معرفة القدوس

معرفة القدوس
  • اسم المؤلف أ. و. توزر
  • الناشر دار منشورات النفير
  • التصنيف لاهوت وتراث مسيحي ودراسات كتابية
  • كود الاستعارة 3/17

نبذة مختصرة عن الكتاب:


رغم أن هذا الكتاب ليس تحفة توزر الكلاسيكية، فتحفته الكلاسيكية "اللهث وراء الله The Pursuit of God"[1] والتي صُنِفت من كلاسيكيات الكتب المسيحية التي يتم تقديمها بالمجان عبر الإنترنت رغم عدم مضي أكثر من ستون عاماً على تأليفها (ولم تترجم، للأسف، للعربية بعد). رغم ذلك، فإن هذا الكتاب هو أيضاً كتاب آخر رائع لكاتب عظيم وعملاق في مسيحيته.


يبدأ توزر كتابه هذا بتناول سؤال "لماذا يجب أن يكون تفكيرنا عن الله، هذا الذي لا يحده إدراك، تفكيراً سليماً"ً، كمقدمة لفصول هذا الكتاب – الأكثر من العشرون فصلاً، والتي يتناول في كل منها، ببساطة بالغة لا تخلو من الورع والعمق، واحدة من الصفات والخواص الحق المباشرة التالية في لاهوت شخص الله، فهو مغرم دائماً، في حياته والتي تعكسها كتاباته، بشخص الله الفريد القدوس حتى أنه يذكرنا بقديسين العصور الماضية العِظام أمثال جوناثان إدواردز، وجون ويسلي، وجون أوين، وغيرهم، كما كان يقول عنهم توزر دائما: "هم يريدون أن يتذوقوا وأن يلمسوا بقلوبهم وأن يروا بعيونهم الداخلية روعة حضور الله."


أما عن الصفات والخواص التي تتناولها فصول هذا الكتاب، فهي كالآتي:


الثالوث الأقدس - وجود الله بذاته - كفاية الله في ذاته - سرمدية الله - لا نهائية الله - عدم تغير الله - علم الله بكل شئ - حكمة الله - قدرة الله على كل شي - السمو الإلهي - وجود الله في كل مكان - أمانة الله - صلاح الله - عدل الله - رحمة الله - نعمة الله - محبة الله - قداسة الله - سيادة الله.


 


ويسعدنا هنا أن نقتبس مباشرة المقتطفات التالية من هذا الكتاب، ونجعله يتحدث عن نفسه، فهذا خير ما يحدثنا عن محتوى هذا الكتاب البسيط والجميل والنادر في نفس الوقت.



  • إن الذين لا يعرفونك قد يدعونك بما لا يتفق مع كنهك ولذلك فهم لا يعبدونك بل هم يعبدون مخلوقا أبدعته تصوراتهم.. فأنر اللهم بصائرنا لكي نعرفك كما أنت فنحبك محبة كاملة ونحمدك كما يليق.

  • فالعبادة تكون طاهرة أو منحطة بقدر ما تكون أفكار العابد عن الله و لذلك فإن أخطر سؤال يواجه الكنيسة هو دائما الله نفسه.

  • "ماذا يتبادر لذهنك عندما تفكر في الله؟" – لو استطعنا أن نستخلص من أي إنسان جوابا شافيا عن هذا السؤال لأمكننا أن نجزم بالمستقبل الروحي الذي ينتظر ذلك الإنسان.

  • نحن نحتاج إلي سبر مؤلم لأغوار نفوسنا إذا أردنا أن نكتشف إيماننا الفعلي عن الله.

  • إن الفكرة الحقه عن الله أساسية جوهرية... فإذا ما كانت قاصرة أم غير متزنة فلابد أن يتداعي البناء كله يوما.

  • وفي رأيي... إن الفكر المسيحي السائد في منتصف القرن العشرين عن الله لهو فكر متدهور لدرجة لا تليق لعظمة الله العلي.. وهو يشكل نكبه أخلاقية للمؤمنين الذين يعترفون لله.

  • فالأفكار الوضيعة عن الله تدمر الإنجيل لكل شخص يعتنق هذه الأفكار.

  • الإله الذي ينشأ في ظلال قلب ساقط لا يمكن أن يكون بالطبيعة صورة حقه للإله الحق.

  • "ظننت أنني مثلك" يقولها الله للإنسان الشرير في المزمور.

  • إن عبادة الأوثان في جوهرها هي احتضان أفكار عن الله لا تليق به سبحانه وتعالي... فعابد الأوثان يتخيل تصورات عن الله ويتصرف كما لو كانت هذه حقيقة.

