كيف تتغلب على الأحزان

كيف تتغلب على الأحزان
  • اسم المؤلف جوليا توجندات
  • الناشر دار الفاروق للإستثمارات الثقافية
  • التصنيف مشكلات شائعة
  • كود الاستعارة 63 /3
نبذة مختصرة عن الكتاب:

مقدمة:


في بعض المجتمعات في العصر الحالي يجد الأفراد صعوبة بالغة في مواجهة الجانب المتعلق بالفقد والحزن، حيث أنهم لم يعتادوا العيش في ظل الألم والمرض والموت والكوارث، وتجدهم على العكس يبذلون قصارى جهدهم لتجنب الحزن والتركيز على السعي وراء السعادة والمصالح المادية وتحقيق الذات، يتعامل الفرد مع الفقد والحزن على إنها مشاعر طارئة تشذ عما هو طبيعي. ودون الخوض في الماضي.


 


 تبدأ الكاتبة بتعريف الحزن، فتقول: هناك فرق جلي بين تعبير الفرد عن حزنه وبين وسائل المجتمع ككل في التعبير، إن الحزن جزء أساسي وجوهري في حياة الإنسان، فقد تم التعبير عنه بعدة وسائل كالغناء والشعر والأدب والموسيقى والرقص والفن في كل مكان في العالم، الحزن ليس له زمان أو ثقافة أو جنس أو عمر أو طبقة اجتماعية.


 


ثم تنتقل لمعرفة ما هي طبيعة الحزن، كالآتي:


إن الحزن مزيج مركب من الانفعالات البدنية والوجدانية والعقلية، فهو ليس حالة عقلية فردية، ولكنه عملية طويلة تتغير بمرور الزمن. عندما ينتابنا الحزن، تتملكنا فجأة انفعالات الغضب العارمة لموت شخص أحببناه وهجره لنا وتغيير حياتنا إلى الأبد، قد ينفس المرء عن هذا الغضب بالثورة ضد الجميع، فالمرء حساس للغاية في حزنه.


"الغضب ضروري للتعبير عن الحزن والتغلب عليه. فبعد أن يبذل الإنسان قصارى جهده لاستعادة الشخص المفقود، يضطر أخيراً إلى الاعتراف بالهزيمة والتكيف مع العالم بدونه".


إن الحزن هو أكثر العواطف شيوعاً وقد يكون أكثر قبولاً. فالبكاء والحزن انفعالات طبيعية تنحسر شدتها بمرور الزمن. قد يشبه الحزن المرض، ولكنه ليس كذلك. فهو عملية طبيعية ضرورية لاستعادة المرء توازنه. قد يستغرق وقتاً، ويستلزم جرأه وشجاعة، ولكن أغلبية الأفراد ينجحون في الشفاء.


 


على الرغم من تباين الأساليب التي نعبر بها عن الحزن، فالجميع متفق على الوسائل التي تساعد في التغلب عليه. وأول هذه الوسائل وأهمها هي المساندة الفعالة من جانب الأسرة والأصدقاء.


قامت المجتمعات منذ بداية الخلق بتطوير طقوس الحزن لإتاحة الفرصة أمام الأسرة والأصدقاء للتعبير عن حزنهم، وتؤكد الكاتبة على أن زيارة القبور والاحتفال بالذكرى السنوية وإقامة الصلوات وزيارة أماكن معينة مرة أخرى طقوساً خاصة يمكن تكرارها على مدار سنوات. وهذه الطقوس هي التي تنفس عن حزننا وتساعدنا على الشفاء.


 


أما عن وسائل التعبير عن الحزن، وهذا يعني التسليم بضرورة خوض تجربة الألم، تقول الكاتبة إن الكتابة من أهم الوسائل فهي تمكن الجميع من السيطرة على عواطفهم الهائجة، وتساعدهم على تفسير الأحداث، وتقويهم في أوقات عجزهم. وربما تشعرنا بعد ذلك بأننا قد حققنا إنجازاً حين نعود بذاكرتنا إلى الوراء ونكتشف التقدم الذي حققناه في التغلب على الحزن.


يمكن توجيه العواطف الأولى الجياشة  التي يفجرها الحزن نحو أي نشاط إبداعي، إن الطريقة الشائعة لمعالجة الحزن بطريقة إيجابية هي تحويل الحزن إلى وسيلة لمساعدة الآخرين.


لابد من التكيف مع الواقع الجديد، وهو أمر يحتاج إلى جهد وشجاعة، يعد الزمن عنصراً مهماً في هذه المرحلة. إن أحد أهم الأشياء وأصعبها التي يقوم بها الفرد بعد مروره بتجربة موت أحد الأشخاص هو عدم اتخاذ قرارات متسرعة. فليس من الحكمة أن يتخذ الفرد القرارات المصيرية وهو في أقصى حالات الضعف البدني والعقلي.


يصعب السيطرة على العواطف الثائرة، ولكننا نستطيع أن نساعد أنفسنا بدنياً، الاهتمام بالجسد يساعد على شفاء العقل.


