المجتمع والنهضه التى نرجوها

سامح سليمان ٢٢ أكتوبر ٢٠٢٠

المجتمع والنهضه التى نرجوها

 

 

المجتمع لم ولن يحيا ويتقدم ينهض ويزداد تحضراً إلا بأبنائه من العلماء والأدباء والمفكرين الوطنيين الانسانيين المستنيرين التنويريين النهضويين الحقيقين ، وليس المزيفين أو الدجالين والمرتزقه والمأجورين ، وليس بأكثرهم تبشير ودعوه للدين وتقوى وتدين فى أكثر احواله ليس إلا تدين طقوسى مظهرى روتينى منزوع القيمه والمعنى والمضمون ليس له أى عائد فكرى أو اخلاقى او سلوكى إلا بالسلب من استبدال الانتماء الوطنى بالانتماء الدينى وتحويل الدين الى وطن وعدم الايمان بالاخوه والشراكه فى الوطن والانسانيه واستبدالها بالاخوه والشراكه فى الدين والمذهب والطائفه وازدياد للرياء والمظهريه والقبليه والفئويه والاقصاء للأخر المختلف فى الفكر او الديانه او المذهب او الطائفه.ان دراسة وتدريس الدين والتدين وتخريج رجال الدين او الفقه او اللاهوت،ليست ويجب ان لا تكون مسئولية اى من المؤسسات التعليميه او الاعلاميه او التثقيفيه فهذه مسئولية ومهمة ووظيفة دور العباده والمعاهد الدينيه الملحقه والمملوكه فى الغالب للمؤسسات الدينيه . الدين ورجاله وممثليه وموظفيه ليس مكانهم وليسوا ويجب ان لا يكونوا من ذوى الاختصاص بأصدار التشريعات القانونيه او اعداد المناهج التعليميه او الكتابه فى صفحات الجرائد والتحدث فى الوسائل الاعلاميه ـ سواء المرئيه او المسموعه او المكتوبه ـ المملوكه للدوله المدنيه الحديثه متعددة الاديان والتوجهات، ان جميع الاديان والمعتقدات الغيبيه بكافة انواعها ومع كامل الاحترام والتقدير لها ولجميع من يؤمنون بها مع اختلاف معتقداتهم واديانهم وطوائفهم ومذاهبهم المتعدده ـ المتناقضه المتنافره المتصارعه المتحاربه فى كثير من الاحيان ـ وارائهم المختلفه المتنوعه ومع الأعتراف بالدور الكبير الذى لعبته ومازالت تلعبه فى تاريخ الامم والحضارات المختلفه على مر العصور ـ سواء بالايجاب من وجهة نظر البعض او بالسلب من وجهة نظر البعض الاخر ـ يجب وحتماً ولابد ان تعود وتبقى وتظل فى مكانها الطبيعى الوحيد وهو دور العباده ـ ولهم هناك كامل الحق والحريه فى ممارسة طقوسهم وشعائرهم والتعبير عن معتقداتهم والدعوه اليهاـ وعقول من يؤمنون بها، وليس بطاقات هويتهم وشهادات ميلادهم، فمن العجيب والغريب والغير منطقي والغير عقلانى والغير مقبول مهما كانت التبريرات ان يرث الفرد تلقائياً وبالتبعيه ديانة والديه،وهو حتى لم يخترهما او حتى كان له مجرد حق أختيار مجيئه الى الحياه ـ كما لم يختار ديانتهم او طائفتهم او مذهبهم الدينى او معتقداتهم الفكريه او مدى نضجهم النفسى ودرجة اهليتهم وصلاحيتهم للقيام بدور الاب او دور الام ،وخلفيتهم الثقافيه او مستواهم الاجتماعى او التعليمى او جيناتهم الوراثيه الشكليه او السلوكيه التى حتما سوف يتاثر بها ، وايضا لم يختار جنسيته او جنسه او لونه او مجتمعه ونظامه الاقتصادى والتيار السائد فيه من عادات وتقاليد وافكار بل القت به صدفة الميلاد ولم يكن عليه فى اغلب الاحوال الا الامتثال والرضى والقبول الاجبارى فى اغلب الاحوال ـ وتكتب له فى شهادة ميلاده ويفرض عليه الايمان بها وان تصبح ديانته طوال حياته ويتم الزامه بأن يورثها لابنائه، لاحظ الدوران التلقائى لدائرة التوريث الفكرى والعقائدى ، وهو لم يبلغ من العمر ربما ليس الا يومان فقط لا غير،

 