  • علمنا يا رب إننا لا نعلم شيئا.. فأمور الله لا يعرفها أحد إلا روح الله.. فليسندنا الإيمان حيثما يفشل العقل فنفتكر عندئذ لأننا نؤمن وليس لكي نؤمن.

  • "وهكذا إذا قال أحد أنه تفهمك وأراد إبراز وسيلة بها نتفهمك فإن ذلك الإنسان لا يزال بعيدا عنك لأنك المطلق فوق كل الأفكار التي يمكن للإنسان أن يصوغها"

  • وإذا ما تركنا وشأننا فأننا نميل فورا إلي إنزال الله إلي الحد الذي تستطيع الألفاظ أن تعبر عنه / فنريد أن نضعه حيث يمكننا أن نستعمله / أو علي الأقل حيث نعلم مكانه لنستعمله عند الحاجة / نحن نريد إلها نستطيع أن نسيره بطريقة ما...

  • فإذا ما بدا ذلك كله غريبا علي الأذن العصرية فما ذلك إلا لأننا أخذنا الله قضية مسلّمة زهاء نصف قرن من الزمان.

  • .. إن أسئلة كهذه ليست مجرد أسئلة للبحث والدرس، فهي تمس أعماق روح الإنسان، والإجابات عنها تؤثر في الحياة والأخلاق والمصير وعندما يسألها الإنسان باحترام ويحاول بتواضع أن يعرف الإجابة عنها يجد إنها أسئلة تسر قلب أبينا الذي في السموات.

  • فالله كائن في ذاته ومن ذاته وهو لا يدين بوجوده لأحد.. وجوهره لا يتجزأ فليس له أجزاء بل هو واحد في وجوده الواحد.

  • فأي صفه من صفات الله إذن ليست جزء من الله .. بل هي عبارة عن كيف يكون الله.

  • فالمحبة مثلا، ليست شيئا يملكه الله قابلا للزيادة أو النقصان أو التلاشي.. أن محبته تعالي هي كيف يكون الله وعندما يحب فإنه يكون نفسه وكذلك الحال مع باقي الصفات.

  • إننا نقف أمام العليقة المشتعلة ولا نطلب المعرفة والفهم بل نطلب أن نعبدك كما يليق، أيها الإله الواحد المثلث الأقانيم.. أمين.

  • كل إنسان دائب طوال حياته علي قبول أشياء لا يمكنه أن يتفهمها.

  • كم نختلف نحن الذين اعتدنا رؤية هذه (الشمس والبحر والأشجار والأنهار) وألفنا وفرة العجائب. نحن لا نتغلب علي هذه الصعوبة ببصيرتنا الخارجة بل ببساطتنا الفائقة / عدم انتباهنا / افتقارنا إلي البصيرة / إن عجبنا يبطل عندما نكف عن التفكير.

  • إن القلب يعترف بما يعلن الله دون ما حاجة إلي برهان آخر... بل أن البحث عن برهان تسليم بالشك والعثور علي برهان إنما يجعل الإيمان غير ضروري.

  • ليكن الله صادقا وكل إنسان كاذب...

  • ولا يجب أن يجرؤ علي وضع معني الكلمة في قفص الاتهام أمام عقله.

  • "دعني أطلبك في شغفي وأشغف بك في طلبي.. دعني اهتدي إليك في محبة وأحبك في اهتدائي إليك" (عن القديس أنسلم)

  • ولما كان العقل البشري مخلوقا. لذلك يسهل علينا فهم قلقه بشأن غير المخلوق.. فنحن لا نشعر بالارتياح في حضرة من هو خارج نطاق دائرة معرفتنا المألوفة.. فيساورنا الجزع والاضطراب عندما نذكر من لا يعرفنا عن كيانه، سبحانه وتعالي، الذي لا يسأل عن ما يفعل والقائم بذاته ولا يعتمد علي أحد وليست به حاجة لأحد.

  • واعترافنا بأن هناك من هو فوق مستوانا وهو كائن خارج نطاق كل أجناسنا ولا يمكن أن يمثل أما محكمة العقل ولا يخضع لاستفساراتنا الاستقصائية ... هذا الاعتراف يتطلب تواضعا كبيرا.. أكثر مما في طاقة الغالبية العظمي منا وكذلك فنحن نغطي ضحلنا بالتفكير عن الله في مستوانا نحن.. أو قل من المستوي الذي يمكننا منه تعالي... ومع ذلك فما أكثر ما يبتعد عنا... فهو حاضر في كل مكان بينما هو لا يحده مكان... إذ كلمة المكان تتعلق بالمادة والمسافة والله مستقل عن هاتين فهو لا يخضع لزمان أو حركه فهو قائم بذاته بالكلية ولا يدين بشيء ما للعوالم التي أبدعتها يده.

