أبناؤنا الصبيان كيف نربيهم

أبناؤنا الصبيان كيف نربيهم
  • اسم المؤلف جيمس دوبسون
  • الناشر مطبوعات إيجلز
  • التصنيف أسرة وتربية
  • كود الاستعارة 82/6
لماذا يصعب علينا اليوم أن نعرف كيف نربي الصبيان؟
في ظل ما نراه اليوم في مختلف أنحاء العالم من أحداث عنف مأساوية يتورط فيها صبيان وشباب، يتساءل كثيرون: ما الخطأ الذي نقع فيه نحن جميعاً كأسرة ومجتمع في تربيتنا لأبنائنا الصبيان؟
ترى لماذا نفشل أحياناً في تطوير شخصية صالحة لدى أولادنا؟ ولماذا يعيش كثير من الصبيان في هذه الأيام أزمة حقيقية؟ ما هي الصفات والقيم التي يجب أن نغرسها لدى أبنائنا الصبيان منذ الصغر؟
في هذا الكتاب يقدم د جيمس دوبسون، خبير التربية و الأسرة، خريطة تفصيلية لتربية صبيان أسوياء، وذلك بهدف تشكيل جيل من الرجال الصالحين الذين يتحملون المسئولية.
وعلى ضوء سنوات خبرته الطويلة من عمله كأخصائي في الطب النفسي للأطفال وكمشير للأسرة، وكذلك اعتماداً على أحدث الدراسات العلمية، يشارك الكاتب قراءه بنصائح عملية يشجع بها الآباء و الأمهات، والمعلمين، والمشيرين، وقادة الشباب، وغيرهم ممن يشتركون في تشكيل ملامح حياة وشخصية الصبيان.
إن كتاب "أبناؤنا الصبيان" هو المرجع الذي تحتاجه إذا أردت أن تصنع فرقاً في حياة ابنك! فما أخطر أن يكبر جيل بأكمله من الصبيان دون أن تكون لديه فكرة واضحة عن معنى الرجولة.
فأنه من أكثر الجوانب المخيفة في تربية الصبيان هو ميلهم للمغامرة بحياتهم لأسباب تافهة. ويبدأ هذا الميل في سنوات عمرهم المبكرة.
الشئ المدهش والعجيب في طريقة تكوين الكائنات البشرية هو اختلافهم وتعقيدهم، فكل منا يختلف عن الآخر، ومتفرد. وعندما وصف الكاتب الصبيان بالميل للعنف والمغامرة فذلك لكي يميزهم عن أخواتهم البنات، ورغم هذا فهم يختلفون عن بعضهم البعض في ألف جانب، ولنتذكر أنهم رجال تحت التدريب، فطبيعتهم العنيفة مصممة لهدف معين، وهي تعدهم لأدوار التدبير والاحتياط والحماية التي ستأتي مستقبلاً كما أن الحسم والحزم يبنيان الثقافة إذا أحسن استخدامها. وإنني أشجعكم كوالدين – يقول الكاتب- ألا تحاولوا القضاء على نشاطهم الزائد وطبيعتهم كثيرة الإثارة التي قد تكون مزعجة لكم، لأن هذه الطباع هي جزء من خطة إلهية. فيجب أن نفرح بهذا، ونستمتع بل ونحتفل به، ونشكر الله من أجله. لكن يجب أن نعرف أيضاً أنه يحتاج إلى التشكيل والصهر والتهذيب. وأن الصبيان في أزمة حقيقية اليوم. عند مقارنتهم بالبنات فهم معرضون لأن يعانون صعوبات تعليمية أكثر من البنات بمقدار ستة أضعاف، ويجتاز الصبيان الآن - أكثر من أي وقت مضى- أزمة ثقة بالنفس تخترق أعماق أرواحهم.
إن الإهمال المزمن (المتواصل) للبنين والبنات في السنتين الأولى والثانية من عمرهم يدمرهم نفسياً وعصبياً.
