عش بصبر مع عبارة "ليس بعد"

الأب هنري نووين ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٢

إن جزء منك قد تـُرك بالخلف مبكراً في حياتك؛ إنه الجزء الذي لم يشعر أبداً بالاستقبال. هو جزء مملوء بالمخاوف. وفي ذات الوقت قد نميتَ بمهارات عديدة تمكنك من النجاة. ولكنك تريد أن تكون ذاتك موحدة. فلذا لابد أن تحضر هذا الجزء منك الذي قد تـُرك بالخلف ليكون جزء منك من جديد. وهذا ليس بالأمر السهل بعد أن صرت شخصاً مرتعباً تماماً، وهذا الجزء الخائف فيك لا يعرف إن كان الأمر آمناً له أن يستقر معك أم لا. أن ذاتك التي نمت الآن تحتاج أن تتشبه بالطفل الصغير من حيث الرقة والترحاب والاهتمام، حتى تستطيع ذاتك القلقة أن ترجع وتشعر بالأمان.

أنت تشكو من أنك تجد صعوبة في أن تصلي وأن تختبر حب يسوع. ولكن يسوع يسكن في أعماق ذاتك الخائفة التي لم تشعر أبداً بالاستقبال الكامل. فحين تصادق ذاتك الحقيقية هذه وتكتشف ما فيها من طيبة وجمال سوف ترى يسوع هناك. فيسوع يقطن في أكثر المناطق إنسانية وضعف فيك، في عمق ذاتك. فعندما تـُحضر ذاتك الخائفة إليك فأنت في الحقيقة تـُحضر يسوع إليك.

بقدر ما تشعر ذاتك الضعيفة بعدم الترحاب منك، بقدر ما تبقى بعيدة جداً بما لا يسمح لك أن ترى جمالها ورجاحتها، وهكذا فأنت تستطيع النجاة والاستمرار في الحياة ولكن من دون أن تحيا حقيقة من الداخل.

حاول أن تحتفظ بذاتك الصغيرة الخائفة بالقرب منك. سوف يشكل هذا صراع بالنسبة لك، لأنك سوف تضطر للحياة مع عبارة "ليس بعد". لأن أعماق ذاتك الحقيقية لم تصل بعد لموطنها الأصلي، بل لازالت تقع في الخوف سريعاً. وطالما هي لا تشعر بالأمان بعد معك فإنها تستمر في البحث عن آخرين، خصيصاً من يقدمون لها بعض السلوى الحقيقية حتى ولو كانت مؤقتة. ولكن حين تصير أكثر شبهاً بالطفل الصغير فإن ذاتك الخائفة هذه لن تحتاج أن تلجأ لمكان آخر تستقر فيه. سوف تبدأ في أن تراك موطناً لها.

كن صبوراً. حين تشعر بالوحدة؛ أمكث مع وحدتك، وتجنب إغراء أن تترك ذاتك الخائفة للهرب. دعها تعلمك حكمتها، دعها تخبرك أنه يمكنك أن تحيى من الداخل بدلاً من مجرد الاستمرار في الحياة خارجياً. بالتدريج سوف تصيرا واحداً، وسوف تجد أن يسوع يحيا في قلبك الموحد مقدماً لك كل ما تحتاج إليه.

من كتاب: "صوت الحب الداخلي"
(الأب: هنري نووين)
(صفحة 49، 50)

ترجمة: مشير سمير
يُسمح بإعادة نشر المحتوى بشرط ذكر المصدر واسم الكاتب والمترجم