في ما يُقدَم تحت عنوان "المشورة الكتابية"

مشير سمير - وليام كِيروان ٢٤ أكتوبر ٢٠٢٢

 

في ما يُقدَم تحت عنوان "المشورة الكتابية"

والاتجاهات الرئيسية الأربع في المشورة

(مقال نقدي قصير، ومقال تعليمي)

 

 

اطلعت مؤخراً على كتاب جديد صدر في مصر حديثاً بعنوان "المشورة: كيف تقدم مشورة كتابية" لكاتبه جون ماك آرثر John MacArthur  وآخرين (إصدار: "مركز دراسات المشورة الكتابية" 2010). وبعد قراءتي له، قررت أن أتناول ما يقدمه في هذا المقال النقدي المختصر.

هذا الكتاب، كما هو موضح في بدايته، يتبع اتجاه مشوري يُدعى Nouthetic Counseling، وقد تمت ترجمتها في هذا الكتاب باستخدام نفس المصطلح الإنجليزي "المشورة النوثيتكية"، لمؤسسها "جاي آدمز Jay Adams" مواليد 1924. و"نوثيتك" هي كلمة يونانية من الكلمات التي استخدمها بولس في رسائله، وتعني: التوبيخ أو الإنذار أو التعليم أو النصح، كما هو موضح أيضاً في تعريف هذا الكتاب. وقد بنى "جاي آدمز" منهجه هذا بالتحديد على رومية 15: 14 (وأنا نفسي متيقن من جهتكم يا أخوتي أنكم أنتم مشحونون صلاحاً مملؤون كل علم قادرون أن ينذر بعضكم بعضاً) والذي يعتمد على المشورة بالتوبيخ والتنبيه من الخطية وأعطاء النصيحة من الكتاب المقدس، في روح المحبة بالتأكيد.

وقبل الدخول في التناول النقدي لهذا الاتجاه، يجب أن أوضح للقارئ أن هذا التوجه هو أحد اربعة اتجاهات رئيسية في المشورةٍ كلها، تتدرج من أقصى اليسار الذي لا يؤمن بوجود أي علاقة بين المشورة (علم النفس) والدين، إلى أقصى اليمين الذي يرفض "علم النفس" تمام الرفض بل وينعته بالهرطقة وبادعاء العلم، وهذا هو التوجه الذي يتزعمه "جاي آدامز" بعد دراسته لعلم النفس. وسوف نقدم شرحاً وافياً لهذه الاتجاهات الأربعة في المقال الملحق، بعد الانتهاء من هذا المقال النقدي.

والآن دعونا نقرأ بعض الاقتباسات من هذا الكتاب "المشورة: كيف تقدم مشورة كتابية" ثم نضع تعليقاتنا بإيجازً عليها. يقول الكاتب في (ص: 25) الآتي:

"كلمةPsychology  تعني حرفياً دراسة النفس، ودراسة النفس الحقيقة لا يمكن أن يقوم بها غير المؤمنين، ففي النهاية المسيحيون المؤمنون فقط هم الذين يمتلكون المصادر لفهم طبيعة النفس البشرية وفهم كيف يمكن تغييرها." أي أن الكاتب ينادي بعدم وجوب التعلم من غير المؤمنين، حيث أن غير المؤمن لا يستطيع أصلاً أن يمتلك المصادر لفهم طبيعة النفس البشرية ولا فهم كيفية العمل على تغييرها. وهذا يرجع إلى اعتقاد راسخ لدى التوجه "النوثيتكي"، حسبما يقرر الكاتب، بأن النفس هي الروح، ولا يوجد فارق. فعندما نتكلم عن دراسة النفس هم يعنون دراسة الروح، فلا يحب إذن أن يدرس الروح غير الشخص المختص بالروحانيات، ولا يعرف كيفية تغير هذه النفس إلا الشخص اللاهوتي. فالنفس، لديهم، هي الروح والروح هي النفس، وهذا في نظر الكثيرين بالطبع خلط خاطئ واضح وكبير.

وعليه يقول الكاتب في (ص: 26): "الكتاب المقدس هو المصدر الوحيد الموثوق به للدراسة الحقيقية للنفس. فهو شامل للغاية في تشخيص ومعالجة كل أمر روحي للدرجة التي تجعله مع تحفيز الروح القدس في المؤمن يؤدي إلى أن يجعل الإنسان يشبه يسوع المسيح. هذه هي عملية التقديس بحسب الكتاب المقدس، وهي هدف المشورة الكتابية."

فباعتبار هذا التوجه للنفس على أنها هي الروح، فكل أمر نفسي ليس إلا أمر روحي، بالتالي تكون المشورة هي "عملية التقديس"، ولا شئ آخر، والتي يعيشها الشخص المسيحي المؤمن فقط. وعلى هذا الاعتبار الذي لا نتفق معه، يكون الكتاب المقدس فعلاً هو "المصدر الوحيد الموثوق به للدراسة الحقيقة للنفس"، بمعنى أننا نخطئ إذا تعلمنا عن العلوم الإنسانية من أي مصدر آخر غير الكتاب المقدس، حسبما يقول الكاتب. بالطبع لا يختلف الكاتب هنا في أن الكتاب المقدس ليس كتاباً علمياً، ولكن ما يقوله هو أنه لا حاجة ولا صحة لكتاب "علمي"، أو حتى لوجود علم للنفس – كما سيذكر الكاتب لاحقاً- يتناول أمور الروح، حيث النفس هي الروح، ولا يختص بها سوى علم اللاهوت، وهذا هو الخلط غير المقبول -في نظره- من الاتجاهات الثلاث الأخرى الرئيسية والغالبة في مجال المشورة. وهذا الاعتبار الخاطئ نفسه يجعل من الكتاب نفسه الذي نتناوله "المشورة: كيف تقدم مشورة كتابية" كتاباً غير علمي، إلا أنه مع ذلك يجدر بنا تناوله هذا التناول النقدي باعتباره يقدم منهجاً يُعتبر على أنه منهجاً مشوري، وبالأخص بعد دخوله إلى العالم العربي من هذه النافذة.

إذن، من وجهة نظر هذا الاتجاه وحيث أن "المشورة هي التقديس"، فإن "الاضطراب النفسي" هو خطية، لأن مشاكل النفس هي مشاكل الروح وتحتاج إلى التقديس فالاضطرابات النفسية هي اعتلالات واضطرابات الروح أي الخطية، ولذا يجب أن تقابل بالنصح والإنذار والتوبيخ والتعليم، وهذا يكون حقاً إن اتفقنا على أن النفس هي الروح والروح هي النفس مجرد مرادفات ليس أكثر.

