تعليق على مقال عن المرأة العربية

اشرف فلتس ٢٢ أكتوبر ٢٠٢٠

تعليقاً على مقال ، بجريدة المصرى اليوم – بتاريخ 13-11-2013
بعنوان : مصر أسوأ دولة عربية تعيش فيها المرأة ...


ماهذا الهراء .. ماهذا السقوط و الفساد الأنسانى الذى نعيش فيه ...
أهاكذا تعيش من هى مخلوقة على صورة الله و مثاله ، أهاكذا قُدر لها أن تُواجه الحياة التى أُعطيت لها ...


فمنذ مولدها .. حتى قبل مولدها ، عندما يعلمون الأبوين أن المولود القادم هى أنثى .. يمتقع وجهيهما و ترتسم أبتسامة من عدم الرضا على شفاههما و بالرغم من ذلك ينكرون أحساسهما المتدنى بقولهم " اللى يجيبوا ربنا كويس " .. و قد يصبح هذا الشعور أكثر حدة لاسيما إذا كانت الجنين - القادم إلى الحياة - لها من الأخوات البنات ممن سبقوها إلى هذه الحياة -المؤلمة - .


ثم ماذا .. تدلف هذه الطفله الرضيعة إلى الحياة و هى لم تقترف شيئاً ألا كونها أنثى ، حتى هذه لم تكن هى السبب فيه - بالرغم أننى أرى أن هذا – أى كونها أنثى - أمتياز و مدعاةً للفخر.


و منذ اللحظة الأولى .. عندما تتأملها أمها ، تتذكر هذه المقولة الفاسدة " يا مخلفه البنات .. يا شيلة الهم للمات " .. و هاكذا تستوطن الهموم عقل و تعشش داخل قلب الابوين تفكيراً فى مستقبل هذه المخلوقة.


و عندما تخطوا هذه الرضيعة إلى شهورها الأولى و تبدأ فى أظهار أبتسامتها الملائكية .. ما كان من الوالدين أحياناً ألا أن ينظروا إليها و كأنهم يقولون "علامَ تبتسمى ؟! .. و أنتِ انثى ينتظرك مستقبل مجهول ..! " .. و هاكذا فأن أفكار المجتمع العفنة قد شَكلت فكر الأباء - و أحياناً المثقفين منهم ايضاً - فى أتجاه التقليل من شان هذه الوليدة و قدرتها على مواجهة الحياة... الأمر الذى بالضرورة ينتقل إليها فى عملية فكرية شعورية و لا شعورية.


و هاكذا تنشأ هذه الطفلة الأنثى فى حياة غير متزنة و ينالها - كما ينال أخوها الذكر- من الأضطرابات فى طفولتها المبكرة و لكن بصورة ربما تكون أكثر تشويهاً و احياناً متعمدة - فقط لكونها أنثى.


حتى فى المدرسة .. فأن تعبيرها عن نفسها يصبح "لا يليق" .. أو كما يسميه المجتمع الفاشل "عورة" .. و تتبنى هى هذه الفكرة رويداً رويداً حتى تصدقها .. بل و تتبناها هى مع أقرانها من البنات .


تتعلم أن فى اللغة العربية فأن المخاطب المفرد " الغير محدد " هو للمذكر و أيضاً المخاطب الجمع هو للمذكر و أن ليس لها نصيب حتى فى اللغة.


و هاكذا تشب هذه المخلوق فى بيئة فاسدة ، و هى ضحية لمفاهيم مغلوطة .. تشكل صورتها الذاتية عن نفسها و أيضاً كيف ترى الحياة.