فى حين ان فهم واختيار واعتناق والتصديق والايمان بصحة وصواب وافضلية ديانه معينه يجب ان لا يتم الا عن اقتناع يصل اليه المرء بعد قراءه وفحص وتحليل للقيم والافكار والرؤى والتصورات التى تحتويها نصوص كافة الايدلوجيات والمعتقدات والديانات ، ودراسة كافة وجهات النظر سواء لمعارضيها او مؤيديها ،والكتابات التى تناولتها سواء بالقبول والتأييد والتاكيد والبرهنه على صحتها وصوابها وعصمتها وسماويتها او بالنقد المعارضه والرفض بسبب بطلان صحتها وعدم منطقيتها وعدم سماويتها لأمتلائها بالأمور المتناقضه والأخطاء التاريخيه والعلميه والتشابه مع الخرافات والاساطير القديمه ـ من وجهة نظر الناقدين ـ  ومقارنتها مقارنه دقيقه ببعضها البعض بحياديه وتجرد وبدون اى تعصب او تحيز او اراء مسبقه،ثم الوصول الى قناعه بصحة ديانه معينه واقترابها من الصواب اكثر من الباقين بالنسبه لما تقدمه من افكار وتصورات عن نشأة الكون والحياه،وعن الانسان الأخر المختلف عنه فى الفكر او العقيده والرؤيه الدينيه التى يحملها هذا الدين لله ولنشأة الكون والحياه،والتقييم والرؤيه الدينيه للأخلاق الملزمه له هو فقط ولمن يؤمن ويتبع تلك الديانه بخلاف ان دراسة وفهم ديانه واحده فقط لاغير يحتاج إلى فتره طويله من البحث قد تصل الى عدة اشهر، بخلاف الاحتياج الى مستوى عقلى ونضج فكرى ونفسى معين ليس من السهل الوصول اليه ، وإلمام بالعديد من المعلومات فى كثير من أقسام ومجالات ودروب المعرفه مثل( التاريخ والميثولوجى والفلسفه والعلوم الانسانيه بفروعها وتوجهاتها ورؤاها المتعدده المغيبه عن عمد لغرض ومقصد عن العرض والدراسه فى مجتمعنا ،...الخ ) .الايمان بالله والدين ـ بغض النظر عن ما هو هذا الدين ـ يجب أن يكون عن أختيار وقناعه واقتناع ناتج عن بحث ودراسه متانيه وفهم عميق،وليس بالوراثه والتلقين والقوه والاجبار والالزام القانونى والضغط والاكراه النفسى والاجتماعى .الايمان بالدين يجب ان يكون بعد دراسه حره دقيقه متانيه متعمقه غير انتقائيه او متحيزه او رافضه للاخر المختلف وليس مجرد وراثه واتباع وخوف واجبار،العلاقه مع الله يجب ان تكون علاقه اختيار وفهم يترجم الى سلوك انسانى متحضر

 

برتراند رسل : ـ المدارس الابتدائيه تكاد تكون دائما تحت سيطرة جماعه دينيه او تحت سيطرة الدوله التى لها اتجاه معين فيما يتعلق بالدين . وتقوم الجماعات الدينيه على اشتراك جميع اعضائها فى الايمان بمعتقدات معينه محدده فى مسائل لا يمكن التثبث من صحتها .

 

والمدارس التى تشرف عليها جماعات دينيه تمنع الناشئين، وهم غالبا ما يكونون متطلعين بطبيعتهم، من اكتشاف ان هذه المعتقدات المحدده تعارضها معتقدات اخرى ليست اكثر منها صعوبه فى الاثبات،وان كثيرا من الرجال الذين تؤهلهم كفاياتهم للحكم فى هذا الشان يعتقدون انه لا يقوم دليل قاطع على افضلية اى معتقد بعينه....،لا يمكن ان تكون حرية البحث مكفوله ما دام الهدف من التعليم هو خلق اجيال من المؤمنين لا من المفكرين، وارغام الصغار على اعتناق اراء مححده فى مسائل يحوطها الشك،بدلا من مساعدتهم على رؤية الشك وتشجيعهم على التفكير الحر . ان التعليم يجب ان يغذى الرغبه فى الوصول الى الحقيقه،لا الايمان بان عقيده معينه هى الحقيقه.

 

ولكن العقائد هى التى تلم شعث الرجال وتكون منهم منظمات مقاتله كالكنيسه والدوله والاحزاب السياسيه،وشدة الايمان بالعقيده هى التى تؤدى الى التفوق فى القتال ، اذ يحالف النصر اولئك الذين لا يخالجهم الشك مطلقا فى المسائل التى لا يقود التفكير العقلى السليم فيها الا الى الشك، فلكى  تصل هذه المنظمات الى هذه الشده فى الايمان وذلك التفوق فى القتال فانها تقيم سياجا حول الطفل وتشل حرية تفكيره بان تغرس فى نفسه عقبات تقف فى سبيل نمو الاراء الجديده ...،ان المشتغلين بالتدريس يعملون عادة على غرس عادات ذهنيه معينه كالطاعه والنظام، وتصديق ما يلقيه المدرس تصديقا اعمى ، والتسليم السلبى لحكمته . ان كل هذه العادات هى ضد الحياه،

 

وواجبنا ان نحافظ على استقلال الطفل ونزعاته بدلا من ان نلزمه الطاعه والخضوع ، وواجب على المعلمين ان يناوا عن القسوه

 

وان ينموا فى الطفل بدلا منها استقامة التفكير،وان يغرسوا فى نفسه احترام وجهة النظر الاخرى،ومحاولة تفهمها بدلا من ازدرائها،

 

اما تجاه اراء الاخرين فيجب ان يكون هدف التعليم هو تنمية عادة المعارضه المصحوبه بفهم تصورى ووعى كامل للاسس التى تقوم عليها المعارضه،لا التسليم بكل ما يقال،كما يجب ان يهدف الى اثارة الشك وحب المخاطره الذهنيه والاحساس بوجود عوالم تنتظر من يكتشفها بالاقدام والجراه فى التفكير بدلا من التصديق الاعمى .ان السببن المباشرين لكل ما تقدم من مساوئ هما الرضى عن الحاله القائمه، واخضاع التلميذ للاغراض السياسيه ، وهما يرجعان بدورهما الى عدم المبالاه بالامكانيات العقليه . " نحو عالم افضل "

 

 

 

سامح سليمان