وفي (ص: 28) يؤكد الكاتب نفس الفكرة بقوله: "إن السبيل نحو الشفاء هو سبيل التقديس الروحي." وهو بهذا يريد أن يخبرنا بأن اضطراب نفسي كاضطرابات الطعامEating Disorder  على سبيل المثال، مثل "فقدان الشهية المرضيAnorexia nervosa"، أو أي اضطراب نفسي أو عقلي آخر، كالفصام (الشيزوفرانيا)، حسبما يحاول أن يبرهن الكاتب، ليس إلا اضطراب روحي ما نتيجة لخطية أو قصورٍ ما في العلاقة مع الله، والتقديس هو السبيل الوحيد نحو الاستشفاء منه. فالكاتب هنا بالتحديد، يتجرأ ويناقش قضية الذهان (الاضطراب العقلي) ويشكك أساساً بأن هناك شىء حقيقي اسمه "ذهان"، فيقول: "هل الذهان حقيقة؟ أم نحن أوحينا به للناس؟"

في (ص: 31) يقول الكاتب: "يفترض معظم المؤيدين لعلم النفس الحديث ببساطة أن علم النفس الحديث هو علم حقيقي. لكنه ليس كذلك، بل إنه علم زائف وهو أحدث الاختراعات البشرية العديدة المصممة لكي تفسر المشكلات السلوكية وتشخصها وتعالجها دون التعامل مع القضايا الأخلاقية والروحية." هنا يخبرنا المؤلف بأن علم النفس ليس بعلمٍ وإنما مجرد اختراع، وليس حتى اجتهاد، لا يصل إلى أن يكون علم إمبريقيEmpirical  (تجريبي/ معملي: بمعنى يمكن أن يخضع للقياس المعملي)، ويشبهه بما كان يُدعى قديماً بعلم الفَراسة (أي الاستدلال على شخصية الإنسان من شكل جمجمته) وسقطت فيما بعد صفة العلمية عن "الفَراسة". وهو يجادل بأنه "كيف يمكن أن يوجد علم يناقش المشكلات السلوكية المرتبطة بالنفس البشرية دون أن يتعامل مع القضايا الروحية والأخلاقية (لأن النفس هي الروح)." فإذن هذا نوع من الاحتيال، كما يقول المؤلف، من وجهة نظر الاتجاه النوثيتكي.

وعند نهاية هذا الكتاب يتناول الكاتب بعض الأسئلة التي تجادل ضد الاتجاه النوثيتكي، ويضع الرد عليها. فأمام سؤال (ص: 357) يقول: ألا يوجد لدى فروع المعرفة الدنيوية (غير الدينية) ما تقدمه لمنهجية المشورة الكتابية؟ يقول الكاتب: "الإجابة هي لا صريحة." مائة بالمائة "لا"، دون أدنى احتمال لوجود أي شئ يمكن أن تفيد به فروع المعرفة العلمانية هذا التوجه اليميني المتطرف. فبالطبع إذا نظرنا إلى المشورة بالمعنى الذي يقدمه هذا التوجه "النوثيتك"، فقد نقول فعلاً بأن علم النفس ليس لديه ما يقدمه لمشكلات الإنسان النفسية أي الروحية، لأنه لا شأن للمشورة وعلم النفس بتقديم النصح للشخص وإنذاره وتوبيخه على خطيته. فعلم النفس غير مختص بهذا، كما لا تختص الفلسفة ولا أي من العلوم الإنسانية الآخرى بذلك، وهنا يكون رد الكاتب على المجادل بالـ "لا" القاطعة رداً منطقياً.

ويستأنف الكاتب (ص: 357) قائلاً: "قد تكون فروع المعرفة الأخرى مثل التاريخ والعلوم الإنسانية والأدب وعلوم الاجتماع والطب وعلم النفس وعلم الأحياء والأعمال والعلوم السياسية، مفيدة بطرق فرعية عديدة للراعي وللمشير الكتابي. لكن مثل هذه الفروع من المعرفة لا يمكنها أبداً (وهذه هي الجملة الهامة) أن تقدم نظاماً لفهم الناس وتقديم المشورة لهم." فهو يسمح بأن الكنيسة قد تستفيد بقواعد إدارة الأعمال والمحاسبة، على سبيل المثال، لكي تنظم أعمالها لو كنيسة كبيرة ولديها هيكل إداري ضخم، مثلما يحتاج أفرادها للطب من أجل الصحة والحيوية البدنية. فهذا هو ما يقصده بعبارة "مفيدة بطرق فرعية عديدة". فهناك علوم كثيرة تتداخل هنا كمساعدات فرعية، ولكن لا يوجد من يتجرأ ليجابه أو يتصدى للتعامل مع مشاكل النفس التي هي الروح إلا الإنسان الروحاني أو المؤمن، وهذه هي المشورة؛ أي "المشورة الكتابية (النوثيتك)" فقط، ولا يوجد مشورة إلا "النوثيتك" - في وجهة نظر أصحابها – طالما أن الروح هي النفس والنفس هي الروح، ويكون أي إنسان آخر يدعي غير ذلك ليس إلا مدعٍ ومحتال، حسبما يصفه الكاتب (ألا يذكرنا ذلك بأصحاب منهج "الطب النبوي"؟!)

على هذه الفرضية، الخاطئة، تكون حجة المدافع منطقية. لكن البحث المضاد يحاجج على خطأ هذه الفرضية الأساسية التي تفترض بأن النفس هي الروح، وبأنه لا يوجد فارق ما بين الخطية وبين الاضطرابات النفسية.

نحن متفقون على أن الأخصائي المسيحي بالتأكيد لديه بُعد أعمق في التعامل مع النفس الإنسانية، ولذلك أنا أؤمن بالمشورة المسيحية، والتي يرفضها الكاتب ويصفها بالاحتيال (فالمشورة، مرة أخرى، بالنسبة لهذا الاتجاه، هي المشورة الكتابية/النوثيتك فقط)، ولكني أتفق أيضاً وبشدة مع الكاتب في قوله بأنه: "ليس كل من وضع آيات في تعليمه معناه أنه يقدم مشورة كتابية أو مسيحية (طبعاً صفة "كتابية" أضعها بين قوسين، لأني لا أستطيع أن أقر هذا المصطلح في المشورة)." فهو يريد أن يقول أنه ليس لأن الواعظ أو الخادم أو المشير يستخدم بعض من مصطلحات الكتاب المقدس وآياته وبعض تعابيره ومفاهيمه، فهو إذن مشير مسيحي ("كتابي" بحسب مفهوم الكاتب). وهو يضرب مثالاً للكاتب المشوري المسيحي "لاري كراب"، والذي هو في رأيي الشخصي يميل للاتجاه النوثيتك ولا يخفي تأثره بـ"جاي آدامز"، ولديه نفس الخلط بين الخطية والاضطرابات النفسية، إلا أن المؤلف هنا، وبالرغم من ذلك، يهاجمه ويصفه بالاحتيال، لأنه في نظره يستعمل رداء "المشورة المسيحية" ويدعي أنها هي "المشورة الكتابية" لمجرد أنه يستخدم آيات كتابية – حسبما يقول المؤلف هنا- لكنه في الحقيقة يقدم من خلفها علم النفس، ولذا فهو محتال! وهنا نستطيع أن نرى بوضوح في الكاتب نبرة التعصب ولهجة الاستقصاء التي تميز من يؤمنون بامتلاك الحقيقة والصواب المطلق وحدهم.

مرة أخرى، أعود للاتفاق مع الكاتب، حيث أنه لدينا الكثيرين، وبالأخص في مصر، يعلمون تعليماً خاطئاً وملتبساً ويقدمون ما يُظن أنه "مشورة مسيحية" يمررها الكثيرون، فقط لمجرد استخدامهم لآيات الكتاب المقدس، وأنا شخصياً أرى أن هذا الكتاب "المشورة: كيف تقدم مشورة كتابية" وتقديمه في مصر على أنه يقدم "المشورة" هو دلالة في حد ذاته على هذه المشكلة الضخمة. وربما هذا أهم ما أود أن أقدمه هنا، وهو أنه لدينا الآن تيارات مختلفة كثيرة جداً وجميعها تقدم نفسها على أنها "مشورة مسيحية" بما في ذلك الاتجاه "النوثيتك" نفسه الذي سيبدأ الآن في أن يرسخ أقدامهه على أنه هو الـ "مشورة" الـ "مسيحية" وليس حتى مجرد "مشورة مسيحية"، بل "المشورة المسيحية". نعم، أتفق مع الكاتب، فقط في قوله، ليس كل من قدم تعليم يحوي آيات كتابية وعبارات ومصطلحات مسيحية، هو يقدم "مشورة مسيحية"! فلنحذر إذن، ونقرأ ونفتش كل ما يُقدم لنا، لنكون شرفاء مثل أهل بيرية الذين قبلوا الكلمة بكل نشاط فاحصين الكتب كل يوم هل هذه الأمور هكذا؟ (أع17: 11).