ومن أكبر أسباب معاناة الصبيان الأساسية اليوم هو أن والديهم – وخاصة آبائهم- مشتتون، أو مرهقون، أو يتعرضون لقدر هائل من الضغوط، أو غير مهتمين، أو مدمنون، أو ببساطة لا يتمكنون من حل مشاكلهم أو التكيف مع ظروفهم.
إن الأب، يقول د. دوبسون، له قوة مؤثرة كبيرة على حياة أطفاله.. سواء سلباً أو إيجاباً، ولقد عرفت الأسر هذه الحقيقة منذ قرون عديدة.. لذلك قيل: "إن الرجل لا يبدو طويل القامة إلا عندما ينحني لمساعدة صبي." كما قال شخص حكيم آخر: "اربط الصبي مع الرجل المناسب، فغالباً لن يحيد عن الصواب أبداً".. وهذان القولان صحيحان، عندما يسأل الصبيان من هو بطلهم المفضل سيقول معظمهم (ممن حظوا بوجود أب في حياتهم): "إنه أبي".
إن محاكاة وتقليد الأبناء لسلوكيات الأب هي طريقة تعلمهم بكفاءة أكثر من إلقاء المحاضرات أو التوبيخ، أو العقاب، أو الملاطفة الزائدة عن الحد. فقد لا يتذكر الأطفال ما تقوله، لكنهم عادة ما يتأثرون طوال حياتهم بما تفعله.
والأمهات يقمن بدور هام أيضاً! فمن الضروري أن نؤكد على أهمية ما يسمى "رباط الطفولة" بين الأم والطفل، سواء كان ولداً أو بنتاً إذ نوعية العلاقة بين الأم و الطفل تترك تأثيراتها التي تمتد طوال العمر، بل وقد يكون الأمر مسألة حياة أو موت.كلما أزداد شعور أولادك بأنهم جزء من كيان مملوء بالحب والمرح، كلما قلت احتمالات تفكيرهم في أن يتمردوا ضده.. وهذا ليس وعداً لكنه احتمال قوي!
يستأنف د. دوبسون مخاطباً الأم قائلاً: إنني أشجعك كالحارس العظيم لبوابة الأسرة أن تسهلي وجود علاقة متبادلة بين الأطفال ووالدهم، فهذا أمر هام للغاية.. خاصة بالنسبة للصبيان الذين ينظرون لأبيهم على أنه المثل الذي سيتبعونه.
إنني أشجعكن أيتها الأمهات أن تتحدثن بانتظام إلى أبنائكن (وبالطبع إلى كل فرد في الأسرة).. وهذه مهارة يمكن أن تتعلمها كل أم. ابذلي كل جهدك للاحتفاظ بخطوط الاتصال مفتوحة وواضحة، وحاولي أن تستكشفي ما يفكر فيه ويشعر به أولادك وزوجك. ليكن أولادك الصبيان – بصفة خاصة- هم هدفك الأول، فربما تكون بداخلهم مشاعر مكبوتة. وإذا شعرت بميلهم لكبت مشاعرهم لا تسمحي بأن يمر اليوم دون مساعدتهم للإفصاح عما بداخلهم. هذا هو المبدأ الأساسي للعلاقات الأسرية الصحيحة!
أيضاً يؤكد د. دوبسون أكثر من مرة على أن أسباب المتاعب التي نعانيها مع أبنائنا ترجع بصورة مباشرة إلى انشغالنا الزائد وانعزالنا عنهم. بالإضافة إلى ذلك فإن الصبيان يعانون بطبيعتهم من هذه الظروف أكثر من البنات.. لماذا؟ لأنهم أكثر عرضة لأن يضلوا الطريق في حالة غياب الإرشاد والتوجيه المباشر، فهم بطبيعتهم أكثر تأثراً وأقل ثباتاً من الناحية العاطفية، لذلك فهم ينهارون في الظروف المضطربة التي يغيب فيها التوجيه والرقابة. إن مهمتك كأم مع زوجك هي بناء رجل من المواد الخام التي بين أيديك في هذا الطفل الصغير.. حجراً فوق حجر، ولا تفكري أبداً أنه بإمكانك أن تفعلي ما يروق لكي دون أن يكون لذلك انعكاساته الخطيرة عليه وعلى أخته. أعتقد أنه يجب أن يكون لهذا العمل أولوية عظمى لفترة من الزمن.

