أسوء ما يحدث فى مجتمعاتنا العربيه التأمريه الغوغائيه الكئيبه التعيسه سيئه الحظ ـ بخلاف التفشى السرطانى لمختلف الأمراض الجسديه والفكريه والنفسيه والأجتماعيه وهجرة العقول الفعاله التفاعليه المبدعه وتقييد وكبت ومصادرة جميع الحريات بمختلف أنواعها وطرق التعبير عنها، والتزايد المستمر للصراعات العرقيه والدينيه والمذهبيه ـ هو النمطيه والتنميط وصنمية العقول والأذهان والتطابق والتكرار الخانق لطبائع الشخصيات لدرجه الكفر بالتفرد والأختلاف والتحول الى نسخ كرتونيه كربونيه معدومه الهويه والذاتيه والتميز ، عاشقه للتوحد والتماهى والمحاكاة لما هو سائد ومقبول ويتم تلقينه والدعوه اليه من أفكار و رؤى بدون مناقشتها أو فحصها وبغض النظر عن ما تحتويه من منطق وعقلانيه أو خرافه وجهل وجنون،كائنات مفتقره بشده الى القدره على الأستقلاليه والرفض الحاسم لقبول ما لا يتناسب مع طبيعتها وتوجهاتها من أفكار وعقائد ومعتقدات بدعوة أن هذا ما وجدنا عليه اباؤنا واجدادنا وهذا ما اجتمعوا على صحته ومنطقيته وصوابه وهذا ما أوصونا بتطبيقه وتنشئة أبناؤنا عليه،والتمرد والخروج عن المعتاد والمألوف والتفرد والإبداع،شديدة البلاده والضأله والضحاله والتفاهه العقليه،شديدة التقوقع والتشرنق بداخل رؤيه أو نسق فكرى أو منظومه قيميه أو اطار من العقائد والمعتقدات والتوحد معه وإعتباره بمثابه قانون ودستور للحياة ومرجعيه صائبه اعجازيه مقدسه محصنه معصومه صالحه لكل زمان ومكان ولا تشوبها شائبة الخطا أو الزلل أو أجتناب الصواب أو أنتهاء الصلاحيه أو حتى عدم ملائمة أو مواكبة ما تحتويه من أفكار وقيم للتغيرات المستمره فى الحياه والفرد والمجتمع،وينبوع للعلم والفهم والمعرفه والتقدم والنهضه والنهوض من كبوتنا ورقادنا والسير بركاب الأمم المتقدمه المتطوره المستنيره ـ وأخضاعها وأحتلالها وأستعبادها وأذلالها وفرض كافة أفكارنا وقيمنا ومعتقداتنا وعقائدنا عليها إن واتتنا الفرصه لذلك ـ لأحتوائه على كافه الحلول لجميع مشاكلنا وأزماتنا وقضايانا الحاليه والمستقبليه،وأيضاً أحتوائه على كافة الأفكار والعلوم والنظريات والأكتشافات السابقه والحاليه والمستقبليه، وقاعده مرجعيه ومحور أرتكاز لجميع التوجهات والمنطلقات والنظريات والتيارات والقيم والأفكار والمعتقدات والعقائد المختلفه،وقاعده للقياس والتقييم والتصنيف وقالب نموذجى لا يجوز الأعتراض عليه او رفضه أو نقده أو مراجعته أو حتى الأختلاف عنه،هذا بخلاف تكرارية الدوران العبثى المستمر فى حلقه مفرغه ودائرة مغلقه بالنسبه لمختلف الأراء والقناعات والتقاليد والنظم والقيم والأيدلوجيات. فحياتنا راكده ومقفره ومجدبه ومقحله ومحبطه وفاتره وشديدة

الفقر والثبات والتكلس والتحجر والجمود بالنسبه للأفكار والقضايا المثيره للجدل والمسموح والمتاح طرحها للرأى العام بمصداقيه بالرغم من وجود العديد من الموضوعات والرؤى والنظريات والقضايا الهامه والحيويه والمصيريه المهمله ، وذلك لا يرجع فقط لتحريم الخروج عن النسق القائم من أفكار ومعتقدات سائده ومقبوله تم الأجماع على صحتها لشدة قدمها، وتجريم الفكر النقدى الغير مشروط ، وندرة العقليات الحره النقديه الأبتكاريه الأبداعيه الخلاقه .ولكن السبب الحقيقى والرئيسى لذلك التصحر والجمود والركود والتعفن الفكرى يكمن فى أشتداد سلطان الماضى وانسان الماضى على الحاضر وانسان الحاضر،وأعتماده كسيد ومتسلط ونموذج صالح لكل الأزمنه والعصور.!

بسبب الأرتكاز والأعتماد والركون الى سلطه ومرجعيه فكريه قديمه لنعتبرها مقياساً للصواب والقيمه ونستمد منها الأسانيد والمبررات ، كالكتب التراثيه الصفراء الباليه مهترئة الأوراق من فرط القدم المحصنه والممنوعه عن النقد أو المراجعه ـ التى كتبت فى زمن كان به الناس يؤمنون بأن المطر هو عباره عن دموع الملائكه والبرق والرعد هو غضب الألهه والزلازل سببها أن الثور الذى يحمل الكره الأرضيه قد نقلها من احدى قرنيه الى القرن الاخر، والجروح تتم معالجتها بالبصق عليها ـ المشكوك فى صحه جميع ما جاء بها من تفسيرات وتصورات وأحداث تاريخيه وقيم وتقييمات أخلاقيه ونظم وتشريعات أجتماعيه ومعتقدات فكريه،والمسببه لأكثر ما نعانى منه

من أمراض فكريه ونفسيه وأجتماعيه، والتى لا تتناسب بأى شكل من الأشكال مع الواقع الحالى لشدة التناقض والأختلاف بين طبيعة الأنسان والحياه والمجتمع والظرف التاريخى الذى كتبت فيه وبين طبيعه الأنسان والحياه والمجتمع والظرف التاريخى فى الوقت الحالى، بل ومشكوك فى صحة نسبتها لكاتبيها، بل وحتى مشكوك فى وجودهم التاريخى من الأصل ـ والعادات والتقاليد والحكم والأمثال الشعبيه، وخلق أرتباط شرطى حتمى لا ينفصل بين مدى صحه أى فكرة جديدة وبين مدى أتساقها وتقاربها ومحاكاتها وتماهيها مع أقوال وقيم وعقائد ومعتقدات ومبادئ وأفكار وثوابت ومسلمات وتشريعات الأقدمين والأولين النموذجيه المعجزيه الأعجازيه  المعصومه . !!

