مقدمة: كأس الحياة

هنري نووين وآخرين ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٢

إن الإمساك بكأس حياتنا يعني أن نمعن النظر فيما نحن نحياه. وهذا يتطلب شجاعة كبيرة، لأننا حينما نبدأ في النظر قد نرتعب مما نراه. قد تظهر أسئلة لا نستطيع الإجابة عليها. قد تقوم الشكوك في أمور كنا متأكدين من ثقتنا بها. قد يبزغ الخوف من أماكن غير متوقعة. نحن مجربين بالقول: "دعنا نحيا وكفى، فالتفكير في حياتنا لن يجدي سوى أن يجعل الأمور أكثر صعوبة". إلا أننا رغم ذلك نعلم بديهياً أنه بدون إمعان النظر في حياتنا نفقد الرؤية والاتجاه. حين نتجرع الكأس دون أن نمسك به جيداً أولاً فإننا ببساطة نثمل ونترنح حول أنفسنا بلا هدف. إن الإمساك بكأس الحياة هو تدريب شاق. فنحن عطشى ونريد أن نجرع الحياة على الفور.

ولكننا نحتاج أن نكبح اندفاعنا في الحياة، ونضع بكلتا يدينا حول الكأس ونسأل أنفسنا: "ماذا قد أُعطيت لأشرب؟ ماذا يوجد في كأسي؟ هل هو نافع لي؟ هل سيأتي بي إلى الصحة؟"

كما يوجد العديد من أنواع الخمر فهناك أيضاً العديد من أشكال الحياة. لا توجد حياتين متماثلتين على الإطلاق. نحن معتادين على مقارنة حياتنا بحياة الآخرين محاولين أن نقرر ما إذا كانت حياتنا أفضل أم أسوأ. ولكن مثل تلك المقارنات لا تجدي شيئاً. لابد وأن نحيا حياتنا وليست حياة شخص آخر. لابد أن نمسك بكأسنا الخاص. لابد أن نجرؤ على القول:

"هذه هي حياتي، الحياة التي أُعطيت لي، وهي الحياة التي لابد أن أحياها بقدر ما أستطيع. أن حياتي فريدة ولن يحياها أبداً شخصاً آخر. لىّ تاريخي الخاص، وعائلتي الخاصة، وجسدي الخاص. لىّ شخصيتي الخاصة، وأصدقائي الخاصين. لي طريقتي في التفكير والفعل والتكلم. نعم لىّ حياتي الخاصة لأحياها. ليس لأحد آخر نفس التحدي. أنا وحيد، لأني فريد. يستطيع الكثيرون أن يساعدوني على أن أحيا حياتي، ولكن بعد كل ما يُقال وما يُعمل لابد أن أصنع اختياراتي الخاصة بشأن الحياة".

من الصعب أن نقول ذلك لأنفسنا، فإن ذلك يضعنا في مواجهة مع وحدتنا الجذرية. ولكنه في ذات الوقت تحدي رائع لنا، إذ أنه يعرب عن تفردنا الجذري أيضاً.

من كتاب: "Can you drink the cup?"

(الأب: هنري نووين)

من الفصل الأول: "الإمساك"

صفحات 27، 28

ترجمة: مشير سمير
يُسمح بإعادة نشر المحتوى بشرط ذكر المصدر واسم الكاتب والمترجم

 

* احملوا بعضكم أثقال بعض وهكذا تمموا ناموس المسيح، لأن كل واحد سيحمل حمل نفسه.

* ساعدوا بعضكم بعضاً في حمل أثقالكم، وبهذا تتممون العمل بشريعة المسيح، لأن على كل واحد أن يحمل حمله.

(الترجمة العربية المشتركة الحديثة) (غلاطية 6: 2،5)

"وحدي وُلدت إلى هذا العالم ووحدي يجب أن أجابه الحياة ومسئولياتها، ووحدي سأقف أمام الديان العظيم … لن يقف أحد مكاني ولا بيني وبين الله، … بل سأقف أمام الله عارياً، وعلىّ تقع المسئولية تجاه الله خالقي."

(مارتن لوثر)

"هناك حدود لما يسمى بـ"الجسد الواحد". في الحقيقة أنت لا يمكنك أن تشارك شخص آخر ألمه أو خوفه أو ضعفه. قد تشعر بالسوء، قد تشعر، فيما تتصور، بنفس مقدار السوء الذي شعر به الآخر، بالرغم من أني أشك في من يدعي هذا، ولكن على أي حال سيظل ما تشعر به مختلفاً عما يشعر به الشخص الآخر."

سي. أس. لويس

من كتاب: "أحزان ملحوظة A grief Observed"