"فالمشيرون الكتابيون، يقول الكاتب (ص: 365)، قبل كل شىء يهتمون في الأساس بمشكلة الخطية وكيف يمكن للناس أن يتغيروا وينموا (التقديس) لمجد الله. أما العلوم التي نعرفها (بوجه عام)، فلا تشغل نفسها لا بمشكلة الخطية ولا بالله، (بالطبع، فعلم النفس، والطب، والفيزياء، والكيمياء، كل هذه العلوم ليس من مسؤليتها ولا دورها عملية "التقديس" في الحياة المسيحية) ولهذا فلا يوجد سبب يجعل المشيرين الكتابين يستخدمون العلوم لغرض تقديس الإنسان لمجد الله (بناء على فرضية أن "المشورة" هي "عملية التقديس") أما مسألة استخدام علم النفس الحديث في المشورة فيختلف قليلاً. يجب أن يقال صراحة أن علم النفس الحديث بالحالة التي هو عليها ليس علماً في ذاته." وهنا ينتهي الاقتباس وينتهي معه مقالي النقدي الموجز.

 

مشير سمير

(ماجستير المشورة المسيحية)

 

 

 

*********

 

 

 

 

الاتجاهات الرئيسية الأربع في المشورة

 

 

لـ "وليام ت. كِيروان William T. Kirwan"

من كتاب: "مفاهيم كتابية للمشورة المسيحية"

"Biblical concepts for Christian counseling"

 

 

لزوجتي "آن" صديقة مقربة كانت قد اضطرت إلى دخول المستشفى منذ فترة قريبة خوفاً من أن تقدم على الانتحار.  لقد كانت تعيش الحياة شبه معاقة بسبب الاكتئاب المزمن والعلاقات الهدامة وبسبب الإحساس بعدم القيمة وأيضاً عدم الثقة بالنفس. وفي حديث لي معها قبل دخولها إلى المستشفى اقتنعت أنها مكرسة للمسيح ولكلمة الله والكتاب المقدس، هذا على الرغم من أنها تجد صعوبة في الثقة في الرب بشكلٍ يومي. لقد ذكرت أنها لم تستطع أن تثق في أي شخصٍ بالكامل. كيف لشخص ذو قناعات مسيحية قوية، شخص قد اشترك في دراسة الكتاب المقدس والشركة في كنيسة حيوية، أن يسقط هكذا متفسخاً! وحين يحدث هذا، ما هو تأثيره على عمل المسيح؟ وهل يبطل هذا الإيمان المسيحي؟ وهل يلقي ذلك بظلال الشك على قوة المسيح في استعادة هؤلاء الناس لصحتهم النفسية؟

لقد تساءلت "آن" عن هؤلاء المسيحيين الذين يقدمون إجابات بسيطة، وعن قدرتهم على البدء في فهم مدى التعقيد الخاص بمشكلة صديقتنا. فهناك الكثير من التخبط في العلاقة ما بين المسيحية والصحة النفسية. هذا وقد اكتشفت من خلال عملي كطبيب نفسي أن هناك أربع وجهات نظر أساسية ترتكز عليها العلاقة بين المسيحية وعلم النفس.

لي صديق، طبيب نفسي ذو مستوى رفيع في تخصصه يؤمن أن الدين جيد وذو قيمة. ولكنه أيضاً على قناعة بأن العلم وقواعد علم النفس يأتيان في مرتبة أعلى من العناصر الجوهرية للإيمان المسيحي. أما الدين إذا كان له دور في عملية مساعدة المريض على التأقلم مع المشكلات فهذا الدور مقبول ولكنه ليس جوهرياً. إن وجهة النظر هذه والتي أطلق عليها وجهة النظر غير المسيحية ربما تمثل الأغلبية العظمى من المتخصصين في الصحة النفسية (في الغرب بالطبع). فهم يصرون على أن الدين أو بالتحديد المسيحية الكتابية، ليس لديها ما تقدمه لهؤلاء الأفراد مثل صديقتنا التي تعاني من الاكتئاب هذه. والبعض الآخر على قناعة بأن المسيحية في الحقيقة قد أسهمت في بعض مشاكل "صديقتنا".

على الصعيد الآخر، أعرف أحد المشيرين الرعويين والذي ينظر إلى الاضطرابات النفسية على أنها مشاكل روحية. فهو يؤمن أن كل أنواع الاكتئاب واليأس إنما هي نتيجة لانتهاك بعض القوانين الروحية. وهو يجادل بأن طاعة كلمة الله هي الحل لكل المشاكل العقلية. فهو يعتبر أن التوبة والاعتراف الواعي هما المفتاح للشفاء، وهذه هي وجهة النظر الدينية "المسيحية". ولقد اقتنعت بهذا الفكر عندما كنت أدرس في كلية اللاهوت وقد دافعت عن وجهة النظر هذه. وأذكر قراءتي لكتاب جلبرت ليتل "المسيحيين المتوترين" عدة مرات أثناء سنوات دراستي في كلية اللاهوت. وطبقاً لهذا الكاتب، فإنه عندما يدخل المسيح لروح الإنسان وتُصلب الذات، فإن الأعراض المعقدة للمرضى المتوترين لن تتطور كما هو مبيّن في المراجع، لأن المسيحي في ذلك الحين سوف يسلك في قوة المسيح بدلاً من القوة الذاتية. لكن وجهة نظر ليتل هذه تبدو سطحية ولا تتطابق مع علم النفس ولا مع محتوى الكتاب المقدس.

والآن وبعد الخبرة الشخصية التي اكتسبتها في العلاج، صرت أعلم أن مثل هذه الإجابات الروحية، والمعطاة للمسيحيين المتألمين هي قاسية وتخلو من الحنو، والأكثر من هذا، فإن الكتاب المقدس يتحدث مراراً عن أن المعاناة الذهنية هي واقع في الحياة.

أما المشير الثالث فيقدم وجهة نظر يتوازى فيها الرأيان. فهو يؤمن بمبادئ علم النفس وهو ماهر في تطبيقها. وهو يعرف المسيح بشكل حقيقي ويفهم الكتاب المقدس جيداً. وقد يوجد بعض الدمج ما بين مسيحيته وعلم النفس، إلا أنه على ما يبدو أن كلا منهما يعمل بشكل مستقل، حتى إن تعبيرات مثل الخطية، والذنب، والإيمان قد تم استبدالها في مكتب المشورة بمصطلحات أخرى مثل الادعاء أو التظاهر، معاقبة الذات، والهوس بأمر ما. إن مثل هؤلاء المشيرين الذين يؤكدون على استخدام المعلومات من كل من الكتاب المقدس والعلم بدون تداخلهما هم أقرب إلى الحق من الاتجاهين السابقين الذين أشرت إليهما ولكن هناك شئ ما خاطئ في مدخلهم هذا.