قد تكون العيادات النفسية (المشورة) مفيدة في بعض الحالات إن كان الفرد يعيش وحيداً أو يشعر بالحرج من فرض نفسه على أصدقائه، فيفضل أن يلجأ إلى شخص محايد يستمع إليه.


يظهر الحزن بشكل فريد داخل كل فرد، فالمهم ليس الوسيلة التي نعبر بها عن الحزن، ولكن الأهم هو أن تساعدنا هذه الوسيلة في التغلب على حزننا.   


 


ثم ندرك أن هناك الحزن المرضي:


على الرغم من أن الحزم مؤلم، والأغلبية يستطيعون تجاوزه. ونستطيع الالتحام بالحياة مرة أخرى، إلا أن هناك بعض الأفراد ممن يصابون بما يطلق عليه الخبراء الحزن المعقد أو الشاذ.


هناك إشارات دالة على أن شخصاً ما قد سقط أسيراً لحالة الحزن: شكاوى من المرض والأعراض البدنية قد يستمر شهور وسنوات، إدمان الشخص للمهدئات، العزلة الاجتماعية وهي أحد أعراض الاكتئاب، شعور الفرد بعدم أهمية الاستمرار في الحياة وتفكيره في التخلص من حياته، النشاط الزائد عن الحد وغير الملائم، الشعور بالذنب قد يكون عبئاً ثقيلاً يجعل الأفراد يتوقفون عن الحياة.


إن حالات الفقد المفاجئ أو غير المتوقع من العوامل التي تجعل الحزن أكثر تعقيداً، فالحزن الطبيعي يصاحبه اضطرابات ما بعد الصدمة وعندما تكون الصدمة قاسية فتصبح الضحية في حالة تيقظ دائم . تظهر الأعراض في شكل نوبات صرع وهياج واكتئاب وقلق وأرق وأحلام مفزعة. تشتد حدة الحزن إذا عانى الشخص سلسلة من حالات الفقد في حياته فحينذاك تتضاعف المشاعر.


وهناك وسائل تساعد أولئك الذين يعجزون عن التخلص من حزنهم؛ فربما تلهمنا الأسئلة التي نطرحها على أنفسنا مثلاً، هل يمنعنا الحزن من الاستمرار في الحياة؟ هل أصبحنا انعزاليين ولا نستطيع التفكير في أي شيء أخر سوى حزننا على ما فقدناه؟ هل يفصلنا الحزن عن الأصدقاء؟ فإننا في حاجة إلى بذل جهد حقيقي للخروج من مستنقع اليأس ورثاء النفس. فلتبدأ بتحديد أهداف صغيرة وواقعية صغيرة وواقعية لإعادة الاتصال بالآخرين.


 


ثم تعرفنا الكاتبة ما هي حالات الفقد من بداية دورة الحياة:


تبدأ من حالات العقم ويعتبر من أكبر أسباب الحزن التي لا يشعر بها سوى من عانى منه، فالمرأة العاقر تشعر أنها فشلت في مهمتها الأساسية وليس العقم بالمسألة التي يمكن مشاركتها مع الآخرين ويمكن أن تؤدي إلى الانفصال بين الزوجين، والإجهاض وولادة جنين ميت هو بالنسبة للأبوين الطفل الذي يجسد أحلامهما ويعتبر الإجهاض بالنسبة للأبوين موت طفلهما الحبيب، من الصعب البكاء على شخص مات قبل أن يولد، فليس هناك جثه لدفنها، أو جنازة أو طقس ديني يخفف من حدة الحادث.


أصبح التشتت الأسري سبباً شائعاً من أسباب الحزن داخل الأسر، يعتقد الزوجان أن الطلاق سيحل مشاكلهما، ولكنهما نادراً ما يكونا مستعدين لتحمل الآثار النفسية والبدنية التي تنتج عنه، ولا عجب في أن الطلاق يعتبر أسوأ العوامل بعد الموت التي تسبب الضغط النفسي، يكمن الاختلاف بينهما في عنصر الاختيار، يتبع الانفصال أو الطلاق تغيرات جذرية تؤدي غالباً إلى فقدان الوضع الاجتماعي.


 


وتتطرق إلى أنواع أخرى من حالات الفقد، فتقول:


للإقالة من العمل تأثير نفسي وبدني على من مر بها، ويشعر الكثير من الرجال والسيدات بالاكتئاب بعد فصلهم إجبارياً من العمل، وما بال حزن الشخص الذي فقد كل شيء مرة واحدة: الأسرة والممتلكات والوظيفة والوطن واللغة، يحدث هذا للمهاجرين الذين تم إجبارهم على ترك أوطانهم نتيجة للاضطهاد أو الحرب أو المجاعة أو الكوارث الطبيعية.


عادة ما يكون الحزن وضعاً مؤقتاً. فالجميع يعاني منه ويعالجونه ويمضون في طريقهم بعد ذلك. ولكن بالنسبة لهؤلاء الذين يعيشون وهم مصابون بمرض بدني أو عقلي مزمن وخطير، فمن أكثر الأشياء إيلاماً مظهر تلك الأشخاص الذي أحياناً يكون شاذ أمام الناس، فكيف يتقبلون ذلك الوضع. مثل مرض السرطان والإيدز والشلل الرعاش.