هذا بخلاف ما يحدث على مر العصور قديماً وحديثاً من تأليه للشخصيات،وخلق الأسياد أصحاب الخصال الحميده والفضائل والبركات والكرامات، وأختلاق القصص الأسطوريه عن قدرتهم على صنع المعجزات والخوارق والأعاجيب والتحدث مع شخصيات وكائنات خفيه غير مرئيه ذات قدرات خرافيه وأستحضارها عند الحاجه،وحل كافة المشكلات وتلبية نداء الضعيف وأستغاثة المحتاج وتجاوز وخرق كافة قوانين المنطق والطبيعه والحياة. وصناعة الأيقونات والرموز المقدسه المحصنه المعصومه الممنوعه عن النقد أو المسأله أو المجازاه.

إن مجتمعاتنا المحكومه والمبتلاه بداء الأذعان والرضوخ والتقبل التلقائى والأنسياق تعانى بشده من التزايد المستمر لقوائم المقدسات والمحرمات وتعدد سجون الموروثات والمسلمات والثوابت، وأرتفاع سياج الممنوعات، والأنخفاض الشديد لسقف المحظورات المانع لطرحها وتناولها بجرأه وحريه ومصداقيه، وكثرة القوانين والتشريعات المقيده لكثير من الحريات خاصة حرية النقد والأنتقاد والتعبير عن الرأى مهما كانت درجة أختلافه عن ما هو سائد ورفضه لكل ما هو مقبول ومسلم به، فلا يحدث تبعاً لذلك إلا أستمرارية الدوران التلقائى ـ الأجبارى فى كثير من الأحيان خوفاً من الابتعاد او الزلل أو الشطط  أو الأنحراف عن الخط المسموح به والمرسوم مسبقاً من جانب المجتمع بمؤسساته المختلفه ابتداءً بأكثر المؤسسات تاثيراً فى حياة الفرد وهى مؤسسة الأسره، وتجنباً وتحاشياً لتبعيات الأعلان عن الرفض من أرهاب فكرى ونفسى وأكراه أجتماعى ـ فى فلك نفس الأطروحات وتفسيراتها وطريقه معالجتها من نفس زواية الرؤيه ، وبنفس المفردات والطرق والوسائل والأدوات التى سبق أستخدامها وسبق أيضا معرفة مدى تفاهتها وعقمها وعجزها وفشلها الذريع .

وأعادة سرد وأنتاج وأفراز وأستنساخ ذات الأطروحات وتفسيراتها والمقولات والأفكار والمصطلحات القميئه السقيمه العتيقه المتهالكه الباليه المهترئه ، ألتى كثيراً ما أثبتت فشلها وعدم جودتها أو صلاحيتها أو ملائمتها ومواكبتها لمستحدثات العصر ومستجداته الفجائيه السريعه المتلاحقه فى كثير من الأحيان،والتطورات والتغيرات السياسيه والأقتصاديه الناتجه عن حركه التطور العلمى والتكنولوجى وتغير وأختلاف مقاييس وموازين القوة ـ تبعا لتغير من بيده القوه ـ التى ينتج عنها بالضروره وبالتبعيه تغيرات فى التركيبه والمنظومه و البنيه الثقافيه والعقائديه والأجتماعيه والتى على أساسها يتحتم تعديل أو تغيير المنوال الفكرى والثقافى والنظام الاقتصادى والأجتماعى وأعتماد منهجيه جديدة للتفكير والتقييم والتصنيف وأدارة الأزمات ومواجهه التغيرات وأعادة البناء وأستشراف وأستقراء المستقبل لكى يتغير ما نحصدة من نتائج و ردود أفعال . إن حياتنا العلميه والثقافيه والأجتماعيه عبارة عن بحيرة راكده أسنه تحتاج بشدة لأحجار تسقط بها بعنف لتحركها و توقظها من غفلتها وغيبوبتها العميقه وسباتها الطويل،نحن فى احتياج شديد لفحص ومراجعه جاده وحقيقيه لما نستند اليه ونعتمده كمرجعيه وقاعده للقياس وأستبيان مدى الصواب والجوده والصلاحيه،نحن بحاجه لأعادة تقييم وتصنيف وصياغه لجميع قيمنا وأفكارنا ومعتقداتنا وأستبقاء ما يلزم وحذف ما انتهيت صلاحيته،وأستيراد ما نحتاجه من أفكار وقيم ورؤى وتشريعات ونظم

أجتماعيه متطوره،ومرجعيه ومنهجيه للتقييم والتصنيف،بغض النظر عن هوية الثقافه أو الحضاره التى سوف نقوم بالاستيراد منها و

أيضاً دون الألتفات لكل ما يثار من جدل عقيم،أو الأهتمام بما يتم سرده وأعتلاكه واجتراره من اقاويل داعيه للتقوقع والأنغلاق والأنعزاليه خاليه من أى فكر منطقى عقلانى، حول ضرورة مواجهة الأختراق والغزو الثقافى،وحتمية الحفاظ على الأصاله والخصوصيه الثقافيه !!

