أهداف وفوائد المحن

د. بول ج. كارام ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٢

النظر إلى المحنة من وجهة النظر السماوية

 

تتمم المعاناة ما يلي:

 

  • تدمير الكبرياء وتفتتح الباب لنعمة جديدة.
  • تظهر لنا ما في قلوبنا.
  • تجعلنا شفوقين.
  • تساعدنا على التوقف عن الخطية.
  • تجعلنا ثابتين وغير مساومين.
  • تأتي بالسلام.
  • تحفظنا في الطريق.
  • تنشئ صبراً.
  • تنقي إيماننا.
  • تنتج الطاعة.
  • تجعلنا متواضعين.
  • تأتينا بالفرح الحقيقي.
  • توحدنا مع أسلوب المسيح.
  • تعطينا القدرة على أن نعزي الآخرين.
  • تخلق طبيعة إلهية (يُمتحن الذهب بالنار).
  • تجهزنا لنملك مع المسيح.
  • تأتينا بالبنوة الكاملة.
  • تجعلنا ندخل الملكوت.
  • تجعلنا كاملين.
  • تأتينا بمعرفة أعظم وعلاقة أعمق بالمسيح.
  • تأتي بنا إلى المجد.

وضع الله كل العوائق والأعداء والمشكلات لتعمل لخيرنا، فكل ظلم وضيق وأحزان تعمل نيابة عنا لتنتج فينا كل فضيلة ذكرناها لتونا، فالهدف من المشكلات هو أن تكون بمثابة خادم لنا! فكر فقط في كل الصفات الأبدية التي لن تظهر فينا إن لم نمر بتلك المشكلات.

 

يجب أن نفهم هذا الحق بشأن الضيق

لو سمح الله بمشكلة في حياتنا فهذا معناه أننا بحاجة إلى تلك المشكلة! فهو يحاول أن يظهر لنا شيئًا ما أو أن يتمم شيئًا ما. عندما يتم تعديل تلك الأمور التي يحاول الله معالجتها، فسيزيل الله الشوكة (2 كورنثوس 10: 6). تذكر أن الله ترك مشكلة في حياة داود ألا وهي شاول، فقد طارد شاول داود لسنوات، ولم يسمح الله لدواد أن ينتصر على شاول. وبعدما عمل الله عمل النعمة الفدائي الخاص في قلب دواد (الاتضاع، والاتكال على الله، والصبر) أزال شاول الذي كان المشكلة (أمثال 16: 7).

 

نرى هذا الحق في حياة يوسف

كبر يوسف في بيت بائس مملوء بالحقد والصراع، وتأمر إخوته ليقتلوه، ولكن يوسف كان باراً تماماً. ولكنه دخل في مرحلة في حياته بدا أن كل شئ فيها لا يسير على ما يرام. هل كان هذا عدلاً؟ نعم! انظر إلى النتيجة النهائية! فقد أرسل الله يوسف إلى أرض غريبة وبيع عبداً، وفي مصر تعرض للخيانة ودخل السجن لسنوات، ولكن في كل هذا كان الله يعده ليكون مخلصاً لجيله.

كان كل ظلم يقرب يوسف أكثر من العرش، فقد كانت تلك الأوقات المظلمة والتشويش والتأخيرات المؤلمة والاتهامات الظالمة تضع الحديد في نفسه، وبما أن يوسف سيصبح مخلصاً لجيله جعله الله كالحديد حتى لا ينهار تحت الضغوط. كان يوسف هو إجابة الله لجيله، وهي النتيجة التي حصل عليها يوسف في وسط الظروف الصعبة. بالتأكيد كل ظلم هو بركة مقنَّعة، فذلك الظلم هو عدل في حساب الله، فالله أراد به خيراً لنا، ويستخدم الله كل شئ من أجل خيرنا التام!

(تكوين 45: 5-8، 50: 20، ورومية 8: 28).

 

مواجهة مشكلة: "هذا ظلم"

عندما تكون كلمة "هذا ظلم" باستمرار في أحاديثنا، فهذا يشير إلى أمرين: أننا لم نتعلم بعد طرق الرب، وأننا لم نصل إلى النصرة بعد. كم تردد هذه العبارة – هذا ظلم؟

هذا ظلم فأنا:

