الإرشاد الإلهي

ج. أ. باكر ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٢

(ملحوظة للمتصفح: هذه الفكرة طويلة بعض الشئ، ونظراً لأهميتها لم نستطع اختصار أي جزء منها. يمكنك قصها ولصقها بملف خاص على جهازك لقراءتها في وقت لاحق)

قد يسلك المؤمنون الجديّون غالباً الطريق الخطأ للوصول إلى الإرشاد الذي يسعون إليه. وسبب ذلك أن فكرتهم بالنسبة إلى طبيعة الإرشاد الإلهي وطريقته غالباً ما تكون مشّوهة. إنهم يبحثون عن السراب. إنهم يغفلون عن الإرشاد الكائن تحت نظرهم، ويعرّضون أنفسهم لكل أنواع الانحراف والوهم. والخطأ في ذلك اعتقادهم أن الإرشاد في جوهره هو حث داخلي من الروح القدس بعيداً عن الكلمة المكتوبة. هذه الفكرة قديمة قدم الأنبياء الكذبة في العهد القديم، وجديدة جدّة مجموعة اكسفورد Oxford group والعودة إلى التسلح الأدبي Moral re- armament هي عبارة عن تربة جاهزة لنمو سائر أشكال التعصب والحماقات.
كيف يمكن لمؤمنين أصحاب فكر وتأمل أن يصلوا إلى حد ارتكاب مثل هذا الخطأ؟ إنّ ما يحصل على ما يبدو، هو الآتي: يسمعون كلمة "الإرشاد"، ويفكرون على الفور بصنف خاص من "مشاكل الإرشاد" – التي ربما اتجهت الكتب التي قرأوها والشهادات التي سمعوها للعزف على وترها بالذات.
هذا هو الصنف من المشاكل، المقصود بما يجوز أن نسميه: "الاختيارات الملهَمة"،أي اختيارات بين بدائل متنافسة، تظهَر جميعها مشروعة في حدّ ذاتها وجيدة. مثال ذلك: هل أَفتكر بالزواج أم لا، وهل أتزوج هذا الشخص أم ذاك؟ هل ننجب ابناً آخر؟ هل انضم إلى هذه الكنيسة أم تلك؟ هل أخدم الله داخل بلدي، أم خارجه؟ أية حرفة اختار؟ وأيًّا من الأعمال المتاحة لي ضمن تلك الحرفة أنتقي؟ هل مجال العمل الذي أعمل فيه حالياً، هو المجال الصحيح لي لأبقى فيه؟ ما هو نصيب ذلك الشخص أو القضية من اهتمامي وطاقاتي وسخائي؟ وأية أولوية للوقت في خدمتي الطوعية؟ وهلم جرا. طبعاً، نظراً للتأثير الكبير والحاسم الذي لتلك الأسئلة الصعبة على صياغة حياتنا، وعلى فرحنا أو بؤسنا، فإننا كثيراً ما نفكر بالاختبارات الملهمة، ومن حقنا أن نفعل ذلك. لكن، ما ليس من حقنا، ولا هو صائب، أن نصل إلى نتيجة حاسمة في تحليلنا مفادها أن سائر مشاكل الإرشاد هي من هذا النوع. هنا أصل الخطأ على ما يبدو.
بخصوص الإرشاد الإلهي في حالة "الاختيارات الملهمة" هناك علامتان متميزتان، تنبعان من طبيعة الوضع عينه. أولاً، هذه المشاكل لا يمكن حلها بتطبيق مباشر لتعليم كتابي. كل ما يقدر المرء أن يعمله من كلمة الله، هو تحديد الإمكانيات المشروعة التي من بينها يتم الاختيار.(لا يوجد نص كتابي مثلا أوحى لكاتب هذه السطور أن يطلب يد الآنسة التي هي زوجته الآن، ولا اقترح عليه الرسامة أو البدء بالخدمة في إنكلترا، أو أن يشتري سيارته الكبيرة العتيقة). ثانياً، ولأن كلمة الله لا يمكن أن تعّين خيار المرء مباشرة، يبقى الميل والدافع الإلهي هو العامل الحاسم الذي به يتخذ المرء اتجاهاً معيناً بدلاً من الآخر، ويرتاح لذلك الاتجاه. إن أساس الخطأ الذي نحاول الآن وضع الإصبع عليه هو الافتراض أولاً أن جميع مشاكل الإرشاد لها نفس هاتين الخاصيتين، وثانياً، إن كل الحياة يجب أن تـُعامَل كحقل يُطلب فيه هذا النوع من الإرشاد.

