الأميرة النائمة تستيقظ فجأة

أمل سمير ٢٢ أكتوبر ٢٠٢٠

الأميرة النائمة تستيقظ فجأة

 

 

منذ طفولتنا نعتاد الخوف من مواجهة الالم فنحاول الهروب منه او تجنبه بقدر الامكان  فنخاف الذهاب الى طبيب الاسنان ونرتعب من العلاج عن طريق الحقن.

ومع نمونا فى الحياه ينمو ويتطور الخوف من الالام بأنواعها بداخلنا حتى يصل الى مرحله يدمر فيها حياتنا ويعرضها لشتى المخاطر او يعيقها ويحددها ويقولبها داخل اطار محدد لا تتخطاه ويصبح الخوف ليس فقط من الالام الجسديه فقط  فنخاف ان نسمع خبر سئ فنصبح عرضه للقلق الدائم المهدد لصحتنا.

ثم نخاف من مواجهة معرفة أننا مرضى بمرض معين كالسرطان مثلا فنتقاعس عن اجراء الفحوصا ت الدوريه او الذهاب للطبيب عند الشك او الشعور بأى عرض من الاعراض الغير طبيعيه وكأننا بتجاهلنا هذا نمنع حدوث المرض فعلا ، فنعيش بمنطق النعامه التى تدفن رأسها فى الرمال فتطمئن نفسها حين لاترى الصياد (الخطر المحدق بها) وتوهم نفسها بأنه فعلا غير موجود  فتكون النتيجه اننا نضطر الى الذهاب الى الطبيب ومواجهة مرضنا فعلا عندما تصبح اعراضه او الامه لا يمكن السكوت عليها فنتعرض للالم الذي حاولنا تجنبه فى البدايه ولكن ربما بعد فوات الاوان، بعد فوات فرصة العلاج ونكون فى هذه الحاله قد اضعنا فرصة النجاه حين تكون حالة المرض فى بدايتها ويمكن السيطره عليها. ربما لوكنا طرحنا مخاوفنا منذ البدايه لكنا جنبنا انفسنا كثيرا من الالام.

وبنفس المنطق قد نكبر وننمو ونحن نخاف من التعبير عن رغباتنا الحقيقيه لئلا نواجه الشعور بالرفض من المجتمع حولنا، نخاف من قول كلمة لا حتى لا نفقد الشعور بقبول ومحبة الاخرين لنا، هذا الشعور الذى نهدهد به انفسنا وندللها فنستسلم لآراء الاخرين وافكارهم ونرردها بلا وعى ولا تفكير، نخاف  من الشعور الوهمى بالذنب او بالتقصير فنترك انفسنا عرضه للوقوع دائما تحت براثن المستغلين والمسيطرين فى حياتنا وما اكثرهم من حولنا، فنجد انفسنا وقد تحولنا الى عرائس متحركه تتحرك فقط تبعا لرغبة من يحركها اوقطع شطرنج بأيدى من يلعب بها ليكسب هو الجوله فى النهايه. ويا للأسف لا ندرى اننا بالخضوع لتلك المخاوف نتخلى عن حريتا التى خلقنا الله عليها وبالتدريج نوقع على صك عبوديتنا ونوافق على إلغاء عقولنا ونعطيها اجازه مفتوحه فلا تعمل، ونفقد هويتنا وشخصياتنا فنصبح مسوخ لا أشخاص بلا شكل واضح بلا معالم محدده بلا هويه.

ثم تسمح عناية الله ومحبته ان نستفيق فجأة كما حدث معي. قد يكون ذلك فى منتصف العمر او عقب صدمة او كارثة او ظروف شديده القسوه مررت بها. لا يهم السبب، المهم انه قد حدث وصحوت فجأة وبدأت تستفيق كأنك كنت نائم منذ الاف السنين كما فى قصة الاميره النائمه. ويبقى السؤال هل ستنهض وتثور وتطلب التغيير، تثور على الخوف فلا تخضع له، تثور على الخضوع للتقاليد البالية التى نخضع لها بدون ادنى تفكير فنبقى فى اماكننا بلا اى تطور، فتقف امامها وتواجهها و تبدأ فى تعليم ابنائك ان يعبروا عن ارائهم بصراحه بلا ادنى خوف،  تعلمهم ان لا يخافوا من الشعور بالالم بل يواجهونه؟ هل ستتسلح بنية الالم كا قال الرسول بطرس عالما بأن الالم ليس سيئا بالدرجة التى تصورناها، ولكن فى احيان كثيره يكون الالم هو البوتقة التى تنصهر فيها حياتنا وافكارنا فتحرق الشوائب ويخرج اجمل ما فينا؟ أم سنتراجع ونقرر ألا نخضع لصوت الامير الذى جاء ليوقظنا ونستسلم الى نوم عميق لذيذ نستغرق فيه فلا نحتاج ان نتعب او نتحمل مشقة إعمال عقولنا ومسئولية التفكير والاستعداد لتحمل تبعات الرغبة فى التغيير؟

 

أمل سمير

يونيه 2010