  • أستحق ما هو أفضل في الحياة!
  • أكره عملي.. الآخرون لديهم عمل أفضل. فهم يعملون ساعات أقل ويحصلون على أجر أعلى. هذا ظلم!
  • لماذا يجب علىَّ دائماً أن أكون حريصاً في مصاريفي بينما يعيش الآخرون في رغد؟ هذا ظلم!
  • لا يوجد لديَّ ملابس جميلة كتلك التي تملكها أختي! هذا ظلم!
  • حُرمت من أن أحيا مرحلة طفولة سعيدة. لماذا سمح الله بحدوث هذا؟ هذا ظلم! الله ظالم!
  • أنا طويل للغاية، قصير للغاية، بدين للغاية أو رفيع للغاية. جلدي وشعري وعيناي سيئة، وأنفي كبير للغاية. لماذا لا أشبه شخصاً آخر؟ هذا ظلم!
  • كنت صائباً والشخص الآخر كان مخطئاً، ولكنه حصل على المديح وأنا خذلت، هذا ليس عدلاً، إنه ظلم!
  • شعرت أن الرب أراني شيئاً ما، وكنت مخلصاً تجاه هذا الأمر ثم اتضح لي أن كل شئ ليس على ما يرام، فقد سمح لي الله أن أرتكب خطأ! وهذا ظلم. ول كان الأمر كذلك.. سأتوقف!
  • لماذا يوجد لدى الله أولاد مفضلين؟ هذا ظلم.
  • لم يوفر لي الله القدر الكافي! هذا ظلم.
  • لقد حصلت على أمور بسيطة في الحياة. الله ظالم!
  • أنا أستحق شيئاً أفضل:

صحة أفضل، مزيداَ من السعادة، وظيفة أفضل، مزيداً من العدل، بيتاً أفضل، مزيداً من المديح، شريك حياة أفضل، مزيداً من الاعتراف بالجميل، ظروفاً أفضل، مزيداً من المال...

الحق: إننا لا نستحق ما نملكه

 

يجب أن ندرك:

أن كلمة "هذا ظلم" هجوم على الرب راعي نفوسنا، فكأننا نقول: "الله لم يكن عادلاً، لم يهتم بي، وهو غير حساس لاحتياجاتي، الله قاسي وغير مهتم، ولديه أولاد مفضلون، وهو صالح مع البعض وغير محب نحو الآخرين، والله لا يتحمل المسؤولية".

تكشف هذه الشكاوى عن مشكلات لم يتم حلها في قلوبنا، وتظهر أننا لا نرى الحياة من وجهات نظر روحية. عندما يشكو المؤمن كثيراً من الظلم فهذا يظهر أنه لا يتمتع بالنصرة! وهذه الشكاوى والتذمر هما السبب الرئيسي في أننا لا نحظى برضا الله (عدد 11: 1) فالله يريد أن يكل فينا روح الشكر.

 

التذمر يظهر ما يلي:

1)      الافتقار إلى العرفان والشكر: يركز المتذمر على الأشياء التي مازال يريدها بدلاً من شكره على الكثير من الأمور الجيدة التي عنده. أخبرتني إحدى السيدات: "لقد خذلني الله، فلم يعطني زواجاً سعيداً". وياله من أمر يقال عن الله! وعندما تأملت فيما قالته: وجدت لديها ستة أطفال رائعين وكثيراً من الطعام لتأكل، وجيمع هؤلاء الأطفال لديهم أجسام سليمة، ورجاء في حياة أبدية.. وعشرات الآلاف من البركات الأخرى.

يخبرنا الكتاب المقدس: "مبارك الرب يوماً فيوماً" (مزمور 68: 19).

"مراحمه..جديدة في كل صباح" (مراثي إرميا 3: 22-23). لم يعطنا الله العقاب  الذي نستحقه، بالإضافة إلى كل تلك البركات (مزمور 103: 10). التذمر هو اتجاه يقول إن الله مديون لي بشئ، ولم يعاملني بطريقة عادلة، ينسى الإنسان مقدار ديونه لله، إذ يظهر التذمر عمق عدم شكر الإنسان.

2)      غياب الرضا: الفرح هو نتيجة الشعور بالرضا الكامل في حضور الرب بدلاً من الحصول على الكثير من البركات المادية، وجد داود "الفرح الكامل" في حضور الله (مزمور 16: 11). هل يمكننا أن نكون سعداء مع يسوع فقط، أم هل قلوبنا مرتبطة بشدة بتلك الأمور الأرضية مثل بيت جميل وملابس رائعة أو النجاح؟ هل قلبك مرتبط بشدة بالمحبة البشرية؟ إن أحد الأسباب الأساسية وراء الشعور بعدم السعادة يتعلق بقضية المحبة البشرية، فكثيراً ما تكون المحبة البشرية صنماً، عندما نعبد المحبة البشرية لن تأتينا أبداً بالفرح لأن "الوثن" ليس به حياة. تعلم الرسول بولس أن يكون راضياً بكل ما تأتي به يد الله في حياته (فيلبي 4: 11). قال دواد: "في يمينك نِعمٌ إلى الأبد" (مزمور 16: 11). إذا كنا سنسمح لله أن يضعنا لنصل إلى (مزمور 27: 4) فسنجد نفس الرضا والشبع الذي اكتشفه داود وبولس.