إن عواقب هذا الخطأ بين المؤمنين الجدّيين كانت حتى الآن مضحكة ومأساوية معاً. إن فكرة الحياة التي يقرّر فيها صوت الروح القدس ويوجه كل شئ تبدو جذابة جداً لأنها تعظم خدمة الروح القدس وتعد بأوثق العلاقات الحميمة مع الله. إلا أن مثل هذا السعي وراء الروحانية الفائقة لا يؤدي عملياً إلا إلى الارتباك المحموم أو الجنون. إن السيدة حنّة ويتول سميث (زوجة السيد ل. بيرسول سميث) الذكية وذات الحس الفطري السليم التي كانت تنتمي إلى طائفة الكويكرز، شاهدت الكثير من ذلك وكتبت عنه بقالب تعليمي في "أوراق متعصّبة" المنشورة أولاً تحت عنوان "تعصب ديني" (1928) ثم تحت عنوان "حركات مجموعاتية قديمة، وتجارب في الإرشاد" (1934)، فيها تحكي عن السيدة التي بعد أن كانت تكرس يومها للرب حالما تستيقظ من النوم، "كانت تسأله ما إذا كان يريدها أن تنهض من الفراش أم لا" ، ولم تكن تتحرك حتى يقول لها "الصوت" أن ترتدي ثيابها. وبينما كانت تلبس كل قطعة، كانت تسأل الرب ما إذا كان يريدها أن تلبسها فعلاً، وغالباً ما كان الرب يأمرها باحتذاء الحذاء المناسب وترك الآخر، وأحياناً كان الصوت يطلب منها أن تلبس الجوارب بدون حذاء وأحياناً الحذاء بدون جوارب. وهذا ما كان ينطبق على كل قطعة لباس تلبسها… كذلك تتكلم عن السيدة المُعاقة التي كانت تزورها مضيفتها وكانت هذه المضيفة صدفة تترك مبلغاً من المال على طاولة أدوات الزينة فكان يتولد عندها الانطباع بأن الله أرشدها أن تأخذ ذلك المبلغ حتى توضح مضمون الكلمات القائلة "كل شئ لكم" – وهو ما فعلته وخبأت الدراهم تحت الوسادة وكانت تجيب بمراوغة ومواربة عندما كانت تعود المضيفة لأجل الدراهم، وأخيراً طُردت لعلة السرقة. ثم تنقلنا في كتابها لنتقابل مع السيدة الهادئة المتأنقة التي تجاوزت في عمرها السن المتوسطة والتي قالت أنه "قد حصل أحياناً أنني شعرت بأنني مقادة من الرب بوضوح وأنا أساعد أصدقائي في نوال معمودية الروح القدس، على أن يدخلوا معي في الفراش ظهراً إلى ظهر." هذه القصص المحزنة تقيم الدليل الواضح على ما يمكن أن يحدث إذا ما أخطأنا في فهم موضوع الإرشاد.
إنّ سلوكاً كهذا لا يُدرك أنَّ الخالق العاقل يرشد مخلوقاته العاقلة بالفهم والتطبيق لكلمته المكتوبة، وهو بالنسبة لهم هو الأسلوب الجوهري في الإرشاد لأنه يحدد ضرورة الإرشاد وموعد تقديمه. والذين يتناغمون مع هذا الأسلوب تصير مواقفهم سليمة بالنسبة لهم، حيث يتمكنون من تمييز الإرشاد في حال ورد فيقبلون دون تمييز أو اعتراض الدوافع اللامعقولة واللاأخلاقية باعتبارها قادمة من الروح القدس. كان أصحاب السيدة سميث ينسون أن اللباس المحتشم، وعدم التطاول على ملكيات الغير، ومعرفة أن الشهوانية مُنافية للروحانية، هي مسائل قد اشترطتها كلمة الله فعلاً (1 تيموثاوس 9:2 ، و1 بطرس 15:4، وأفسس 19:4-22). ولكن الطريقة الصحيحة لإكرام الروح القدس، باعتباره مرشدنا، هي بتكريم كلمة الله المقدسة التي بها يرشدنا. إن الإرشاد الأساسي الذي يعطيه الله لَقولبة حياتنا – أي غرس القناعات الأساسية، والمواقف، والمثاليات، والأحكام القّيمة التي بموجبها نعيش – ليست مسألة حثّ داخلي بعيداً عن كلمة الله، بل طبع ضمائرنا بصورة سمات الله وإرادته في الكلمة، التي ينيرنا الروح القدس لنفهمها ونطبقها على أنفسنا.
