لماذا أخشى أن أقول لك من أنا؟

لماذا أخشى أن أقول لك من أنا؟
  • اسم المؤلف جان باول اليسوعي
  • الناشر دار المشرق
  • التصنيف مشكلات شائعة
  • كود الاستعارة 13/ 3
نبذة مختصرة عن الكتاب:

يبدأ الكاتب باقتباس بول تورنييه وهو يقول: "لقد لفت علم النفس الحديث إلى حقيقة تعلُم الإنسان كيف يساعد الإنسان المحتاج له بأن يُصغي إليه ويفهمه. ومن أراد أن يعرف نفسه بوضوح عليه أن يفتح قلبه لشخص ينتقيه بملء حريته ويكون جديراً بتلك الثقة". من هذا المنطلق، يقدم الكاتب الدعوة التالية والتي هي موضوع الكتاب: "إذا حدث أن كشفت لك عن ذاتي بصدق فلا تجعلني أشعر بالخجل". ولكن الواقع البشري يقول أن مخاوفنا من ردود الأفعال إنما تدفعنا للاحتماء وراء أدوار وأقنعة تتحول إلى ردة فعل عفوية. وقد توصل "هاري ستاك سُلِفن" أحد أبرز علماء التحليل النفسي إلى قناعة راسخة بأن كل نمو إنساني وكل أذى وانكماش وكل تقدم ونمو شخصي كلها وليدة علاقاتنا بالآخرين. فإن لم تساعدني لن أتمكن من النمو ولن أكون سعيداً ولن أعيش وفرة الحياة، أما إذا ساعدتني، أتعرف على خفايا نفسي بطريقة أعمق.


"ولكن إذا قلت لك من أنا قد لا أعجبك، وذاك هو جل ما أملك".
وهنا يشير الكاتب ، من خلال نظرية د. إريك بيرن، إلى الألاعيب، والأدوار الطبيعية (طفل، بالغ، والد) التي يلعبها البشر والتي برمجتها لهم خبراتهم وتاريخهم النفسي. بالنسبة للألاعيب فنحن نلجأ لها نتيجة الخوف وقلة ثقتنا بأنفسنا. ولو تواجهنا مع عواطفنا بصدق لانجلت أمامنا بوضوح نماذج مثل (صرخات الاستغاثة) وهالة (المخلص) كألاعيب خفية نقوم بها. أيضاً يقول الكاتب أن دور الطفل لا يجعلنا نُحسن الاتصال بالآخرين، وكذلك الألاعيب مثل من نصَّب نفسه مخلصاً للآخرين، كأحد تلك الألاعيب. لكن الصدق يحتم لنا الحقيقة، أي الكشف عن حقيقة عواطفنا المكبوتة وقبولها كما هي، حيث أن "ما أستطيع أن أعرفه في نفسي هو ما كانت لديَّ الشجاعة أن ائتمنك عليه" حسبما يقول الكاتب. فنحن في حاجة إلى وقفة صدق مع أنفسنا تتحول إلى حالة صدق مستديمة وعلينا أن نسأل أنفسنا ونحن في عمق لقاء حميم مع العقل والقلب هذا السؤال: ما هي الألاعيب التي نلجأ إليها؟ وماذا أحاول أن أخفي؟ وما الربح الذي أتوقعه من هذا السلوك؟


يقتبس الكاتب قول كارل روجرز عن الشخص النامي الكامل الفاعلية "إن النمو عملية تدوم مدى الحياة وهي مسيرة ديناميكية"، فالشخص النامي متجدد تجدد الضوء كل يوم. فحين تقابل نفس الشخص في الغد، يقول الكاتب، حدق بوجهه ويديه وأصغ إلى صوته وأبحث عن الجديد عنده، إنني على يقين أنه قد تغير. فالتغير هو أهم شروط النمو الشخصي.


أما إبراهام ماسلو فيقول أن الشخص المحقق لذاته هو "الشخص الكامل الإنسانية". والشخص الكامل الإنسانية يحافظ على الاتزان بين وجهه الداخلي ووجهه الخارجي، فالذي يبالغ في الانكماش على نفسه يريد أن يصبح محور الدنيا، والذي يبالغ في الانبساط يرمي ذاته خارجاً فيفتقر للعمق. لكن النمو يعني التغيير، ويعني أن يقبل الإنسان ما هو عليه جسدياً وعاطفياً وعقلياً لأنه أصغى إلى ما يجول في أعماقه وتفحصه وأحبه. واختباره هذا يتجدد كل يوم فتتجدد شخصيته دون توقف، ووجهه الخارجي يكون شخص منفتح على محيطه الخارجي بعمق وشفافية.