  • أهيه الذي أهيه .. الذات الكائن بذاته... الذي لا يتعداه فكر مخلوق

  • فالإنسان كائن مخلوق، نفس حادثة مقتبسة، لا يملك شيء من تلقاء نفسه بل يعتمد في بقاءه كل لحظة علي من خلقه علي صورته..

  • الله كل شيء والإنسان لا شيء.. كما أن شعاع الشمس يتلاشي إذا هو انفصل عن الشمس فكذلك الإنسان بدون الله يضمحل إلي فراغ العدم الذي قفز منه إلي الوجود عندما سمع الدعوة الخالقة.

  • § "السقوط" ولقد كسر عمله هذا العلاقة التي كانت قائمة بحكم الطبيعة بين الله وبين المخلوق الذي عمله وأستبعد الله كأساس الوجود وأجلس الإنسان وحيدا إلي نفسه. فلم يعد كوكب يدور حول الشمس المركزية بل غدا شمسا في حد ذاته يجب أن يدور كل شيء حوله.

  • فالإنسان الطبيعي خاطئ لا لشيء إلا لأنه يتحدي نفسية الله بالنسبة لنفسيته هو.

  • وقد يقبل عن طيب خاطر سيادة الله في كل شيء إلا في حياته "حيث يرفضها"... فبالنسبة له فإن سلطان الله ينتهي حيث يبدأ سلطانه هو.

  • علي أن النفس محتالة لدرجة أنه يكاد لا يشعر أحد بوجودها ولأن الإنسان ولد ثائرا فأنه لا يشعر بأنه ثائرا. ومحاولاته المستمرة في إثبات نفسه .. تبدو له طبيعية تماما. فهو مستعد أن يقتسم نفسه، بل قل أن يضحي بنفسه للوصول إلي غرض منشود ولكنه ليس مستعدا أبدا أن ينزل نفسه عن عرشها الذي تحتله ومهما أنزلق في الميزان الاجتماعي فهو لا يزال في عيني نفسه ملكا متربعا علي عرش. ليس أحد، حتى ولا الله، بمنتزع ذلك العرش منه.

  • وللخطية مظاهر كثيرة ولكن جوهرها واحد، فذلك الكائن ذو المسئولية الأخلاقية الذي خلق لكي يعبد أمام عرش الله، يتربع علي عرش نفسيته ويعلن من ذلك المركز الرفيع (أنا).

  • إذ هذا السؤال (ماذا نفعل؟) لهو صرخة القلب العميقة لكل إنسان يتنه فجأة إلي الحقيقة المرة وهي إنه مغتصب يتربع علي عرش مسروق.

  • لأننا إن وجهنا إرادتنا ضد إرادة الله فمعني ذلك إننا ننزل الله عن عرش النفس ونتوج الذات ملكا وحيدا بلا منازع في هذه المملكة الصغيرة.

  • إن شهادات القديسين تتفق تماما مع الأنبياء والرسل وهي أن أصل السلوك مرجعه مبدأ خفي في النفس، يحول كل ما يفعله الإنسان إلي شر.

  • إنك تطلبنا مع إنك لست بحاجة لنا... أما نحن فنطلبك لأننا نحتاجك لأننا بك نحيا ونتحرك ونوجد.

  • أما هو فلا يقبل شيئا لم يعطه هو أولا.

  • فالله له علاقة طوعية إرادية بكل ما خلقه ولكن ليست له علاقة عن ضرورة وحاجة بأي شيء خارج عن ذاته.

  • و النهر يزداد عن طريق روافده، ولكن أين هي الوافد التي تزيد من ذاك الذي منه أتي كل شيء، والذي نحيا كل المخلوقات من ملئه غير المحدود.

  • وهو في مكانته بنفسه وليس بسماح من سواه. وكما إنه ليس من يرفعه فكذلك ليس من يخفضه وكما هو مكتوب إنه حامل كل الأشياء بكلمة قدرته فكيف إذن يرفّع أو كيف يسنده من هو حامله؟!

