الأطفال وحزن الفقد (الوفاة)

دولورس إم. براون ٢٤ أكتوبر ٢٠٢٢
يمكنك تقييم هذا الموضوع بالسطر السابق: ضع تقديرك له من 1 - 5 درجات ثم اضغط على Rate . أيضاً يسرنا تلقي تعليقاتك الخاصة بنهاية الصفحة

 

 

عادة ما تختلف طرق الأطفال في التعبير عن حزنهم العميق عن طرق الكبار، إذ لا يستطيع الأطفال دائمًا أن يستخدموا الكلمات للتعبير عن مشاعرهم، بل غالبًا ما يعبرون عنها من خلال سلوكياتهم، وحتى أولئك الأطفال القادرون على التعبير عن أنفسهم بالكلام، قد لا يتمكنوا دائمًا من أن يعبروا عن مشاعرهم الكثيرة والمتضاربة أحيانًا. فالأطفال قد يعبرون كالتالي:

 

إما أن يصيروا هادئين للغاية، أو ثرثارين للغاية، أوقد يصبحوا نشطين أكثر من الطبيعي.

قد تصيبهم نوبات اهتياج أو انفجارات غضب، أو يرفضون طاعة الكبار.

ربما يجدوا صعوبات في التأقلم مع الأطفال الآخرين.

أحياناً يعودون إلى ممارسة سلوكيات مرحلة عمرية أصغر، مثل التبول في الفراش بعد    تخطي هذا الأمر لشهور أو لسنوات.

قد يتعلقوا بالكبار ويريدوا المزيد من الوقت والانتباه.

يجدون صعوبة في إتمام الواجبات المدرسية، أو ينخفض مستواهم الدراسي.

 

وعادة ما تتوقف طريقة تعبير الأطفال عن حزنهم العميق على الطريقة التي استقبلوا بها الفقد. ويختلف استقبال كل طفل للفقد تبعًا لعمر الطفل ونموه النفسي، لكن عمومًا:

لا يدرك الأطفال الذين لم يتجاوزا السنتين من العمر معنى الفقد. عندما يحدث فقد شخص ما أو خسارة من نوع ما، فهم يدركون أن ثمة شيء مختلف حولهم، لكنهم لا يعرفون ماهيته. ولأنهم حساسون لمشاعر الكبار، قد يتوترون أكثر من المعتاد.

والأطفال فيما بين الثالثة والسادسة من العمر غالبًا ما يظنون أن أي تغير جوهري في حياتهم ينتج عن أفعالهم أو رغباتهم. وهو ما يطلق عليه التفكير السحري. وعادة ما يشعر أولئك الأطفال بأنهم هم المسئولون عن حدوث أية خسارة أو فقد. وإذا نظروا للخسارة على أنها تهديد، قد يظنوا أنهم على وشك تلقي عقاب على شيء ما. مثل أولئك الأطفال قد يكون رد فعلهم تجاه الفقد هو الخوف من أن يكونوا بمفردهم، أو الخوف من أن يتركوا من يحبونهم. وقد لا يرغبوا في النوم وحدهم أثناء الليل، أو يرفضون الذهاب إلى الحضانة أو المدرسة. ومن الطرق التي يعبر بها أطفال هذه المرحلة العمرية عن حزنهم العميق أيضًا مشكلات الأكل، أو اضطرابات النوم، أو التحكم في التبول.

أما الأطفال في سن السادسة وحتى العاشرة، فعادة لا يدركوا تمام الإدراك الأحداث التي تجري في حياتهم، فقد لا يعوا إلا جزء مما يحدث حولهم، وقد يخترعون نهايات، أو يستنتجون استنتاجات خاطئة عن الأشياء التي لا يفهمونها، مما يؤدي إلى حدوث سوء فهم لما يحدث حولهم.

يبدأ الأطفال في سن ما بين العاشرة والثانية عشرة في فهم الخسارة أو الفقد (بما في ذلك الموت) بالطريقة التي يفهمها بها الكبار. فينظرون للموت على أنه أبدي ولا رجعة فيه. ويداعبهم الفضول بشأن معرفة ماهية الأشياء التي تحدث وكيف تحدث. فعلى سبيل المثال، إذا ضرب إعصار المنطقة التي يعيشون فيها ، يرغبون في تعلم كيف ينشأ الإعصار. وإذا مات شخص قريب منهم، فقد يرغبون في معرفة كيف تُجهز الأجساد بعد الموت، وماذا تعني شعائر ومراسم الدفن، وما الذي يلم بالإنسان بعدما يموت.

 

والطريقة التي يساعد بها الآباء ومن يقوموا برعاية الطفل الذي يمر بوقت عصيب، غالبًا ما ستصير حجز الزاوية الذي تتوقف عليه طريقة تفاعل الطفل مع الخسارة والفقد عندما يبلغ. لذا فمن الضروري أن تساعد الطفل الذي يمر بوقت عصيب للأسباب الآتية:

أن مشاعر الأطفال تكون حقيقية. ومن الضروري أن يقر البالغون أن كل طفل تكون لديه مشاعر من نوع خاص بعد المرور بخسارة فادحة أو فقد في حياته.

