ملاحظات على النهضات الكنسية

جي. سي. رايلي ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٢

سأشعر بأسف شديد لو أن اللغة التي استخدمها عن النهضات قد أُسئ فهمها. ولتجنب ذلك سوف أقدم بعض الملاحظات القليلة على سبيل الشرح. لا يوجد من هو أعمق امتنانًا مني من أجل النهضات الدينية الحقيقية. فأينما وجدت وأيا كانت الجهة التي تنظمها، فإنني أود أن أبارك الله من أجلهم من كل قلبي.

"إذا كان المسيح يُبشَّر به" فإنني أفرح أيا كان الواعظ. وإذا كانت النفوس تخلص، فإنني أبتهج أيا كانت الجهة الكنسية التي تخدم كلمة الحياة. لكنها حقيقة محزنة أنه، في عالم مثل هذا، لا يمكنك أن تحصل على الجيد دون الرديء. لا يراودني تردد في أن أقول إن واحدة من نتائج حركة النهضة كانت ظهور نظام لاهوتي أجدني مضطرًا لوصفه بأنه معيب ومؤذٍ إلى أبعد حد. الملمح الأساسي في النظام الذي أُشير إليه هو هذا: التعظيم الزائد وغير المتجانس لثلاث نقاط روحية وأعني بها: التجديد اللحظي – دعوة الخطاة غير المجددين للإتيان إلى المسيح – وامتلاك فرح وسلام داخليين كدليل على التجديد. أكرر أن هذه الحقائق العظيمة (وهي كذلك حقًا) تقوم بعض الدوائر بوضعها في صدارة المشهد بصورة دائمة ومُقصية لكل أمر آخر، إلى درجة أن ذلك يسبب ضررًا كبيرًا. لا شك أن التجديد اللحظي يجب تقديمه للناس. لكن لا شك كذلك أنه لا يجب أن يُقادوا للتفكير أنه لا يوجد نوع آخر من التجديد، وأنهم ما لم يعودوا لله بصورة مفاجئة وقوية، فإنهم ليسوا بمتجددين على الإطلاق. إن مهمة العودة للمسيح في التو "كما نحن" يجب تعليمها لكل السامعين. إنها حجر الزاوية في المناداة بالإنجيل. لكن لا شك أنه يجب إخبار الناس بأن يتوبوا كما أن يؤمنوا. يجب إخبارهم لماذا عليهم أن يأتوا إلى المسيح وما الذي ينتظرهم ومن أين ينبع احتياجهم هذا. ويجب إعلان اقتراب السلام والتعزية في المسيح. لكن لا شك أنه يجب تعليم الناس أن امتلاك الأفراح الداخلية القوية والحالة المعنوية المرتفعة ليس ضروريًا للتبرير، وأن الإيمان والسلام الحقيقيين قد يتواجدان دون مثل تلك المشاعر المنتشية. الفرح وحده ليس برهانًا أكيدًا على النعمة. ويبدو لي أن عيوب النظام اللاهوتي التي أراها هي ما يلي:

(1)      عمل الروح القدس في تجدي الخطاة يتم تضييقه وتحجيمه في أسلوب واحد فقط، فليس جميع المتجددين يتجددون في لحظة مثل شاول وسجان فيلبي.

(2)      لا يحصل الخطاة على تعليم كاف بشأن قداسة الشريعة الإلهية، وعمق خطيتهم والذنب الحقيقي للخطية. فالدأب على دعوة الخاطئ "ليأتي للمسيح" قليلة النفع، ما لم تخبره لماذا عليه أن يأتي، وتوضح له خطاياه بالكامل.

(3)      لا يتم شرح الإيمان بطريقة مناسبة. ففي بعض الحالات يتعلم الناس أن مجرد الشعور إنما هو إيمان. وفي أحيان أخرى يتعلمون أنهم إذا صدقوا أن المسيح قد مات من أجل الخطاة فإنهم بذلك يمتلكون الإيمان! بهذا الشكل يكون الشياطين مؤمنين!

(4)      يتم اعتبار امتلاك الفرح واليقين الداخليين ضروريًّا للإيمان. بيد أن اليقين بالتأكيد ليس من جوهر الإيمان المخلص. فقد يكون هنالك إيمانًا ولا يوجد يقين. فأن نشدد على ضرورة أن يبتهج جميع المؤمنين بمجرد أن يقبلوا الإيمان، فإن ذلك أمر خطير. إنني على يقين بأن البعض سوف يبتهجون دون أن يؤمنوا، بينما البعض الآخر سوف يؤمنون دون أن يكونوا قادرين على الابتهاج في نفس اللحظة.