  • وهكذا لو أن كل إنسان علي وجه البسيطة أصبح ملحدا فلن يؤثر ذلك في الله في شيء فالله هو الله بذاته بغض النظر عمن عداه، وإيمان الناس به لن يزيد شيئا إلي كمالاته، كما لا ينقصه شيئا الشك فيه وعدم الإيمان به.

  • ولكن الحقيقة أن الله لا يزيد بوجودنا ولن ينقص بزوالنا.

  • " رأيته يعمل كل شيء مهما كان صغيرا أو عظيما- فليس من شك في أن الله يعمل كل شيء ولا يحتاج معونة ولا معينا.

  • نقولها ثانية أن الله لا يحتاج من يدافعون عنه، فهو السرمدي الذي لا يدافع عنه

  • فإله يجب حمايته هو إله لا يستطيع مساعدتنا إلا إذا ساعده أحد.

  • وكل دعوي الإنسان الوحيدة لأن يكون مهما تنحصر في كونه قد خلق علي صورة الله – أما الإنسان في حد ذاته فلا شيء. فالمرنم في المزمور كذلك ... يشيرون في تهكم لاذع إلي الإنسان الضعيف الذي في أنفه نسمة حياة.

  • إن أي خليقة من خلائق الله لا يمكنها الاعتماد علي نفسها. الله وحده هو الذي يعتمد علي ذاته وكل الخلائق تعتمد عليه... فعدم الإيمان هو فعلا إيمان معكوس إذ معناه الاتكال علي إنسان مائت دون الله الحي.

  • لقد جاءنا الله في المسيح رفقا بنا ومحبة... وكان ظهور جلال اللاهوت تحت غلاف الطبيعة البشرية رحمة منه وحفاظا علي البشر.

  • ويبدو أن المسيحيين اليوم يعرفون المسيح حسب الجسد... فيحاولون أن يحصلوا علي الشركة معه بتجريده من قداسته الآكلة وجلاله الذي لا يدني منه. وهي الصفات التي حجبها عندما كان علي الأرض ولكنه اتزر بها في كمال مجدها عند صعوده...

  • الخبر المبارك هو أن الله الذي ليست به حاجه إلي أحد قد تنازل بإرادته العلية ليعمل في أبناءه المطيعين وبهم.

  • وإذا ما بدا ذلك وكأنه تناقض في القول، فليكن إذن كذلك، فإن عناصر الحق المختلفة تبدو دائما متضاربة... وأحيانا تتطلب منا أن نؤمن بما يبدو متناقض في الظاهر بينما نحن ننتظر الساعة التي فيها نعرف كما عرفنا. عند ذلك ينفجر الحق لامعا في وحدته بعد أن كان منقسما في ذاته وسيبدو واضحا إن ما كان تناقضا لم يكن كذلك في الحق نفسه بل في عقولنا التي أفسدتها الخطية.

  • (لأن الله هو العامل فيكم) فهو لا يحتاج أي أحد... ولكن إذا توفر الإيمان فهو يعمل بأي واحد.

  • إن الزمن مجرد بداءة الأشياء المخلوقة ولكن ذلك لا ينطبق علي الله لأنه لا بداءة له.

  • ما أكتر التغيير في عالمنا الصغير / عالم الطبيعة والبشر / ولكننا لا نجد عندك تغييرا ولا ظل دوران. نحن نطمئن فيك بلا خوف ولا شك ونواجه الشر بلا هم ولا كرب.

  • "كل ما هو مركب من أجزاء ليس مفردا بالكلية، بل هو نوع ما جمع ومختلف في ذاته، وقابل للانحلال نظريا وعمليا، ولكنك منزه عن كل هذه الأشياء، وليس من يعلو عليك لذلك فليس لك أجزاء يا رب، كما إنك لست أكتر من واحد بل أنت حقا واحد متحد في ذلك ولست مخالفا لذاتك في شيء. أنت الوحدة عينها لا يمكن أن تتجزأ بأي معني كان" (أنسلم)

  • وعدم تغير الله يبدو في كمال كماله إذا ما قيس بتغير الإنسان، فالتغير مستحيل في الله. وأما في الإنسان فالتغيير لا مناص منه. والإنسان ودنياه ليسا ثابتين بل هما في تغيير مستمر. فكل إنسان يظهر قليلا علي مسرح الوجود ليضحك ويبكي ويعمل ويلعب ثم يمضي ليترك مجالا للذين يأتون من بعده في تلك الحلقة التي لا تنتهي.

  • وقانون التغير يسري علي عالم ساقط وأما الله فلا تغيير عنده.

