رأيي في بناء الكنائس

هاني روماني ٢٢ أكتوبر ٢٠٢٠

رأيي في بناء الكنائس

 

أكيد أنا كمسيحي نفسي إنه يكون فيه كنيسه متاحه وقريبه لكل عائله من كل الطوائف وكل الألوان ومايرضيش حد أبدا إن الكنيسه عشان تتبني يواجه المسيحيين عقبات ما أنزل الله بها من سلطان ويواجهون عذاب القبر وهم أحياء فبناء مباني الكنائس مطلب حق وعادل وحر ونزيه ..صح وتمام التمام

 

ولو كنت شخص مسلم برضه كنت أحب وجود جامع أروح أصلي فيه جنب بيتي أنا وعيالي ..

فوجود دور العباده لأي دين أمر مهم وحيوي وضروره وأساسي وحاجه جميله ولطيفه وظريفه وقول من هنا للصبح يا سيدي وأنا معاك عشان نثبت إننا ناس متدينين وروحانيين وبتوع ربنا

ولكن أنا وكثيرين مثلي نرى أن هذا الأمر أصبح يمثل هَوَس وفوبيا عند المصريين و هاتودينا النار حدف ..إزاي؟ أقولك

لأني مسيحي هاجي على المسيحيين أهلي وناسي وأبتدي بموضوع الكنايس

 

- أولا : يا أيها الأعزاء أود أن أطرح عليكم فكره للتأمل ... هل بنى السيد المسيح أية كنيسه في حياته على الأرض ؟.. الإجابه كلا البته.. إطلاقا

 

أمال بنى إيه ؟؟؟ بنى ناس .. يعنى رَبىَ تلاميذ له يحبوه ويحبوا تعاليمه ويوصلوها لغيرهم ويعيشوا بالتعاليم دي حياتهم عشان يقتربوا من خلاله هو شخصيا.. ومن خلال السلوك بما علمهم للوصول لملكوت السموات.. وللعلم إن كلمة كنيسه هي كلمة يونانيه تعني جماعة المؤمنين وهذا شيئ تاريخي وله طرحه الواضح .. وبالمناسبه التعريف العربي على النت لكلمة كنيسه هو تعريف خاطئ جدا واللي عايز يعرف معنى كلمة إكليسيا أو كنيسه يرجع للمراجع اليونانيه أو الإنجليزيه وهو يتأكد أن الكنيسه هي جماعة المؤمنين وليست مبنى الكنيسه

فاهم إنت بتفكر في إيه .. هاتقوللي طب وجماعة المؤمنين دول هايجتمعوا فين ؟ في الغيط مثلا ؟؟ لأ طبعا يجتمعوا في مبنى ويسموه كنيسه مافيش مشاكل لكن نبقى عارفين إن لفظة الكنيسه دي لا يمكن تنطبق على المبنى حرفيا لأن الكنيسه هي ميييين ؟؟ هي الناس ..تمام

يعنى الحضور الإلهي والسلام الداخلى بييجي فين في مبنى الكنيسه ولا في الناس ؟؟؟؟

صحصح معايا... في الناس طبعا .. لأن الكنيسه ممكن تجتمع في الغيط لو الظروف سامحه ...ويصلوا ويعملوا كل اللي هما عايزينه وربنا يباركهم بحضوره .. وهانروح بعيد ليه هو مش الرب يسوع المسيح رئيس إيماننا ومكمله كان بيكلم الناس في الغيطان وعلى الشواطئ ...وكانت دي أعظم كنيسه ؟؟ ولا إيه؟

يبقى الكنيسه هي إيه ؟؟ هي الناس

- ثانيا :طيب لما نبني مبنى عشان الكنيسه (اللي هي جماعة المؤمنين) تجتمع فيه تفتكر إيه المواصفات اللي ممكن تكون في المبنى ده ؟

أنا باتخيل إن المبنى الخاص بالمؤمنين يكون مبنى بسيط يسع العدد المتوقع حضوره سواء كان كبيرا أو صغير حسب عدد السكان ويكون كل شيئ في تصميمه يدعو للبساطة والتأمل مع الحفاظ على طعم الجمال والهدوء والنظافه ويمكن الشكل القريب لذهني هو الدير .. ناس سايبه حالها ومالها وجايه تسجد لله في خشوع وتواضع .. الغني منهم جاي عشان يقول لربنا إنت غِنايا .. والفقير جاي يستجير بالله على هم الدنيا ... مافيش مانع من تكييف المكان عشان بلادنا بقت حر ... لكن