إن المجتمعات العربيه بصفه عامه تحيا يوماً واحداً لا يمل من تكرارة بسبب ميل الأنسان العربى للثبات والأستقرار و خوفه من التجديد ،

وعدم أعتياده على التفكيرالنقدى وإستقصاء الحقيقه وإعمال عقله فى كل ما يحيط به من أحداث وظواهر،والدعوه العامه لنبذ حرية الفرد فى التفكير الحر المستقل،والأكتفاء بترديد وتطبيق ما يتم تلقينه وإعتلاكه من مقولات وأيدولوجيات مقولبه وأفكار معلبه سابقة التجهيز،

فقد عشقنا النقل والتلقين لكثرة اعتيادنا عليه وأستمتاعنا بأستهلاك ما يقدمه العالم المتقدم لنا من منتجات تكنولوجيه تساعد على المزيد من الكسل والتبلد وعدم الرغبه فى بذل الجهد،فنحن قد أعتدنا على أن نحبو فى المكان ولا ننظر إلا تحت أقدامنا ولا نركض إلا للخلف ،

ولا نتحدث إلا حسب الأوامر والتوجيهات،ولا نختار أو نطمع او نأمل فى تملك الحق فى أختيار وممارسة وتطبيق والتعبير عن والدعوه الى ما نؤمن به من أفكار وقيم ومعتقدات،فمجتمعاتنا ذات العقليه والثقافه القبليه العجائزيه الماورائيه ـ القائمه على الخوف والتخويف وأزدراء الأستقلاليه الفكريه وأعتبار أى دعوه لنقد أو فحص ما تم قبوله والتسليم به من تراث فكرى أو قيمى أو عقائدى من الخطايا والكبائر ومرادف لخيانة المجتمع والوطن ـ مسجونه فى أطار من الوراثه والتوريث الأجبارى لكافة ما تحتويه العقليه الجمعيه والبنيه

المعرفيه للمجتمع من مبادئ وعقائد وتقييمات وتصنيفات تؤدى الى تقزيم العقل والغاء قيمته ووجوده وقدرته على التفاعل،وتشويه وعى

الفرد منذ مجيئه غير الأختيارى للحياة،ولهذا أستحققنا عن جداره أن ندخل متحف التاريخ للأمم والمجتمعات البدائيه القمعيه المتخلفه.

د . زكى نجيب محمود : ـ فى مصانع الحديد تتبع طريقه لتسويه الألواح المعدنيه وهى ان يعدوا سطحا نموذجياً فى استوائه ويطلونه

بطلاء ملون وبعد ذلك يجيئون بالأسطح الاخرى المراد تسويتها وفق ذلك النموذج ، فيضعون الواحد منها فوقه ثم يرفعونه فاذا وجدوا ان

بعض اجزائه قد تلونت بلون السطح الخارجى دون البعض الأخر عرفوا ان تلك الاجزاء الملونه هى اجزاء فيها بروز ، فيردونها ليزيلوها

لكى تستقيم مع باقى الاجزاء . وهكذا يكون المجتمع بالنسبه لأفرادة اذا طالبهم بان يجيئوا جميعا على صورة نموذجيه مفروضه، فبمثل

هذة التسويه بين الأفراد لا يعود للعقل مكان ، اذ فيم يفكر العقل ، وفيم يكون الرأى ؟ وليس من الضرورى ان يكون القالب النوذجى

هذا قالب من حديد بل قد يكون قوامه مجموعه الأفكار أو مجموعه من التقاليد ، ثم يقال للناس تلك هى افكاركم ان اردتم فكرا ،

وهذة هى طرائق التقاليد المقدسه ان اردتم سلوكاً . فإذا جاء التفكير عند فرد من الناس مختلفاً ، أو إذا جاء سلوكه مغايراً عن اللوحه

المرسومه الجاهزة اخذوا يزيلون منه مواضع المغايرة و الاختلاف كما يفعل العاملون فى مصانع الحديد . " مجتمع جديد او الكارثه "

إن احد أهم أزماتنا المتعدده هى أزمه الفكر النقدى التقدمى الإصلاحى المستنير من حيث الأنتشار والفاعليه والتفعيل،بل وحتى من حيث الوجود سواء على الساحه الثقافيه أو الأعلاميه أو الشعبيه ، حيث أن الأكثريه من مختلف الفئات المهنيه والتوجهات الفكريه والطبقات الأجتماعيه يتعاملون مع الثقافه والتثقف والتثقيف بتحيز وإنتقائيه شديده حيث لا يتم الأطلاع أو التقبل أو السماح بعرض أو التعبيرعن  أى رأى أو فكر الا اذا كان مؤيد ومتوافق مع التيار السائد والمسلم به من أقوال وأفكار ومعتقدات وعقائد ، بينما اذا حاول أى مفكر

أو باحث أو كاتب أن يدعوا الى معالجة او تغيير او استبدال الثقافه السائده بثقافه اخرى اكثر صلاحيه،او يرفض أو ينتقد أو حتى يدعوا الى أعادة الفحص والمراجعة والبحث فى ما هو سائد ومفروض ومقبول ومسلم به من عادات وتقاليد وقيم وتقييمات وتصنيفات واعراف وأفكار وعقائد ومعتقدات وثوابت ومسلمات،أو أن يخرج عن دائرة المباح والمسموح بعرضه أو بمناقشته من أفكار ورؤى ونظريات لا يلقى الا العدائيه والهجوم والنبذ والرفض المجتمعى والأستهجان والقمع والتخويف والترهيب وتأليب وتحريض وأستنفار وتهييج العامه والسوقه والدهماء والغوغائيين والجهله وأنصاف المتعلمين،وتشريع القوانين المقيده لحرية التفكير والنقد والتعبير عن الرأى، وتجنيد وتأجير مرتزقة الفكر والإعلام المرئى والمسموع والمكتوب ، وكتاب ومثقفين ظلاميين أميين سلفيين أصوليين لتسفيه أفكاره وأراءه ونعته باقذع المسميات واحط التشبيهات وتشويه ونهش سيرته وأتهامه بالجنون أو بالخيانه والعماله أو السعى الى نشر الرذيله والفسق والفجور والكفر والألحاد، وخلخلة وزعزعة وهزهزة  ثوابت المجتمع !! ـ إن المجتمعات التلقينيه تخاف وترتعب من النقد وتعتبره مهدد لقيمتها وكيانها بسبب توحدها مع الفكر او المعتقد وعدم اعتيادها على الاختيار والفصل بين الذات والموضوع ـ دون اعطاؤه أى حق

