رعاية الطفل وتطور الحب

رعاية الطفل وتطور الحب
  • اسم المؤلف جون بولبي
  • الناشر دار المعارف
  • التصنيف مشورة وعلم نفس
  • كود الاستعارة 111/2
قضى جون باولبي وزملائه على ضفتي الأطلنطي (بانجلترا وشرق أمريكا) أربعون عاماً من عمره (من منتصف أربعينات القرن العشرين إلى منتصف الثمانينات) في دراسة الطفل الرضيع وتطور صحته النفسية فيما بعد بناءاً على نوعية العلاقة التي يحصل عليها مع الوالدان وبالأخص الأم. فإن كان هناك شخص واحد سوف نتعلم منه عن نشأة الإضطرابات لدى الفرد من جراء الطفولة المبكرة فسوف يكون هو د. جون باولبي.

يبدأ باولبي كتابه هذا قائلاً بأن أساس الصحة العقلية والنفسية هو أن يختبر الطفل علاقة حارة وحميمة بأمة أو ببديلة لها يجد كلاهما في هذه العلاقة الإشباع والمتعة. ويعتبر الطفل محروماً من الأمومة حتى لو كان يعيش مع أسرته إذا لم تكن لدى أمه القدرة على منحه رعاية الحب التي يحتاج إليها، أيضا إذا أبعد عن رعاية أمه لسبب ما والحرمان يصبح طفيفاً إذا ما رعاه بعد ذلك شخص اعتاد عليه ووثق فيه. وتختلف الآثار الضارة لهذا لحرمان في درجتها فالحرمان الجزئي يصحبه القلق والحاجة الملحة إلى الحب والمشاعر القوية بالانتقام وبسبب هذه الأخيرة ينتج الشعور بالذنب والاكتئاب. أما الحرمان التام فتأثيره أعمق وقد يعوق تماما قدرة الطفل على إقامة علاقات مع غيره من الناس.
وكثير من حالات القلق والاكتئاب تنشأ أو تسوء نتيجة لخبرات الحرمان في الغالب، ونري مثال لهذا لدي بالغين تمثل حياتهم سلسلة من العلاقات بأناس اكبر منهم سناً كل منهم بديلاً عن الأم، فلا بد للمريض طيلة حياته أن يكون على علاقة بشخص يشبع له نفس الحاجات التي كانت محبطة في خبرته الأصلية مع الأم، وأسلوب الحياة يصبح بعد ذلك قائماً علي استمرار مثل هذه العلاقات والتي حينما تتوقف إحداها تنشأ فترة من الاكتئاب حتى تقوم علاقة أخري. وهناك نمط أخر من الاستجابة على شكل مطالب متزايدة من الشخص المختار لإشباع حرمان هذه الحياة المبكرة.
غالباً ما يتجاهل الذين لديهم هذه المشاكل وجودها بإظهارهم الدائم للمرح والنشاط كمحاولة منهم لإقناع أنفسهم أن الله موجود والدنيا بخير. قد تصادف هذه الوسيلة بعض النجاح لكنها قائمة علي الإنكار لذا هي معرضة لخطر الانهيار تاركه صاحبها في حالة من اليأس.

يقول باولبي عن آثار الحرمان في الطفولة المبكرة: "يتأخر النمو الجسمي للطفل عند الحرمان من الأم كذلك يتأثر النمو العقلي والاجتماعي وبعض الأطفال يتعرضون لضرر بالغ مدى الحياة." وهناك مؤثرات تفسر لماذا يصاب بعض الأطفال بالضرر ولا يصاب البعض الأخر وهي: عمر الطفل عند التعرض للحرمان، طول مدة الحرمان، درجة الحرمان. فإذا انفصل الطفل عن أمه في عمر 12:6 شهر يصبح غير مستقر، خامل، غير سعيد، لا يستجيب للابتسامة والمداعبة، يسحب الطفل نفسه من كل ما يحيط به، لا يحاول الاتصال بشخص غريب يكون في حالة من الجمود اللا حركي، قلة النوم، ضعف الشهية وفقدان الوزن. تنتج هذه الصفات للأطفال الذين كانوا على علاقة سعيدة بأمهاتهم حتى وقت الانفصال المفاجئ دون أن تحل بديلة مكان الأم. والخطير أن هناك تغيراً كيفياً يحدث بعد ثلاثة أشهر من الحرمان يندر بعده – إن لم يستحيل- تمام الشفاء. إلا أنه يمكن تجنب هذه النتائج السيئة جزئياً خلال السنة الأولى من حياة الطفل إذا رعته أم بديلة.
فالانفصالات التي يبدو أنها تسبب ضرراً حدثت جميعها بعد سن 6 شهور وفي غالبية الحالات بعد 12 شهراً، وهذه الأضرار يمكن أن تخف أثارها إلي حد كبير بالنسبة لكثير من الأطفال إذا أتيحت لهم أمومة طيبة في الوقت المناسب غير أن هذه الرعاية الأموية غالباً ما تكون عديمة الجدوى إذا ما تأخرت إلي ما بعد عامين ونصف.