و يحذر الفيلسوف الألماني"مارتن هيدغير" من خطرين يُخشى منهم على النمو وهما:




  • الارتياح المكتفي بذاته.

  • والنقيض لذلك.



والنتيجة هي هجر الذات. فعلينا أن نعتنق ونشغف بمن نحن، ونطمع في الوقت نفسه لنبلغ ما هو أكمل، لأن الإنسان الكامل فاعل وليس رد فعل.


ثم يتعرض الكاتب لمفهوم اللقاء مقابل علاقة الشخص مع الشيء. فيقول أن اللقاء في لغة علم النفس الوجودي يشير إلى علاقة خاصة بين أثنين وهو مشاركة أو صلة حميمة توصل إليها شخصان، وهو وجود يتصل بوجود آخر. ويسمي "كابريال مرسيل" هذه العلاقة بالصلة الكيانية أي الانصهار. ويقول "إريك فروم" لا يمكنك أن تحب شخصاً دون أن تزيد محبتك لكل إنسان. ومن فوائد العلاقة الحميمة:




  • أنها لقاء صادق بين شخصين ووضوح هوية كل منهما للآخر.

  • تحول السلوك الغير ناضج عند طرفي اللقاء.



ويقول كولد برونر: "عندما أبوح بأعمق ما عندي للآخر ما النتيجة السريعة الحتمية؟ أن الآخر ينفتح ويعبر عن نفسه بصدق، وهذا معنى اللقاء." وفي العلاقة الحميمة العميقة من الواجب التعبير عن العواطف والانفتاح لبناء العلاقة. ولكن لا يجب أن ننسى أن أسرارنا جزء منا فلا نفصح عنها إلا للشخص الناضج الأمين عليها، فنحن دائماً نتوق إلى أن يفهمنا الآخرون، وإذا تعذر وجود من يفهمني ويقبلني كما أنا، أشعر أنني في غربة. فالعواطف بحد ذاتها (لا هي حسنة ولا هي سيئة) فيقول علم الطب السيكوسوماتي أن كبت العواطف من أهم أسباب الإرهاق والمرض في مجتمعنا. إنما يجب أن تتكامل العواطف مع العقل والإرادة، فلا نكبت عواطفنا بل نختبرها ونقر بوجودها ونقبلها تماماً حتى لا تـُسيرنا فنفتقر للنضج، بل أن يكون الشخص متكامل متزن في تعامله مع عواطفه.


وهنا يتعرض الكاتب للحيل/ الآليات الدفاعية اللاشعورية التي يتخذها الإنسان للدفاع عن الذات، حيث يقول العالم النفسي الكبير "ألفريد أدلر" إن الطبيعة البشرية تحاول أن تعوض عن بعض العاهات التي تصيب الإنسان مثل الكسر الذي يصير أقوى مما كان عليه قبل كسره. هذه الحيل مثل الإبدال، وهو البحث عن (كبش فداء) وهو تغطية واقع غير مريح لا نستطيع الإقرار بوجوده فنكبته ونشدد على شيء آخر غير مربك لنا، أو أن نـُقر بالخوف من أمر تافه لنخفي خوفاً أكبر لا نقدر أن نُقربه. أيضاً يمكن أن يستخدم الإنسان الإسقاط ، حيث نخلع نقائصنا وننسبها للآخرين. فمن صلب طبيعتنا أن نبغض في الآخر ما لا يمكننا قبوله في أنفسنا. والحيل التي نلجأ لها تنبع دائماً من نمط الحياة الذي ننتقيه مثل نمط المنافس، والممثل، ورديء الطبع، والسافر، والمغرور، وشخصيات أخرى كثيرة. ولكي نعيش الحياة بملئها علينا أن نتعلم كيف نستعمل الأشياء ونحب الإنسان وليس العكس أن نحب الأشياء ونستعمل الإنسان.


فإذا كنت ترفض أن تكبر فإن ذاك شعار مريح ولكنه أيضاً خدعة مضللة.