أو فرصه أو وسيله أو أمكانيه للدفاع عن أراؤه وأفكاره والرد على ما ينسب اليه من أتهامات ـ وأغلاق أى منفذ يستطيع من خلاله أن يمارس حقه فى التعبير عن أراءه وأفكاره ومعتقداته، ومصادرة أى عمل أبداعى من أنتاجه وربما أيضا مصادرة حياته كما حدث ومازال يحدث مع الكثير من الأدباء والمفكرين النقديين التقدميين،ولهذا لا نجد أى تفاعل أو فوران أو وهج فكرى أو ثقافى أو ابداعى أو تنويرى بل مجرد أرتعاشات تنويريه ما تلبث أن تخبو وتنطفئ ويتراجع صاحبها بفعل حاله القمع والتخويف والترهيب الشعبى وأحياناً الرسمى .

) فى مجتمعاتنا لا يحق لنا البحث عن الحقيقه الا فى ميادين الوهم،ولا يسمح لنا بمحاربة النقل والتلقين الا بالمزيد من النقل والتلقين)

عبد الله القصيمى:ـ وفي طبيعة الكاتب الرديء ان يقنع اكثر من الكاتب الجيد,لان الكاتب الرديء يدعوناالى البقاء في اماكننا،اما الكاتب

الجيد فيدعونا الى الهجرة. الاول يقول لنا:كونوا كما كنتم,والثاني يقول : كونوا غير ما كنتم, كونوا اكبر واعظم واصعب، ومع ان الناس

حتما يتغيرون فانهم يرحبون في الاكثر بالدعاةالذين يباركون الابقاء على ما هو موجود من العقائد والنظم والتقاليد. " العالم ليس عقلا "

إن حياتنا العلميه والثقافيه والأجتماعيه محشوه وممتلئه عن أخرها بتلال وأطنان من المسلمات والأفكار الأسطوريه التجهيليه التغييبيه والقيم العنصريه الفئويه الأستئصاليه العشائريه القبليه، نحن بحاجه الى التحلى بشجاعه المواجهه والأعتراف بالخطأ والرغبه فى السعى الجاد الدؤوب نحو التغيير لكى نتمكن من القيام بثوره فكريه حقيقيه تغير ما اصاب عقلنا الجمعى من أنغماس شديد فى الخرافه والغيبيات

إن الحريه هى روح الأبداع وأرضه الخصبه وهى الهواء الذى يتنفسه المبدع، الأبداع لا وجود له فى ظل الخوف وتقديس الثوابت والقيم والأفكار التراثيه وتغليب النص على المصلحه،وأضفاء القيمه على الفكره كلما أزدادت أقدميتها أو أزداد عدد الأفراد المؤيدين لصحتها !!

فالكثره العدديه ليست من أدله الصحه والصواب،بل ربما تكون من أدله أزدياد الجهل والغوغائيه والقابليه للحشد والتجييش والقطعنه .

إن العقل النقدى المبدع الحر الأبتكارى الخلاق لم ولن يعرف القبول بالمسلمات والتسليم بصحة التفسيرات التراثيه السطحيه العفويه ،

والتراجع أمام الخطوط الحمراء،والأنقياد والتأييد والرضوخ لأجماع القدماء والثوابت الفكريه والأجتماعيه،أو عصمة وتقديس النصوص

والتفسيرات والأفكار والرؤى والنظريات،العقل النقدى هو عقل مشتعل بالرغبه فى المعرفه والأستقصاء والبحث الدؤوب عن الحقيقه. "

د . على زيعور : ـ لم تتجذر بعد فى الشخصيه العربيه، العقليه العلميه التى تفسر الظواهر باسباب موضوعيه تخضع للدرس والتجربه فالعقليه السحريه ما تزال فعاله على نطاق شعبى واسع جدا ، وفى قطاع عريض داخل العقليه الفرديه الواحده ، ولم تنظم العقلانيه النشاطات الفرديه الاجتماعيه والسياسيه : قطاعان سحرى وعلمى ، يتراكمان بتلاصق . وتتعايش بنى تقليديه مع اخرى منهجيه،

واقتصاد تقليدى تابع بدائى مع اقتصاد منظم عقلانى عصرى . فكيف يكون لنا ان نعارض ونناقش تلك الاراء الاهوائيه؟

وهل بالتالى نستطيع محاربة تلك البدع ما دمنا مطبوعين على ان نستسلم فقط ونتامل ونتصوف،بدل ان نتحدى ونبنى ونجرب ؟ "

" التحليل النفسى للذات العربيه : انماطها السلوكيه والاسطوريه "

هذا بخلاف أن الأغلبيه من الكتاب والمثقفين والأعلاميين والقائمين على أدارة العمليه التعليميه و قادة وممثلى التيارات الفكريه المختلفه والقائمين على تشكيل العقول وصياغة وتكوين الرأى العام وأصحاب الدور الفاعل والمؤثر فى تشكيله يتعاملون مع مختلف المبادئ والأيدلوجيات والرؤى والتوجهات بنفعيه شديده وبمنطق انها مجرد "مشروع تجارى أو سبوبه أو لقمه عيش أو باب للرزق والاسترزاق.