وأخيراً، أفكر في المشير الرابع والذي أيضاً يملك امتناناً كبيراً لعلم النفس وهو ماهر في تطبيقه، وله نفس الجدية والالتزام للمسيح وللكتاب المقدس. وهو يتمسك باتجاه "الدمج" والذي لا يرى أن علم النفس والكتاب المقدس يعملان بطريقة مستقلة بعضهما عن البعض. هذا المشير يمتلك القدرة على أن يضع الحقائق الخاصة بعلم النفس والكتاب المقدس معاً بطريقة متناغمة. إني أكن له الإعجاب لموهبته في توضيح كيف أن فهم علم النفس يمكنه أن يلقي الضوء على الحقائق الكتابية العظيمة. فعلم النفس ومبادئ الكتاب المقدس عندما يفهما فهماً صحيحاً فإنهما لا يتعارضا، بل يقدمان وسائل تعاونية عملية. وبالأخذ بهذين المجالين في الاعتبار، فإن الصحة النفسية المتخصصة تستطيع أن تساعد المسيحيين في تجنب النتائج الحتمية لانتهاك قوانين علم النفس والتي قد تأسست في الشخصية الإنسانية بواسطة الله نفسه. لقد تعرضت صديقتنا المنتحرة لتلك المداخل الأربعة، وأخيراً وجدت المساعدة فقط من المشير الذي استخدم اتجاه "الدمج". لهذا فإنه يبدو من المحتم استخدام علم النفس في معسكر الإنجيل والجمع ما بين نظرياته وأساليبه المشورية وكلمة الله. وعلى ما يبدو في الوقت الحاضر أن القليل من المشيرين هم القادرين على هذا الجمع بين المعسكرين.

 

في هذا الجزء من الكتاب سوف أفحص بالتدقيق كلاً من المواقف الأربع التي ذكرتها سابقاً وسوف أثبت أن وجهة النظر التي تتبنى الدمج هي الأفضل. هذا بالإضافة إلى تبيان أن ما يطرحه الكتاب المقدس يطالب بشكل واضح بتداخل معطيات علم النفس مع النصوص الكتابية.

 

أهمية التعرف على الفرضيات المسبقة Presuppositions

لكي ما نقوم بنقد وجهات النظر الأربع الأساسية للعلاقة ما بين المسيحية وعلم النفس، فمن الواجب علينا أن نقيّم الاختلافات ما بين وجهات النظر تلك وما يميزها من نقاط القوة ونقاط الضعف، ولكن قبل ذلك يجب أن نتعرف أولاً على الفرضيات التي بُنيت عليها المداخل الأربعة الأساسية في المشورة.

لكل إنسان نظرة شاملة للعالم والحياة Overall World-view ترتكز على فرضيات مسبقة أو قناعات ومسلّمات أساسية. ويُعرِّف فرانسيس شيفر (لاهوتي القرن العشرين) Francis Schaeffer هذه الفرضيات المسبقة على أنها معتقد أو نظرية يتم افتراضها قبل أن يتطور الفكر المنطقي تالياً. ومن خلال التحليل المتمهل، فإن فلسفة كل إنسان، أو نظام المعتقدات الخاص به، مهما كان متشعباً إلا أنه يمكن اقتفاءه إلى نقطة بداية معروفة أو افتراض مسبق. ولكل النظريات المشورية مسلماتها الفلسفية وفرضيات مسبقة تكمن في جوهرها. هذه المعتقدات الأساسية تقود إلى نتائج منطقية معينة بخصوص شخصية الإنسان، وتغيير السلوك، ومعنى الحياة.

وكيفية عملية الفرضيات المسبقة هذه قد تم تصويرها في شكل رقم (1) حيث يشير مصطلح "الواقع الفيزيقي أو الطبيعي Physical reality" إلى العالم الطبيعي الذي يمكن دراسته دراسة علمية. أما مصطلح "البيانات المُلاحظة Observed data" فيشير إلى الحقائق التي تتم ملاحظتها حول هذا العالم، والتي تشمل بدءاً من الانطباعات العارضة في نقاش ما أثناء وجبة الغداء وحتى دراسة الخلايا تحت الميكروسكوب أو الرصد النظامي الموضوعي لأفكار ومشاعر المستشير. عندئذ يتم ترجمة وتفسير المعلومات والبيانات المُلاحظة طبقًاً لأنماط التفكير المتفردة التي يتمتع بها شخص المُلاحِظ ومفاهيمه، ومن ثم تدخل البيانات المفسرة إلى "نظرته الشاملة للعالم والحياة" والتي ترتكز على فرضياته الأساسية المسبقة. وهذه المعلومات التي قد تم تفسيرها أيضاً تعزز بل وتزيد من صلابة وجهة نظره الشاملة هذه للحياة وذلك عن طريق توسيع آفاقها وزيادة تعقيداتها. ولكن "التغذية الراجعة (الارتدادية) Feedback" الآتية من نظرته للعالم والحياة تؤثر بدورها في العمليات التفسيرية ومن ثم تؤثر في استيعاب المعلومات والبيانات.

 


وعند الممارسة الواقعية، فسوف نجدنا ننتقي المعلومات والتفسيرات التي تتناسب أكثر مع نظرتنا للعالم والحياة، والتي هي بدورها، حسبما ذكرنا، متجذرة ومتأصلة في فرضياتنا المسبقة. وفقط من فشلوا في فهم هذه الحلقه الدائرية التي تسير بها هذه العملية هم من لا يستطيعوا التأكيد على أن وجود نظرة شاملة للعالم والحياة خاصة بالشخص هو أمر مُثبت علمياً. فالفرضيات المسبقة والتي تمثل أساس وجهات النظر هذه للعالم والحياة هي شئ أبعد من قدرة العلم على الإثبات أو النفي.

ومن الواضح أن وجهة نظرالشخص للعالم هذه لا تتحدد ببساطة فقط بالمعلومات المدخلة إليه بل أيضاً بواسطة أي فرضيات أساسية مسبقة تقع خلف العملية كلها. وهذه العملية تدور في حلقة دائرية تبدأ وتنتهي مع الفرضيات المسبقة حيث يحاول الشخص أن يجعل كلٍ من المعلومات القديمة والجديدة أن تنسجم مع فرضياته المسبقة.

يؤكد الفيلسوف "مايكل بولانييMichael Polanyi " على أن هيكلية البناء المتأصل "لفعل المعرفة تجعلنا نشارك بالضرورة في تشكيل تلك المعرفة ونقر أيضاً نتائجها عمداً على المستوى العام" (بولانيي 64 – 1965). ويلخص والتر تورسون Walter Thorson (البروفيسور المسيحي) نظرية بولونيي الأساسية كالتالي: "أنه لا توجد معرفة بمعزل عن الشخص الذي يقوم بالمعرفة وإسهامه المحتوم المتضمن والمتداخل في الأمر الذي يأخذ في معرفته" (تورسون 41 – 1969).