لذا فإن الصيغة الأساسية للإرشاد الإلهي تنحصر في تقديم مثاليات إيجابية كخطوط إرشادية لنعيش وفقها. "كن ذلك النوع من الشخص الذي كأنه يسوع"، "جدَّ لهذه الفضيلة وتلك، واسلك فيها كلها إلى الحد الأقصى"، و"اعرف مسؤولياتك":- الأزواج بالنسبة للزوجات وبالعكس، والآباء للأبناء وبالعكس، وكلّكم لسائر المؤمنين ولسائر الناس. اعرف هذه المسؤوليات واطلب القوة باستمرار لتقوم بها وتؤديها على أحسن وجه - هذه هي الكيفية التي بها يرشدنا الله في الكتاب، كما كان يُرشد أيَّ دارس للمزامير والأمثال والأنبياء والموعظة على الجبل والأجزاء الأخلاقية من الرسائل. "حد عن الشر وأصنع الخير" (المزمور 14:34 و 27:37)- هذا هو الطريق العام الذي يُعنى الكتاب المقدس بقيادتنا فيه، وتـُعني سائر التحذيرات التي يتضمنها بإبقائنا عليه. فليُعلم أن الإشارة في رومية 14:8القائلة "ينقادون بروح الله" تعود ليس "للصوت" الداخلي أو أي اختبار مثل هذا، بل إلى اماتة الخطية المعروفة، والامتناع عن العيش حسب الجسد.
ضمن هذه الحدود من الإرشاد فقط يحثّنا الله على القرارات الملهمة. لذا، لا تتوقع أبداً أن تنال إرشاداً بموضوع الزواج من غير المؤمن، أو الهرب مع شخص متزوج، طالما يوجد العدد 1كورنثوس39:7 وكذلك الوصية السابعة. فقد اطلّع كاتب هذه السطور على إرشاد مزعوم في الحالتين المذكورتين. بلا شك كان الأمر ينطوي على ميول داخلية، وبالتأكيد لم تكن من روح الله، لأنها كانت مضادة لكلمة الله. فإن الروح القدس يرشد ضمن الحدود الموضوعة من الكلمة وليس بما يتجاوزها. "يهديني إلى سبل البر"- وليس إلى أي مكان آخر.
وحتى مع توفر الأفكار الصحيحة عن الإرشاد بشكل عام يبقي من السهل الانحراف خاصة في الاختيارات "الملهمة" إذ ليس هناك مجال آخر يشهد عن ضعف الطبيعة البشرية – حتى المتجددة – أكثر من ذلك. إن عمل الله في هذا الحال يتمثل أولاً بحكمنا ثم بكياننا بأكمله نحو مسار من كافة المسارات الأخرى المتزاحمة، باعتباره أفضل ما يناسبنا، ولمجده، ولخير الآخرين من خلالنا. إلا أن الروح يمكن إطفاؤه، وبالتالي، نتصّرف جميعاً بطريقة تعطل وصول هذا الإرشاد إلينا. فحريّ بنا أن نتناول بعض المهاوي الرئيسية التالية:

أولاً: عدم الرغبة في التفكير واستخدام العقل. إنها لتقوى كاذبة وأمر طبيعي بل ضارّ وخطر، طلب الانطباعات الداخلية التي ليس لها أساس عقلاني، وعدم الانصياع إلى الدعوة الكتابية الثابتة لأن "نتأمل". لقد جعلنا الله خلائق مفكّرة، وهو يُرشد عقولنا بينما نحن نتأمل بالأمور في محضره، وليس العكس "لو عقلوا … وتأملوا…" (تثنية 29:32).
