الأمير

عماد ميشيل ٢٢ أكتوبر ٢٠٢٠

الأمير

 

لقد ولدت لتوي, لست أعرف ما أنا, هل أحدثك بلغتي الآن أم بلغتي وقتها؟ حسناً قلت, فلن أستطيع أن أتكلم بلغتي وقتها, حيث لم تكن لدي لغة من الأساس, كان يجب أن أستقها ممن حولي, أن أراقب وأعرف وأفهم.

أخبروني أني كلب, يجب أن أزحف وأتخبط, أخبروني أني قرد أحاكي كل من حولي دون تمييز دون شخصية, أخبروني أني حمار لست أفهم, أخبروني أني دودة صغيرة غير هامة لا يقف شيئاً عليها, أخبروني أني طفيل لا فائدة منه يتغذى عليهم, أخبروني أني جدي لا أتميز عن بقية القطيع إلا في ذاكرتي الضعيفة جداً وذاتي الممحية للغاية, أخبروني أني معال لا وجود لي دونهم, أخبروني أني جماد عندما تركوني وحيداً أناجي الهواء أسأل الوجود في حقيقتي, أخبروني أني تشويش عندما حاولوا إخراس فمي المتسائل, أخبروني أني مجرد امتداد عندما حاولوا باستمرار محو كل ما هو جديد فيّ عنهم..

أجبروني على أن أكون حرباء تتلون وتتشكل لألف لون وشكل لترضي كل من حولي, وظلت الحرباء تغير شكلها عبر كل الأشكال السابقة لأنها لا تعرف شكلي الأصلي, وصدقت كل ما قيل لي لأنه ليس لي خيار. أجبروني أن أكون ضابط وقاضي وجلاد وسجان لأقبض على نفسي وأحكم عليها دون استماع لأقوالها وأعاقبها وأسجنها بسجني الداخلي لأنفذ العقاب الذي أخبروني أني أستحقه. أجبروني أن أكون آخر غيري, بعد أن هزمت نفسي الحقيقية وانتصرت نفسي المزيفة لوقت حتى ينكسر قناعها وأبقى بلا قلب أو قالب كنقطة في قلب العدم. أجبروني ألا أكون قبل أن أكون, وللسخرية يجب أن أبدأ الآن من نهايتي من البداية التي لم تحدث..

وفي يوم ما أدركت الزيف الذي أجبروني عليه, والحقيقة التي لم يخبروني بها.. أنا إنسان, وقد تحولت بفضلهم إلى ضفدع يتقافز على أوراق شجر العطش في مستنقعات الوحدة بين شقوق اليأس في صحاري الألم عبر فراغ العدم. ضفدع كان إنسان يسعى لبلوغ الجنية التي ستحوله مرة أخرى إلى الأمير بضربة عصا سحرية الذي كانه يوماً ما لا يتذكره. وبرزتا مشكلتان: لا وجود لتلك العصا, ولا حياة لضفدع في مجتمع من بشر.

 

نولد أمراء ثم نتحول بالأسلوب المتبع في تربيتنا إلى ضفادع. (إيريك بيرن)

 

6 يونيه 2010

عماد ميشيل