يجب أن يعبر الأطفال عن مشاعرهم، فالأطفال الذين لا يعبرون عن مشاعرهم قد يعانون مشكلات أخرى كمشكلات سلوكية أو علل جسمانية.

يجب التعامل مع مخاوفهم الناجمة عن الاجتياز في خسارة فادحة أو فقد كبير والتي تختلف من طفل لأخر تبعًا لعمر الطفل ونموه النفسي. ومن الضروري أن ينصت البالغون لمخاوف الطفل ويجيبون على كل تساؤلاتهم أو مخاوفهم.

يجب إزالة الغموض واللبس. إذ لا يعرف الأطفال عادة لماذا تقع الخسارة أو يحدث الفقد. وقد يعتقد الأطفال أنهم هم الذين تسببوا في حدوث الخسارة، أو أن الخسارة وقعت كعقاب لهم على فعلهم شيئًا ما. وتصحيح مثل سوء الفهم هذا قد يخفف من قلق الطفل وخوفه.

يجب مشاركة الطفل بالمعلومات. ففي بعض الأحيان يعتقد الآباء أو غيرهم من الكبار الذين يعتنون بالأطفال أنه من الأفضل ألا يخبروا الأطفال عما يحدث بعد الفقد أو الخسارة. ولكن عدم إخبار الأطفال عن إحدى الخسائر الفادحة قد يتسبب لهم في تكوين مخاوف وقلق غير واقعين. قد يشعر الأطفال أيضًا بعدم الأمان بسبب معرفتهم بأن الكبار غير أمناء فيما يقولون. كن مدركًا لأن الأطفال يتواصلون مع بعضهم البعض عن طريق الإنترنت أو كتابة الرسائل النصية - وهذا من الممكن أن يروج معلومات خاطئة أو مخاوف عميقة.

 

قبل أن تحاول أن تساعد طفلك، تعامل مع الخسارة أولاً، امتحن أفكارك أنت ومشاعرك بشأن الخسارة، ولاسيما بشأن الموت. تذكر تجربتك الشخصية الأولى مع الخسارة والفقد؛ ما الذي ساعدك على التعامل معها؟ وما الذي لم يكن مفيدًا لك؟ سيكون هذا مهمًا للغاية إذا استرجعت خسارتك الفادحة الأولى عندما كنت طفلاً وشعرت بها مرة أخرى. فتذكر تجربتك قد يساعدك أن تدرك وتتفهم مشاعر طفلك. أيضًا الأشياء التي ساعدتك قد تساعد طفلك بالمثل.

ونذكر هنا بعض الخطوات لمساعدة طفلك أثناء الاجتياز في تجربة حزن عميق:

وفر لطفلك الأمن والأمان؛ فكيما يعبر الطفل عن مشاعره المرتبطة بالخسارة يحتاج إلى الشخص الكبير الذي يشعره بالأمن والأمان.

ضع في اعتبارك شخصية طفلك والنقطة التي يشعر عندها بالراحة والتي يستطيع عندها أن يتحدث عن مشاعره ومخاوفه.

 

راع النمو النفسي: ضع في اعتبارك عمر الطفل ونموه النفسي، من ثم يمكنك شرح مفهوم الفقد والموت بطريقه يتسنى له فهمها.

 

استخدم كلمات بسيطة وواضحة: استخدم كلمات يستطيع الطفل أن يفهمها. واستخدم مصطلحات طبية سليمة عند التحدث عن المرض وأسباب الوفاة. لا تقل الأشياء بطريقة قد تشوش الطفل. فمثلاً إذا أخبرت الطفل أن جسد العم "ستيف" في الأرض الآن، قد يتساءل الطفل متى سيخرج العم "ستيف" من الأرض. وإذا أخبرت الطفل أن "سالي" ذاهبة للنوم لوقت طويل للغاية، ربما يتساءل الطفل متى ستستيقظ "سالي" من نومها.

 

تحدث عن معنى الفقد: الفقد جزء طبيعي من الحياة. وقد تحتاج إلى أن تستخدم بعض الأمثلة كيما تساعد الطفل على فهم معنى الفقد.

اجعل الطفل يشارك في الأمر: اسأل طفلك ما إذا كان يريد أن يحضر الجنازة أو مراسم الدفن، فالأطفال عامة يتمتعون بحس جيد لتميز ما يمكنهم القيام به. فإذا رغب طفلك في حضور الجنازة، أكد له أنك (أو شخص آخر) ستكون هناك للإجابة على تساؤلاته أو تتعامل مع مخاوفه. وبعض الأطفال لا يرغبون في زيارة شخص محبوب لديهم يحتضر، أو حضور مراسم الدفن. وهذا أمر لا بأس به أيضًا. لا تجبر طفلك على القيام بشيء ما ضد رغبته.

 

 

 

دولورس إم. براون

 

المشيرة الخاصة بقسم الشئون الإدارية

بالسفارة الأمريكية بالقاهرة

 

ترجمة: فايقة جرجس