ثانياً: عدم الرغبة في النظر إلى الأمام، ووزن العواقب البعيدة المدى للخيارات الأخرى. إن النظر إلى الأمام هو جزء من القاعدة الإلهية للحياة لا يقل أهمية عن القاعدة البشرية للسير في الطرق. إننا في الغالب نقدر أن نرى فقط ما هو عاقل وصحيح (وما هو غبي وخطأ) ونعيش بنتائجه الطويلة الأمد. "لو عقلوا لفطنوا بهذه وتأملوا أخرتهم".
ثالثاً: عدم الرغبة في قبول النصيحة. الكتاب يشددّ على هذه الناحية. أمثال 15:12 يقول "طريق الجاهل مستقيم في عينيه. أما سامع المشورة فهو حكيم" إنه لمن الغرور وعدم النضج ألا نأخذ بالنصيحة في القرارات الجوهرية. هناك دائماً أناس يعرفون الكتاب المقدس، والطبيعة البشرية، ومواهبنا الخاصة، وحدودنا، بدرجة أفضل مما نعرف نحن، وحتى إن لم يكن في مقدورنا في نهاية المطاف الأخذ بما ينصحون به، فلا يصيبنا سوى الخير من جراء وزن نصيحتهم بكل عناية ودقة.
رابعاً: عدم الرغبة في الارتياب بالذات. إننا نكره أن نواجه ذواتنا بواقعية. كما أننا لا نعرف أنفسنا بشكل جيد تماماً. إننا نميز العقلانية في غيرنا، وليس في أنفسنا. إننا لفي حاجة ماسّة لأن نتحرى "المشاعر" التي تجد أساسها في الرغبة في إظهار الذات، أو الهروبية، أو الانغماس الذاتي، أو التعظيم الذاتي، ولأن نرفضها ونكذبها، ولا تلتبس علينا فنحسبها إرشاداً. وهذا ما يصح بشكل خاص على المشاعر الجنسية أو المكّيفة جنسيّاً. كتب لاهوتي وعالم بيولوجي يقول:
"إن السرور والشعور العام بالارتياح الذي غالباً (وليس دائماً) ما يرافق "الحب" يمكنه بسهولة أن يُسكتَ الضمير ويُخمد التفكير النقدي. كم من المرات تسمع الناس يقولون بأنهم يشعرون بالانقياد للزواج (هذا إن لم يقولوا بأن الرب أرشدهم فعلاً)، في حين أن كل ما يصفونه هو في الواقع حالة غير مألوفة على نحو خاص من التوازن الهرموني الذي يجعلهم يشعرون بأقصى درجات السعادة والثقة والتفاؤل" (باركلي – الإرشاد – ص 29).
نحتاج أن نسأل أنفسنا لماذا "نشعر" بصحة أمر معّين مقدمين لذلك الأسباب والمبررات – ومن الحكمة أن نضع الأمر أمام شخص آخر نثق برأيه وحسن تقديره ليعطي حكمه على مبرراتنا. علينا كذلك أن نستمر في الصلاة "اختبرني يا الله واعرف قلبي امتحني واعرف أفكاري وانظر إن كان فيّ طريق باطل واهدني طريقاً أبديًّ" (مزمور 23:139 و24). ولا يجوز أن نبالغ بعدم ثقتنا بأنفسنا.
خامساً: عدم الرغبة في إغفال الجاذبية الشخصية. إنًّ الذين لا يدركون بعمق، الكبرياءَ وخداع النفس في ذواتهم، لا يقدرون دائماً على تحرىّ هذه الخصائص في غيرهم، الأمر الذي يمكّن من حين لآخر أصحاب النوايا الحسنة بل المخدوعين ذوي النزاعات الهادفة إلى الإثارة الذاتية من أن يحققوا سيطرة رهيبة على عقول وضمائر الغير ممن يقعون تحت سلطانهم ويرفضون الحكم عليهم بالمقاييس العادية.
