الطبيعة البشرية

الطبيعة البشرية
  • اسم المؤلف ألفريد أدلر
  • الناشر المجلس الأعلى للثقافة
  • التصنيف مشورة وعلم نفس
  • كود الاستعارة 94/ 2
من أشهر كتب ألفرد أدلر، إن لم يكن أشهرها على الإطلاق هو هذا الكتاب الذي نقدمه اليوم عزيزي القارئ، وقد قدمنا لنفس العملاق أدلر رائد علم النفس الحديث (أو ما أسماه هو بعلم النفس الفردي) وأدق من درس النفس الإنسانية كتاب سابق في أحد الأشهر أقل أكاديمية من كتابنا الحالي، تحت عنوان "معنى الحياة".
ويبدأ أدلر كتابه هذا بالعبارة المتحدية التالية "إن أشق شئ على الإنسان فعله هو أن يعرف نفسه، وأن يغير من نفسه"، ويا له من تحد ضخم يقع على عاتق النفس البشرية. فالإنسان الفرد وحده هو من يقع على عاتقه مهمة فهم نفسه والعمل على تغييرها، فمصير الإنسان يكمن في روحه حسبما يقتبس أدلر من هيرودت في مقدمة هذا الكتاب.

يقول أدلر أن الأساس الذي بُنيت عليه النفس البشرية قد تشكل خلال المراحل المبكرة من الطفولة وأن الخصائص التي نلحظها على الشخص البالغ ما هي إلا انعكاس مباشر للخبرات التي مر بها خلال مرحلة طفولته، كما وأن الفرد يحتفظ بالميول نفسها في كل من مرحلتي الطفولة والبلوغ. وهكذا فإن فحص نفسية الطفل هو حجر الأساس لهذا العلم. وفي الوقت نفسه قد تم اختبار طرقاً لمنع نمو وتطور الميزات السيئة في الشخصية في محاولة لتحقيق المنفعة العامة.

ينقسم هذا الكتاب المرجعي إلى جزأين يحتويا على خمسة عشر فصلاً. يتحدث الجزء الأول عن "أساسيات نمو وتطور الشخصية"، بينما يتحدث الجزء الثاني عن "علم دراسة الشخصية".

في الجزء الأول يدرس أدلر ببراعة طبيعة النفس البشرية فيستعرض مفهوم الوعي، ووظيفة النفس وأهداف أوغايات الفرد، وبعض الوظائف النفسية كالذاكرة والخيال. كذلك الجوانب الاجتماعية للحياة الذهنية، حيث يقول أدلر أننا لن نتمكن من فهم الكيفية التي تعمل بها النفس البشرية إلا إذا فهمنا هذه العلاقات الاجتماعية. أيضاً يحلل أدلر الإحساس بالأمان والقدرة على التكيف ويشرح "الشعور بالدونية (عقدة النقص)" الذي كان هو أول من قننه كمصطلح في علم النفس. وهنا أيضاً يقدم أدلر مفهومه الشهير المسمى بالـ "الشعور الاجتماعي"، حيث يؤمن أن التكيف مع المجتمع هو أكثر الوظائف النفسية أهمية لكل من الفرد والمجتمع.
ويفرد أدلر مساحة كافية للحديث عن الطفل واعتماده الكلي على المجتمع المحيط ، والذي يجعله، أي الطفل، يجد الكثير من المعوقات والصعوبات المؤلمة في طريق إشباع غرائزه بينما يجد أفراد آخرون (البالغون) مؤهلون بطريقة أفضل منه لمواجهة مشاكل الحياة، وبهذه الطريقة فإن الطفل يتعلم قيمة القوة والحجم الكبير التي يحتاجها وهنا تبدأ الرغبة في النمو وفي أن يصبح في قوة الآخرين المجبرون على خدمته بسبب ضعفه الشديد، وهو إما أن يقلد النشاطات والطرق التي يستخدمها البالغون، إما أن يظهر ضعفه و تبدأ في التشكل فيبدأ بعض الأطفال في النمو والتطور بحثاً عن القوة من خلال التحلي بالشجاعة والثقة بالنفس وطفل آخر يتاجر بنقاط ضعفه ويحاول إظهارها بشتى الطرق، هذا بخلاف دور الإعاقات الجسدية لدى الطفل.
يقول أدلر أن فكرة العجز (الإحساس بالنقص) تتولد عندما نطالب الطفل بأن يقوم بأكثر مما يستطيع، ويؤمن أنه عاجز عن التحكم في أي شيء ما عدا شيئين: سعادة وتعاسة الكبار. فإذا لم تعامل الطفل بالجدية الكافية، فهذا يؤدي أن الطفل يستنتج شيئين:
(1) أنه غير مهم ويصبح لديه اعتقاد بأن ليس له حقوق.
(2) يبدأ التشكك في كل ما يحيط به في بيئته المباشرة ويبدأ في التساؤل عن مدى جدية وحقيقة الحياة نفسها.
كما يدرس أدلر أيضاً ترتيب الطفل بين أخوته وتأثير ذلك عليه.
وفي ملاحظاته بنهاية الكتاب، يقول أدلر بأن تحركات الطفل الأولى نحو الحب والحنان تكون ذات صلة بعلاقته بأمه فالأم تكون القدوة والمثل الأعلى الذي يحدد شكل علاقات الطفل بالعالم وهناك نوعان من الأخطاء الشائعة :
1- نوع لا تقوم فيه الأم بتأدية دورها بطريقة مناسبة وهذا يجعل أطفالها يفشلون في تطوير أي شعور اجتماعي.
2- الأم التي تبالغ بشدة وبأسلوب مؤكد حتى إن الطفل يصبح عاجزاً عن تطوير أي شعور اجتماعي تجاه أي شخص آخر.