وهناك حالات فقد أخري أن يتعرض الشخص لرؤية حادث بجواره مثل انتحار أحد الأشخاص تحت قطار فيصاب الشخص بنوبات صرع وهلوسة واسترجاع للأحداث. ويشعر أنه معرض للأذى في أيه لحظة ولا يوجد مكان أمن في العالم. أو الذين مات أحد أفراد أسرته في حادث ونجا هو من تلك الحادث.


 تعد وفاة طفل أو الوفاة عن طريق الانتحار أشد أشكال الحزن قسوة، فلموت الطفل تأثير كبير على القوى النفسية المحركة للأسرة. ربما يعجز الوالدان عن تبادل الدعم النفسي والوجداني في هذا الوقت


 


أيضاً تحدثنا الكاتبة عن الأطفال والحزن، (وربما يفيد هنا الإشارة إلى المقال الذي نشرناه قبلاً الخاص بهذا الأمر – اضغط هنا للذهاب إليه):


إن أول حالة فقد يعاني منها الطفل هو موت أحد الأجداد. يمكن أن يكون الأجداد شخصيات مهمة ومحبوبة في حياة الأحفاد، خاصة إذا كانوا يتولون رعايتهم. فيشعر الأطفال بالحزن الشديد ويدركون حزن والديهم أيضاً.


أيضاً انفصال الوالدين يحطم داخل الطفل فكرته عن الأسرة المثالية وعلى هؤلاء الأطفال التغلب على التحديات العاطفية والبدنية الهائلة التي سيتعرضون إليها.


تعتبر وفاة أحد الوالدين أو ولي الأمر أو أحد ألأخوة أكثر حالات الفقد قسوة يمكن أن يعاني منها الطفل، فلا بد أن تتوفر لديهم المعلومات الكافية عن الموت، والتعامل مع مخاوفهم وقلقهم ، وطمأنتهم بأنه لا لوم عليهم في ذلك، والاستماع إليهم، وإتاحة الفرصة أمامهم للتعبير عن مشاعرهم والمشاركة في الطقوس الجنائزية، وفي الوقت نفسه لا بد أن يواصلوا حياتهم وأنشطتهم.


هم في حاجة لقبول واقع الفقد فيجب إخبارهم أن الشخص الذي مات لن يعود إلى الحياة مرة أخرى، وإذا مات الشخص على حين غفلة وكان بعيداً عن المنزل، فيحتاج الطفل هنا معرفة الطريقة التي مات بها الشخص حتى لا نترك لخيالهم العنان، ويصاب بصدمة إذا عرف أشياء أخرى من ذوي النوايا السيئة.


لابد من مساعدة الأطفال في اختبار الألم والعواطف الجياشة التي يشعرون بها عند وفاة شخص ما. سيفيد البالغين كثيراً أن يشاركوا مشاعرهم مع الأطفال. لابد بعد ذلك تكيف الطفل مع الحياة التي يفتقدوا فيها الشخص الراحل، قد يجد الطفل نفسه مجبر على تقبل قواعد جديدة.


لا يمكن حماية الطفل من الحزن، إن الحزن عملية طويلة المدى يقيم فيها الأطفال علاقة متغيرة مع الشخص الراحل في عقولهم وحديثهم، وهم يحتاجون إلى المساعدة للاحتفاظ بالذكريات الجميلة، كما أنهم يتأثرون بالأساليب التي يحزن بها البالغون الذين يحيطون بهم.


 


ثم في النهاية تحدثنا عن الشيخوخة والموت، حيث تقول أن التقاعد أمر متوقع حدوثه، وهو مرحلة تحول تجلب الحزن على الرجال والسيدات من ذوي المكانة الاجتماعية المرتفعة. فهو يعني التخلي عن دور أو وضع ذي قيمة، والتوقف عن الإنتاج والابتعاد عن العلاقات الخارجية محور حياة الشخص.


من المؤكد أن ما يساعدك هو أن تحقق في نهاية فترة خدمتك شيء من التقدير المتبادل. لذلك حفلات الوداع وكلمات الشكر والهدايا من الطقوس التي يجب ألا يتم التقليل من شأنها.


الموت هو الشيء الوحيد الذي يجب أن نواجهه جميعاً، لكن القليل منا فقط هم من يستعدون له. يمكننا تجنب هذا الحزن والقلق إذا خططنا للأشياء سلفاً مع أقرب وأحب الناس لدينا. إن مواجهه حقيقة الموت بهذه الطرق العملية تجلب راحة البال لكبير السن ولأفراد الأسرة.


 


خاتمة:


الحزن هو الفطرة التي خلق الإنسان عليها كي تساعده على التعبير عن الألم الناتج عن حالة انفصال أو موت، ليس حالة فريدة، ولكنه عملية متغيرة ودائمة، فهو المزيج المعقد من الانفعالات الوجدانية والعقلية والبدنية التي تؤثر في مختلف الأفراد بشتى الطرق