وحتى ولو أدرك إنسان موهوب وذو جاذبية، الخطر وحاول تفاديه، لا يقوى دائماً على كفّ المؤمنين عن معاملته معاملة الملائكة أو الأنبياء، وردعهم عن اعتبار كلامه كإرشاد لهم وعن اتباع قيادته اتباعاً أعمى. لكن ليست هذه هي الطريقة للانقياد بالله. إن الناس البارزين الباهرين ليسوا بالضرورة على خطأ كما انهم ليسوا بالضرورة على صواب. قد يجب احترامهم واحترام وجهه نظرهم ولا يجوز تأليههم.
"امتحنوا كل شيء. تمسكوا بالحسن" (ا تسالونيكي 21:5).
سادساً: عدم الرغبة في الانتظار. إن الكلمات "انتظر الرب" تتردد دائماً في المزامير، وهي كلمات ضرورية جداً، لأن الله غالباً ما يبقينا في حالة الانتظار. إنه ليس مثلنا سريعاً وليست طريقته أن يعطي أضواءً على المستقبل أكثر مما نحتاج للتصرف في الوقت الحاضر، أو أن يقودنا بأكثر من خطوة في نفس الوقت. عندما تكون في شك، توقف عن عمل أيّ شئ، ولكن استمر في الانتظار لله. وعندما تدعو الحاجة للعمل فإن الضوء سيأتي حتماً.

من كتاب "معرفة الله"
ج. أ. باكر
ص 243 – 249

هذه الآيات (سفر العدد 9: 15-23) تشدد تشديداً قوياً على القيادة الإلهية بدرجة تجعلنا غالباً نظن أن موسى والشعب لم يكونوا ليستخدموا عقولهم ، بل كل ما كان عليهم هو أن يتبعوا بطريقة عمياء القيادة الإلهية التي تجيب على كل أسئلتهم. ولكن استنتاجاً كهذا يناقض التعليم العام للكتاب المقدس ويناقض اختبار كل مسيحي. يوجد جانبان للأمر، ولا يمكن أن نطمئن إلى ترك أحدهما. الفصل الذي أمامنا يشدد على جانب الإيمان. وهذا الجانب حيوي جداً. ما لم نر يد الله تقودنا، ونكون مستعدين أن نتبعه حيث يقود, لا يمكن أن ننتظر نجاحاً في سفرنا في البرية. مع ذلك فان الله لم يصنعنا أناساً أوتوماتكيين أو آلات صماء. هو لا يريد أن نكون تماثيل أشخاص صغار، تنط وتقفز كلما شد الحبل، بدون عقل لهم، لكنه يريد شعبه أن يتعلموا استخدام عقولهم، وأن يتبعوه، لأنهم يحبونه. وحياتنا على الأرض هي فترة تدريب، فيها يعلمنا أشياء كثيرة.
والجزء التالي من هذه الفقرة الكتابية يبين أنه لا ينبغي أن نستنتج استنتاجات متطرفة. لو كان، يكفى أن يرى كل الشعب العمود الهادي، فإن عدد10: 1-10 ما كان قد عين وسيلة للإرشاد كان الرؤساء بها يستطيعون أن يخبروا الشعب متى يبدءون وكيف يسيرون. وبعد ذلك نجد في إصحاح 11 أن موسى يحض صهره، الذي كان خبيرا بالبرية، أن يمكث مع الشعب ليفيدهم بخبرته في اختيار المواقع التي فيها يحلون. وفى إصحاح 13 نتعلم أن الله أمر أن يرسل جواسيس لتجسس أرض كنعان. ولما رتب يشوع مهاجمة أريحا أرسل أولاً جواسيس إلى المدينة. إن إرادة الله أن يستخدم شعبه بُعد نظرهم الطبيعي وأن يبذلوا أقصى جهدهم في التصميم بحكمة. وهذه ناحية قد شدد الرب نفسه عليها في لو 14: 28-32. إن إرادة الله هي استخدام كل الوسائل البشرية ولكن تبقى قوته الضابطة أمام الذهن باستمرار.

أ. أ. ماك راي
تفسير سفر العدد ص 360