ثم يتطرق د. دوبسون إلى أن الجنسية المثلية (أو ما يُسمى دارجاً بالشذوذ الجنسي) لا تتعلق في المقام الأول بالجنس فقط، لكنها مشكلة ترتبط بكل شيء آخر.. بما في ذلك الشعور بالوحدة، والرفض، والثقة بالنفس، والمودة، والهوية، والعلاقات، والتربية، وكراهية الذات، واضطراب الهوية الجنسية، والبحث عن الانتماء. ولعل هذا يوضح لماذا تعتبر مشكلة الشذوذ الجنسي حساسة جداً، ويفسر سبب الغضب من الذين يظهرون أنهم لا يحترمون الشواذ جنسياً، أو يسببون ألماً لهم بسبب عدم قبولهم لفكرة الشذوذ. إنني أعتقد أننا نحن الأسوياء جنسياً سوف نشعر بنفس الغضب إذا وضعنا أنفسنا في مكانهم. وقد أدرجنا سابقاً مقال كامل من هذا الكتاب عن مشكلة الجنسية المثلية، ونشأتها والوقاية منها، اضغط هنا للاطلاع على هذا المقال.
شيء أخر في تربية الصبيان؛ عندما تقوم بمسئولية التربية بمفردك في ظل ظروف المجتمع الحالية وغياب المساعدة الحكومية تستمر العائلة في التفكك وفي أثناء ذلك أطفالنا هم الذين يعانون أكبر معاناة، وتؤكد الأبحاث أن الزواج الثاني (في الغرب) يُعقدّ المشكلة أكثر بالنسبة للصبيان، كما أن دمج عائلتين معاً (أب لديه لأطفاله وأم لديها أطفالها) يفرض نوعاً فريداً من التحديات الصعبة.
وهناك مشكلة مزعجة أخري، يقول د. دوبسون، أتردد كثيراً في أن أذكرها للأمهات اللاتي يعشن بمفردهن؛ أن الأطفال في السن ما قبل المدرسة ممكن أن يتعرضوا للإيذاء الجنسي أو الجسدي في الأسر التي يعيش فيها زوجة أو زوج ثان بنسبة أربعين مرة أكثر مما يتعرض له أقرانهم في الأسر المترابطة. وعلى الأم التي تعيش بمفردها أن تجد طرقاً لمواجهة هذا التحدي.. كيف يمكن أن تعلمهم حلاقة الذقن، أو ضبط رابطة العنق، أو التفكير كرجل؟ وهكذا.
أؤكد أنه يوجد مصدر إلهي عظيم للمعونة من أبينا السماوي.. لقد خلق الله أطفالك، وهو يحبهم جداً. قد تتساءلين كيف لى أن أعرف ذلك؟ لقد قال كثيراً في الكتاب المقدس إنه يهتم اهتماماً خاصاً باليتامى و أمهاتهم!
يجب أن تدربي وتوجهي أولادك بنفس الطريقة والأسلوب كما لو كان والدهم موجوداً، فالأم الحازمة والمحبة في نفس الوقت تمنح إحساساً بالأمان للطفل الذي يرى كل شيء حوله غير أمن. أثبتي في مكانك، وقومي بدور القيادة! عاقبيهم عند الضرورة، واحتضنيهم عندما يحتاجون لتشجيعك وحبك، ودعيهم يعرفون أنك تدركين ما تقومين به حيالهم، والأسلوب الذي تتبعينه في تربيتهم.