إيه لزوم كل الرخام ده على الأرض وعلى الحيطان إحنا بنخدم ربنا ولا بنخدم "شق التعبان" (وده أشهر مكان في مصر لتصنيع الرخام).. وإيه كمية الفلوس المدفوعه في الخشب الأرو ده ماله الخشب الأبيض ... وإيه الثروه دي كلها المدفوعه في الزجاج المعشق وليه كل الفخفخه والوجاهه دي .. لمين .. لربنا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ هل دا معقول لربنا؟؟

هو ربنا قاللكم لو ما عملتوش مبنى كنيسه من عصر الباروك وزمن مايكل أنجلو أنا مش هابارككم !!!!

هو ربنا شارط على شعبه يعمل كل القبب دي والإرتفاعات والخرسانات الرهيبه اللي باشوفها عشان يحل عالكنيسه بحضوره؟

هو ربنا قالنا إننا نصرف الفلوس على المباني ولا على الناس ... يا سادتي إحنا بقينا ناخد الفلوس من الغلابه بدل ما نديهالهم ونبتزهم روحيا من أجل بناء المبنى المسمى بالخطأ الكنيسه في حين أن الكنيسه هي الشخص الغلبان نفسه

أمين إننا نبني كنايس لكن بالمعقول .... والعشرين مليون اللي إتبنت بيهم الكنيسه الفلانيه كان ممكن يبنوا نفس الكنيسه بصوره أبسط وجنبهم خمس كنايس صغيره لبلاد محرومه بالإضافه لعدة مستوصفات خيريه تخدم المسيحيين والمسلمين وبكده نحقق الهدف من وجودنا كنور وملح في الأرض .

هو يعني عشان الكنيسه مبنيه في منطقه فخمه يبقى لازم تبقى كنيسه كلها رخام !!.. وإذا قلت لي إن كل مبنى يعبر عن المستوى الإجتماعي و المادي .. أقولك وليه ما يعبرش عن ثقافة الناس وفهمهم للمعنى الحقيقي والمفيد للكنيسه .. إن دورها مش في المعمار الحجري ولكن في المعمار الروحي .. وخصوصا يا سيدي القارئ أننا في بلد نصفه تحت خط العشره جنيه في اليوم

أنا زعلان على قسس وشيوخ وكهنه فشلوا في رعاية البشر بحنو وعطف فتحولوا لباشمهندسين كل أهدافهم .. فن العماره

وعلى فكره معظم هؤلاء برضه فشلوا في فن العماره فكميه الرخام الرهيبه الموجوده داخل الكنائس تفسد الصوت وبعد شويه دماغك

هذا بالإضافه إن الساده الباشمهندسين في معظم الأحوال لم يدرسوا حسابات الدخول والخروج ومداخل الهواء أو الحريق ومحاولة حل ركن السيارات .. ناهيك عن إرتفاعات المنابر الغريبه بحيث تجد أن حذاء الواعظ أعلى من رأسك .. أو منبر خشب أو رخام ضخم يختفى وراءه الواعظ دون ترك مساحه للتواصل البصري مع لغة الجسد وإشاراته للخادم وخصوصا لو كان قصيرا بعض الشيئ

وكثير من دورات المياه الرخاميه الغاليه أصبحت في منتهى القذاره لأن النضافه والإحترام عمرهم ما كانوا يا سادتي في الرخام

ثم نأتي لموضوع القباب في الكنائس التقليديه وهو طامة أخرى

إن القباب في المباني الدينيه إختراع قديم وأنا أقول –إختراع- بصوره واضحه حيث أنه الطريقة المخترعه لتضخيم الصوت في زمان لم يكن يعرف فيه العالم شيئا عن الأمبليفايرات أو المايكروفونات وكانت القباب تصنع بمقاسات معينه وإرتفاعات محدده لتصنع ضخامه وصدى صوت (Reverb) وهي طريقه صناعيه لصنع ميكرفون طبيعي بالإضافه إلى إضفاء الهيبه للمتكلم وهي من مبتكرات العصور المسيحيه الظلاميه حيث أنه في إعتقادي أن الهيبه هي عطيه من الروح القدس لمن يجلسون أمامه وفي حضوره وتظهر سواء في مكان كبير وفخيم او تحت شجره ..سيان