إن معظم من يسود الساحه ألأن ليسوا إلا قطعان من أنصاف واشباه واشباح علماء و مثقفين ومفكرين وأعلاميين لا يسعون إلا للتصادم والتناطح والتراشق بالأتهامات والألفاظ البذيئه والتشويه والتحقير المتبادل لخطف الاضواء وإثبات الوجود والتواجد والجوده والقدره على أستمالة وألهاء وحشد وتجييش العامه و الدفاع عن أيدلوجيات و توجهات ومشروعات ظلاميه تجهيليه سلفيه أصوليه ديماجوجيه لامنطقيه لاعقلانيه،وسرد وتلاوة شعارات وخطابات تغييبيه تعبويه كلاميه لغويه بلاغيه إنشائيه زاعقه صارخه وأكلشيهات محفوظه

وأراء متباينه متنافرة متناقضه متضاده،وتمييع المعانى والمفاهيم وتفريغها من قيمتها ومضمونهاوأضفاء القيمه والمعنى والأفضليه

والجوده على ماليس له أى قيمه أو معنى أو افضليه أو فاعليه سواء من الأفكار أو الشخصيات "المعاصره أو حتى الشخصيات التاريخيه"

إن الأختلاف وتنوع الأراء وتعددية التوجهات جيد ومفيد وبناء إن كان بهدف الأصلاح وناتج عن بحث و دراسه ونزعه إنسانيه وطنيه مخلصه وصادقه، وليس أختلاف متفق عليه لتحطيم المغضوب عليهم والصعود على أنقاضهم، ولمجرد الأختلاف وأثبات الوجود والفاعليه والأهميه والقدره على التأثير والسيطره على الأفراد وإحداث التغيير فى دفة مسار العقليه الجمعيه للجماهير بمختلف فئاتهم وتوجهاتهم الفكريه والعقائديه وطبقاتهم الاجتماعيه ـ حسب أوامر وتوجيهات صاحب المؤسسه والمموليين وأصحاب المصالح ومن بيدهم زمام الامور ، وبما يتناسب ويؤدى لتحقيق أهدافهم ومطامعهم الماديه والمعنويه ـ  وبغرض الشهرة والشعبيه والأستضافه الأعلاميه ،

ونتيجه لحب الظهور، وبهدف الرغبه فى خلق قاعدة شعبيه وجماهيريه للحصول على الدعم المادى من تبرعات ومنح وجوائز . !!

وللأسف هذا ما يحدث الأن ممن يدعون كذباً إنهم مفكرين وعقلانيين وعلماء ومثقفين وإعلاميين و كتاب و صحفيين و قادة فكر ومعنيين بالدفاع عن حقوق الأنسان والوطن والمواطنه وغيورين على مصلحة الوطن والصالح العام وأصحاب أراء وتوجهات ورؤى وقيم إنسانيه تنويريه تقدميه نهضويه،بينما فى الحقيقه ـ الاكثريه وليس الجميع ـ ليسوا إلا عباره عن تنظيمات وفرق وجماعات من صناع الأساطير الخرافيه وكدابين الزفه وقارعى دفوف التخلف والرجعيه والخيبه والجهل والتجهيل والتضليل، وجيوش وكتائب واساطيل من المرتزقه والمأجورين والأفاقين والوصوليين والأنتهازيين والمستغلين والحكائين والمطنطنين والمصفقين والمدلسين والمهرجين والنخاسين والدجالين المروجين للمهدئات والمسكنات والمنومات والمخدرات الفكريه متنوعة الأشكال،والداعين للتكاسل والأستسهال وأنتظار الحلول السحريه الفجائيه اللحظيه الإعجازيه المعجزيه،والأستنجاد وطلب المسانده والمساعده والدعم والتأييد والحمايه وفك الكرب وازاحه

الغمه وحل المشكلات وأزالة المعوقات وتحقيق النجاح والنصر الساحق الماحق المبين من كائنات أفتراضيه و قوى غيبيه غير مرئيه،

وتقديس القيم العنصريه الفئويه الأستعلائيه الصداميه العدائيه الإستئصاليه العبوديه الغثه الملوثه الفاسده ، والمعتقدات البدائيه القبليه الغيبيه التغييبيه الهزليه الأسطوريه الخرافيه، والعادات والتقاليد والأفكار والأقوال التراثيه البلهاء الخزعبليه السخيفه الباليه المهترئه.

جبران خليل جبران : ـ يطلب الشرقيون من العالم ان يبحث فى تاريخ ابائهم وجدودهم متعمقا بدرس اثارهم وعوائدهم وتقاليدهم صارفا

ايامه ولياليه بين مطولات لغاتهم واشتقاقات الفاظهم ومبانى معانيهم وبيانهم وبديعهم.ويطلب الشرقيون من المفكر ان يعيد على مسامعهم

ما قاله ابن رشد وافرام السريانى ويوحنا الدمشقى،وان لا يتعدى بكتاباته حدود الوعظ البليد والارشاد السقيم وما يجئ بينهما من الحكم

والايات التى اذا ما تمشى عليها الفرد كانت حياته كالاعشاب الضئيله التى تنبت فى الظل ونفسه كالماء الفاتر الممزوج بقليل من الافيون.

إنما الشرق مريض قد تناوبته العلل والاوبئه حتى تعود السقم والالم واصبح ينظر الى اوجاعه كصفات طبيعيه،واطباء الشرق كثيرون يلازمون مضجعه ولكنهم لا يداوونه بغير المخدرات الوقتيه التى تطيل زمن العله ولا تبرئها. اما تلك المخدرات المعنويه فكثيرة الانواع متعددة الاشكال متباينة الالوان،وقد تولد بعضها عن بعض مثلما تناسخت الامراض والعاهات بعضها عن بعض،وكلما ظهر فى الشرق مرض جديد يكتشف له اطباء الشرق مخدرا جديدا،وبالاختصار فالشرقيون يعيشون فى مسارح الماضى الغابر ويميلون الى الامور السلبيه المفكهه ويكرهون المبادئ والتعاليم الايجابيه المجرده التى تلسعهم وتنبهم من رقادهم العميق المغمور بالاحلام الهادئه . " العواصف "