3)      نقارن أنفسنا بالآخرين: يأمرنا الله بعدم المقارنة (2 كورنثوس 10: 12). في كل مرة نفعل ما يخبرنا الله ألا نفعله نقع في مشكلة. إن توقفنا عن مقارنة أنفسنا بالآخرين سنتخلص من حزن كثير. المقارنة خطأ أساسي في نفس الإنسان، فننظر إلى الآخرين ونفترض أنه يجب أن نحصل على ما حصلوا عليه. وعندما لا يمكننا الحصول على ما يمتلكونه نطلق على هذا "ظلم". ثم نشعر بالغضب، ربما إن حصلنا على نفس الشئ لن يكون هذا جيداً بالنسبة لنا! ربما يدمرنا هذا! فالشخص الوحيد الذي يجب أن نقارن به أنفسنا هو حجر الزاوية، الرب يسوع المسيح.

4)      التذمر هو انتقاد الله وحكمته: ينتقد المفديون وغير المفديين الله على حد سواء، فيشكو الإنسان باستمرار من الطريقة التي خلقه بها الله وقاده بها ووفر له احتياجاته وسمح له بأن تأتي ظروف معينة في حياته. وقد أذنب بنو إسرائيل في هذا الأمر، ولهذا لم يحظوا برضا الله عنهم (عبرانيين 3: 7-11) ولم يشتركوا فيما خططه الله لحياتهم! عندما نتسرع في الحكم على الله ننتقده ("يارب، أنت متمهل علىَّ") وهذه حماقة أن ننتقد الله على الأسلوب الذي خلقنا به (إشعياء 45: 9)، فقد خلقنا الله كما نحن بهدف (انظر مزمور 139)، ويستخدم الله الصفات الجسدية لينمي في داخلنا نعمة خاصة ورسالة خاصة. ويمكن لله أن يزيل مشكلة إن لم تكن تخدم هدفاً وقصداً إلهي.

5)      لا نرى الحياة من منظور الله: نشكو عندما لا نفهم طرق الله، فالشكوى المستمرة من الظلم دليل على أننا لا نفهم طرق الله. وعندما نفهم، سنقدر الحق الذي يخبرنا أن الضيق يعمل من أجل خيرنا، فالضيق خادمنا (2 كورنثوس 4: 17، تكوين 45: 4-8، 50: 20)، استطع يوسف أن ينظر إلى حياته في الماضي ولكل الظلم الذي تعرض له يقول: "الله قصد بالشر الذي حلَّ بي خيراً" فقد دفع هذا الظلم يوسف إلى العرش.

6)      التذمر يظهر أن تشُّبهنا بالمسيح أمر ثانوي: يملك الإنسان الذي يهدف إلى أن يكون على شبه المسيح حكمة من الله، فهو يميز يد الله الخفية في صعاب الحياة وضيقاتها، فيفهم أن لله هدفاً من كل شئ، ويشكر الله بدلاً من أن يتذمر من الضيق (1 تسالونيكي 5: 18). ومن ناحية أخرى نجد أن غير المكرسين والذين يبحثون عن حياة سهلة دائماً يتذمرون من ظروفهم، فلا يمكنهم أن يروا الفوائد التي ستنتج عن الضيق أبداً.

7)      التذمر يعني أن آبارنا مسدودة، التذمر هجوم على الله، كما أنه يعطل إيماننا وفرحنا، فالتذمر يعني أننا لا نشكر الله وأنه لا توجد أغنية في قلوبنا للرب، يسير عدم الإيمان والتذمر جنباً إلى جنب، فالتذمر شئ يكرهه الله (انظر عدد 11: 1).

 

مشكلات في القلب

عندما تكون هناك مشكلة في القلب يستطيع الله بكل بساطة أن يخبرنا بما يراه، ولكن هل سنقنع بالأمر في أعماقنا؟ عادة ما يحتاج الأمر إلى الدخول في تجربة عميقة لتعالج مشكلة عميقة الجذور وتخرج بها على السطح فنرى رأسها القبيح (أعمال الرسل 28: 3). نقتنع بمشكلاتنا فقط عندما تظهر على السطح وتخرج من الفم تلو الأخرى. يمكن أن تكون مشكلتنا مختبئة وتظل في داخلنا لسنوات حتى تأتي تجربة ومجموعة مميزة من الظروف لتظهرها على السطح. فعلى سبيل المثال استمرت تجربة أيوب لشهور حتى ظهر ما في أعماق قلبه على السطح وخرجت من فمه مرة تلو الأخرى، عندما اقتنع أيوب باحتياجه! حذر الرب بطرس من أنه سينكره ثلاث مرات. ولكن بطرس أكد للرب أن هذا ليس في قلبه، فحتى الرب لم يستطع أن يقنع بطرس بما في قلبه، لهذا كان على الرب أن يخرج من الصورة ويسمح لهذا الاختبار أن يقنع بطرس بما في داخل قلبه. من المعروف أن الإنسان يجادل الله أكثر كثيراً مما يدرك.

 

د. بول ج. كارام

من كتاب: "تحويل اللعنة إلى بركة"