العناية الإلهية .. وحكمة الله في شئون العالم

أكثر من كاتب ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٢

العناية الإلهية
ما هو محتوى الإيمان؟ من المؤكد أنه ليس وعداً غامضاً بأن كل شئ بمشيئة الله وعونه سينتهي نهاية حسنة، فهناك أشياء عديدة تنتهي نهايات سيئة. وليست المسألة أن نتمسك بالأمل في كل موقف، فهناك مواقف لا يمكن أن يكون فيها أي أمل. وليست المسألة مسألة توقع لحقبة من التاريخ فيها يتم التدليل على العناية الإلهية بالسعادة والخير الإنسانيين، ولا يوجد جيل تكون فيه العناية الإلهية أقل في التناقض الظاهري عما في جيلنا. غير أن محتوى الإيمان بالعناية الإلهية هو على النحو التالي: عندما يمطر الموت من السماء كما هو الحادث الآن، وعندما تولد القسوة قوة فوق الأمم والأفراد كما هو الحادث الآن، وعندما يسوق الجوع والاضطهاد الملايين من مكان إلى مكان كما يحدث الآن، وعندما تشوه السجون والمعتقلات في جميع أنحاء العالم إنسانية الأجسام والنفوس كما تفعل الآن – نستطيع أن نتباهى في ذلك الوقت، وفيه فقط ، فإن كل هذا لا يستطيع أن يفصلنا عن محبة الله، وبهذا المعنى، وبهذا المعنى وحده، تعمل الأشياء جميعاً معاً للخير، للخير (الأقصى)، للمحبة الأبدية وملكوت الله. إن الإيمان بالعناية الإلهية هو الإيمان بأنه ما من شئ يستطيع أن يحول بيننا وبين تحقيق المعنى الأقصى لوجودنا. إن العناية الإلهية لا تعنى تخطيطاً إلهياً جرى فيه تحديد كل شئ من ذي قبل، شأن الآلة الفعالة. بل إن العناية الإلهية تعنى بالأحرى أن هناك إمكانية خلاقة ومنقذة واردة في كل موقف لا يمكن لأية حادثة أن تدمرها. إن العناية الإلهية تعنى أن القوة الشيطانية والمدمرة في نفوسنا وفى عالمنا لا يمكن أن تكون لها اليد العليا القابضة علينا وأن الرابطة التي تربطنا بتحقق الحب لا يمكن أن تنفصم.

بول تيليك
عن كتاب زعزعة الأساسات

حكمة الله في شئون العالم
بعيداً عن ظروفنا الشخصية نستطيع أيضاً أن نقول إن حكمة الله المتناهية والموجهة لقوته المتناهية إنما تحكم العالم، وإذ ننظر حولنا يبدو لنا أن الكثير من شئون العالم خارج سيادة الله وأن معظم ما يحدث ليس له معني. لماذا 109 من الأطفال يختنقون تحت كتلة من الوحلة في جنوب ويلز أو آلاف يموتون من الجوع في شرق أفريقيا؟ لماذا يزداد الأغنياء غنى والفقراء فقراً؟
من المعروف أننا نعيش في عالم الخطية وكل هذه الأشياء قد ترجع إلي خطية الجنس البشرى. ولكن إن نقبل أن الله كلي السيادة يجب لذلك أن نستنتج أن الله مسيطر علي كل هذه الظروف وأنه يوجهها بحكمته الفائقة لهدفها المعين. إنها ليست مجرد مجموعة من الأحداث غير المرتبة والتي تحدث اعتباطاً. إنها جزء من خطة الله الكاملة والتي سوف تظهر قريباً أنها لمجده ولخير كنيسته.
تماماً كما يجب أن نتعلم أن نكف عن السؤال لماذا أو البحث عن تفسيرات منطقية أو البحث لنكشف عن الخير الموجود في تجاربنا، هكذا يجب أن نتعلم أن نسكن نفوسنا فيما يختص بسيادة الله علي العالم. ينبغي أن نقول مع داود "هدأت وسكتُ نفسي" (مز 131 : 2) عن كل المآسي التي تحدث للبشرية في كل أنحاء العالم.
هذا لا يعني أن نصبح غير مكترثين، وقلوبنا قاسية بالنسبة للآلام الكثيرة الحادثة في العالم حولنا، يجب أن نصلي من أجل ضحايا الكوارث وعندما تسمح الفرصة نشترك في تخفيف تلك الآلام. فيمكننا أن نكون شفوقين دون أن نسائل الله عن سلطانه علي العالم.

الله لا يمكن أن يقع في حيرة لأنه لا يجد من يتعاون معه في إتمام مخططه. إنه هكذا يحرك قلوب الناس – مؤمنين أو غير مؤمنين لا فرق – حتى بمطلق حريتهم ينفذون مشيئته. هل أنت في حاجة إلي تعاطف مسئول معين حتى بتوصيته يمكنك أن تحصل علي عمل؟ إن كانت هذه الوظيفة هي من خطة الله لك، الله في استطاعته أن يعمل في قلب المسئول ليعطيك التوصية اللازمة.
هل أنت متكل علي رئيسك للحصول علي ترقية؟ الله سوف يعمل في قلب هذا الرئيس بطريقة أو بأخرى لإتمام خطته من أجلك "لأنه لا من المشرق ولا من المغرب ولا من برية الجبال ولكن الله هو القاضي هذا يضعه وهذا يرفعه" (مز 75 : 6 ، 7). ترقيتك أو حرمانك منها في يد لله. رؤساؤك ما هم إلا وكلاء له لتنفيذ إرادته. إنهم غير مدركين أنهم يعملون مشيئته وهم لا يقصدوا ذلك إطلاقاً، ولكن هذا لا يغير النتيجة في حياتك. يمكنك أن تثق بالرب في كل مجالات حياتك. الله سوف يعمل في قلب ذلك الشخص لإتمام مشيئته من نحوك.

جيري بريدجز
من كتاب: "الثقة بالرب في مواجهة آلام الحياة"