وهذا يعني أن أنماط تفكيرنا الشخصية الداخلية أو الذاتية إنما تزج بنفسها جزئياً إلى داخل المعلومات الخارجية والعالم الموضوعي، وهذا النوع من الاشتراك من شخصية الشخص العارف يقوم بشكل هادئ وخفي بلعب دورٍ في تشكيل المعرفة. فإن جزءاً كبيراً من المعرفة، يرتكز على الالتزام بمسلمات وفرضيات معينة يعتنقها العارف باعتبارها حقائق. وبناء على هذا فإن المعلومة لا توجد بشكل محايد أو كحقائق مجردة، ولكنها دائمة الترجمة والتفسير من قِبَل الملاحظ. وعلى سبيل المثال، فإن الشخص المؤمن عندما يكتشف حقيقة معينة فإنه يفسرها على أنها واقع من صنع الله، بينما يفسر الشخص الملحد نفس الحقيقة على أنها واقع لا دخل لله به. أما اللاأدرية agnosticism فهي موقف لا يستطيع الشخص  التمسك به على الدوام، طالما أن الحقائق المجردة لا يمكن تناولها واستيعابها دون تفسيرها وفقاً لوجهة نظر ما للعالم والحياة. وحيث أن المعلومات بالضرورة سوف يتم ترجمتها وتفسيرها، فإنه حتى أعظم الأبحاث علميةً حول النفس سوف تظل نشاط إنساني راقٍ يحتوي على الشخصية الواعية واللاواعية للملاحظ وأيضاً اهتماماته ومُثله وطموحاته.

 

 

الفرضيات الخاصة المسبقة للعلم والمسيحية

قبل أن نتعرف على الفرضيات المسبقة التي ترتكز عليها وجهات النظر الأربع الأساسية للعلاقه ما بين علم النفس والمسيحية، لابد أن نحدد الفرضيات المسبقة الخاصة بكل من علم النفس (العلوم الخاصة بالعملية الفكرية والسلوك) والمسيحية. كل من العلم، كنظام منضبط، وعقلية العَالِم الذي يمارس العلم يرتكزان على فرضيات مسبقة محددة. يشير إدوين بورت Edwin Burrt في كتابه "الأسس الميتافيزيقية للعلوم الحديثة Metaphysical Foundations of Modern Science" إلى أن الفرد لا يستطيع أن يعمل كعَالِم، ولا يمكن له أن يرتدي البالطو الأبيض ويذهب للمعمل، دون أن يأخذ معه فرضيات ثلاث أساسية على الأقل. أولاً، يفترض العلماء وجود الواقع الطبيعي مسبقاً، فهم يؤمنون أن العالم حقيقة يمكن دراستها وملاحظتها بحيث يمكن الوصول إلى معلومات مقننة من خلال هذه الدراسة والملاحظة.

ثانياً، يفترض العلماء العلّية (السببية: العلاقة بين السبب والنتيجة): أي وجود قانون طبيعي يتعلق بالسببية يحكم هذا الواقع، وهو نوع من العلاقات الطبيعية الموجودة بالفعل بين الحالات المتنوعة للكون. إن مبدأ السببية هذا يعني أن كل حالة وموقف في الكون تتعلق بكل حالة وموقف آخر في الكون. أما الفرضية الثالثة التي يضعها العلماء، فهي وجود منطق وعقلانية لكل من الواقع الطبيعي وتحقق العقل الإنساني من هذا الواقع. فلو افترضنا أن العقل الإنساني غير عقلاني وغير منطقي لاستحال على العَاِلم أن يدرس الواقع الطبيعي إذن.

من الواضح أن الملحدين وغير المسيحيين قد قاموا بدراسة الطبيعة، ولكن على أي أساس يمكن لهم أن يؤكدوا أن هذا العالم حقيقي بالفعل، وأن ما يمكن دراسته و ملاحظته على أنه حقيقة اليوم سوف يظل حقيقة غداً. وبالنسبة للشخص الملحد فإن الافتراض الأساسي هو أن هذا العالم وُجِدَ كحادث عَرَضي، وأن الاصطدام العرضي لجزيئات الذرة هو المسئول عن وجود هذا الكون، والأرض وحتى الكائنات الإنسانية. ولكن كيف يؤكد الإنسان الفرد الذي يعتقد أساساً في أن العالم حدث مصادفة على أن الكون حقاً ثابت ومتسق (متناغم)؟

ومن الجهة الأخرى، فإن هؤلاء الذين يؤمنون بأن الله هو الخالق والحامل لكل الاشياء يمتلكون قاعدة ثابتة للأبحاث العلمية. يمكن للمسيحيون أن يؤكدوا "أنه من الممكن للبشر أن يدرسوا الطبيعة لأنها من صنع الله وهي حقيقية تماماً. ويمكننا أن نُسلم بمبدأ السببية لأن الله خلق عالم ثابت يحوي في بنيته الأساسية السبب والنتيجة، علاوة على أن الله خلق الفرد الإنسان قادراً على التفكير المنطقي الذي يمكن تطبيقه ليس فقط في المسائل العلمية، بل أيضاً في نواحي أخرى من مساعي الإنسان."

أيضاً يؤمن المسيحيون بأن هذا الواقع يمتد إلى ما وراء ما يمكن ملاحظته وقياسه. يؤمن المسيحيون بإله شخصي أعلن عن نفسه في الكتاب المقدس، وأن المزاعم النفسية والروحية التي يصرح بها الكتاب المقدس حقيقية، على الرغم من أن العديد منها لا يمكن أن يُفحص علمياً. إن وجهة النظر المسيحية للعالم والحياة تحوي الأبعاد الروحية والنفسية التي تقع خلف الواقع الطبيعي والموضوع قيد المُلاحظة.

ويُصور المنظور المسيحي للعالم والحياة في شكل رقم (2)، ولاحظ أنه في حين أن المنظور المسيحي للعالم يتخطى المنظور العلمي للعالم (الفرضيات 4، 5)، فإن الفرضيات الثلاث تبقى كما هي؛ من ثم فللمسيحي كل الحق في أن يستفيد من اكتشافات العلماء العلمانيين ويعول بل ويبني عليها. فعقيدة "النعمة العامة Common Grace" تؤكد على أن أعمال وصلاح الله يغطيان كل الخليقة (كل الناس) وهو يهب كل شخص الفكر والمنطق والمواهب، بحيث يستطيع البشر العمل والنجاح في العالم الذي يملكه الله، فقط بسبب صلاح الله، حتى وإن إزدرى به الناس أو كرهوه.

إن الكنيسة التي تتبنى اتجاهات شديدة التحفظ قد مالت لإنكار أي فائدة للمكتشفات النفسية وذلك بسبب ردود أفعالها المناوئة للعديد من التفسيرات الفلسفية التي قدمها أناس أمثال سيجموند فرويد Freud، وكارل روجرز Carl Rogers، وب. ف. سكينر B. F. Skinner، وآخرون. إن الحقيقة هي أنه بالرغم من أن استنتاجاتهم الفلسفية هي بلا شك غير مسيحية، إلا أن هذا لم يحول دون أن تكون اكتشافاتهم التجريبية المعملية (في نفس الإنسان) ليست ضد المسيحية. وسواء ادركوا أو لم يدركوا حقيقة أن الشخصية الإنسانية قد خُلقت على صورة الله، تظل الحقيقة تقر بأنهم قدموا دراسة شاملة لشخصية الإنسان. وبإدراكنا بأن الله يعلن عن نفسه ليس فقط إعلان خاص، في الكتاب المقدس، بل أيضاً من خلال الإعلان العام، نستطيع أن نقبل الاكتشافات الخاصة بالعلماء غيرالمسيحيين إلى الحد الذي فيه لا تلون الفرضيات المسبقة غير المسيحية "الحق الكتابي المعلن". ويشير المعلم اللاهوتي والفيلسوف البارز فرنسيس شيفر Francis Schaeffer إلى هذه الملحوظة في إصراره على أنه "ليس كل العلم نفاية". وهنا يتبع شيفر إثر كورنليوس فان تل Cornelius Van Til (الفيلسوف واللاهوتي الكالفيني الهولندي)، الذي أكد في سنواته المبكرة على أن العلماء غير المسيحيين الذين استخدموا فرضيات مسبقة مسيحية قد "ألقوا بالضوء على الكثير من حقائق وقوانين هذا الكون... ونحن كمسيحيين، ربما بل يجب علينا أن نستخدم بامتنان هذا الحق أي أن كان المصدر اكتشافه، لأنه في نهاية المطاف فإن كل حق إنما ينبع من الله (فان تل 38، 1940).

