حتى متى يا رب؟! حتى متى؟

حتى متى يا رب؟! حتى متى؟
  • اسم المؤلف مشير سمير
  • الناشر مشير سمير
  • التصنيف قصص سيكولوجية وسير ذاتية
  • كود الاستعارة 28/29

نبذة مختصرة عن الكتاب:


تمهيد


الغلاف[1].. والصراع الكبير


بروميثيوس، بطل أحد أهم الأساطير الإغريقية على الإطلاق، المُلقب بصديق البشر، فقد عُهِدَ إليه من زيوس كبير الآلهة - في أول عهدهم- بمهمة تكوين البشر. وقد أعطى بروميثيوس البشر العديد من العطايا والهبات التي سرقها من الآلهة – على خلاف رغبة زيوس، إذ كان زيوس يرى أن البشر لابدّ وأن يبقوا ضعفاء، وأن المعرفة والمهارات والمواهب لن تجلب إلا الشقاء للبشر الفانين. لكن بروميثيوس كان له رأي آخر فأعطى البشر فنون العمارة والبناء واستخراج المعادن وعلم الفلك وتحديد الفصول والأرقام والحروف الهجائية والإبحار بالسفن وفنون التداوي.. إلخ. إلا أن ما أغضب زيوس حقًا هو سرقة بروميثيوس للنار ومنح جذوة (شرارة) أو قَبَسًا منها للبشر إذ كان قد حزن لرؤية البشر في برد الشتاء محرومين من الدفء والأمن والائتناس (من الأنس) بالنور. ومع ظهور النار بدأ سيل من الاختراعات والتقدم البشري. وفي وقت قصير كان الفن والحضارة والثقافة تغزو الأرض، وصار البشر قادرين على الخلق والابتكار. وهنا غضب زيوس وقرر معاقبة بروميثيوس بأن جعله مقيدًا بسلاسل حديدية على صخرة بجبال القوقاز، حيث يأتيه كل صباح نسر عملاق ينهش كبده[2] الذي يعود لينمو من جديد في المساء، ليستمر عقاب بروميثيوس الأبدي.


في نواحٍ عديدةٍ عبَّرت الأساطير الإغريقية، والتي منها خرجت الفلسفة للوجود الإنساني، عبَّرت كعادتها عن صراع الإنسان مع الله المجهول بالنسبة للإنسان، والذي ظل مجهولًا حتى انبرى بولس الرسول بزعمه أنه يعرف هذا الإله ذو المذبح المجهول في المجتمع الهلينيستي (اليوناني، الآباء الإغريق)[3]، ومع ذلك ظل ويظل هذا الإله، محب البشر، مجهولًا للكثير من البشر الذين يصارعوا معه بلا هوادة حتى اليوم، وربما حتى نهاية الحياة.


أنا أحد هؤلاء البشر، وها هي قصتي التي قررت أن أتفرغ لتسجيلها، بعد عام الأزمة الكُبرى (2016)، بعد سنوات من محاولة فهم هذا الإله والتعامل معه.


لماذا هذا الكتاب الآن بالتحديد ؟!


"تمتع بالحياة عندما تبتسم لك. لكن عندما تعبس في وجهك، تذكر أن الله يعطينا أوقاتًا طيبة وأوقاتًا صعبة. ولا يعرف الإنسان ما ينتظره في المستقبل." (جامعة ٧: ١٣، ١٤)[4]


"وحين يأتي ضيقٌ، ادعني، وعندما أنقذك، أكرمني." (مزمور ٥٠: ١٥)[5]


 