(5)      أخيرًا وليس آخرًا، يحدث تجاهل كبير لسلطان الله في خلاص الخطاة، وللضرورة المطلقة "للنعمة السبَّاقة" Prevenient Grace. الكثيرون يتحدثون كما لو أنه يمكن تصميم التجديد من أجل متعة الإنسان، وكما لو أنه لا توجد نصوص مثل: "فإذا ليس لمن يشأ ولا لمن يسعى، بل الله الذي يرحم" (رو 9:16). إن الأذى الذي يحدثه النظام اللاهوتي الذي أشير إليه إنما هو ضخم في رأيي. فمن جهة، يصاب الكثيرون من المسيحيين المتواضعين الذهن بإحباط وفشل عظيمين. فهم يتوهمون أنهم لا يمتلكون أية نعمة لأنهم يعجزون عن الوصول إلى الدرجات العالية من الروح المعنوية والمشاعر المؤقتة التي يتم جذب انتباههم إليها. على الجانب الآخر، ينخدع بعض مفتقدي النعمة مفكرين أنهم قد "تجددوا"، لأنهم تحت ضغط استثارة المشاعر الجسدية يضطرون للاعتراف بإيمانهم. وطوال هذا الوقت يراقب عديمي الذهن وغير المؤمنين الأمر بازدراء، مستخلصين أسبابًا جديدة لإهمالهم الدين بصورة كليّة. الترياق لحالة هذه الأمور التي آسف بشدة لها واضحة وقليلة.

  • قم بتعليم "كل مشورة الله" في تناسب كتابي؛ ولا تسمح لعقيدتين أو ثلاث من الإنجيل تلقي بظلالها على جميع الحقائق الأخرى.
  • علِّم عن التوبة بصورة شاملة كما الإيمان، ولا تبقها في الخلفية بالكامل. كان الرب يسوع والرسول بولس يعلمان دائمًا عنهما كليهما.
  • اعرض تنوع أعمال الروح القدس بأمانة وادع الناس للإقرار بها؛ وبينما يتم دعوة الناس إلى التجديد اللحظي، يجب أن تعلمهم أنه ليس ضرورة.
  • دع أولئك الذين يعترفون بشعورهم الفوري بالسلام ينتبهون لأن يختبروا أنفسهم جيدًا، وأن يتذكروا أن الشعور ليس هو الإيمان، وأن "الثبات في العمل الحسن" هو أكبر دليل على حقيقة الإيمان (يو8: 31).
  • شجِّع جميع من هم على وشك أن يعترفوا بإيمانهم على مسؤولية "حساب النفقة" العظيمة، وأخبرهم بصدق وإخلاص بأنه، في خدمة المسيح، هنالك حرب كما أن هناك سلامًا، هنالك صليب كما أن هناك إكليلاً. إنني متيقن أن أكثر شئ يجب أن يُخشى منه في الدين إنما هو الانفعال غير الصحي، لأنه غالبًا ما ينتهي إلى رد فعل كارثي ومدمر للروح وإلى موت كلي. وعندما يوضع الجماهير تحت ضغط التأثيرات الدينية، فإن ما يتبع ذلك بالتأكيد هو الانفعال غير الصحي. إنني لا أثق كثيرًا في أصالة التجديد عندما يُقال أنه قد حدث في وسط حشود كبيرة. فإنني لا يبدو لي متوافقًا مع تعاملات الله العامة في هذا التدبير. فإنني أرى أن خطة الله الطبيعية هي أن يدعو أفرادًا واحدًا تلو الآخر. لذلك، عندما أسمع أن عددًا كبيرًا قد تجدد فجأة معًا، فإنني أسمع ذلك برجاء أقل من البعض. إن أكثر النجاحات صحة واستمرارًا في حقل الإرساليات بالتأكيد ليست حيث يقبل أهل المكان للمسيحية أفواجًا. يبدو لي أن أكثر الأعمال إرضاءً ورسوخًا في البيت ليست هي الأعمال التي تحدث في النهضات. هنالك نصان كتابيان أود من كل من يعظون بالإنجيل، وخاصة ممن لهم علاقات بالنهضات أن يفسروهما بصورة مستمرة وشاملة في هذه الأيام.

النص الأول هو مثل الزارع. هذا المثل لم يرد ثلاث مرات إلا لسبب وجيه ومعنى عميق. النص الثاني هو تعليم ربنا عن "حساب النفقة"، والكلمات التي تكلم بها إلى "الجموع الكثيرة" التي رآها تتبعه. من الجدير بالملاحة أنه في تلك المناسبة لم يقل شيئًا لكي يتملق أولئك المتطوعين أو يشجعهم على اتباعه. كلا: لقد رأى ما تفرضه حالتهم. لقد قال لهم أن يتوقفوا و"يحسبوا النفقة" (لو 14: 25 وما بعدها). أشك في أن يتبنى بعض الوعاظ المعاصرون نفس طريقة التعامل.

 

الأسقف/ جي. سي. رايلي

من كتاب: "دعوة للقداسة"