ولازال فان تل، وبعد مرور 30 عاماً، يتمسك بموقفه هذا قائلاً:

"على حسب ما يعمل مبدأ الترجمة والتفسير هذا، فإن الإنسان الطبيعي يجعل من نفسه النقطة المرجعية الأخيرة. وبمقدار ما يمضي الشخص في هذا الاتجاه، فهو يفسر ويترجم كل الأشياء بدون الله. وبالرغم من أنه، من جهة المبدأ، هو في عداوة مع الله إلا أنه لا يُسمح له من الله أن يمضي بصورة كاملة في مبدأه هذا. ولهذا، فقد أصبح قادراً على الاسهام في المعرفة الإنسانية. فإن قدرات الإبداع الإنسانية التي وضعت فيه من الله قد أُطلِقَت، إلى حد ما، بنعمة الله العامة. فهو لذلك يقدم إساهامات ايجابية للعلم بالرغم من مبادئه، وأيضاً بسبب أنه هو والكون على العكس تماماً مما يعتقد هو في مبادئه." (فان تل 22، 1969).

أيضاً قدم المصلح الكبير جون كالفن في كتابه الموسوعي الشهير "أسس الديانة المسيحية" (الجزء الثاني، الفصل الثاني، ص. 15، 16) حجة قوية لقبول الحق الكتشف من خلال العلوم المختلفة:

"لذلك ونحن نقرأ لهؤلاء الكُتَّاب الأشرار، فنور الحق الخلاب الظاهر فيهم يجب أن يذكرنا أن العقل الإنساني بالرغم من سقوطه وانحرافه عن أصله المستقيم، فهو ما يزال مزيناً ومستثمَراً في مواهب رائعة من خالقه. وبينما نفكر في أن روح الله هو المنبع الوحيد للحق، فعلينا أن نكون حذرين أن نقدم الاهانة لله إن كنا نرفض أو ندين الحق بأيّ صورة يظهر بها. فإذا كان السيد قد سر بأن يعضدنا بعمل وخدمة غير المؤمنين في الفيزياء، والمنطق، والرياضيات، ومثيلاتها من العلوم الأخرى، فدعونا إذاً نستفيد بها."

وعلى صعيد آخر، فإن على المسيحيين ألا يتفاعلوا إيجابياً أوأتوماتيكياً مع كل ما يُنشر بواسطة علماء النفس، قائلين أن "كل الحق هو حق الله." فإن العديد من علماء النفس غير المسيحيين، مثل ب. ف. سكينر، يأخذون المعلومات المعملية "التي يمكن إثباتها" ويقومون بعمل استنتاجات فلسفية أو ميتافيزيقية خاصة بهم "لا يمكن إثباتها". فإن مثل هذه الفلسفات لا تخضع لنظام وضوابط العلم نفسه.

 

الفرضيات المسبقة الأربع الخاصة بأسس وقواعد المشورة

والأن وقد تعرفنا على الفرضيات الأساسية المسبقة للمسيحية للعلم (وبالطبع علم النفس)، يمكننا باختصار أن نتناول الأسس الخاصة بالفرضيات الأربعة الرئيسية للمشورة والتي وصفناها في بداية هذا الفصل (وقد تم شرحهم بالتفصيل بواسطه جون كارتر John Carter 1977).

تقدم وجهة النظر غير المسيحية الأساس النظري المعرفي الذي يقول أن المنطق الإنساني هو المصدر النهائي للحق. إن المشير الذي ذكرته أولاً يعتقد أن علم النفس هو الأكثر أصالة وشمولاً وعملية وأكثر إفادة من كل إعلان إلهي مفترض. وهناك تباين كبير في من يتبنون وجهة النظر هذه القائلة بأن "الكائن الإنساني وليس الله هو المصدر النهائي للحق"، وفي نهاية هذا الاتجاه يوجد الشخص شديد الإلحاد أو الشخص المادي (الذي لا يؤمن بوجود شئ سوى المادة) materialist الذي يؤمن أن كل شئ هو عبارة عن "مادة"، بما في ذلك الكائنات الإنسانية، التي لا تمثل أكثر من انشطار ذري قد وقع بالصدفة للذرة والنواة. ولوجهة النظر المتطرفة هذه تاثير محدود على المجتمع بسبب أنها غير علمية. إن كل من المشير المادي materialist والملحد يقولان بأن الدين يضر بالكائن الإنساني، وذلك عن طريق منع التعبير الحر في المجتمع، وخاصة التعبير الجنسي الحر. ومنطقياً تترك هذه الأيدلوجية النفس الإنسانية بلا قيم ولا قصد في الحياة، وبدون أخلاق أيضاً. فبالنسبة للمشير الملحد، فالجلسة ما بين المشير والمستشير لا تعدو عن أن تكون محولة من الشخص "نتاج الصدفة" لمساعدة أخيه "نتاج الصدفة" على أن يعيش الحياة بشكل طبيعي. وقد كتب عالم النفس الذي يعتنق هذا الاتجاه كتاباً طويلاً عن ريتشارد سبك Richard Speck الذي قام بقتل ثمانية من الممرضات في شيكاجو سنة 1966، وقال في بحثه هذا أن سبك الذي هو "نتاج الصدفة"؛ "كان غير قادر على الإتيان بأي فعل آخر سوى قتل الممرضات (أي أنه مسيراً)." ويتساءل فرانسيس شيفر عن الهدف قائلاً: "كيف تعاملت وجهة النظر هذه مع الثماني سيدات؟" الإجابة هي أنها قد جعلت منهن ضحايا للصدفة، وقد تم التعامل مع كل المأساة على أنها نتيجة لا شئ سوى الصدفة. ويتساءل شيفر على تأثير وجهة النظر هذه على المجتمع، ومن الناحية الفلسفية فهي تحث المجتمع على أن يقبل بأي تصرف ذهاني (مضطرب عقلياً) أو أي سلوك ناتج عن اضطراب نفسي. ولكن بدون قيم لا يمكن أن يكون هناك أي نوع من المسئولية الشخصية للإنسان عن أفعاله. والآن، ماذا تجعل وجهة النظر هذه من شخص مثل سبك نفسه، حسبما يتسائل شيفر؟ إنها، كما يقول، تجعل منه، إنساناً أقل إنسانية، حيث يُنظر للشخص هنا على أنه قد توقف عن أن يكون إنساناً قيم وغرض أو مقصد في الحياة (شيفر 1969، ص. 103، 104).

ولأنه لابد من تناغم واتساق الإنسان مع معتقداته الأساسية، فإن عالم النفس الملحد يضع نفسه في إطار منهجي ضيق وخانق لأن فرضياته هذه تمنعه من تكوين وتأسيس أهداف ثابتة وخطوط عامة في المشورة.