إن اكثر من يدعون انهم مفكرين ومثقفين وعقلانيين وتنويريين ولا يتحدثون الا من منطلق ودافع وطنى مخلص لا يهدف الا للمصلحه العامه بينما هم فى حقيقة الامر لا يسعون إلا لأستبعاد والتعتيم على كل فكر ومفكر عقلانى ناضج صادق حر تنويرى، وتدجين وطمس العقول وأخصائها لأحداث عقم فكرى وخلق حاله من الجمود والنكوص والتعلق باهداب وامجاد الماضى الغابر، والطفوله العقليه والفكريه والنفسيه والأميه الثقافيه والتوحد والهوس الجماعى بأيدلوجيه أو عقيده أو معتقد أو تيار فكرى أو رؤيه معينه تتوافق مع مصالحهم،

وإلهاء العقول بالصغائر والتوافه وأختزال أهتمامات وطموحات وتمنيات ورغبات و أحلام وقضايا مجتمعاتنا ـ ذات القابليه العاليه والأستعداد الفطرى للشحن والحشد والتجييش والتغييب والأستلاب ـ فى تحقيق أنتصارات أفتراضيه هلاميه فى ميادين ألخرافه والجهل والوهم والجنون،وبطولات ونجاحات ومكاسب ليس لها أى تأثير أو ناتج أو عائد أو مردود إيجابى على المواطن سواء على الجانب السياسى أو الأقتصادى أو الأجتماعى أو الثقافى ـ مثل مباريات كرة القدم ـ لتفريغ وأمتصاص وأستنفاذ ما بداخل الجماهير من طاقة رفض وغضب وسعى نحو حياة أفضل ورغبه فى أقتناص وأسترداد والمطالبه بالحصول على حقوقهم المسلوبه وكرامتهم المسحوقه وإنسانيتهم المفقوده،والألهاء المتعمد بأحداث وظواهر غيبيه معجزيه ميتافيزيقيه غير ملموسه لينغمس المواطن اكثر فأكثر فى عالم الماورائيات ويطلب النصره والمعونه من أرواح الموتى من الأباء والأجداد والأسلاف بصفه عامه وتزايد أرتياد المقابر والاضرحه.

مما يؤدى حتما وبالتبعيه الى تفاقم الفكر الغيبى الهزلى الخزعبلى وانتشار ثقافه التواكل والاتكال والتكاسل والاستسهال ورفض وكراهية واحتقار الحياه، وفقدان الامل والرغبه فى السعى للحصول على ما يبتغيه المرء ويتمناه، واعتماد وانتظار وترجى الحلول الفجائيه السحريه الاعجازيه الرافضه والمحتقره والمعاديه لقوانين المنطق والعقل ومبادى التفكير العلمى المنهجى العقلانى ،والمؤديه لانتشار الامراض الاجتماعيه والنفسيه وتخريب وتشويه القاعده الفكريه للانسان وكيانه الوجدانى،والتراجع والتقهقر المتتالى لاى تقدم او ازدهار علمى او اقتصادى واجهاض اى مشروع فكرى وطنى حضارى تنموى، والتفشى والارتهان والعبوديه لسلطة وسطوة القيم الماضويه والانتماءات القبليه،والمشروعات والتيارات والتوجهات والجماعات الفئويه الاقصائيه الاستئصاليه العنصريه،وازدياد التراجع عن فكر وقيم المدنيه والمواطنه والمساواه فى القيمه الانسانيه والحقوق والواجبات .والالتجاء للقوى والكائنات الافتراضيه الوهميه التى لا ترى بالعين المجرده ولا حتى بالميكرسكوب،ولكن يمكن رؤيتها فقط المنام،ولا يراها الا من يؤمن بوجودها قبل ان يراها ويرغب ويسعى الى رؤيتها حتى ان كان ذلك عن طريق الخداع والاختلاق والكذب على نفسه وعلى الاخرين طمعا فى الشعور بالقوه ـ وبان هناك من يهتم به ويساعده ويدافع عنه عند الضروره ـ والقيمه والافضليه والتميز على من حوله ممن يفوقونه علما او قوه وسلطه ويهددون كيانه الضعيف الهش،وينسى حاضره المؤلم الماساوى البشع الردئ، مما يتسبب فى ألتزايد المستمر للمغيبين والمنقادين والموتورين

ويضمن لهم أستمرارية البقاء فى مناصبهم وربما أيضاً الترقى وأتساع نفوذهم وصلاحياتهم،بخلاف أن مؤسسات المجتمع المختلفه بدايةً بمؤسسة الأسره وصولاً الى المؤسسات التعليميه والتثقيفيه والأعلاميه والدينيه بمختلف أنشطتها تلعب دوراً كبيراً ومؤثراً وفعالاً وبعيد المدى فى تلويث و تزييف وتشتيت وتفكيك ألرأى العام ، وأنتهاك العقل العربى وإغتياله بتقويضه وتخريبه وتشكيله بصورة مشوهه .

عبد الله القصيمى:ـ الشعوب العربيه لا تعترف بقيمة النقد،بل لا تعرفه،إن النقد فى تقديرها كائن غريب كريه،إنه غزو خارجى،إنه فجور اخلاقى،إنه بذاءه،انه وحش فظيع يريد ان يغتال الهتها،إن النقد مؤامره خارجيه،إنه خيانه، إنه ضد الأصاله،إنها لهذا تتغذى بكل الجيف العقليه التى تقدم اليها،لا تسام التصديق ولا تمل الأنتظار،إن اسوء الاعداء فى تقديرها هم الذين يحاولوا ان يصححوا افكارها وعقائدها،

او يحموها من لصوص العقول ومزيفى العقائد وبائعى الارباب،إن تكرار الاكاذيب والاخطاء والتضحيات لا يوقظ فيها شهامة الإباء

او الشك او الأحتجاج، لقد جاءت مثلا اليما فى الوفاء والصبر والانتظار لكل مهدى لا ينتظر خروجه . " صحراء بلا ابعاد "

إن حياتنا العلميه والفكريه والثقافيه تحتضر و تعانى أشد المعاناه من كثرة من يفكروا ببطونهم وأذانهم ولا يسعون الا لتحقيق المكاسب الماديه والمعنويه وليس لديهم أيمان أو أقتناع أو استعداد للدفاع عن أى مبدء أو قيمه أو رأى أو قضيه الا طمعاً فى المال أو الشهره.!