أما ما يحدث الأن أننا نصنع جهاز صوتي بالقباب ثم نستخدم فوقها جهاز صوتي الكتروني مما يتسبب في تلوث صوتي توقفنا عن الشعور به بسبب الإعتياد

وأعتقد أنه قريبا سيكون الوقت كي نستغني عن هذا الشكل القديم ونفكر بصوره عمليه أفضل وأوفر لبناء دور العباده عامة

وما أخشاه يا إخوتي أن يصدق ظني أن بناء بعض الكنائس والمطرانيات بهذه الضخامه يتم أحيانا من أجل إظهار القوه والتباهي بعظمة البناء أمام الآخرين في حين أن قوة التأثير وهو أمر طبيعي يسعى إليه كل البشر لصنع توازنات عادله في المجتمعات لا يتم بعظمة المباني بل بعظمة البشر

- ثالثا :أصلي إن الفتره القادمه يُسمح فيها ببناء مباني للكنائس بصوره أفضل من كل اللي فات ولكن ما أصلى أكثر أن يلفت الروح القدس أنظارنا إليه هو الكنيسه الحقيقيه هي البشر المضيئين بنور الله لعالم في شدة الإحتياج لله وهذا ما لا يعوقة الفقر أو قلة الإمكانات ... لماذا لا تشترك عده طوائف ومجموعات روحيه في مبنى واحد واسع بتنظيم إداري محترم لنقدم للعالم قيم التواصل والقدره على التعاون والمشاركه وعلى فكره هذا النظام مطبق في الكويت والعديد من كنائس أوربا وأمريكا

لماذا لا نتحمس لمشروعات مشتركه مع شركاء الوطن المسلمين مثل المدارس والساحات الشعبيه وتدريس الهوايات وتشجيع القراءه والندوات والدخول في المسابقات الدوليه والفنون بأنواعها وبدل ما إبنك يفضل طول فترة مراهقته يسمع وعظات في إجتماعات ثانوي عن أضرار العاده السريه .. أحسن له يروح الساحه الشعبيه أو النادي ويتنافس مع زمايله ويطلع الطاقه في صوره إيجابيه مفيده.

لماذا لا نوفر من تكاليف المباني قليلا لشراء كاميرات ووحدات مونتاج ونتفق مع المدربين المميزين لتدريب الشباب على تنمية المواهب أو مجموعة آلات موسيقيه وتبني مدرسه للموسيقى أو .. أو . الأفكار لا تنتهي

لماذا لا نبحث عن العباقره من أهل الكنيسه في المجالات المختلفه لنقف ورائهم بالدعم بكل صوره حتى يصلوا إلى العالميه وتقديم صوره الرعايه الحقيقيه للناس ... يا جماعه ربنا جه عشان الناس .. والناس عايزه حاجات كتير قبل المباني.. الناس عايزه رعايه وحب مثلما صنع السيد المسيح وبولس الرسول وفرانسيس الأسيزي وليليان تراشر وغيرهم مش محتاجه برامج خاويه أو أساليب باليه .. ولازم الكنيسه الوقت الجاي تفكر خارج الصندوق وإلا ... ....

أنا أكلت بيتزا في إستراليا في - مبنى كنيسه - من أفخم ما يكون إشترته شركه بيتزا عالميه وعملته مطعم لما إنفض الناس عنه وبقى مجرد مبنى ...

وأنا أعتقد أنه حين تقوم ثوره داخل الكنيسه العربيه حينما يقرر الله الميعاد ... ستكون في صف الناس ..كل الناس على السواء ولمجد الله

وما أحلم به هو كنيسه ..قد لا ترتبط بمكان ..ولكن ترتبط بمنهج فكري ..واسع يسع عقول الكثيرين ... يجلسون لفترة تعبد مناسبه ثم تكون فترة العظه عباره عن مناقشات تنويريه تخرج منها الكنيسه بورقة عمل وتوصيات عمليه مفيده لحياه الناس الأبديه والزمنيه وجدول زمني لتنفيذ ماتظنه الكنيسه تعبيرا عن صلاتنا " ليتقدس إسمك" .. وعلى فكره هذا موجود بالفعل .. وليس إختراع

 

هاني روماني

القاهرة