المجتمع و الخرافة - 1

سامح سليمان ٢٢ أكتوبر ٢٠٢٠

المجتمع و الخرافة - 1

 

إن حياتنا العلمية  والثقافية  والأجتماعية  مقيدة  ومحشوة  وممتلئة  عن أخرها بركام واكوام وتلال وأطنان من المسلمات والأفكار الأسطورية  التجهيلية  التغيببية  والقيم الذكورية  الابوية  الاستعلائية  العنصرية  الفئوية  الأستئصالية  القبلية  العشائرية ، نحن فى احتياج شديد الى التحلى بشجاعة  المواجهة  والأعتراف بالخطأ والرغبة فى التغيير الى ما هو افضل وانسب والسعى الجاد الدؤوب نحو التغيير لكى نتمكن من القيام بثورة  فكرية  وعلمية  شاملة حقيقية  تحررنا من سلطان وقيود الرجعية  والماضوية  والتحجر والركود والجمود، وتجتث وتستأصل ما ادى الى اصابة عقلنا الجمعى من أنغماس شديد فى الخرافة  والغيبيات والبحث عن الانتصارات الدونكيشوتية  فى عوالم الماورائيات .

إن الحرية  هي روح الأبداع وأرضة  الخصبة  وهي الهواء الذى يتنفسه المبدع، الأبداع لا وجود له فى ظل الخوف وتقديس الثوابت والقيم والأفكار التراثية  وتغليب النص على المصلحة، وأضفاء القيمة  على الفكرة  كلما أزدادت أقدميتها أو أزداد عدد الأفراد المؤيدين لصحتها !!

فالكثرة  العددية  ليست من أدلة الصحة  والصواب، بل ربما تكون من أدلة أزدياد الجهل والغوغائية  والقابلية  للحشد والتجييش والقطعنة ، وكذلك اقدمية الفكرة  أو الحدث أو العقيدة  أو المعتقد وتصديق وايمان عدد من الاجيال المتتالية  بصحة  تلك الفكرة  أو العقيدة ، أو صواب المعتقد أو امكانية  حدوث الحدث ليس دليلا على الصحة ، فالخطير فيما يتعلق بالموروثات ان الناس تاخذها بجدية اكثر كلما مر الزمن، فقد يحول الوقت كثير من اسخف وأتفه  الخرافات والاساطير واكثرها سوء وبلاهة  وهذيان الى واقعة مسلَّم بحدوثها مع مرور الزمن.

إن العقل النقدى المبدع الحر الأبتكارى الخلاق لم ولن يعرف القبول بالمسلمات والتسليم بصحة التفسيرات التراثية  السطحية  العفوية ، والتراجع أمام الخطوط الحمراء، والأنقياد والتأييد والرضوخ لأجماع القدماء والثوابت الفكرية  والأجتماعية ، أوعصمة وتقديس النصوص

والتفسيرات والأفكار والرؤى والنظريات، العقل النقدى هو عقل مشتعل بالرغبة  فى المعرفة  والأستقصاء والبحث الدؤوب عن الحقيقة ."

هذا بخلاف أن الأغلبية  من الكتاب والمثقفين والأعلاميين والقائمين على أدارة العملية  التعليمية  و قادة وممثلى التيارات الفكرية  المختلفة والقائمين على تشكيل العقول وصياغة وتكوين الرأى العام وأصحاب الدور الفاعل والمؤثر فى تشكيله يتعاملون مع مختلف المبادئ والأيدلوجيات والرؤى والتوجهات بنفعية  شديدة  وبمنطق انها مجرد "مشروع تجارى أو سبوبة  أو لقمة  عيش أو باب للرزق والاسترزاق.

إن معظم من يسود الساحة  الأن ليسوا إلا قطعان من أنصاف واشباه  واشباح علماء و مثقفين ومفكرين وأعلاميين لا يسعون إلا للتصادم والتناطح والتراشق بالأتهامات والألفاظ البذيئة  والتشوية  والتحقير المتبادل لخطف الاضواء وإثبات الوجود والتواجد والجودة  والقدرة

على أستمالة وألهاء وحشد وتجييش العامة  و الدفاع عن أيدلوجيات و توجهات ومشروعات ظلامية  تجهيلية  سلفية  أصولية  ديماجوجية  لامنطقية  لاعقلانية ، وسرد وتلاوة شعارات وخطابات تغيبية  تعبوية  كلامية  لغوية  بلاغية  إنشائية  زاعقة  صارخة  وأكلشيهات محفوظة  وأراء متباينة  متنافرة متناقضة  متضادة، وتمييع المعانى والمفاهيم وتفريغها من قيمتها ومضمونها وأضفاء القيمة  والمعنى والأفضلية  والجودة  على ما ليس له  أى قيمة  أو معنى أو افضلية  أو فاعلية  سواء من الأفكار أو الشخصيات "المعاصرة  أو حتى الشخصيات التاريخية.

إن الأختلاف وتنوع الأراء وتعددية التوجهات جيد ومفيد وبناء إن كان بهدف الأصلاح وناتج عن بحث و دراسة  ونزعة  إنسانية  وطنية  مخلصة  وصادقة ، وليس أختلاف متفق عليه  لتحطيم المغضوب عليهم والصعود على أنقاضهم، ولمجرد الأختلاف وأثبات الوجود والفاعلية  والأهمية  والقدرة  على التأثير والسيطرة  على الأفراد وإحداث التغيير فى دفة مسار العقلية  الجمعية  للجماهير بمختلف فئاتهم وتوجهاتهم الفكرية  والعقائدية  وطبقاتهم الاجتماعية  ـ حسب أوامر وتوصيات وتوجيهات صاحب المؤسسة  والمموليين وأصحاب المصالح ومن بيدهم زمام الامور، وبما يتناسب ويؤدى لتحقيق أهدافهم ومطامعهم المادية  والمعنوية  ـ  وبغرض الشهرة والشعبية  والأستضافة  الأعلامية ، ونتيجة  لحب الظهور، وبهدف الرغبة  فى خلق قاعدة شعبية  وجماهيرية  للحصول على الدعم المادى من تبرعات ومنح وجوائز . !!

 

سامح سليمان