  • وفي عالم كهذا سري فيه التغير والفساد لا يمكن لإنسان أن يشعر فيه بالسعادة ولا حتى الإنسان المؤمن وهو بالغريزة يسعي وراء ما لا يتغير وهو يحزن لفراق المألوف من الأشياء.

  • علي أن التغيير أعمق وأبعد من أن يغلفه أي عمل خارجي. إذ هو ينطوي علي قبول حياة من طبيعة أخري أعلي... فالإنسان العتيق في أرقي مظاهره لا يملك سوي طبيعة آدم أما الإنسان الجديد فله طبيعة الله. وليس هذا مجرد كلمات تقال بل هو صحيح حرفيا وعندما يسكب الله في روح الإنسان الحياة الأبدية يصبح هذا الإنسان عضوا في مستوي وجودي جديد أعلي وأرقي.

  • § ... ,إذ نقترب إليه في أي وقت من الأوقات لا حاجة بنا إلي التساؤل عما إذا كنا سنجده مستعدا لأن يقبلنا أم لا... إنه دائما مستعدا ليقبلنا في بؤسنا وحاجتنا كما في محبتنا وإيماننا. ليست له ساعات عمل وساعات راحة لا يقابل فيها أحد. كما إنه لا يغير رأيه عن شيء ما. و هو اليوم وفي هذه اللحظة يشعر نحو خلائقه، نحو الأطفال والمرضي والساقطين والخطاة تماما كما كان يشعر من نحوهم عندما أرسل ابنه الوحيد إلي العالم ليموت عن جنس البشر.

  • § إن الله لا يتغير في أحواله ولا تبرد محبته ولا تنطفئ حماسته وموقفه حيال الخطية الآن هو هو كما كان عليه عندما طرد الإنسان الخاطئ من جنة عدن. وموقفه حيال الخاطئ هو هو كما كان عليه عندما فتح ذراعيه وقال "تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم"

  • § فالله لا يساوم ولا حاجة به لأن يلاطف... ولا يمكن أن يقنع لكي يغير كلمته ولا يؤثر عليه كي يستجيب صلاة أنانية وفي كل محاولاتنا لأن نجد الله ونرضيه ونتحدث إليه يجب علينا أن نذكر دائما أن كل تغيير يجب أن يكون من جانبنا " أنا الرب لا أتغير" وعلينا أن نقبل بشروطه الصريحة وأن نجعل حياتنا وفق إرادته التي أعلنها لنا وعندئذ نجد أن قوته غير المحدودة تعمل معنا بالطريقة المعلنة...

  • وأنا أمام معرفتك الكاملة كطفل صغير ساذج

  • فلو أن الله في أي وقت من الأوقات وبأي صورة من الصور قد قبل في ذهنه أي علم لم يكن له من قبل، منذ الأزل، لكان غير كامل، وكان أقل من ذاته.

  • فالله يعرف ذاته معرفة كاملة ولما كان هو أصل كل شيء ومصدر كل شيء فهو بالتالي يعرف كل ما يعرف. وهو يعرف معرفة فورية وكاملة الكمال وتشمل كل تفصيل عن كل ما هو كائن وما كان في أي مكان في الوجود وفي أي وقت مضي أو هو في ذمة المستقبل في العصور التي لم تولد بعد.

  • § ...فهو لا يكتشف شيئا أبدا ولا تأخذه دهشة ولا عجب ولا استغراب لأمر ما.... !

  • § والنفس التعسة علي حق في ارتعادها لعلمها أن الله يعرف بطلان كل مجد وهو لا يقبل الأعذار التي تحاول النفس أن تبرر بها التصرف الخاطئ لأنه تعالي يعلم علم اليقين السبب الحقيقي وراء هذا التصرف.

  • § أما نحن اللذين لجأنا لنمسك بالرجاء الموضوع أمامنا في الإنجيل فما أحلي أن نعرف أن أبانا السماوي يعلمنا علما كاملا. فليس من مشتك يستطيع أن يشتكي علينا، ولا عدو يستطيع أن يلصق بنا تهمه، ولا شبح من طيات النسيان يستطيع أن يخرج من خزانة مخفاه ليفاجئنا ويشهر بماضينا، ولا أي ضعف غير منتظر في سلوكنا يمكن أن ينكشف ليبعد الله عنا لأن الله سبق فعرفنا معرفة كاملة قبل أن عرفناه ودعانا لنفسه مع علمه الكامل بكل ما ينهض ضدنا "الجبال تزول والآكام تتزعزع أما إحساني فلا يزول عنك وعهد سلامي لا يتزعزع قال راحمك الرب"