وهناك أشخاص يمكن أن يقدموا إليكِ المعونة التي تحتاجينها، وهم الأجداد سواء من ناحية الأب أو من ناحية الأم، فلقد عهد الله للجد والجدة بمسئولية التأثير على أحفادهم، ومعظمهم على استعداد كبير للقيام بذلك على أكمل وجه.

أيضا الصبي لديه مقدار من روح التنافس والمغامرة هذه، فإذا كنت كأب أو أم تتفهم وتستجيب لهذه الطبيعة، فسوف يكون هناك قدر كبير من التوافق والانسجام بيتك وبينه. وكنقطة بداية لهذا الأمر لابد أن تعلمه ليس فقط كيف يفوز، ولكن أيضاً كيف يتقبل الخسارة بصدر رحب.

أما عن المدرسة، يقول د. دوبسون: يشعر الصبيان أن المدرسة مؤامرة تدبر ضدهم، فالمهارات التي يتفوقون فيها كأولاد – تلك المهارات البدنية التي تظهر الحيوية والنشاط والطاقة- لا تجد قبولاً من المدرسة. كما أن المدرسة تأمر الصبيان بالإلتزام بالنظم التعليمية الرسمية في سن أصغر.. الأمر الذي يمثل صعوبة بالنسبة لهم.
قد تصبح المدرسة مكاناً موحشاً بالنسبة لأولئك الذين لا "يتوافقون" مع البرنامج الدراسي التقليدي. وسوف تجدون بعض الاقتراحات التي أعدت خصيصاً للصبيان.
كما يحدثنا أيضاً بأننا لابد أن نعطي أولوية لأطفالنا، ففي الماضي كان المجتمع بمثابة درع واقٍ لهم ضد الصور الضارة والاستغلال، أما الآن فكل شيء متاح ومفتوح أمام الجميع حتى لأصغرنا. لذا لنضع مصلحة أطفالنا فوق ما يوافقنا ويرضينا، ولنعلمهم الفرق بين الخطأ والصواب. إنهم يحتاجون إلى أن يسمعوا أن الله هو الذي يحدد حقوقهم وحرياتهم. ولنعلمهم أيضاً أن الله يحبهم ويضعهم في مستوى عالٍ من المسئولية الأخلاقية.
لنبذل قصارى جهدنا لمقاومة تأثير العنف والجنس الذي أصبح واضحاً في طول بلادنا وعرضها، لنطالب بتوقف صناعة الإعلام الترفيهي عن إنتاج الملوثات الأخلاقية.
إن العائلة المترابطة هي التي تجعل الأولاد واقفين على أرض صلبة بينما يدفعهم العالم لرفض القيم والمبادئ. وفي أيامنا هذه لا تستطيع أن تجرؤ على قطع اتصالك بأطفالك بينما يجدون كل شيء متاحاً لهم بسهولة.
أنني أنصح أن نولي أهمية كبرى إلى اللغة التي يتحدث بها أولادنا. وأنا لا أقصد أن نكون متزمتين مثلما كان أبى.. فالتعبير عن الحماس بكلمات خاصة قد لا تكون مشكلة كبيرة. لكن لا يزال هناك مجال للحديث النظيف، والبناء، والمحترم. فمثلاً يجب ألا نسمح لأولادنا أن يستخدموا اسم الله في حديثهم باطلاً.

أخيراً يقول دوبسون: إلى أولئك الوالدين الذين يتوقعون من أولادهم أن يضبطوا أو يؤدبوا أنفسهم لا أستطيع أن أقول إلا "تمنياتي بحظ وافر". إن ضبط النفس جدير بالاهتمام، لكن من النادر أن يحدث من تلقاء ذاته، فيجب أن يعلم إن تشكيل العقول الصغيرة هو نتاج لقيادة مخلصة وجادة من قبل الوالدين، وبالطبع هذا يتطلب مجهوداً وصبراً كثيراً.