أما المشيرون الذين يؤمنون بوجود الله، ولكنهم في نفس الوقت  ينكرون حقيقة أن الله شخص هم على الطرف الاخر من وجهة النظر غير المسيحية. لا يأخذ مثل هؤلاء الأفراد الموقف المتشدد ضد المسيحية أو الدين، ولكنهم ما زالوا يؤكدون على أن الإنسان هو المصدر النهائي للحق والمعرفه. وتعتبر وجهة النظر هذه أن الأديان مانعة لتطور ونمو الشخصية، لذلك فهم يؤكدون على أن أفضل طريق لحل المشاكل النفسية هو عن طريق تطبيق مبادئ النضج النفسي من خلال العلاقات الشخصية. إن علماء النفس الذين يؤمنون بوجود الله دون وجوده في علاقة مع الإنسان أو دون تداخل منه في مشاكل شعبه، ربما يستحسن سؤالهم عن النقطة الأساسية والمرجعية لوجهة نظرهم هذه. ويؤكد جان بول سارتر بدقة على أن الاشخاص لكونهم محدودين فهم في حاجة إلى النقطة المرجعية اللامحدودة خارج أنفسهم كيما يجدوا أنفسهم. فلو كان الله إله غير شخصي، إذن فهو لا يستطيع أن يدخل في علاقة معنا، ونكون قد تُركنا لأنفسنا. أي نوع من الوسائل إذن سوف يُمَكننا من أن نرتفع فوق اعتمالات النفس الداخلية لنا، وبالتالي نقترب من الله ومن الكون؟ لسوف نُترك بلا نقطة مرجعية بها نؤسس الخطوط العامة والأهداف الخاصه بالمشورة سوى ما يأتينا من الآخرين.

وفي ذات الفرع يأتي علماء النفس الذين يؤكدون لفظياً فقط على حقيقة أن الله شخص وأنه يعمل في حياة الناس وأيضاً في التاريخ ولكنهم لا يحيون على نفس المستوى مع هذا المعتقد. إن مشورتهم هذه تخلو من المرجعية إلى الله  وهي لذلك لا تعلن أو تستخدم إرشاد الله. إن مثل هؤلاء المشيرين هم في الحقيقة ملحدين عملياً إذ قد حرموا أنفسهم ومستشيريهم من الإرشاد الرو حي.

 

أما وجهة النظر التي تميل إلى الروحنة spiritualized (المشير الثاني) فتتمسك بأن الإعلان الروحي يفوق المنطق الإنساني بل وربما  موقفهم هذا ينكر عقيدة النعمة الشاملة. و في الواقع، إن في مثل هذا النبذ الصارخ لحقائق علم النفس، والتي تأتي أساساً من مصادر غير مسيحية (المذهب الإنساني- والمذاهب الوجودية)، تناقض واضح مع وجهة نظر اللاهوتين العظام أمثال كالفن، وفان تل، وفرنسيس شيفر. فهل يا ترى يطبق أصحاب هذا الاتجاه مبدأهم الأساسي هذا على القوانين الفيزيائية التي خلقها الله كما هم يطبقونه على قوانين علم النفس التي أيضاً خلقها الله؟! فإن هذا سوف يعني أن نسأل الطبيب الصيدلي عما إذا كان المكتشِف لدواء ما شخص مسيحي أم لا! أو تحديد ما إذا كان الجرَّاح الموصى به لإجراء عملية معينة مسيحياً مؤمناً أم لا!

يؤمن المسيحيون أن الكتاب المقدس عنده الإجابات النهائية الخاصة بالهدف والمعنى في الحياة، ويتفقون على أن الله هو النقطة الشخصية المرجعية الضرورية إذا كان لنا أن نحيا بطريقة ذات معنى. إلا أنه، وفي نفس الوقت، الكتاب المقدس ليس مرجعاً طبياً. ولكن الإنسان وُهِبَ القدرة من الله على أن يطور وأن يستخدم العلوم الطبية. إلا أننا يجب أن نتخطى حدود التعليم الروحي البحت لكي ما نقوم بذلك. إن بعض قوانين علم النفس، كما هو الحال مع قوانين الطبيعة، هي جزء من تكويننا ولا يمكننا تجاهلها وكأنه لاعلاقة لهما بحياتنا السليمة. وأن نتمسك بالفكر القائل بأن مشكلات مثل الاضطرابات العقلية، والإكتئاب، والتوتر هي دائماً نتاج عدم الطاعة لوصايا الله، أو نتيجة للخطية الواعية للفرد الذي يرعاها فإن ذلك ليس عدلاً ويعد أيضاً قسوة على الشخص المتألم. فالمشيرون يرون العديد من المسيحيين الأمناء الجيدين الذين قد انحنوا تحت حِمل الشعور بالذنب الكاذب والاكتئاب والتوتر anxiety، وهي أمور ليست نتاج للخطية أو نتيجة لتصرفات خاطئة من جانبهم، بل أن مشكلاتهم النفسية ربما هي نتيجة لعدم اتباع شخص آخر لقوانين الله. وفي الكثير من الأحيان فإن المستشير هو من قد اُخطئ في حقه و ليس هو المخطئ.

 

إن النظرة التي تتبنى توازي الرأيين (المشير الثالث)، فهي تقبل بأن كل من المنطق والإعلان الإلهي لهما علاقة بالمشورة. يتمسك المشيرون في وجهة النظر هذه بموقفٍ مسيحيٍ ثابت، وفي ذات الوقت يستخدمون مكتشفات علم النفس. وفي مشورتهم، فهم يستخدمون حق الله كما أعلنه الكتاب المقدس، كما يستخدمون ما قد تم اثباته علمياً من مبادئ علم النفس والمشورة. إنهم لن ينفوا أبداً أية قيم أو مبادئ روحية، و لكن هؤلاء المشيرين يحتفظون بكل من الكتاب المقدس وعلم النفس منفصلين بعضهما عن البعض. ويشير جون كارتر إلى الافتراض المعرفي epistemological الأساسي الذي تنطوي عليه هذه النظرية، قائلاً: "لا يمكننا أن نقلص الإعلان ليكون منطقاً، ولا أن نبسط المنطق ليصير إعلاناً. بل يطالبنا الله بالطاعة لكلٍ من المنطق والإعلان (كارتر 1977- ص. 204).

 

أما وجهة النظر التي تتبنى الدمج (المشير الرابع) فهي تجمع ما بين النص الكتابي وعلم النفس. ويشير كارتر إلى الافتراض المعرفي epistemological الأساسي هنا على أنه بما أن الله هو خالق الاثنين: الإعلان والمنطق، فإن كل الحق هو في النهاية جزء من وحدة واحدة وكلٍ مندمج (كارتر 1977- ص. 204). إن وجهة النظر التي تتبنى الدمج لا تؤكد فقط على الرسالة الكتابية بخصوص  الخطية والخلاص، بل تؤكد ايضاً على الولاية والانتداب الذي أعطاه الله للإنسان على الحضارة من أجل أن يسود الإنسان على الارض. ومن أجل تحقيق انتداب الله هذا، فنحن ملزمين بأن نتعلم كل ما نستطيع تعلمه عن أعمال يديه بما في ذلك نحن أنفسنا. إن المشير الحكيم سوف يؤكد على عناية الله وسيادته ونشاطه في خليقته، بجانب بشارة الخلاص السارة.