معظم محتويات هذا الكتاب من قصائد وأشعار وخواطر شخصية دونتها في أوقات الضيق تلك الصعبة والكثيرة عبر حياتي، ولكنها ليست الدافع لنشري هذا الكتاب، فقد كانت موجودة دائمًا هناك لسنوات طويلة، دون أن أفكر في نشرها. وإن نَشري لها الآن لا يرجع لسبب إلا لأني وجدتها هامةٌ فقط لبناء أرضية لازمة للغرض الأساسي والهدف المرجو من هذا الكتاب. ولكنّ ما أسميته بـ"الأزمة الكبرى الأخيرة"، والتي سأحكي عنها بالتفصيل بالفصل السادس كانت هي المُحرِك لإصداري لهذا الكتاب. وقد كنت بدأت في كتابة هذا الكتاب قبل انحسار الأزمة بالكامل، حتى أني اضطررت فيما بعد لإعادة تحرير كل ما كتبته لإضفاء منظور متكامل بعد انقضاء تلك الأزمة. وقد أضفت العديد من الاقتباسات والمداخلات الفكرية التي تقوم بتوضيح ما تتحدث عنه أفكاري وخواطري. وإني آمل في أن يكون في نشري لهذا الكتاب الشخصيّ الصعب إكرام لله الذي أنقذني من تلك الأزمة التي كادت تقضي على حياتي. فله وحده كل المجد والإكرام. كانت قد بدأت هذه الأزمة في خريف 2015 واستمرت لأكثر من خمسة عشر شهرًا، وفيها تأججت أفكاري وبدأت تضطرب (وسوف نعرف السبب متى أتيت للحديث بالتفصيل عن الأزمة)، وثارت جميع أنواع التشككات في داخلي حتى فقدت يقيني تقريبًا في كل شيء، علاوة على نكوص وانتكاس بمعظم ما حصّلته من انتصاراتٍ سيكولوجية على صراعاتٍ داخلية تعكسها أشعاري وخواطري الشخصية المُدوّنة عبر السنين، والتي  نراها بالفصول الأربعة الأولى من هذا الكتاب. وقُبيل انحسار الأزمة شعرت بالحافز للكتابة عن نفسي وعن أزمتي، وشعرت بضرورة مشاركة هذه الأفكار ليس فقط مع أصدقائي المقربين، بل أيضًا مع الجميع، بالأخص مع من اعتبروني يومًا قائدًا ومرشدًا ومُعلمًا لهم. فأنا مدين لهم بذلك. فلا يصح أن أعطي الانطباع بأن الإنسان يجب أن يتعلم فقط من نقاط القوة في من يُعلمَه، بل بالأحرى أن يتعلم أكثر من ضعف مُعلِّمه وحيرته، وبهذا يكون الإنسان حقيقيًّا تجاه نفسه وتجاه الآخرين. وأنا لا أريد أن يكون لي وجودًا في الحياة أو في العمل المسيحيّ دون هذه الحقيقة. فإني الآن أؤمن بشدة بما يقوله تورنييه، معلمي العملاق: "هذه هي حياتنا حقًا، مزيج عجيب من انتصارات غير مرجوّة وهزائم غير متوقعة. فنحن لا نعرف أبدًا أمان الالتزام الروحي دون الارتداد. كما أن الإلهام عابرٌ، لكنه دائمًا ما يتدفق من جديد. فنادرًا ما ضللنا طريقنا دون أن يردّنا الله. كما أنه بفقد الطريق والعثور عليه من جديد بصورة مستمرة فإننا نتذكر باستمرار ضعفنا ونتذكر قوة الإيمان (..) فالإيمان المولود فينا نتيجة أحد الاختبارات الروحية الملموسة إنما يبقى حتى إن ارتددنا للوراء."[6]


"من يدعي بأنه لم يشك لا يعرف الإيمان لأن الإيمان يأتي عبر الشك (..) وعلى نقيض ما يميل معظم الناس أن يتخيلوه، فإن أعظم المؤمنين تهاجمهم[7] الشكوك. إنهم لا يؤمنون لأنهم تخلصوا من كل هذه الشكوك، ولكنهم يؤمنون بالرغم من ترددهم وخوفهم من الخطأ."[8]


 


كما يقول أيضًا: "الحياة المسيحية ليست اختبارًا جذريًا حاسمًا يتم مرة واحدة إلى الأبد. لكنه سلسلة متصلة من الاختبارات تتحول فيها بنعمة الله حتى الهزيمة والارتداد إلى انتصارات جديدة (..)


إن الإيمان الأكثر أصالة ليس هو الإيمان الذي يَدّعي أنه مستثنى من الشك، بل هو الإيمان الذي يتلمس طريقه من خلال الكثير من حالات التردد، والأخطاء، وخيبات الأمل."[9]


  


بلا خُططٍ  بديلة


كما العصفور بلا خُططٍ  بديلة


آتي إليكَ..


كالطير بأجنحةٍ هزيلة،


كقديسٍ سابق أعيته الرذيلة،


كعود قشٍ، بلا أمس ولا غدٍ،


كأي نبتةٍ ضئيلة


آتي إليكَ..


كشعاعِ ضوءٍ يخبو،


كخطوات طفل يحبو


أعيته الطرق الطويلة


آتي إليكَ..


وليس لديّ


أي خُطط  بديلة.


.......


أرهقني السير في طرقاتي الخاصة.


أتعبني امتطاء[10] أطواق النجاةٍ


لحظات قليلة.


من فوق مياه مرتعدة


آتي إليكَ


بلا خُططٍ بديلة


فعلى ما يبدو ليّ


أن الحياة بدونكَ مستحيلة.[11]


----------------------------------------

 


لشراء الكتاب و التوصيل، يٌرجي التواصل علي الرقم التالي


موبايل وواتساب+2 0122 770 8916





[1]  صورة الغلاف للفنان Theodoor Rombouts (1597 – 1637)




[2]  والذي ربما كان رمزًا للعاطفة في الحضارة الإغريقية، كما القلب في الحضارة الغربية




[3]  انظر سفر أعمال الرسل 17: 23




[4]  الترجمة العربية المُبسّطة.




[5]  الترجمة العربية المُبسّطة.




[6]  بول تورنييه. "الأقوياء والضعفاء"، ترجمة: د. أماني سمير، حنا يوسف. دار مكتبة الكلمة، القاهرة 2008.




[7]  أشكر إلهي لأن تورنييه لم يقل "هاجمتهم الشكوك" في زمن الماضي (قبل إيمانهم، مثلًا)، بل "تهاجمهم" في المضارع.




[8] بول تورنييه. "ولادة جديدة للذات الإنسانية". ترجمة: سليم اسكندر حنا. دار مكتبة الكلمة، القاهرة 2015.




[9]  "الأقوياء والضعفاء"




[10]  امتطاء: ركوب واعتلاء.




[11] كُتِبَت بتاريخ 3 فبراير 1999، وهكذا سأذكر دائمًا عبر هذا الكتاب تاريخ تأليفي لأشعاري وتسجيلي ليومياتي الخاصة.