  • § فأبونا السماوي يعرف جبلتنا ويذكر أننا تراب نحن وهو يعلم خداعنا الذي به ولدنا به

  • "...قونا لكي نغلب الرغبة في أن نصير حكماء وفي أن نشتهر بالحكمة عند أولئك الجهلاء نظيرنا. أننا نتحول عن حكمتنا وكذلك عن جهلنا لكي نهرب إليك يا من أنت حكمة الله وقوة الله... أمين"

  • "يعطي الحكماء حكمة ويعلم العارفين فهما. هو يكشف العمائق والأسرار... يعلم ما هو في الظلمة و عنده يسكن النور"

  • ... و طبيعي أن الله لا يتأثر بأفكارنا عنه فهو ما هو بغض النظر عن خلائقه.

  • ... بل أن عالمنا يرزح تحت ظل كارثة عظمي ألا و هي سقوط الإنسان...

  • إن شهادة الإيمان تقول أنه مهما بدت الأمور في هذا العالم الساقط فأن كل أعمال الله قد عملت في حكمة كاملة

  • بل إنني أتساءل هل يمكن أن بفهمنا كل ما جري هناك علي الصليب. يقول الرسول بطرس إنه حتى الملائكة لا يعرفون مهما رغبوا بحماسه أن يطلعوا علي هذه الأمور.

  • عمل الإنجيل والولادة الجديدة وحلول الروح القدس في الطبيعة البشرية في الإنسان واندحار الشر في النهاية وإقامة مملكة المسيح بالبر في النهاية. كل هذه فاضت وتفيض من ملء حكمة الله اللانهائية.

  • ومما ينيل النفس بركه حقه أن يؤمن الفرد إيمانا حيا أن الآب السماوي ينشر حولنا باستمرار ظروفا تعمل لخيرنا في الحاضر ولخيرنا الأبدي كذلك.

  • كثيرون منا يصلون قليلا في حياتهم ويخططون قليلا ويحتالون للحصول علي مركز ويأملون في شيء ما دون أن يكون لهم يقين بالحصول عليه وهم دائما خائفون أن يضلوا الطريق وذلك مضيعة للحق تدعو للأسى ولن يعطي القلب راحة أو اطمئنانا.

  • ... ومما يشجعنا ويقوينا أن نعرف كم من أعمال الله العظيمة قد عملت في السر بعيدا عن تجسس أعين الناس والملائكة.


وعندما خلق الله السموات والأرض كانت علي وجه الغمر ظلمة.


وعندما صار الكلمة السرمدي جسدا كان محمولا بعض الوقت في ظلمة رحم العذراء المباركة


و عندما مات عن حياة العالم كان ذلك وسط الظلام ولم يكن أحد يبصره في النهاية.


و عندما قام من الأموات كان ذلك في الصباح باكرا جدا لم يبصره أحد في أثناء قيامته.


كأنما الله يقول لنا " يكفيكم إنني أنا ما أنا، إذ في هذا رجاءكم وسلامكم، سأعمل ما أعمل وسوف تفهمون في النهاية، أما كيف أعمل فهذا هو سري أنا، ثقوا بي ولا تخافوا"



  • إلا إننا نعزي أنفسنا بأن الله نفسه هو الذي يضع في قلوبنا أن نطلبه ويمكننا علي نوع ما أن نعرفه ,انه يسر بأي مجهود من جهتنا ولو كان ضعيفا الإعلان عنه أو التعريف به.

  • وقد قيل عن رجال الله في القديم إنهم كانوا يسيرون في خوف الله ويخدمون الله بخوف فمهما كانت شركتهم مع الله عميقة ومهما كانت صلواتهم جريئة، فقد كانت حياتهم الدينية مؤسسة علي أن الله مهوب ورهيب.

  • و خوف الله هذا كان أكثر من الخوف الطبيعي من الخطر، كان رهبة لا يمكن تفسيرها بالعقل، كان شعورا حادا بعجز الإنسان الشخصي في حضرة الله القادر علي ك شيء.

  • وتوضح هذه  الاختبارات أن رؤيا من السمو الإلهي تضع حدا فورا لكل الجدل بين الإنسان والله، ويختفي النزاع من الإنسان ويصبح كشاول المغلوب مستعدا أن يسأل بتواضع ودعة (يا رب ماذا تريد أن أفعل؟)

  • ما أبعد هذا عما نراه الآن من المسيحيين المعاصرين، من تثبيت لذواتهم و الرعونة والطيش في كثير من الاجتماعات الروحية . والاستخفاف المروع بالذات الإلهية، مما ينهض دليلا كافيا علي العمى المطبق في القلوب. كثيرون يسمون اسم المسيح، ويتحدثون عن اله كثيرا ويصلون إليه في بعض الأحيان ولكن من الواضح إنهم لم يتعرفوا عليه.