إن وجهة النظر التي تتبنى الدمج ترى أن كل المشاكل حدثت بسبب دخول الخطية إلى العالم، حيث انحرفت كل الأعمال الإنسانية (كما انحرفت الطبيعة أيضاً) منذ ابتداء التمرد ضد الله. كما أنها تشير أيضاً إلى وجود مشاكل نفسية غير ناتجة عن الخطية الشخصية أو الخطية الواعية. فبالرغم من وجود المبدأ الذي يقر بأن كل الأمراض سواء كنت جسدية أو روحية أو نفسية قد تجذرت في الخطية، فإنه على الإنسان أن يفرق ما بين الخطية الواعية والطبيعة الموروثة للخطية والتي ألقت بظلالها على كل شئ. فنحن جميعاً نعيش تحت الخطية، ولكن الخطية الشخصية ليست بالضرورة هي السبب وراء المشكلات النفسية.

وقد أقر أيضاً ستانلي جونز (اللاهوتي والمُرسل الشهير) هذه المقاربة المرغوبة والعملية بحيث يجدر بي أن أختم هنا باقتباسه الطويل التالي، حتى وإن لم أتفق معه في بعض النقاط:

"لقد ظهر نظامان يعرضان للسيطرة على افكار وتصرفات ودوافع الإنسان. أحدهما هو النظام المسيحي الذي يتعهد بأن يحتل عقول وتصرفات ودوافع الإنسان ويطوعهم تبعاً ليسوع المسيح وفي النهاية يجعل منهم شخصيات تشابه المسيح. أما النظام الثاني وهو علم النفس، والذي اعتبر بصورة واسعة وإن كانت غير شاملة نظاماً وثني، فهو يتعهد بأن يجعل الإنسان يصير على صورة دوافعه وبواعثه الأساسية..

تمكن هذان النظامان وبدرجه واسعة من أن يجذبا الإنسان في اتجاهين مختلفين. ففي نظام علم النفس، فإن العلاج هو "افعل ما تطالبك به غرائزك"، أما في الاتجاه الآخر؛ المسيحي فإن العلاج هو "افعل ما يطلبه المسيح". أما الاكتشاف الرائع الذي يحدث هنا فهو أن ما يطلبه المسيح وما تطلبه دوافعنا لن يتعارضا في الغرض بل يتوافقا. فمهما يطلب المسيح فهو ما تطلبه رغباتنا غرائزنا. لقد خلقنا له كما خُلِقت العين للإبصار. لذا فحين  تعمل مشيئته فأنت تحقق عمق إرادتك. إن مشيئته هي حريتنا... وفي النهاية فنظام علم النفس والنظام المسيحي لابد وأن يتوافقا. فعندما يصبح علم النفس حقاً علم نفس وعندما تصبح المسيحية حقاً مسيحية، فإنهما يجب أن يتقابلا ويجب أن يساعدا بعضهما البعض."

 

وليام ت. كِيروان

ترجمة: ابتسام عدلي - فايقة جرجس - مشير سمير

 للمزيد عن التكامل بين الكتاب المقدس والعلم إقرأ المقتطف بهذا العنوان لبول تورنييه

 

التعليقات  

#1 suzy lotfy 2011-06-17 09:26
اعتقد انه فى عصر نسمع فيه عن التداوى ببول الأبل والبعير ليس بالغريب ان نسمع بهذه الهرطقات فى كنائسنا فنحن نستورد كل شىء حتى النظريات الضيقة والمتخلفة ايضا قابلت احد دارسى هذا الكتاب وسألته كيف لىّ ان اعالج مريض بالوسواس القهرى بهذا الفكر.. ابتسم فى استنكار وقال لىّ ببساطة شديدة: هو يحتاج ان يتوب لكى يبرأ، فقلت له وماذا اذا كان قد تعلم المرض من والده اجاب دارس المشورة الكتابية وقال هو يحتاج ان يصحح التشويه فى صورة الله التى نتجت عن علاقة هذا المريض بابوه لم اصدق نفسى مما اسمعه ..ولم ارغب حتى فى مجادلته.. هل وصلنا الى هذا المستوى من السطحية والجهل حتى نفهم ونساعد شخص معذب بالوسواس القهرى عن طريق ان ندعوه للتوبة وتصحيح الصورة الابوية لديه! اعتقد اننا نحتاج ان ندرس المنهج السلفى الذى تعانى منه بلادنا هذه الايام لعلنا نفهم ما تدعونا اليه هذه المدرسة التى تسمى بالمشورة الكتابية
 
#2 ماريا 2013-03-21 10:16
أنا لا أوافق أخي العزيز مشير على هذا النقد لانه نقد متطرف و ليس نقداً حقيقياً, أي انه تحدث فقط عن الأخطاء كما يقول عنها و لم يتحدث عن الإيجابيات لقد كان نقده يشبه شخصاً يخرج نصاً كتابياً من سياقه و يبني استنتاجه عليها بدل أن يفهم الأشياء المكتوبة بشكل أوسع ليفهم قكرة الكاتب, أنا أقبل انا طريقة الكاتب كانت شديدة لكن أنا قرأت هذا الكتاب و استفدت منها كثيراً....
 
#3 Emy 2014-05-18 09:16
أنا فعلاً مصدومة ... أنا كنت بدأت أقرأ في كتب من إصدارات مكتبة المشورة الكتابية واعتقدت إنه أخيراً أصبح هناك من يهتم بل ويخصص إصدارات في هذا المجال ... والآن لم أعد أعرف أين الحقيقة من الكذب ... أنا عندي تقريباً أغلب إصدارات هذه المكتبة ياريت لو أمكن تنبهونا عن باقي الكتب التي تتناول مثل هذه الهرطقات بل وتروج لها تحت عنوان "ذهن جديد" ... بل ويجب بالأولى ألا تباع مثل هذه الكتب وخاصة في المكتبات المسيحية ... فليس كل القراء بالدرجة الكافية من الوعي بالأمور الخاصة بالإفراز والتمييز ... فالقارئ ما هو إلى شخص باحث عن معلومة قبل أن يكون ناقد لها
 
#4 wael fanoes 2018-04-19 11:10
ان المشير الحكيم سوف يؤكد على عناية الله وسيادته ونشاطه في خليقته، بجانب بشارة الخلاص السارة.

إن وجهة النظر التي تتبنى الدمج ترى أن كل المشاكل حدثت بسبب دخول الخطية إلى العالم، حيث انحرفت كل الأعمال الإنسانية (كما انحرفت الطبيعة أيضاً) منذ ابتداء التمرد ضد الله. كما أنها تشير أيضاً إلى وجود مشاكل نفسية غير ناتجة عن الخطية الشخصية أو الخطية الواعية. فبالرغم من وجود المبدأ الذي يقر بأن كل الأمراض سواء كنت جسدية أو روحية أو نفسية قد تجذرت في الخطية، فإنه على الإنسان أن يفرق ما بين الخطية الواعية والطبيعة الموروثة للخطية والتي ألقت بظلالها على كل شئ. فنحن جميعاً نعيش تحت الخطية، ولكن الخطية الشخصية ليست بالضرورة هي السبب وراء المشكلات النفسية.

فعلا كنت احتاج لمثل هذا المقال وهذه الكلمات اليوم انها كلمات متزنه لاله متزن شكرا مشير لمجهودك الذي يبقي لنا دئما عندما تعسر ارجلنا وتذل