فبلرغم أنها فى دراستها متفوقة إلا أنها تشعر فى قرارة نفسها أنها أقل من الرجل .. و هنا تبدأ عملية أعداد صيد الفريسة و الأجهاز عليها .. يبدأ الأبوين - لاسيما الأم - فى غرس الثقافة المجتمعية مثل "ضل راجل ولا ضل حيطة".. انهم يريدوا أن يتخلصوا منها بمجرد أنتهائها من الدراسة بدفعها إلى الزواج تحت شعار انهم يحبونها و يتمنون لها السعادة. عن أى سعادة يتحدثون و بأى شعار يتشدقون ، هل السعادة هى فى الزواج ؟؟!. و كأنهم يريدوا أن ينهون جريمتهم الشنعاء التى بدأت عندما فكروا فى انجاب أنسان إلى الحياة حتى الخلاص منه نهائياً .. و هم لايدرون أنهم – بهذا - يعترفون أنهم مذنبون أدبياً و أخلاقياً و أن جريمتهم مع سبق الأصرار و الترصد.


و يبدأ المجتمع بدوره فى أستكمال لعبته القذرة و تعريض البنت لأقصى أنواع الأهانه .. و هاكذا فأنها عندما تأتى هنا أو تذهب هناك ، فأنه غالباً ما يلاحق مسامعها عبارات من الأبتزال و التحرش اللفظى .. فأن لم تلتفت أليه فأنه ينالها قسطاً وافراً من التجريح و الأهانة .. و فى بعض الأحيان فأن الأمر قد يتطور إلى ماهو أبعد من ذلك.


حتى أنها تهيم على وجهها تريد أن تتخلص من هذا المجتمع البغيض و هؤلاء الأبوين .. كل الطرق تدفع إلى الهروب - أقصد الزواج.


و هاكذا إذا تم أختيار العريس لها ، أو حتىإن قُدر لها أن تختاره بنفسها - أى بتشوهاتها الفكرية و قيمها الغير صحيحة التى تبنتها من المجتمع . فأنه غالباً ما يكون الأختيار خطأ و تبدأ فى رحلة عذاب أخرى مع كائن - الذى غالباً ما يكون هو الاّخر مشوهاً.. رحلة نحو التعاسة و الشقاء.. يتخللها تكراراً أعمى للجريمة التى صُنعت بها - بدون وعى منها- فى كائن اّخر لاذنب له إلا أنه اتى إلى الحياة ، و إذا خدمها الحظ و كان أختيارها صحيحاً .. وقتها تكون هى الخطأ فى هذا الأختيار .. أرأيتم تراجيديا أكثرمن ذلك ؟؟!.


و على الجانب الاّخر .. إذا نجت من هذا الأغتيال – لسبب أو لاّخر – لا تلبث العيون أن تنهش منها و من كينونتها كأنسان كامل و كأنها حتماً ينقُص أنسانيتها شيئأ حتى انها لم تنلْ حظها فى الأرتباط .. و ايضاً يتطوع البعض - لاسيما الأقرباء و الأصدقاء - فى محاولة مساعدتها و تقديم بعض النصائح السخيفة و أتيانها ببعض الاشخاص حتى تتزوج منهم - هذه المسكينة.
أنها فعلاً مسكينة - ليس لأنها لم تتزوج و لكن لأن حظها العاثر قد أوقعها لتعيش فى مجتمع هاكذا وسط اناس منالأغبياء.


أملك الكثير و الكثير من الكلمات المُحبطة التى تصف ما تتعرض له المرأة فى مجتماعاتنا – بل قلْ فى بلادنا الحبيبة مصر !!.
و لكنى بالرغم من أكتفائى بهذه الكلمات .. لا أستطيع ان أمنع نفسى من الشعور بالغضب و الحنق من هذا المجتمع و هذا السقوط و الفساد الأنسانى ..


إلا أين نحن ذاهبون ؟؟ هل لانملك أي حلول فعالة لوقف هذه المهزلة و الدائرة المتصلة من الجرائم و الماّسى ؟؟
ولكن مهلاً .. نحتاج أن نراجع أنفسنا اولاً .. فقد تكون انا أو أنت قد لعبنا دور في بعض من فصول هذه القصة .. حينئذ نحتاج وقفة صادقة مع النفس .. و هذا- فى رأيى- بداية التغيير.


اشرف فلتس