  • سيتكلم الناس عنه كأنما ذلك الذي يعلو علي الإدراك والذي هو فوق كل تصورات الأفكار، معادل أم نظير لهم. و لو لم يكونوا يفكرون كذلك لما قالوا الرب الإله / الله العزيز / الله الطيب: فتصبح تلك العبارة لهم، ولاسيما لرجال الدين الذين ينطقون بها كل يوم مجرد كلام ومجرد اسم خال من كل معني يتصل به. و لو إنهم تأثروا بعظمته لصمتوا وأحجموا عن النطق باسمه خشوعا و إجلالا.

  • ... وتعلن جميعها أن الله موجود في خليقته وإنه لا يوجد مكان في السماء أو علي الأرض أو تحت الأرض يستطيع أن يختفي فيه الإنسان من حضرة الله – وهي تعلمنا أن الله بعيد جدا وقريب جدا في نفس الوقت!!!!!!

  • الله فوق كل شيء وتحت كل شيء وخارج كل شيء، فهو في الخارج دون أن يحتويه شيء وهو في الخارج دون أن يخلو منه شيء وهو من أعلي دون أن يرفعه شيء وهو تحت كل شيء دون أن يعلوه شيء، وهو بالكية من فوق يسود علي الكل وهو من تحت حامل كل الأشياء وهو في الداخل يملأ كل شيء.

  • ويحدثنا...... أنه شاهد المتعبدون الهندوسيين، يقرعون علي الأشجار والأحجار ويهمسون قائلين "هل أنت هنا؟ هل أنت هنا؟" إنهم يهمسون إلي الإله الذي قد يكون في الشجرة أو في الحجر. والمسيحي المستنير يأتي بكل تواضع حامل الإجابة عن هذا السؤال "نعم إن الله هناك". إنه هناك كما إنه هنا وفي كل مكان، لا تحده شجرة أو حجر بل هو مطلق في الكون كله، قريب من كل شيء وإلي جانب كل إنسان ويستطيع كل قلب محب أن يأتي إليه مباشرة بيسوع المسيح.

  • ...فليس من الأمانة في شيء أن نعد كل مؤمن بيوبيل دائم مستمر. كما أنه ليس عمليا أن نتوقعه. فكما أن الطفل يصرخ من الألم أحيانا حتى لو كان في أحضان أمه فكذلك المسيحي قد يختبر الألم أحيانا حتى ولو كان يشعر بحضور الله... ولقد أختبر المسيح الصراخ بصوت عال والدموع مع أنه لم يفارق حضن الآب لحظة واحدة.

  • والكتاب المقدس والعقل يعلنان أن الله هنا... و ما علينا إلا أن نتعلم أن نلاحظ ذلك في اختباراتنا الواعية.

  • ... وآخرين ينبرون علي تعليم الكتاب المقدس علي صلاح الله لدرجة إنهم يجعلون هذا الصلاح يتعارض مع قداسته أو إنهم يجعلون حنانه يلغي حقه وغيرهم يفهمون سيادة الله بطريقة تجعلها تلغي صلاحه ومحبته أو علي الأقل تقللها.

  • فصفات الله لا تتعارض مع بعضها البعض. وكيان الله وحيد فريد، فهو لا يمكن أن يتجزأ في ذاته ويعمل في وقت ما بحسب صفة من صفاته بينما تبقي الصفات الأخرى بلا عمل. فكل ما هو الله يجب أن يتفق مع كل ما يعمله الله فالعدل يجب أن يوجد في الرحمة والمحبة في الدينونة وهكذا الحال مع بقية الصفات.

  • و يرتكز كل رجاءنا بمستقبل سعيد علي أمانة الله، وعهوده قائمة وأمينة لأنه هو أمين، ولن نعيش في سلام وننتظر الحياة الآتية بثقة وتأكيد إلا إذا كان لنا اليقين الأكيد بأمانته تعالي.

  • و صلاح الله، باعتباره صفة من صفاته، هو من ذاته، غير محدود، كامل وسرمدي، وبما إن الله لا يتغير فهو لا يتغير في وفرة لطفه... وهو لا يحابي الوجوه بل يشرق بشمسه علي الأشرار والصالحين ويمطر علي الأبرار والظالمين. وسبب صلاحه كائن في ذاته. وكل اللذين ينعمون بصلاحه ينعمون به ليس عن استحقاق أو مجازاة.