إن حياتنا العلميه و الفكريه و الثقافيه تعانى بشده من أزدياد سطوة و نفوذ و صلاحيات قوادين العقول من محترفى المزايده و المتاجره

والدعاره الفكريه،ومسترزقى سبوبة الأفكار، وأزدياد سيطرة العديد من مهرجين ودجالين ولاعبى السيرك العلمى والأعلامى والثقافى .

إن الوسط العلمى والتعليمى والثقافى والحقوقى والأعلامى على وجه الخصوص محكوم بشكل كامل بالعصبيه والشلليه والنفعيه والوساطه وتبادل المصالح، ورفض الكفاءات الحقيقيه ـ خاصة إن اختلفوا عن التيار السائد سواء فى الفكر أو العقيده و كانوا بلا ظهر يحميهم

ويفتح لهم الأبواب المغلقه ويدفع بهم لدائرة الضوء ـ وتفضيل الأصدقاء والمعارف والأقرباء وأهل الثقه والطاعه العمياء من المتزلفين

والمداهنيين والمنافقين وماسحى الجوخ ، وأصحاب المواهب فى القدره على التحول والتلون السريع وشد أنتباه وكسب ثقة كافه الفرق والمذاهب والأطياف والتيارات ، بخلاف أهمية البراعه والقدره على التجهيل والتضليل والألهاء والتغييب ، وفبركة المقالات، وأختلاق الأحداث والأنفرادات الصحفيه والتليفزيونيه، وسرقه الأخبار وتأليف القصص والعناوين الساخنه الحراقه ـ لزيادة الترويج لتحقيق أعلى المبيعات وأعلى نسب المشاهده وبالتالى زيادة العائد والربح المادى والقيمه الادبيه للمؤسسه التابع اليهاـ خاصةً فيما يتعلق بالشخصيات المعروفه سواء كانت شخصيات فنيه أو سياسيه ـ معاصره أو تاريخيه ـ من خطايا ومساوئ وفضائح جنسيه وماليه وأخلاقيه ـ وبعض القدرات الخاصه والأمكانيات والمواهب الأخرى الأكثر أهميه و فاعليه والتى لا استطيع أن اذكرها ويعف القلم عن ذكرها .

محمد الباز : ـ عندما نقترب من الاخوة الصحفيين ونسمع كلامهم  فلن نجد اى اهتمام بالقارئ ، ليس هناك اى اهتمام بالناس ولا برد فعلهم  ولا بتقديم ما ينفعهم ...، وفق عدم الاهتمام هذا فان بعض الصحفيين لا يحترمون القارئ بل يضحكون عليه و يعتبرونه مغفلا .

وهناك  رئيس تحرير فى احد المرات التى كانت تعرض عليه فيها المادة الصحفيه وقرأ خبرا كان قد نشر قبل ذلك فقال بسخريه ..انتوا فاكرين القارئ دة " ... " _ كلمه قبيحه _ مش عارف هو بيقرأ ايه . القارئ و للاسف الشديد هو هذة الكلمه القبيحه التى اطلقها رئيس التحرير عليه،فهو اهبل و عبيط والهدف دائما جيبه،كيف يخرج من جيبه ثمن الجريدة ليدفع و يقرأ او بتعبير احد الصحفيين الظرفاء ـ دى مشكله امه هو واحنا مالنا ....، الصحافه من المفروض ان تقدم للناس الحقائق ،نقول من المفروض ، لكن المفروض دائما محاصر و مصلوب على كل صلبان الاغراض والاهواء الشخصيه و المصالح الذاتيه ، فمادام صاحب الصحيفه والصحفى يحققان ما يرغبان من كسب مادى فليذهب القارئ اذن الى الجحيم ولا ضرورة لحياته من الاساس ، فمادام دفع فهو يستحق كل ما يحدث له حتى ولو كان خداعه و تزييف وعيه و الضحك عليه ...،انتشرت فى الفتره الاخيره ظاهرة الصحف الكثيرة التى تصدر فى مصر ..، هذه الظاهره خطيره من ناحية انها لا تقدم اى تنوع فكلها واحدة الموضوعات واحدة الاهتمامات لكن الاخطر ان القائمين على امر هذة الصحف مجموعه من المرتزقه وعفوا اذا قلنا مجموعه من الصيع وابناء السوق الذين رأوا فى الصحافه مجرد مشروع تجارى فكون احدهم يمتلك صحيفه فهذا لا يختلف عنده اذا كان يمتلك محل احذيه ، فالشبه عندهم بين الصحافه والاحذيه كبير للغايه خاصه اذا كان كل منهم مربح بالنسبه له ، هذه الفئه تعبث فى الارض فسادا ، يحطمون كل شئ جميل فى حياتنا ، يتاجرون فى كل شئ من اجل الحصول على

اعلان يعود نفعه على الصحيفه ، وبقدرة قادر تتحول الصحافه من مهنه الافكار الى مهنه التجارة بالاعراض و الشرف و النصب على

عباد الله ، صاحب هذة الظاهرة ظهور مجموعه من الصنايعيه نجار و قهوجى و ساقط اعداديه يجيدون جلب الاعلانات وبالمره يصبحون صحفيين كبار لهم اسمهم اللامع فى عالم الصحافه فيصبح هذا هو فلان الصحفى ، و يصبح هذا هو علان الصحفى وتختلط الاسماء

و الالقاب و تضيع المهن على اعتاب مجموعه من المفسدين الدخلاء الذين يبتزون اصحاب الاعمال و يبتزون القارئ .  " المذنبون "

