ترك كل شئ

أوزوالد تشيمبرز ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٢

"ها نحن تركنا كل شئ وتبعناك" (مر10: 28)

إن ما تظهره إجابة ربنا في الواقع، هو أن الترك ينبغي أن يكون لأجله وليس لأجل ما سيجنيه تلاميذه كعائد لتركهم. لذلك كم ينبغي أن نحذر من الترك بروح المبادلات التجارية: "إنني سأكرس نفسي لله لأني أريد أن أتحرر من الخطية، أو لأني أريد أن أصير قديساً". كل هذا سيصير للإنسان نتيجة استقامته مع الله، غير أن تلك الروح ليست من جوهر طبيعة المسيحية. فالترك في المسيحية ليس هو من أجل أي شئ على الإطلاق. لقد تحولنا إلى المتاجرة حتى أننا نذهب إلى الله من أجل شئ ما نحصل عليه منه فقط وليس من أجله هو نفسه. هذا يشبه قولك: "لا، يا رب، أنا لا أريدك أنت، أنا أريد نفسي؛ أريد نفسي نقياً وممتلئاً من الروح القدس؛ أريد أن أوضع في معرضك حيث أكون قادراً أن أقول: "هذا ما صنعه الله لي!".
إن نحن تركنا شيئاً ما لله لأننا فقط نريد عائداً أكبر، فتركنا هذا لا يمت للروح القدس بأية صلة، ويكون مجرد عملية تجارية حقيرة لأجل منفعة الذات. حتى لو كان لأجل أن نرث السموات، أو أن نتحرر من الخطية، أو حتى لكي نكون نافعين لله، فهذه الأمور كلها لا تدخل قط كاعتبارات في الترك الحقيقي الذي هو تفضيل شخصي فائق ليسوع المسيح نفسه.

إن المحك لحقيقة الترك عندما نواجه عوائق الصلات الطبيعية هو في هذا السؤال: أين يكون يسوع المسيح؟ إن أغلبنا يهجره: "نعم يا رب، إنني أسمع دعوتك؛ ولكن هناك في الطريق أمي وإخوتي ومصلحة نفسي، ومن ثم لا أستطيع أن أذهب معك أبعد من ذلك". حينئذ يقول يسوع: "لا تقدر أن تكون لي تلميذاً" (لو14: 26-33)
إن اختبار الترك يواجه دائماً التكريس الطبيعي. لا تتراجع عن الترك، عالماً أن تنازل الله ذاته سيشمل بعنايته كل الذين كان عليك أن تجرحهم بتركك إياهم. إن أغلبنا – للأسف – لا يمارس الترك إلا بمجرد التخيل فقط.

من كتاب :أقصى ما عندي لمجد العلي
للمؤلف : أوزوالد تشيمبرز
قراءات يومية – 12 مارس