  • و يتفق هذا مع العقل، كما تسارع الحكمة الأدبية الواعية إلي الاعتراف بأنه لا استحقاق في سلوك بشري، لا ولا في أنقي سلوك و أحسنه. و صلاح الله هو دائما أساس انتظارنا ورجائنا. و مع أن التوبة ضرورة إلا إنها لا تنال أجرة بل هي شرط لازم لحصولنا علي عطية الغفران التي يمنحها الله لصلاحه. و كذلك الصلاة لا تستحق أجرة في ذاتها، وهي لا تلزم الله ولا تجعله تحت دين لإنسان ما، بل هو يستجيب الصلاة لأنه صالح وليس لسبب آخر. و كذلك الحال مع الإيمان فهو لا يستحق ثناء بل هو الثقة في صلاح الله، وعدم الإيمان هو نقد لسجايا الله القدوس.

  • ويمكن تغيير نظرة البشر جميعا لو أننا جميعنا آمنا بأننا نعيش تحت سماء صديقة، وأن اله السماء تواق إلي مصادقتنا مع إنه عال في قوته وجلاله.

  • ولكن الخطية جعلتنا متخوفين ووجلين وهذه نتيجة حتمية. و لقد أنتجت فينا السنون الطويلة من العصيان علي الله خوفا لا يمكن قهره في يوم واحد. و الأسير لا يدخل بفرح وسرور إلي حضرة الملك الذي حاربه طويلا ليقهره، ولكن بدون جدوى. ولكن إذا ما كان ذلك الأسير نادما ندما حقيقيا فعندئذ يستطيع التقدم إلي الله واثقا في لطف لله، وعندئذ لا يحسب عليه ماضيه.

  • ولعل إنسانا يرغب مخلصا في أن يتصالح مع الله بالرغم من خطاياه السابقة ويسأل بحذر "إذا ما أتيت الي الله فكيف يعاملني؟ ما هو استعداده؟ كيف سأجده؟"


و الجواب هو: إنك ستجده كيسوع تماما... فلقد مشي المسيح مع الناس علي الأرض حتى يريهم كيف يكون الله، ولكي يظهر طبيعة الله الحقة لأناس تكونت لديهم أفكار خاطئة عنه. هذا واحد فقط من الأشياء التي عملها عندما كان في الجسد، ولقد عمله في كمال جميل.


ونتعلم منه كيف يتصرف الله حيال الناس. فالمنافق وغير المخلص غير مكترث ومبتعد كما وجدوا يسوع مرة، ولكن التائب سيجده رحيما، والنادم سيجده كريما و شفوقا، وهو صديق للخائف، وغافر للمساكين بالروح، ومترفق بالجهال، ولطيف بالضعفاء ومضيف للغرباء.


ويمكننا أن نحدد طريقة قبوله لنا بموقفنا نحن منه. و مع أن لطف الله نبع من الود أبدي لا ينضب معين مائه، إلا إنه لا يجبرنا علي قبول حبه، فإذا ما أردنا أن نجد الترحاب الذي قوبل به الابن الضال وجب علينا أن نأتي كما جاء الابن الضال، وعندما نأتي كذلك فسوف نجد مائدة من الترحاب في الداخل وموسيقي ورقصا إذ يضم الآب السماوي ابنه الراجع إلي قلبه حتى ولو وقف الفريسيون و الناموسيون خارجا كارهين محتجين.


إن عظمة الله تثير فينا الخوف والهلع فينا، ولكن صلاحه يشجعنا علي ألا نخاف منه. و من متناقضات الإيمان أن نخاف ولا نفزع.


 


 


 




[1] قمنا بترجمة أجزاء منه ونشرناها مبكراً في قسم "خواطر وأفكار واقتباسات" بموقعنا على الإنترنت:


http://www.arabic-christian-counseling.com/index.php?option=com_content&view=article&id=125:2008-06-10-22-46-18&catid=11:2008-06-10-21-20-02&Itemid=11


 


http://www.arabic-christian-counseling.com/index.php?option=com_content&view=article&id=124:2008-06-10-22-45-35&catid=11:2008-06-10-21-20-02&Itemid=11


 


http://www.arabic-christian-counseling.com/index.php?option=com_content&view=article&id=76:2008-06-10-22-12-35&catid=11:2008-06-10-21-20-02&Itemid=11