عبد الله القصيمى : ـ الصحافه فى البلدان العربيه غزو للانسان،غزو لذكائه،لاخلاقه،انها لا تفهم الحقيقه، لا تحترمها ولاتبحث عنها،

انها لا تحاول ان تدافع عنها،ان تقف معها، ان تدافع عن شرفها،انها فى كل حالاتها بلا شرف،انها ليست فساد فقط،انها غباءه،جهاله،

افتضاح،انها قوم من المنحلين والمرتشين والمنافقين يعرضون فى السوق عرضا دائما لأسوء ما فيهم،يعرضونه على انه اسمى رساله انسانيه ووطنيه واخلاقيه،يعرضونه على انه تضحيه فى سبيل الانسان تفوق جميع التضحيات،عن هؤلاء الذين يشرفون على هذه الصفحات هم اردء شخصيات المجتمع منذ البدايه، وإما بالتعويد والممارسه،كم تعذبنى هذه الصحافه، كم اخاف منها..، ما اضيق

واخطر الطريق الذى يسير فيه الصحفى العربى الذى يرفض ان يكون ملوثا او جبانا او ضالا او بليدا،ما اضيق واكرب الطريق الذى يسير فيه الصحفى النظيف،إن الكاتب العربى يطيع كل الاوامر،إنه يخاف ان يعصى او يخالف،إنه يعبد كل الاصنام فى كل المحاريب، إنه يتحول الى داعية خوف وطاعه،إنه يعلم الجماهير كيف تطيع وتخاف،أنه يسوغ لها ذلك ويدعوها اليه،إنه رسول مضاد لمعنى كل رساله، إنه يلوث السوق اكثر من ان يحاول تنظيفها،أنه يعارض حيت تكون المعارضه مغنما لا مخاطره،إن المعرضه عنده دائما نوع من البحث عن الربح لا عن التضحيه،ليست المعارضه عنده صراعا مع الخطر،إنها مغازله ومساومه،ومتاجره واعلان . " صحراء بلا ابعاد "

لم ولن يحدث أى تقدم أو نهضه أو تغيير ايجابى ملموس بدون السعى ألى خلق وتفعيل دور العلماء والمفكرين والمثقفين الحقيقيين ،

نحن فى أحتياج شديد ـ أذا أردنا ان نتوقف عن التخلف والتقهقر المستمر عن درب الحضاره والتحضر والتمدن، وان نتمكن من تحقيق خطوات جاده وحقيقيه وذات اثر ملموس فى ميدان التقدم والتطور،والتمكن من مواكبة تغيرات و تطورات الحياه ومستجداتها ـ لعلماء

ومفكرين ومثقفين عقلانيين تنويريين تقدميين منهجيين موسوعيين لديهم حس وتوجه انسانى لا يحتوى على اى قطره من التوجهات

الاصوليه القبليه الاقصائيه الاستئصاليه العنصريه ، ولا تشوبه شائبة التحيز او التعصب الشعبوى او العرقى او الفكرى او الايدلوجى

او الدينى او المذهبى، و رؤى مستقبليه شامله ، وسعة أطلاع على مختلف الرؤى والتوجهات والعلوم والنظريات والأيدولوجيات .

نحن بحاجه لمفكرين لديهم  أحساس ونزعه وطنيه حقيقيه مخلصه وصادقه، وأراء وقيم أنسانيه تقدميه تنويريه لا تحتوى على أى درجه أو شكل من أشكال التعصب الفكرى أو العرقى أو الدينى أو المذهبى ، مشروعات عقلانيه حضاريه نهضويه تنمويه متكامله وذات نظره مستقبليه عقلانيه منطقيه ـ وليس مجرد تصورات ومشروعات فجائيه هلاميه غير محددة الأبعاد والمضمون والنتائج والبدائل وكيفية التطبيق والتعامل مع ما يطرأ من أحداث ومتغيرات فجائيه غير متوقعه وكيفية التعامل مع نتائج النجاح أو نتائج الفشل ، قائمه على الخطابات التعبويه الديماجوجيه والشعارات البراقه الرنانه غير محددة المفاهيم أو مكتملة الصياغه ـ بناء على فكر عقلانى ومنهج علمى تفاعلى تراكمى طويل المدى،وأطلاع شامل ودقيق ومستمر وغير متحيز أو أنتقائى على مختلف الثقافات والعلوم والفنون والأداب والمعتقدات والعقائد الخاصه بجميع البلدان والحضارات بدون أستثناء أى مجتمع أو ثقافه أو حضاره مهما كانت شدة درجة وحالة العداء أو الصراع أو الخلاف أو الأختلاف معها. فيجب أن لا توجد ثقافه محظورة أو محرمه او ممنوعه عن الاطلاع والعرض لكافه مبادئها وقيمها بحياديه وبدون تحيز او انتقائيه،لأن المحرمات الثقافيه تعمل على خنق الأستقلاليه وتقييد إمكانيه وحريه التفكير والتجديد اللازمه والمؤديه والحتميه لوجود مجتمع متحضر علمى عقلانى مستنير، وأفراد ناضجين فكرياً ونفسياً،ولديهم قدر كافً من الاستقلاليه والكفايه الذاتيه والقدره على المراجعه والفحص والتحليل والتقييم ثم الاختيار بوعى وحريه . فالحريه المسئوله بمختلف أشكالها ومستوياتها هى الخالق لقالب الوعى ـ القاعده الفكريه والنفسيه للأنسان ـ وقالب الوعى هو الموجه للفرد لأدراك هويته و طبيعته وقدراته ولأدراك العالم من حوله، فإذا كان قالب الوعى قد تم تشويهه وصياغته وتشكيله بصورة خاطئه ومفسده،وممتلئ بالمعتقدات والأفكار والمفردات  والتصورات الخاطئه عن الذات والأخر والحياة،فالتقييمات والسلوكيات وردود الأفعال تأتى هى الأخرى مشوهه ولا عقلانيه وغير منطقيه

سامح سليمان

القاهرة