أيضاً من أهم الخصائص النفسية التي يتحدث عنها أدلر في الجزء الأول من هذا الكتاب هو "اللاوعي"، حيث يقول علينا أن نفهم الطريقة التي يعمل بها العقل؛ أن الكثير من العمليات الذهنية تخرج في نطاق الوعي، فمثلا المثير الذي دفع للانتباه والتركيز لا يكمن في الوعي ولكنه يكمن في الاهتمامات وكلها موجودة في نطاق اللاوعي وهي جانب بالغ الأهمية من جوانب حياة النفس.

وفي فصل كامل مخصص للحديث عن الذكر والأنثي، يقول أدلر أن الرجال يشعرون بالتميز و القوة و يفرضون فكر سيادة الرجل في كل مكان حتى أن الطفل الصغير في الحضانة يشب يكره أن يتشبه بالإناث لئلا يفقد امتيازات التفوق التي للرجل، وأن تنشئة الأطفال تجعل الطفل الذكر يري انه قوي و مسيطر و يتحمل كل مسئوليات الأسرة. فإن نظرنا لتاريخ البشرية نري أن سلطة الرجل غير طبيعية و الدليل هو الكم الهائل من القوانين و التقاليد التي تضمن سيادة الرجل.


أما في الجزء الثاني من الكتاب والخاص بعلم دراسة الشخصية، فأهم ما ينبغي أن نذكره في البداية هنا هو إن ما نسميه بالمميزات الشخصية، حسبما يقول أدلر، هي محاولات للتكيف مع الذين يعيشون حولنا. وإن خصائص الشخصية لا تورث و لا تكون موجودة عند الميلاد و لكنها مكتسبة.
أما عن المحتوى الأساسي لهذا الجزء فيأخذه أدلر في شرح وتشريح ما قد يُسمى بالأمزجة أو أنماط الشخصية، والتي يقسمها أدلر إلى نمطين أساسيين ينشئا كطريق فرعي تأخذه شخصية الطفل متى واجهت صعوبات تعرقل طريق نموها المستقيم. وهذان النمطان هما كالآتي:
النمط الهجومي، وهو الشجاع، القاسي، المغرور الطموح الذي لا يعبر عن مشاعره. والنمط الدفاعي، وهو الذي يحاول أن يكون هجومي و يفشل ويصاب بخيبة أمل شديدة سريعة و يلجأ للهروب والانسحاب، وهو خائر وقلق.

أما عن التعبيرات الأخرى للشخصية، فيتحدث أدلر عن الشخص المتحذلق والمتحامل المتحيز، والشخصية الاستسلامية، والشخصية المتعجرفة، والشخصية المتدينة.
وفي نهاية هذا الجزء الثاني والأخير من كتابه يفرد أدلر فصلاً عن المشاعر والعواطف، ويقسمها إلى:
مشاعر اختيارية: الغضب - الحزن الشديد – الاشمئزاز – الخوف.
مشاعر مترابطة: السعادة - التعاطف – التواضع.