صرخة شخص في عالم غير شخصي

ابتسام عدلى ٢٢ أكتوبر ٢٠٢٠

 

ما هذا الجنون؟

إنه جنون المادة، إنه سجن بلا قضبان. إنه الموت في صورة حياة، بل إنه الحياة التي بلا روح، إنها حياة الجسد!

مسكين هذا الإنسان فهو يسكن اللامسكن ويعيش الموت في كل يوم، في الموت، للموت فهو يحيا

اللاحياة

واللاوجود

                    واللاروح

لكنه  يأكل ويشرب ويتحرك ويعمل ويدخل ويخرج، ويأتي ويذهب، وفي كل هذا رائحة الموت وهذا هو الجنون!

اللاروح، اللامعنى، اللأبدية، اللاوجود إنه المحدود، إنه المسجون، إنه الفناء، لا بل إنه العدم!

 

ومازال يصرخ!   

لماذا الوجود، ولماذا الحياة، لما كل هذه المعاناة؟ ما الهدف، ما هو المعنى؟ أين هو المعنى، لماذا أنا هنا؟

وهل الإجابة سهلة أم صعبة؟ أم هي جدًا مستحيلة!

لماذا أوجدتني، لماذا أتيت بي إلى هذا العالم اللاشخصي؟ هلم نتحدث، هلم نتكلم سويًا، هلم فتعرفني، أريد أن أعرفك، لابد أن اعرفك، لأنك تريد أيضًا أن تعرفني، لكن كيف ذلك؟ ألم تخلصني، ألم تصنعني، ألا تعرف كل شئ فيّ، إلا قد فحصتني ومحصتني، فلما إذن تزعج نفسك بيّ، هل لأنها ... لقلبك أم لأنها ... لكلينا. نعم إنها كذلك، إنها كذلك لي، ولكن هي كذلك لك، كيف لا أعرف، لا أفهمن لكني أريد وأحب وأتوق لأن أعرف!!!

مسكين هو الإنسان!

فهو موجود بين شقي الرحى بين حياة لها مطالبها، قواعدها وبين حياة أخرى لها أيضًا مقاييسها وقيمها!

هل لذلك المخلوق أن يحيا بالإثنين معًا! وكيف له ذلك؟

كيف لتلك المعادلة من أن تتحقق؟

وكيف له أن يعيش المقياس الإلهي، لأن الإنسان حياته ليست من أمواله، ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان

فكيف له أن يسمو فوق الحياة وهو يعيش هذه الحياة فهل من طريق؟

إن كل الحلول ستبدو مستحيلة، غير واقعية ولا تنطبق على الإنسان وذلك ببساطة لأنه إنسان!

فهل هناك من طريق يبدو له أنه ممكن أم على الإنسان أن ينتظر الغير ممكن؟

لابد من السمو، لابد من أن يعلو فوق الحياة ولكن كيف؟

إن سمو الإنسان أساسًا يحدث في فكره فهو في رحلة طالت أو قصرت، لها شروطها لكي تكتمل، حتى مايصل إلى نقطة النهاية.

لابد أن يعرف المقاييس والمعايير والشروط التي يمكنها أن تأخذ به إلى هناك!

مسكين هو الإنسان!

 

ابتسام عدلي