أما إذا حدث الانفصال عن الأم في العام الثاني والثالث من العمر فالاستجابة الانفعالية تصبح شديدة جداً وعنيفة للدرجة التي يرفض فيها الطفل الأم البديلة ويصبح شديد الحزن والبكاء لعدة أيام أو أسبوع يرفض الطعام والراحة ويكون في حالة من القلق واليأس وقد ينتكس إلي سلوك الطفل الرضيع لكن هذه الاستجابة العنيفة هي السوية أما الاستسلام المتبلد فهو علامة علي النمو المرضي. إنما يمكن تقليل الآثار، وليس منعها، إذا تم الانفصال علي مراحل بطيئة متدرجة.

هناك آثار لاحقة بعيدة المدى علي الأطفال وهناك آثار لاحقة مباشرة عليهم مثل:
- استجابة عدوانية تجاه الأم عند عودة الاتصال بها قد تتخذ صورة رفض التعرف عليها.
- إلحاح متزايد في طلب الأم أو بديلتها.
- الغيرة وشراسة الطبع.
- تعلق مرح سطحي بأي شخص بالغ في محيط الطفل.
- انسحاب لا مبال من جميع الروابط الانفعالية يرتبط بحركات نمطية للجسم وأحياناً ضرب الرأس.

وإذا عولج السلوك الطفلي القلق عند العودة للمنزل بدون حنان تنشأ ثغرات في دائرة علاقة الطفل بأمه، أما إذا قوبل السلوك السيئ بالصد والعقاب فإنه يؤدي إلي طفلية أكثر ومطالب وحدة في الطبع أكثر ومن هنا تتكون الشخصية العصابية (المضطربة نفسياً)، ولا يستطيع الطفل أن يتفق مع نفسه أو مع العالم الخارجي ولا يقدر على تكوين علاقات حب وإخلاص مع غيرة من الناس.
يقول باولبي أن الطفل يكون معرضاً للخطر والضرر الشديد نتيجة نقص الرعاية الأموية قبل سن الثالثة أما بين الثالثة والخامسة يقل الخطر لكن تظل المجازفة خطيرة والمعاملة الحكيمة القائمة علي الفهم يمكنها تقليل الآثار الضارة. بعد سن الخامسة يقل الخطر لكنه يصبح مهدداً إذا كان مفاجئاً دون استعداد.

في الفئة العمرية بين الخامسة والثامنة من العمر نجد أن الطفل السعيد الآمن في حب أمه لا يصبح قلقا بشكل لا يحتمل عند الانفصال، أما الطفل الغير سعيد والغير آمن والذي يشك في شعور أمه تجاهه فقد يسئ تفسير الأحداث بسهولة، فاعتقاده أنه قد أبعد لشقاوته يؤدي إلي القلق والكراهية اللذان يؤديان إلي ثغرات في علاقته بأبويه. ومع ذلك يتوقف الكثير بالنسبة للفئتين من الأطفال على كيفية إعداد الطفل للموقف وكيفية معاملته أثناءه وكيفية تناول أمه عند عودته.

الفصل الأول: بعض أسباب اعتلال الصحة العقلية
الفصل الثاني: كيف نستطيع دراسة الأضرار الناشئة عن الحرمان من الأم (1- ملاحظة الرضع وصغار الأطفال)
الفصل الثالث: كيف نستطيع دراسة الأضرار الناشئة عن الحرمان من الأم (2- ملاحظة أطفال كبار تعرضوا للحرمان في الطفولة المبكرة)
الفصل الرابع: نتائج الملاحظات
الفصل الخامس: مشاكل نظرية
الفصل السادس: طرق البحث
الفصل السابع: وظيفة العائلة
الفصل الثامن: لماذا تخفق العائلات؟
الفصل التاسع: وقاية العائلة من الإخفاق
الفصل العاشر:البنوة غير الشرعية والحرمان
الفصل الحادي عشر: الأسر البديلة 1- التبني
الفصل الثاني عشر: الأسر البديلة 2- دور التبني
الفصل الثالث عشر: الرعاية الجماعية
الفصل الرابع عشر: رعاية الأطفال المرضى ومختلي التوافق
الفصل الخامس عشر: إجراءات خدمات رعاية الطفل ومشاكل للبحث